شبكة ذي قار
عـاجـل










كتب المحرر السياسي للمركز الاعلامي للثورة العراقية ضد الاحتلال والتبعية والفساد :

لم تكن انتفاضة اهلنا في الجنوب وليدة الصدفة او الظرف الاني والطارئ ، او انها جاءت بتخطيط من جهات أجنبية تريد تحقيق مصالحها المرحلية والإستراتيجية في هذا البلد ، فالانتفاضة كانت وليدة عدة عوامل وأسباب منها :

1 - الموروث التاريخي للشعب العراقي فالمتفحص لمسيرة تاريخ العراق السياسي والاجتماعي يقف على ان هذا الشعب امتاز بالروح الوطنية والقومية وحب العراق وترابه والتضحية في سبيله ، ومن هذا الشعب ظهر القادة العظام في سومر وبابل واشور والحضر وبنوا صروح الحضارة الأولى في دنيا البشر ، فهذا نبو خذ نصر القائد العراقي الشجاع الذي ظهر في جنوب الوطن واستطاع توحيد شعبه وتأسيس إمبراطورية مترامية الأطراف وقاد جيشه ليقضي على دولة اليهود في أورشليم ويأتي باسراهم الى عاصمته بابل الحضارة والتاريخ ، وعندما جاء الإسلام وحمله رسول الله محمد العربي المكي الحجازي ، شكل العراق وشعبه ركيزة اساسية لهذا الدين الحنيف ، فكان ثغرا من الثغور التي عبر فيها المسلمون الأوائل إلى بلاد ما وراء النهر لإعلاء كلمة لا اله الا الله محمد رسول الله ، فكانوا مقاتلين إشداء على أعدائهم رحماء بينهم ، فهذا الشعب فيه الفارس الشجاع والشاعر المناع والفقيه المشهور بالعلم والورع والسخاء ، وان هذا الجذر وهذه الخواص ستبقى موروثة ومتوهجة في نفوس أبنائه الان وفي المستقبل وما دام الجاران يتعاقبان ، ( اي الليل والنهار ) ، فهم الذين أسسوا دولة بني العباس التي سادت عدة قرون وهي تقود العالم الاسلامي ومثلت الحضارة والرقي والإبداع في العلوم والآداب والمعرفة وكانت بغداد الرشيد عاصمة هذه الدولة العربية الإسلامية التي قصدها اهل العلم والزائرون والسياح من كل ارجاء الارض ، ومن العراق انطلق القائد العراقي المسلم صلاح الدين الايوبي ليحرر القدس الشريف من سيطرة الصليبيين في معركة حطين عام 1187 ، وفي العصر الحديث كان للشعب العراقي مواقفه الوطنية والقومية فهم ثوار العشرين بوجه الاحتلال والاستعمار البريطاني الغاشم ، وهم ثوار حركة مايس التحررية في العام 1941 ، وهم أبطال انتفاضة عام 1948 وعام 1952 ، وهم مفجروا ثورة 14 /تموز / 1958 وقيام الجمهورية العراقية والخلاص من الاستعمار والتبعية ، وهم الذين بنوا العراق وحرروا ثروته النفطية من سيطرة وابتزاز الشركات الأجنبية ، ودافعوا عنه بوجه العدوان الإيراني التوسعي في حرب القادسية الثانية 1980 - 1988 ، وهم الذين وقفوا بوجه الغزو والاحتلال الامريكي البريطاني الصهيوني الإيراني عام 2003 وقاوموه ، واثخنوه بالجراح وكبدوه الخسائر الفادحة بالمعدات والارواح ، فهذا هو معدن العراقيين ، وهذه هي خواصهم وافعالهم ، وعندما اشتدت عليهم المحن ثاروا في العام 2011 وقدموا التضحيات الجسام فوصفوهم بالدواعش والإرهاب للقضاء عليهم ، واليوم يثورون لان دماءهم هدرت وكرامتهم انتقصت وثرواتهم سلبت ومدنهم دمرت ، والفقر والجوع والمرض يفتك بهم والبطالة تنخر أجسادهم ، والطائفية والميليشيات تفرقهم وتقتل أبناءهم .

2 - الدلالة الأخرى لهذه الانتفاضة ، ان شعب العراق شعب حي يأبى الذل والمهانة ولا يرتضي ان يكون ذليلا ومنقادا من قبل حفنة من العملاء والماجورين خدم الاجنبي المحتل وسارقي ثرواته والمتعدين على حقوقه ومقدساته ، وقد سبق لتاتشر رئيسة وزراء بريطانية ابان العدوان الثلاثيني على العراق في العام 1991 ، ان قالت عندما سألها احد الصحفيين بأن قصف العدوان نال الأبرياء من السكان المدنيين فردت عليه " نريد القضاء على شعب حي طموح " .

3 - ان القيم العربية المتمثلة الان في هذا الشعب وفي عشائره وما يمتلكه من أعراف وتقاليد اجتماعية عريقة ترسخت منذ آلاف السنين تكون حاضرة بالفطرة دائما في تصرفه وسلوكه ، ولهذا نرى ان الشباب في الانتفاضة يشكلون النسبة الأكبر من السكان ويرفعون الشعارات الوطنية ويتغنون بامجاد أمتهم وشعبهم وأنهم شعب لا يرتضي ان يحكمه الدخلاء والغرباء فهم يعتبرون ان من تجنس بالجنسية الاجنبية ليس منهم ولا يحق له ان يحكمهم ويكون رقيبا عليهم ، كما يعدون العمالة للاجنبي عارا كبيرا عليهم وعلى أبنائهم ، وهنا نتذكر حادثة حصلت في ثورة مايس / 1941 ، عندما هرب الوصي عبد الإله إلى البصرة في طريقه إلى البارجة البريطانية فأرادوا تنصيب الشريف شرف وصيا على العرش فاعترض مجلس النواب بشدة قائلا : لا يجوز ذلك لأنه متزوج من اجنبية ، وشتان ما بين الأمس واليوم الذي يحكم فيه العراق الآن من هو بريطاني وآخر أمريكي وثالث كندي ورابع أسترالي وخامس ألماني وسادس وسابع ايراني ، ويطول بك العد من حكام العراق الجدد الأجانب .

4 - أثبتت الانتفاضة ان العراقيين يرفضون الوجود والتدخل والسيطرة الاجنبية الإيرانية ، رفضا قاطعا لا رجعة عنه ،وهم يعرفون على وجه الدقة حجم الكره والاحتقار والانتقاص الذي يكنه الايرانيون العجم لشعب العراق ولأبناء الآمتين العربية والإسلامية ، ويعرفون نواياهم واهدافهم ومخططاتهم الهادفة الى بسط نفوذهم وهيمنتهم على اقطار الامة العربية والاسلامية ، بعد ان تبنوا دينا جديدا مزيفا لا يمت للاسلام بصلة وهو وسيلتهم في تحقيق اهدافهم الشريرة ، فهل سمعتم بدين يلغي مقام الله ونبيه ؟ ويؤلهون ابن بنت رسول الله العبد المؤمن الصالح بدل الله ورسوله ! وهو بريء منهم ومن عقيدتهم الباطنية الملعونة لانه تربى في بيت النبي واله ، وهل سمعتم بدين يحل للمرأة المتزوجة ان تمارس متعة الزنا ؟ اسمعوا الى خطب معمميهم وفتاواهم واحاديثهم وماذا يقولون ، ولهذا وتعبيرا عن إيمان شعب العراق بدينه القويم وعروبته خرج ليحرق صور الخميني والخامنئي ويطلق شعاره " إيران بره بره بغداد تبقى حرة " وعلى العالم العربي أولا ان يقف مع هذا الشعب الثائر، وعلى العالم الآخر ان يحترم قرار الشعب العراقي وحقه في تقرير مصيره واختيار نظامه الوطني ، وعلى الامم المتحدة ومجلس أمنها ان لا تغض النظر عن انتهاكات حقوق الانسان التي تمارس بالضد من المنتفضين وتطلق الرصاص عليهم .

5 - ومن الدلائل على أحقية الانتفاضة الشعبية الجماهيرية التي عمت العراق هو فشل العملية السياسية التي نصبها المحتل الامريكي الإيراني ، لانها عملية سياسية طائفية مرتبطة بالاجنبي ومنحازة اليه ، وهدفها مصالحها اما الشعب فليذهب الى الجحيم ، وما اعتراف هادي العامري رجل ايران الاول في العراق الا برهان على ذلك التصرف والسلوك الذي مارسته الاحزاب الطائفية وعدم صلاحيتها بالمطلق ان تبقى متربعة على دفة الحكم في العراق ، وعلى الشعب ان يتمسك ويصمم على رحيلهم وتقديمهم إلى " محكمة الشعب " التي أقترحها بنفسه عندما أعلن انتفاضته هذه الأيام ، وان الخمسة عشر عاما من عمر حكمهم لدلالة اكيدة على فشلهم ولا جدوى او منفعة بوجودهم وصدق القول المجرب لا يجرب .

6 - ان البعد الوطني والقومي والاخلاقي والمبدئي كان حاضرا في هذه الانتفاضة الشعبية المباركة ومعبرا عن طموحات ابناء العراق فهدفهم واضح هو اسقاط العملية السياسية وبناء النظام الوطني الكامل السيادة والاستقلال والمحافظ على ثروات الوطن وعلى العدالة والمساواة بين ابناء شعبه ، فالانتفاضة انتفاضة شعبية عراقية أصيلة في الجذر وفي المعدن وفي الهوى والاهداف والمرامي ، واذا ما اندس في صفوفها من يريد ان يخرب ويطفي وهجها من عملاء وايرانيين فهي منهم براء وسيكون النصر حليفها باذن الله وعلى الله فليتوكل المنتفضون .





الثلاثاء ١١ ذو القعــدة ١٤٣٩ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٤ / تمــوز / ٢٠١٨ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب المركز الاعلامي للثورة العراقية ضد الاحتلال والتبعية والفساد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة