شبكة ذي قار
عـاجـل










في عام ١٩٨٦م استطاع الجيش الإيراني احتلال شبه جزيرة الفاو وفي تلك الأجواء المتشنجة حدثت القصة التالية :

مع بداية مساء أحد الأيام بعد احتلال الفاو سمع مسؤولاً لغطاً وبكاء ونحيباً من امرأة بصحبتها أربعة بنات أكبرهن في العاشرة من عمرها رثات الملابس يبدو عليهن بساطة الحال وبالكاد فهم منها أن زوجها سيتم اعدامه في الخامسة فجراً من يوم غد بتهمة الهروب المتكرر من الخدمة العسكرية، ولأنه من أصحاب السوابق وإنه غير متزوج، قالت إن زوجي قد سلم نفسه نادماً ولم يهرب قبلها أبداً وليس له سوابق وأنا زوجته ومعي بناته.

دهش المسؤول وقال خذوا اسم زوجها وأجلسوها وبناتها في غرفة لنتأكد من كلامها وبعد مضي ساعات ثقيلات تأكدت صحة رواية المرأة وأن زوجها فعلاً سلم نفسه نادماً منذ أربعة أشهر فأتصل الرجل بمسؤوله ليخبره بالقصة وإن خطأ ما قد حدث فرد عليه ما العمل ونحن في الواحدة ليلاً سأحاول جهدي لتلافي هذا الخطأ.

انتظر المسؤول ساعة وعاود الاتصال بمسؤوله وقال له سأتوكل على الله وأفعل شيئاً قد ينقذ الرجل وعندما سأله ماذا ستفعل رد عليه اترك الأمر لكي يكون بإمكانك الدفاع عني.جمع المسؤول الأشخاص كل حسب دوره في الخطأ وأعد كتاباً كمحاولة عسى أن تنفع وتنقذ الرجل ولكن سنحال جميعاً للتحقيق والعقوبة، سكت الجميع فقام المسؤول بتنظيم الكتاب واصطحب المرأة وبناتها في السيارة وطلب من السائق التوجه لسجن أبي غريب وطلب منهم البقاء في السيارة والتقى بمن أخبرها ابتداءً عن موعد الاعدام لكي تلتقي به آخر مرة قبل إعدامه، وقص له الحكاية وطلب منه أن يتحمل معه جزء من المسؤولية وهي أن يؤجل الإعدام متحججاً بالكتاب وليوم غد رب كريم، فوافق الرجل.

في اليوم الثاني قامت الدنيا ولم تسكت الهواتف الأرضية العادية والحكومية والمحورية وفي الساعة الحادية عشرة صباحاً رن الهاتف فقال المتحدث بعد السلام فلان؟ أجابه نعم، نطلب منك الحضور إلى القصر الجمهوري.

وصل المسؤول والتقى بسكرتير الرئيس، فقال كيف الوضع؟ قال السيد الرئيس منزعج لأبعد الحدود، فقال مني أم من القضية كلها، رد عليه والله ما أدري !؟

بعد وقت ليس بالقليل دخل على الرئيس رحمه الله واستعد وأدى التحية وشرح باختصار شديد القصة كلها فقال له لماذا اتخذت هذا القرار؟

قال سيدي فكرت بإنقاذ الرجل وبأطفاله وبسمعة الحزب والدولة!

فقال الشهيد كلمته المشهور ( عفية ) ولكنك غلطان فالذي قمت به خارج صلاحياتك، قال نعم سيدي!

مد يده وناوله الملف وقال له سلم على رفاقك!

يقول عند باب المكتب شعرت بأن قلبي عاد لمكانه في صدري!فوراً تناول الملف أحد المرافقين وسلمه لسكرتير الرئيس وقال له ليوصلني أحد لكي أذهب قال له انتظر أين تذهب لك هدية عينية ومالية.

هذه القصة لمن يريد المقارنة بين نظام سابق دكتاتوري وبين نظام رموزه يمارسون الدعارة السياسية الدينية، فيعدمون البريء ويكرمون المجرم على جريمته وسجونهم مليئة بالأبرياء لا أحد منهم يسمع صراخ أطفالهم ونواح نسائهم.




الثلاثاء ٥ صفر ١٤٤٢ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٢ / أيلول / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب منصور العراقي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة