شبكة ذي قار
عـاجـل










على مسافة ثلاثة اسابيع من المفترض ان ينعقد في المنامة عاصمة البحرين وبرعاية اميركية مؤتمر ( ورشة السلام من اجل الازدهار ) ، وعنوان المؤتمر يدلل انه ينطوي على شقين. الشق الاول هو ورشة السلام وهو اطار سياسي ، والشق الثاني ،هو الازدهار وهو مضمون اقتصادي. اما السلام المقصود فهو المشروع الاميركي المقدم بإسم صفقة القرن والتي تتضمن الرؤية الاميركية لحل مايسمى بأزمة الشرق الاوسط بحسب التوصيف الدولي والصراع العربي الصهيوني بحسب التوصيف العربي. هذه الصفقة التي روجت لها الاوساط الاميركية ذات الصلة بتحضيراتها بأنها ستطرح بعد رمضان لم تعد بنودها مخفية بل باتت واضحة وخلاصتها اسقاط القضية الفلسطينية بما هي قضية شعب اغتصبت ارضه وابعدمنها في عمليات ترانسفير ممنهجة وصولاً الى افراغ فلسطين من سكانها الاصليين وهم اصحاب الحق التاريخي فيها. في المقدمات لهذه الصفقة ،اغراق الاراضي التي احتلت في٦٧ بالمستوطنات ، تقطيع اوصال المناطق المحتلة ،اخضاع المناطق المحتلة لحصار اقتصادي ومالي،وكل ذلك لاجل دفع السكان الى الهجرة تحت الظروف المعيشية القاسية من ناحية ولتوظيف نتائج هذا الحصار الاقتصادي لانتزاع تنازلات سياسية في ظل ضغط الاجراءات القمعية المتعددة الاشكال من الاغتيال الى الاعتقال والحجز الاداري الى مصادرة الاراضي وتدمير المنازل وكل ماله علاقة بالامن الحياتي. هذه الاجراءات التي ينفذها العدو الصهيوني والتي تندرج في اطار سياساته الرامية لفرض الصهينة على كل معالم الحياة في الارض المحتلة لم تكن بمنأى عن رعاية اميركية وغض نظر دولي . هذه الرعاية الدولية تتولاه المواقع المقررة في النظام الدولي ذي الطبيعة الاستعمارية والذي يتجسد اليوم بالدور الاميركي بعدما تراجع الدور البريطاني كنتيجة لما افرزته الحرب العالمية الثانية من تبدل في موازين القوى الدولية وتهاوي مرتكزات النظام الاستعماري القديم الذي وفر قطبه البريطاني انذاك ،الاساس المادي والتغطية السياسية لمشروع اغتصاب فلسطين ومنحها لليهود لاقامة وطن قومي لهم استاداً الى وعد بلفور بعد عشر سنوات على قرار كامبل بانرمان . لقد مضى قرن على الفترة الفاصلة بين وعد بلفور والاعلان الاميركي عن صفقة القرن. وهذا يعني ان مابدأته بريطانيا قبل قرن ،تعمد اميركا اليوم الى تجسيده كواقع مسبوقاً بجملة خطوات بعضها تتولاه(اسرائيل )بما هي سلطة احتلال واخرها اصدار قانون قومية الدولة ، والذي يعني ان ( اسرائيل) هي دولة مواطنة لليهود فقط ،وعليه فأن على غير اليهود ان يحضروا انفسهم لترانسفير جديد وخاصة الفلسطينيين الذين لم يغادروا اراضي فلسطين التي احتلت قبل ٧١عاماً . وهولاء كما غيرهم الذين ستسقط عنهم صفقة القرن حقهم بالعودة وسيرحلون الى اراضي دولة افتراضية خارج حدود فلسطين التاريخية في اطار مايطلق عليه عملية مبادلة الاراضي. هذا المشروع الاميركي الذي مهدت له اميركا بتوفير حماية (اسرائيل)من اية مساءلة دولية والاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الغاصب ،وتوقيف المساهمة الاميركية في ميزانية الانروا والاعتراف بقرار ( اسرائيل) ضم الجولان تجري التحضيرات لتوفير التغطية الاقتصادية والمالية لتمرير مشروع صفقة القرن لاجل توفير البنى التحية والاعمارية للكيان الفلسطيني الافتراضي ، ولهذ ا جاءت الدعوة لعقد مؤتمر المنامة تحت عنوان السلام لاجل الازدهار. وان تختار اميركا البحرين مكاناً لعقد هذا المؤتمر فهذا الاختيار ليس عبثياً بل لاجل تحقيق جملة اهداف. اولها ،ان عقد الورشة على ارض عربية وبمشاركة صهيونية فلاجل دفع التطبيع مع العدو خطوات الى الامام. الثانية ، هوان عقد المؤتمر علانية في البحرين وهي الدولة الاصغر والاضعف بين دول الخليج العربي ففيه رسالة بأن هذه الورشة ماكان لها ان تنعقد لولا موافقة ضمنية من دول الخليج الاخرى وهي التي ستكون معنية بالتمويل المالي للمشروع. اما لجهة التوقيت فلكي تمرر الورشة في ظل الضجيج الاعلامي حول ارتفاع منسوب التوتر بين اميركا والنظام الايراني. لكن ان تعقد هذة الورشة في ظل مقاطعة ورفض فلسطيني

، والفلسطينيون هم الاساس على الاقل من الناحية النظرية فهذا يؤشر ان المعنيين بالامر مباشرة واصحاب الحق الخاص سيتم تجاوزهم في بحث القضايا الاقتصادية كما يتم تجاوزهم في القضايا السياسية. وهذا يعني ان مايخطط ويرسم له يراد فرضه على الفلسطينيين وفق ماتقتضيه مصلحة (اسرائيل) وليس مصلحة اصحاب القضية. من هنا فإن ورشة السلام من اجل الازدهار هي ورشة فرض (السلام الاسرائيلي) والازدهار هو ازدهار الاقتصاد الاسرائيلي والاقتصاد الطفيلي العربي الذي تديره قوى الرأسمال اليهودي الذي يتحكم بكثير من المؤسسات المالية العالمية. في ضوء هذه المعطيات ، فإنه ليس مبالغة القول ان صفقة القرن هي صفقة تصفية القضية الفلسطينية بكل ماتنطوي عليه من ابعاد ولهذا يجب مقاومتها والحؤول دون تمريرها. واذا كان يسجل لمنظمة التحرير والسلطة موقفهما الرافض لهذه الورشة وكل من اعترض عليها لاسباب خاصة به من القوى الدولية والعربية، فإن مايجب التأكيدعليه ليس مهاجمة اميركا وسياساتها وحسب بل و باولوية اكثر فضح الاطراف الرسمية العربية التي تنخرط سراً وجهارة في هذه الورشة الاميركية الصهيونية التي تنعقد على ارض عربية. ان موقف نظام البحرين من استضافة هذا المؤتمر هو مرفوض ومدان وكل من يشد على يديه ويوفر التغطيةله مدان ايضاً . واذا كان من يعتقد ان هذه الصفقة ستمر تحت صخب الحرب الافتراضية بين اميركا وايران وتسقط فلسطين من ذاكرة الوجدان العربي فهو واهم ،لان اميركا ومن معها وان كانوا يملكون قوة التأثيرات المادية والسياسية،الا ان حقائق التاريخ تبقى هي الاقوى. فالعرب وفي القلب الفلسطينيون منهم يملكون الحقيقة التاريخية (واسرائيل ) التي هي دولة ابارتايد هي دولة وظيفة وطال الزمن ام قصر مصيرها سيكون كمصير نظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا. والاهم ان لايعطى اعتراف فلسطيني لشرعية الاغتصاب وان لايعطى اعتراف عربي به. واسقاط مؤتمر المنامة خطوة في مسيرة الالف ميل. وليرفع شعار اسقاط ورشة المنامة ،مقدمات ونتائج.





الاربعاء ٢ شــوال ١٤٤٠ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٥ / حـزيران / ٢٠١٩ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب المحرر السياسي لموقع طليعة لبنان نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة