شبكة ذي قار
عـاجـل










أضع علامة استفهام كبرى على هذا الزمن اللعين .. زمن العهر الذي سرق منا الرحم الكبير العراق العظيم وجرح شعبه في الصميم ...

هل ان حب الوطن والولاء له يرضعه الوليد من ثدي أمة ؟ أم يا ترى يتعلمه من والديه وعائلته ؟ أم يتلقاه درسا في المدرسة ؟ أو يتلقنه ارشادا من أئمة المساجد ومن الرهبان والقسسة في الكنائس ورجال الدين في دور العبادة الأخرى ؟ وهل يتعرف عليه في المنتديات الاجتماعية والثقافية ؟ ...

لاشك ان حب الوطن من الايمان ، وان الولاء له مبدأ شريف ، وهو أرقى مظاهر المواطنة الصالحة ، حيث يتجسد هذا الولاء في نبذ التبعية الحزبية والدينية والمذهبية والعرقية على حد سواء والعمل من منطلق الوطن المقدس .. ان الولاء للوطن لا يتم بالشعارات التي تردد فحسب ، بل يجب أن يكون سلوكا وممارسة يتحلى بها كل عراقي مخلص شريف ...

ان مسؤوليتنا اليوم كبيرة ازاء الوطن ولذلك يتوجب علينا أن نكون حريصين على هذا الانتماء أكثر من حرصنا على أرواحنا ومكتسباتنا المادية والمعنوية والأدبية .. وان ولائنا وحبنا لعراقنا الحبيب يجب أن يتجاوز مرحلة الشعارات والكتابات في مقالة أو أبيات شعر أو في ترديد أناشيد حماسية وأغاني وطنية أو بكلام فضفاض منمق ...

ان الولاء للوطن يجب أن يكون ذات احساس طاغي ، وشعور عام قوي ، وممارسة يومية أمينة ، وادراك شامل للمسؤولية بحكم كوننا عراقيين أبناء هذه التربة الطاهرة .. ان اي عراقي لا تربطه بالعراق علاقة حقيقية وقوية ومتأصلة لا يمكن في أي حال من الأحوال أن يخلص له أو يدافع عنة أو يحميه من الذين يريدون به شرا .. وأن يكون أمينا على مصلحته ويحرص على حاضره ومستقبله ...

ان وطننا العزيز قد تعرض لعملية غزو حقيرة غير مسبوقة من قبل الأمريكان والصهاينة والفرس المجوس وبمساعدة ومباركة أشقائه "عرب الجنسية" .. فقاموا بزرع الفتنة الطائفية والعرقية بين أفراد شعبنا الواحد وهذا جزء مهم وحيوي من خطتهم الشريرة لتدمير العراق والسيطرة التامة على كل مرافقه الحيوية وخيراته بمساعدة ودعم عملائهم في الداخل ...

لقد تأثر بهذه الخطة الاستعمارية الحاقدة عدد من ضعاف النفوس والوطنية والمحسوبين على هذا الشعب الصابر ظلما وعدوا وتزويرا .. حيث تم تهيئة التربة المناسبة لزرع هذه النبتة الشيطانية الخبيثة التي خدشت الوحدة الوطنية والمحبة الكبيرة بين العراقيين .. ونظرا لما مر به بلدنا من ظروف قاهرة بسبب الاحتلال الأمريكي - الصهيوني - الفارسي البغيض أصبحت الايديولوجيات المشبوهة تتجاذب بعض من الذين انظموا تحت مظلة جديدة غير مظلة الوطن ، ومنحوها الولاء بدلا منه ، وتحت دعاوي ومفاهيم مغلقة و متطرفة ، حيث يعاني هؤلاء المتطرفين من فجوة كبيرة لفهمهم للدين ، واستبدالهم لمظلة الوطن بمظلات وهمية استغلت الدين وشوهت صورة الاسلام الحنيف ، وأصبحت مشاعر العداء في ظل تشكيل النعرات الطائفية والعرقية في تقديم الولاء للمذهب والقومية على الولاء للعراق ...

أشير هنا ومن خلال هذه المقالة المتواضعة ان الولاء للاسلام لا يتعارض مع الولاء للوطن بالمعنى الذي يفهمه البعض ، بل ان الولاء للاسلام لا يمكن أن يتحقق الا بالولاء للوطن والعروبة أولا .. كما ان الفصل ما بين الدين والسياسة هو الطريق الوحيد لفض هذا التعارض "الدين لله والوطن للجميع" ...

في خضم هذه الظروف الحرجة التي يمر بها وطننا العزيز تقع علينا مسؤولية كبيرة ، ألا وهي تنمية الوعي الوطني ومحاربة الأفكار الظلامية الهدامة ، والممارسات المنحرفة القادمة من خارج الحدود ، وخصوصا من جارة السوء ايران ، ومحاربة الادعاءات الباطلة وأعمال التخريب والتدمير ، والتي توجه باسم المذهب والطائفة ، وضرورة ترسيخ مفاهيم الوطنية الايجابية ، والتآلف و التآخي بين أبناء الشعب الواحد ، لانقاذ هذا الوطن الذي بات مسكينا وتحريره من الغزاة الطامعين والعملاء المأجورين ، ونبذ كل ما يدعو الى التفرقة وشق صفنا الوطني من مسميات وادعاءات ، وعدم التجاوب مع أعداء الوحدة الوطنية ودعاة الفتنة والتفرقة وتفنيد ادعائاتهم الباطلة وأكاذيبهم المغرضة ومحاربتهم أينما كانوا ...

علينا ايصال رسالة الى الذين يزايدون على العراق وشعبه ويتاجرون بدماء أبنائه البررة ، بأنهم يدافعون عن قضية خاسرة لا يحصدوا منها الا الخيبة والعار .. ونقول لهؤلاء المزايدين نحن لا نبكي على الوطن بدموع وقحة وكاذبة كما تفعلون .. ان وطننا الحبيب معنا في كل مكان نحن فيه ، ونحافظ عليه ونفديه بأرواحنا ، ونرسم للعالم أروع وأجمل صورة عنه ، غير تلك الصورة التي شوهتموها أيها المزايدين بالوطنية أصحاب الجنسية فقط .. نحن نحمل عراقنا الغالي في قلوبنا ووجداننا وهو معنا في كل ساعة ، بل في كل دقيقة وثانية ، ونحتضنه حتى في منامنا لعله يتجسد لنا في أحلامنا ، ونراه في الحلم واليقظة ومع كل لمسة .. فهي حالة حب وجداني وعشق والتحام روحي معه لا يفهمه ويستوعبه هؤلاء المزايدين الذين يطبلون لقتلة شعبهم ، والمتآمرين عليه ، وهم ذاتهم الذين لا يبخلون جهدا بالقيام بتصرفات ظالمة وحمقاء بهدف توسيع الفجوة وزيادة الفرقة بين أبناء شعبنا الأصيل والذي هو بريء منهم ومن أفعالهم المشينة القذرة ...

نقول لهؤلاء المزايدين : أين ولائكم للوطن ؟ وهل انحدر بكم الشعور الوطني الى درجة تقديم الولاء لطائفتكم على الولاء لوطنكم ؟ وهل بقى حقا لديكم ولاء للوطن ؟.. فكيف يبقى ولاء للوطن عندما تكون الطائفة والمذهب والقومية هي "السيد والمرجع" وتضييع الحدود بين العدو والجار بفعل التعصب والانكسار أحيانا حيال الأخ والصديق والجار الى درجة يظهر العدو وكأنه أكثر رأفة من الجار والقريب ، وتسقطون عنه صفة العدو المتآمر على وطننا وشعبنا ...

سيبقى عراقنا عظيما شامخا .. حرا سيدا .. مستقلا ، ويستحق منا نحن أبنائه المخلصين أن نبذل الغالي والنفيس من أجله ومن أجل عزة وكرامة شعبه ، ونعشق رائحة ترابه الطاهر .. هذا التراب الذي سقي ولايزال يسقى بعرق ودماء أبنائه البررة المخلصين ...

أيها المزايدون : اتركوا عراقنا لأبنائه الأبرار ليضمدوا جراحه .. واتركوا الحفر وراء ألغام الفتنة التي زرعها المحتل الأمريكي - الصهيوني - الفارسي .. ولا تتاجروا بالدم العراقي الطاهر بستار الوطنية المزيفة ، وباسم الحرص على العراق والدين الاسلامي الحنيف ، فالاسلام منكم براء ، وان ادعائكم هذا أساء اليه ، فأنتم بعيدين كل البعد عن الدين الاسلامي وقيمه وتعاليمه السمحاء وأهدافه النبيلة .. ابتعدوا عن تزوير التأريخ والحقائق والذي كان هدفكم منها هو احداث شرخ بين أبناء وطننا .. انكم تلعبون بأعواد الثقاب المشتعلة فوق لغم سينفجر بكم قريبا بعون الله وارادة شعبنا الأبي الذي لا ينام على ضيم كما عهدناه .. وان غدا لناظره قريب .

لك المجد والشموخ يا عراق الأباة .. عراق المجد والأصالة والحضارة .. ولشعبنا الصابر الصامد والعزة والنصر .





السبت ١٠ صفر ١٤٤٠ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٠ / تشرين الاول / ٢٠١٨ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب بنت الرافدين نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة