شبكة ذي قار
عـاجـل










يقال أن للسياسة دهاليز تمتد شرقا وتتسع غربا، و السياسة أخذ وعطاء، وانها سلاح سهل الاستعمال اذا كان باستطاعة حامله استخدامه في اروقة الدبلوماسية وكواليسها لتحقيق مآربه واهدافه وغاياته.ترى اي من مواطنينا العراقيين من له هذه القدرات والمواصفات، سواء ممن انقضى نحبهم ام من القابضين على دفة الحكم او الساعين الى الوصول الى تلك الدفة والمتمسكين بها من بعيد؟ الى كل اولئك اكتب هذه المعلومات، جمعتها من مواقع الكترونية، والتي تعبر عن استراتيجية السياسيين في دولة مجاورة، ربما لا نحبها ولا نتقبلها، ولكنها مثال حيوي للنضوج السياسي وذات نظرة ثاقبة تتجاوز مديات رؤية ( زرقاء اليمامة ).

زار مايك بومبيو، وزير خارجية الولايات المتحدة الاميركية، اسرائيل في شهر مايس الماضي وهي اول زيارة له الى هذه الدولة بعد اندلاع ازمة الكورونا فايروس.وتشير التقارير والدراسات المتعلقة باسرائيل ان هذه الزيارة جاءت بعد أن تأكد للولايات المتحدة أن العلاقات بين اسرائيل والصين تسير بخطى حثيثة نحو مستقبل منفتح قد يعرض العلاقات بين اسرائيل واميركا للخطر.وربما ذكـّرت هذه الزيارة الاسرائيليين ما جرى قبل ٢٠ عاما حينما عرضت التعاملات الاسرائيلية مع الصين علاقاتهم مع اميركا للخطر.ويبدو ان الموقف اصبح الان معتما امام الاسرائيليين، حيث يبدو انهم امام طريقين : اما الاستمرار بعلاقاتهم المميزة او سلوك طريق معاكس يؤدي الى الصين مما يقود الى نفق مظلم لا يريدون الدخول فيه.فقبل ٢٠ سنة وصلت صفقة بيع طائرات اواكس اسرائيلية الصنع الى الصين ذروتها، الا ان الاسرائيليين تراجعوا في اللحظات الاخيرة بعد ان هددت الولايات المتحدة بسحب دعمها لاسرائيل.

تختلف الاوضاع حاليا عما كانت عليه قبل ٢٠ سنة.حيث تنوي الصين الدخول في مناقصة إنشاء أكبر محطة لتحلية المياه في العالم في الوقت الذي تلوح في الافق بوادر معركة بين الصين واميركا للهيمنة على الموانئ البحرية في شرق البحر لأبيض المتوسط.ويبدو ان وزير الخارجية الاميركي قد حقق نجاحا في مباحثاته مع رئيس الوزراء الاسرائيلي بشأن الصين على الرغم من أن الحديث بين مسؤولي الدولتين قد تركز على إيران وعلى ضم اسرائيل لجزء من الضفة الغربية.وقد جاء قرار اسرائيل بإحالة مناقصة إنشاء محطة تحلية المياه الى شركة اسرائيلية بدلا من الشركة الصينية دليلا على تفهم الموقف الاميركي واختيار الطريق الصحيح بدلا من النفق المظلم.ولكن هل ان مناقصة انشاء محطة تحلية المياه هي الطموح الوحيد للصين لدخول اسرائيل وتوسيع الفجوة بينها وبين الولايات المتحدة الاميركية؟

تهتم الصين باسرائيل اهتماما استراتيجيا نظراً لأن إسرائيل تعد واحدة من أكبر الدول التي تتمتع بقدرات تكنولوجية وتجارية وغذائية وأمنية في العالم ، كما انها تحظى بدعم شعبي كبير في داخل الولايات المتحدة.الا أن الصين تعلم علم اليقين ان اسرائيل لا تتحمل حصول اي خدش في علاقاتها مع الولايات المتحدة، والدليل على ذلك وقوف اميركا مع اسرائيل وقوفا تاما عندما اعلنت اسرائيل ضم أجزاء من الضفة الغربية اليها.ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو هل أن الإسرائيليين قادرون على إقناع الولايات المتحدة بأن عليها ارضاءهم إرضاءً تاما وضمان مصالحهم وفي الوقت نفسه إقناع الصين بأنه ما زال لديهم الفرصة للاستفادة من الاصول الاسرائيلية؟ اي بعبارة أخرى، هل تستطيع اسرائيل اللعب على الحبلين؟

تحاول اسرائيل ان تمسك العصا من الوسطـ إذ انها تدرك جيدا ان الصين تعلم علم اليقين ان احالة مناقصة محطة تحلية المياه الى الاميركان تعني استمرار العلاقات بينهما على ما هي عليه وتعود المياه الى مجاريها.وهذا يعني ان القرار اسرائيلي ولن يجبرها احد على اختيار ما تخشاه وتتجنبه.لكن ستظهر نقطة خلاف جديدة هي الموانئ البحرية والتكنلوجيا.لقد اتفقت الصين مع اسرائيل منذ سنة خلت على تولي إدارة ميناء حيفا، حيث باشرت فعلا ببناء اول الارصفة فيه، كما انها باشرت ببناء ميناء آخر في "أشدود" والذي يعتبر سادس اكبر ميناء في اسرائيل.الا ان اسرائيل تمكنت من تجاوز الخلاف حيث سمحت بوجود شركات تكنلوجية اميركية لمراجعة الاستثمارات الاجنبية ضمن هيئة ادارة الميناء بعد ان تعرضت للضغوط في اعقاب تولي الصين انشاء ميناء حيفا.وهذه الشركات التكنلوجية تعد ضماناً مقابل منح الصين صلاحية استخدام التكنلوجيا المدنية والعسكرية اللازمة لانشاء الميناء.مع ذلك تدرك اسرائيل ان هذا الموقف لن يخفف الضغوط الاميركية الناتجة من التعاون الصيني الاسرائيلي ومشاركتهم في انشاء الموانئ الاسرائيلية.

بعد حصول الصين على المينائين الاسرائيليين اصبح لديها سلسلة من الموانئ في شرق البحر الابيض المتوسط حيث انها حصلت مسبقا على ادارة ميناء بيرايوس اليوناني، بالاضافة الى حصول احدى الشركات الصينية على مناقصة تحديث ميناء طرابلس وجعله يستقبل أحدث السفن العملاقة من خلال تجهيزه باحدث معدات الموانئ، وبهذا تكون الصين قد افتتحت طريقا بحريا بينها وبين دول البحر الابيض المتوسط.

من جانب آخر تسعى شركات صينية عملاقة الى إنشاء خط سكة حديد يربط بين بيروت وطرابلس في لبنان وحمص وحلب في سوريا.وتطمح الصين الى ان تكون طرابلس منطقة اقتصادية خاصة ضمن "مبادرة طريق الحرير" لكي تكون حلقة وصل بين الصين والدول الاوروبية.بالاضافة الى ذلك، تشير الدلائل الى ان الصين ستشارك في إعادة إعمار ما دمرته الحرب في مينائي اللاذقية وطرطوس في سوريا.وهذا يعني ان الصين تسعى الى الهيمنة على شرق البحر الابيض المتوسط من خلال الموانئ في اليونان واسرائيل ولبنان وسوريا.ترى هل تسعى الصين واسرئيل لايجاد مشروع عملاق بديلاً عن قناة السويس؟

نعم تحاول اسرائيل مع الصين إغلاق قناة السويس.حيث ان انشاء خط سكة حديد من ميناء ايلات الى البحر الابيض المتوسط يعني ربط الصين والشرق الأقصى باوروبا عبر الموانئ الاسرائيلية، وبالتالي حرمان مصر من اهم شريان اقتصادي.

يا جماعة الخير انتبهوا وتمعنوا في ما يحاك حولنا!
 





الاثنين ٢٤ شــوال ١٤٤١ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٥ / حـزيران / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب عماد عبد الكريم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة