شبكة ذي قار
عـاجـل










في المقدمة لا بد أن أوضح عن التضليل السياسي والذي عرفه الكثير من كتابنا الأعزاء بأنه تضليل عامة الناس والشعوب من خلال بث الأفكار المضللة والخاطئة لأجل الحصول على مكاسب سياسية سواء كان لمصلحة فئة معينة او لدولة طامعة في ثروات دولة أخرى . وهناك مصطلحات وعناوين تذاع وتعلن بشكل شبه يومي في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة. نحن نسمع باستمرار مصطلحات مثل “الرأي العام العالمي” و”الرأي العام الأميركي” وغيره من هذه المصطلحات.

وللتضليل أساليب كثيرة هدفه التأثير على معنوية واتجاهات وميول أفراد المجتمع لغرض استخدامه كدعاية من أجل تحقيق هدف معين سواء كان الهدف ( سياسي أو سيادي أو وظيفي أو اقتصادي أو صناعي أو عسكري أو ديني وبشقيه المعتدل والطائفي ، أو إقصائي .. الخ ) ، وبأسلوب ( أكذب اكذب حتى يصدقك الناس ) ، ومن تلك الأساليب -: ( طلاق ألشعارات , القولبة والتنميط , والتأكيد بدلا من المناقشة والبرهنة ، وأساليب النكت ، , والكذب، ,والديني ، والاستضعاف والاستعطاف ، والتكرار من خلال الدعايات السياسية والاجتماعية ، والاستنكاري من خلال طرح الدعايات بلهجة استنكارية ، ومحاولة خلق عدو وهمي للدولة والأمة ، والعلمي لأجل جلب ثقة المستمع أو المشاهد في تقبل الدعاية أو الإشاعة وعلى أساس انه عالم وفاهم ، والاحتواء ، والتجديد أي تجديد الدعاية إلى حد كبير حتى لا تصبح عملا روتينيا يمل منه الرأي العام ، والتربية والتعليم ، والاختبار من خلال جس نبض الراي العام ) ، والتي تزور الحقائق عن واقع حقيقتها . فخيمة ( صفوان ) طبق عليها كل الأساليب أعلاه بعد وقف إطلاق النار ولجوء الإدارة الأمريكية آنذاك للمفاوضات مع القيادة العراقية بعد أن حدد مكان ووقت انعقادها ! .. بحيث جعل بالكثير من الألسنة النتنة والمتلونين أن يتداولوا عن ما أشيع لها من إشاعات عبر وسائل إلا علام ( الأمريكية وبعض الدول العربية وكافة سائل الأعلام الخليجية ) وترويجها عن طريق الجواسيس ووكلاء العدو الخونة آنذاك ، والمعروف عنهم اليوم ( بأزلام ) سلطة الاحتلال لما يسمونها ( الرئاسية والتنفيذية والتشريعية ) في المنطقة الخضراء وأحزابها الطائفية الصفوية والاسلاموية وميليشياتها الإرهابية ، ومن يتباطأ تحت إبطهم من ( اللوكَية ) . لقد أصبحت الدعاية وسيلة رخيصة في نشرها بل أصبحت متداولة بين أصحاب الألسن ( العاهرة ) وبدون ثمن مدفوع ، ومن هؤلاء الذين يتداو لونها منذ أن عقدت والى يومنا هذا هم ( لوكَية ) مجتمعنا وبكافة عناوينهم ( العلمية والثقافية والدينية والعلمية والعسكرية وحتى السياسية والإعلامية التجارية .. والخ ) الذين روجوا ويروجون عن كل ما أعلنته وسائل الإعلام الأمريكية والعربية بصورة عامة والخليجية خاصة ليظلوا الرأي العام الدولي والعربي والمجتمع العراقي وفق الأساليب أعلاه عن حقيقة ما دار في اجتماع ( خيمة صفوان ) بأن : ( صدام حسين ) ( رحمه الله ) قد أمر الوفد العسكري العراقي المفاوض أن يوقع على ورق ابيض وبدون شرط ! ، وان "صدام حسين" باع العراق في صفوان ، وأن الوفد المفاوض العسكري صدر له أمر من الوفد المفاوض الأمريكي أن ينزعوا ( خوذهم ) الحربية من على رؤوسهم ويدخلون الخيمة ، وان أعضاء الوفد العسكري العراقي يُصغون إليها وهم مخفقون، ولم يردّوا على تلك القرارات سوى بكلمة نعم .. ثمَّ نعم .. ثمَّ نعم .. ! و خيمة الذل والهوان، والاتفاقية المذلّة، وضياع السيادة العراقية، .. وو .. إلخ من الألفاظ المخزية من الإشاعات المظللة !!!!!!!! . لا أريد أن استعطف ولو 1 بالعشر من الواحد من هؤلاء الخونة وبجميع عناوينهم المذكورة أعلاه ، والوسائل الإعلامية الرخيصة أعلاه لكونهم تغابوا وجهلوا التاريخ الذي سيكشف حقيقة اجتماع ( خيمة صفوان ) ، وما تلتها من المراحل التآمرية التي واجهت العراق ونظامه الوطني منذ ( تأميم النفط والى المنجزات التاريخية إلى حقائق الحرب العرقية الإيرانية التي عرفت عبر التاريخ " معركة قادسية صدام المجيدة " وانتصار العراق على دولة فارس إلى المؤامرة الكبرى التي جعلت من العراق أن يدخل في الكويت والى حرب الخليج الأولى ، ثم ما جرى ويجري على العراق منذ حرب الخليج الأولى ولغاية احتلاله من قبل دول التحالف الثلاثيني والى اليوم والعراق محتل بالاحتلال ألصفوي الفارسي ) . ولهذا أقول : التاريخ هو الحكم الفاصل بما قاله المظللون ( القردة ) عن ما دار من حقائق في هذه الخيمة لوجود احد فرسان مفاوضيها من قادة العراق البواسل حياً وأطال الله بعمره .. ألا هو الفريق الركن ( صلاح عبود ) الذي دون للتاريخ في كتابه ( أم المعارك .. الحقيقة على الأرض ) عن ما قال وقيل من إشاعات حول مفاوضات خيمة ( صفوان ) بأنها محض افتراء وتكهنات ودس مقصود من نفر ضال وبالتحديد من سياسيين معارضين مغرضين ومعروفين هدفهم تشويه الحقائق والتاريخ لتظليل الشعب العراقي حينذاك . ومن الشواهد الذين ذكروا حقيقة ما دار في هذه المفاوضات الجنرال ( نورمان شوارسكوف ) الذي اصدر كتابه الذي يحمل العنوان ( الأمر لا يحتاج إلى بطل ) الذي نشر عام 1992 ، والفريق خالد بن سلطان الذي اصدر كتابه الذي يحمل العنوان ( مقاتل من الصحراء ) الذي نشر عام 1995 ، واللذان تطرقا بالتفصيل عن ما جرى داخل وخارج الخيمة واللذان لا يختلفان في جوهر إصدارهما الكتابين عن كتاب الفريق الركن ( صلاح عبود ) .

 إن ما دونه الفريق الركن ( صلاح عبود ) من فقرات لذلك اللقاء الذي جرى مع وفد العدو، نصًا وروحًا دون تحريف للحقائق أو تزوير للتاريخ، ونشرها في كتابه الذي أصدره منتصف عام ( 2006 ) بعنوان ( أم المعارك .. الحقيقة على الأرض ) ،وللتاريخ هو :-

( إنَّ كلَّ كلمة قيلت في مفاوضات خيمة صفوان، لم تسجّل على الورق ولم يكن هناك توقيع على اتفاقيات أو قرارات وحتى سرّية، كما يضنّ البعض، لا من الجانب العراقي ولا من الجانب الأمريكي، وكل ما دار بيننا هو مناقشات شفهيّة سُجّلت على آلة تسجيل وأعطيَّ للوفد العراقي نسخة من شريط التسجيل، وقام المترجم العراقي لاحقًا، بتفريغ الصوت على الورق، لأقوم أنا بعد سنوات بنشر نصّها في كتاب شامل.

صدر قرار وقف إطلاق النار من الجانب الأمريكي ليلة " 28 شباط 1991" ، ليبدأ سريانه اعتبارًا من الساعة الثامنة من صباح اليوم التالي، فيما بدأت مفاوضات وقف إطلاق النار يوم 3 آذار، حيث انتقلنا والوفد من الجسر السريع المؤدي إلى أم قصر بسيارة جيب أمريكية، ومنه إلى مدرج طائرات جبل سنام في ناحية صفوان، تحيط بنا حماية كثيفة من الناقلات والدبابات، بينما انتشرت على جانبي الطريق أعداد كبيرة أخرى من الدبابات وناقلات الأشخاص المدرّعة والجنود، إضافة إلى مواضع مدفعية وراجمات صواريخ. ورافقنا في السماء وبارتفاع منخفض طائرتين عموديتين ( هليكوبتر ) ، لإظهار من نوع الترهيب واستعراض للقوة .. !]

وكان الوفد العراقي يتكون من الفريق الركن "سلطان هاشم " ، معاون رئيس أركان الجيش للعمليات ( فكَّ الله أسره ) و "اللواء الركن صلاح عبّود "، قائد الفيلق الثالث، ( أطالَ الله عمره ) والعميد البحري "نوفل عبد الحافظ "، كمترجم ( رحمَ الله نفسه ) . فيما يتكون الوفد المفاوض من الجنرال الأمريكي " نورمان شوارزكوف" قائد قوات التحالف، والأمير الفريق "خالد بن سلطان بن عبد العزيز"، قائد القوات العربية المشتركة ومترجم من جانبهم، وآخرين .. !

عند وصولنا إلى المكان وترجلنا من السيارة، وأحاط بنا جنود ليحولوا بينهم وبين عشرات من الصحفيين والمصورين الذين تجمهروا على طول الطريق، ثمّ توجهنا إلى خيمة وقف في بابها عدد من الضباط الأمريكان لإخضاع الجميع للتفتيش اليدوي الشكلي، فبدئوا أولًا "بشوارزكوف" ثمّ " سلطان " ثمَّ " خالد "، ثم "صلاح "، وبقية أعضاء الوفدين، ودخلنا الخيمة التي توسّطها طاولة كبيرة تحيط بها ثلاثة كراسي من كل جانب وخلفهما كراسي أخرى لبقيّة الوفدين.

بدأ الاجتماع في الساعة 11,30صباحًا في جو متوتّر ومشحون، لم تتم فيه المصافحة الودية بين الطرفين كما هو المعتاد. تحدّث في بدايته الجنرال "شوارزكوف" عن النقاط التي ستبحث والموكلة إليه من حكومته وأجابه الفريق الركن " سلطان هاشم " بالشيء ذاته موضحًا له أنه مخوّل من القيادة العراقية لمناقشة كل النقاط المتفق عليها والتي أرسلت عن طريق سفير الاتحاد السوفيتي في بغداد وأي أمور أخرى تُستجد خلال المباحثات.

في مسار تلك المباحثات جرى التطرّق إلى أمور عسكرية بحتة لمِا بعد وقف إطلاق النار، واهم ما جرى في ذلك اللقاء هو :-

1. الاتفاق على إطلاق سراح الأسرى فوراً ومن كلا الطرفين .

2. تبادل الجثامين .

3.  تسليم خرائط حقول الألغام البرية والبحرية.

4.  تعيين مواقع الأسلحة الكيميائية داخل الأراضي الكويتية.

5. الاتفاق على انسحاب قوات الطرفين داخل الحدود بمسافة كيلومتر واحد.

6. ألاتفاق على نقاط لوجستية أخرى لتسهيل مهمة حركة القطعات العسكرية.

7. الاتفاق على استخدام العراق لطائراته السمتية فوق أراضيه لنقل الجرحى والمسئولين وحالات أخرى .

 واستمرت المباحثات قرابة الساعة من الزمن تصرّف الوفدان بحكمة ورويّة وتناقشا بهدوء وسكينة، على الرغم من الأجواء الملبّدة بينهما وانتهت جولة المفاوضات وغادر الوفد العراقي الخيمة متوجهين إلى مكان العجلات، وعند باب السيارة تبادل "شوارزكوف" مع " الفريق الركن "سلطان هاشم " التحية العسكرية وتصافحا بقوة هذه المرة، ثمَّ صافح " شوارزكوف" الفريق الركن "صلاح عبود " قائلًا له: ( أهنئك .. قدّت معارك ناجحة لكن سوء الحظ لم يُوفّر لك الإمكانيات لتربحها ) . وانطلقت السيارات عائدة باتجاه مدينة البصرة.





الخميس ٧ ذو الحجــة ١٤٤٠ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٨ / أب / ٢٠١٩ م


مواضيع الكاتب عبد الحسين البديري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة