شبكة ذي قار
عـاجـل










بعدانهيار الاتحاد السوفيتي والمعسكر الشيوعي وانتصار القطبية الأمريكيةالرأسمالية في اوائل التسعينات من القرن الماضي, شهدت البشرية موجة هائلة من الإقبال على المصالح والأدبار عن المبادئ وسادت المصالح حالة عارمة من الردة والخيانة والفوضى والانبطاح للنظام الرأسمالي والهجرة الجماعية من الشيوعية الى الاصطفاف مع الامبريالية التي كانت أعلى مراحل الرأسمالية "ومن اليسار المبدئي الى اليمين المصلحي ومن الالتزام بالثورة الى الاهتمام بالثروة" ومن الشيطان الأكبر الى الحليف المنقذ وناصر المظلومية. فهل تغيرت الولايات المتحدة الشيطانالأكبر وبريطانيا والصهيونية عن أهدافهم العدوانية الاستعمارية؟ ان هؤلاء واهمون ليس هناك منتصف طريق بين الوطنية والخيانة بين الحق والباطل بين القوة المقتدرة والقوة الغاشمة.

إذن ليس من قبيل المصادفة اختيار العدو الأمريكي الصفوي الفارسي العنصري التاسع من نيسان ليكون يوم لغزوواحتلال العراق، وإنماأراد ان يكون بداية لاجتثاث البعث أي اجتثاث الوطنية الحقه واجتثاث العروبة المؤمنة، واجتثاث كل عوامل النهضة فيه وفق منظومته الظلامية في تصفية الرموز الوطنية الذين خططوا له وأوكلوا مهمة تنفيذه للعديد من القوى الظلامية الحاقدة, وفي نفس الوقت أرادوا ان يكون التاسع من نيسان الرد العملي للانتقام من قرار القيادة الوطنية العراقية باستثمار الثروات النفطية,كما ان الامبريالية والصهيونية مصممة على تفتيت العراق والأمة العربية وبشكل جدي وخطير لضمان امن الكيان الصهيوني وضمان المصالح غيرالمشروعة لها، فلابد من مواجهة بطولية للبقاء وحلفهم الشرير الغير مقدس الامبريالية والصهيونية العالمية والصفوية الفارسية.

وتعرف البطولة اصطلاحا: هو الثبات على المبادئ دوما, والثبات جاء نتيجة التراكم على النضال والمعاناة من اجل الوطن والأمةوالإنسانية.
فمفهوم البطولة تعني"هي الحرية فعندما تسدالسبل كلها تبقى طريق البطولة سالكه"

كما ان البطولة ليست دائما بالمهاجمة بل قد تكون كذلك في الصبر والثبات على المبادئ , وليست الشجاعة في محاربة العدو الظاهري فحسب, بل انما هي أيضا محاربة العدو الباطني أي ان يحارب المرء نفسه اليأس والخدر والفتوروحب الراحة.

حيث "ولد البعث وهو يبشر بالبطولة ويستلهم تراث الأمة الخالد ويعمل بمقاييس الخلود ويهدي المثول الدائم امام تاريخ الأمة وتاريخ الإنسانية".

فكان البعثيون ولا زالوا يشعرون بطعم الحياة وروح البطولة والنضال بالمبررات البديهية لوجود حزب الثورة العربية منذ النداء الأول الذي اطلقه القائد المؤسس "رحمه الله " في مقالته عهد البطولة عام 1935 م عندما قال: تنتظرهم وراءوا الويلات تنزل عليهم واللعنات تنصب عليهم, "الآن تنطوي صفحة من تاريخ نهضتنا العربية وصفحة جديدة تبدأ، تنطوي صفحة الضعفاء الذين يقابلون مصائب الوطن بالبكاء...وتبدأ صفحة جديدة صفحة الذين يجابهون المعضلات ببرودة العقل ولهيب الإيمان, ويجاهرون بأفكارهم ولو وقف ضدهم أهلالأرض جميعا, ويسيرون في الحياة عراة النفوس هم الذين يفتحون عهد البطولة".

نعم "هؤلاء اليوم قليلون وربما أصبحوا في الغد اقل إذا اصطدموا بالمصاعب التي ولكن المستقبل لهم لأنهم يفصحون عن مشاعر ملايين الناس الذين قص الظلم السنتهم".

هل هذه مصادفة بين النداء الأول عهد البطولة عام 1935م والجواب الأول الذي تجسد على ارض البطولات والمقاومة ارض العراق بانبثاق المقاومة العراقية لأنهاأسرع مقاومة عرفتها البشرية في التاريخ الحديث وهي الامتداد الطبيعي للصفحات العسكرية لجيش العراقي الباسل والأجهزةالأمنيةالأخرى ومناضلي البعث ورجال الدين الأفاضل وبعدها تشكلت فصائل جهادية مؤمنه بوحدة العراق ارضا وشعبا ومقدسات اتخذت من المساجد مقرات للعز والكرامة.

أخي العربي في كل مكان في ارض العروبة والمهجر ان المسافة بين عهد البطولة والمواقف البطولية للمقاومة العراقية بكل فصائلها واتجاهاتها والموقف البطولي للشهيد صدام حسين "رحمه الله" في مواجهة الاستكبار العالمي عندما وقف على منصة الإعدام وهو ينطق بالشهادتين ويردد شعاره الخالد عاشت الأمة العربية المجيدة وعاشت فلسطين.

والسؤال الذي يطرح نفسه: هل هذه العلاقة المتجددة بين البعث والبطولة, مجرد علاقة جهادية كفاحية أم هي علاقة فكرية تاريخية ونضالية تمتد من المحيط الأطلسي الى الخليج العربي؟

ويقودنا هذا الى سؤال أخر: هل تخلف البعث منذ تأسيسه الى هذه اللحظة التاريخية من حياة الأمة العربية المعاصرة عن البطولة؟

للإجابة على هذه الأسئلة لابد التعرف على بعض المواقف البطولية للبعث على الساحة العربية، فالبعث لن يتردد أبدا عن البطولة منذ ثورة الضباط الأحرار عام 1941م في العراق مرورا بسوريا لمواجهة الاستعمار الفرنسي عام 1945م وتطوع المنتسبين للبعث عام 1948 "وكان القائد المؤسس أول المتطوعين الذي وصل الى جنين, كما كان المرحوم بهجت أبو غربيه أول بعثي فلسطيني يقود جيش الجهاد في مدينة القدس انطلاقا من مقولة القائد المؤسس "لا ينتظرن العرب المعجزة, فلسطين لن تحررها الحكومات, وإنما الكفاح الشعبي".

وفي الخمسينيات قد تطوع كثير من البعثيين مقاتلين وأطباء ومثقفين لينتصروا للثورة الجزائرية ومعها حركات المقاومة في المغرب العربي.

كما وقف البعثيون في لبنان ضد حلف بغداد وضد مشروع ايزنهاور, فحملوا السلاح وقدموا الشهداء ليطردوا الأسطول السادسحيث كان ابن طرابلس الشهيد جلال نشوتيأول الشهداء, وفي اليمن حملوا السلاح ليقاوموا الملكيةالبائدة في الشمال والاستعمار البريطاني في الجنوب حتى انتصر اليمن.

وواجهها البعثييون رواد المقاومة اللبنانية المعاصرة فسقط في الجنوب في أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات أمين سعد "الأخضر العربي وواصف شراره وحسين علي قاسم والثلاثي الطرابلسي النضر أبو النصر وأبو النسور وأبوميكل وصولا الى شهداء الملاحم الكبرى في أواسط السبعينيات في جنوبنا اللبناني وهم أبو علي حلاوي وعلي عبد الله وفلاح شرف الدين وصولا الى انجاز عام 2000م وملحمة الصمود مع الشعب والجيش والمقاومة ضد العدوان الصهيوني عام 2006م.

وأخيرا وليس أخرا بعد الصفحة العسكرية في مواجهة الاحتلال الأمريكي في العراق بدأت ملاحقة الغزاة وضربهم بقوة وفي كل شارع ومنعطف تمر منه ارتالهم لقد نفذ المقاتلون البعثيون من مدنيين وعسكريين عددا من الضربات الموجعة لفلول الغزاة وفي اليوم الثاني للاحتلال تواصلت معارك الاعظمية والطارمية والضلوعية وأول تنظيم مسلح ظهر رسميا " سرايا الطف الحسينية من قوى الأمن الوطني ثم خط ن من الجيش ثم جيش محمد صلى الله عليه وسلم ثم جيش تحرير العراق ثم تشكيل سعدون ثم توالت التشكيلات الرسمية الوطنية والقوميةوالإسلامية بعد ذلك وتصاعد الجهاد والأداء والعطاء حتى أنهكت قوات الغزو واستيأست وحتى قرر اوباما الانسحاب فورا, لولاء الإشكالات التي خلقتها الفصائل الإسلاميةالمتطرفةالتكفيرية وعلى رأسهاالقاعدة وداعش أو من تستر بأسماء أخرى مرتبطة مع جهات معادية وحاقدة على العراق وشعبه وخاصة الصفوية الفارسية والصهيونية .

وعلى ضوء ذلك ان البطولة والمقاومة موجودة في كل مكان الأمة, حملت فيه الأمة سلاحا ضد أعدائها لتكون يذلك موجودة, إذن معركة العراق اليوم وفلسطين معركة واحدة في الرؤية الموحدة لهموم الأمة" وليس الكفاح ضد الاستعمار معزولا عن النضال ضد الاستغلال والاستبداد والهيمنة والتبعية, وليست معركة العروبة في دفاعها عن هويتها ووجودها غير معركة الإسلام هو عماد ثقافتها وجوهر حضارتها التي أسهم فيها عرب مسلمون وغير مسلمين , لذا ندعوالأجيال العربية الصاعدة المؤمنة بعروبتها ووحدة امتها وعدالة قضيتها ان يسعوا بكل إمكانياتهم الفكرية والنضالية من اجل امتهم العربية لأنها لا تحيا إلا بالبطولة.

الكاتب والباحث السياسي
جابر خضر الغزي

 





الثلاثاء ٤ شعبــان ١٤٤٠ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٩ / نيســان / ٢٠١٩ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب جابر خضر الغزي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة