شبكة ذي قار
عـاجـل










تهنئة .. و تبريكات

بمناسبة شهر رمضان المبارك، يتوجه طاقم تحرير الدرب العربي بأحر التهانئ و أزكى الدعوات للمسلمين في العالم ، و إلى رفاقنا خاصة في فلسطين و العراق و الأحواز العربية حيث يواصلون صومهم ممزوجا بيوميات النضال القاسي و التضحية السخية ضد الاحتلالين الأشرسين الصهيوني و الفارسي، متضرعين إلى الله أن يقبل طاعتهم و يضاعف لهم أجرهم بصبرهم و احتسابهم ؛ و أن يعينهم على أعدائهم و يتولى أمرهم و قد تخلى عنهم الأقربون و ولى العالم لهم ظهره في أسوإ حقبة تاريخية عرفتها البشرية في العصر الحديث.

التحرير


٢٠٠٠ فرصة عمل لتخفيض وزن الخبز!!

في غفلة من القوى الحية في المجتمع أبرمت وزيرة التجارة والصناعة والسياحة اتفاقا ساخرا ( ملهاة ) مستفزا لمشاعر ساكنة العاصمة ، وتواطئا لن ينساه التاريخ مع باعة الخبز يقضي بتخفيض وزن الخبز هذا الرغيف الوحيد الذي لازال في متناول الفقراء!

جرى ذلك الإتفاق في ثوب التشغيل حتى يفوت على العامة ( دس السم في العسل ) لكن هيهات أن يمر على من يقف في صف المحرومين.فبعد أن استقر لفترة نموذجية وزن الخبز على ٢٥٠ غ تناهشته معاول الإقتصاد الحر برفع الدعم عنه ونقص في الوزن والطول ورداءة في الطعم فتراجع إلى ٧٠غ مع طول جزافي وقطر صفري، وتلك نتائج تخلي الدولة عن دورها من دولة تدخلية إلى دولة حارسة.

وتتعاظم المأساة كلما شهدت السوق مضاربات مع ضعف الرقابة وفوضى التنظيم ، فلا توجد أصناف قانونية للخبز ، ولامخابز مهنية مصنفة، ولايد عاملة متخصصة تراعي أبسط قواعد الصحة والسلامة المهنية.وهكذا يكون المنتج من الخبز متفاوت الأحجام وضامرا ومنتفخا ومتلونا كل حسب مزاج المسير وقدرته على المراوغة مع رب العمل.ولايدري المستهلك أي معلومات عن القطعة التي يشتربها فالتعتيم سيد الموقف!

ممايستدعي سن قانون جديد ينظم مقاسات وخصوصيات كل قطعة خبز ويحدد ثمنها مع ضرورة إشهار المواصفات الخاصة على كل مخبزة حتى يطمئن المستهلك على مطابقة الإستلام مع الدفع كماهو الحال في قطاع الأدوية.

أجل لهذا الخبز رمزيته ودلالته كمكون غذائي رئيس في العديد من البلدان العربية ومقياس نجاعة سياساتها هو قدرتها على تقديم الدعم للقمح ومشتقاته، فإذاكانت السلطة تستطيع توفير الخبز بوزن يتراوح مابين٦٠٠ - ٤٠٠غ وبطول مابين ٦٠ - ٥٠سم وبسعر مناسب فهذا يعني اعتمادها على محصولها من القمح والدقيق، أما إذا انخفض وزنه وغلا ثمنه فذلك مؤشر على اعتمادها على استيراد الحبوب أو المساعدات الخارجيةاو وجود أزمة إقتصادية حادة وذاك ما نخشاه!

فحينما تعمل وزارة التجارة الصناعة على توفير ألفي فرصة عمل لمدة شهر لتخفيض وزن الخبز وبيع الخبز المجهري في إثنتي عشرة نقطة فقط في انواكشوط وحدها التي يزيد عدد ساكنتها على ٣ ملايين نسمة ، وتتجاهل الواقع في داخل البلاد،فإنها تسخر من المساكين وتزدري بالفقراء كما تعودت على ذلك أيام أزمة الغلاء في الألبان والزيوت والخضروات والدجاج .. !

إن بيع الخبز المجهري ينذر بأزمة إقتصادية خانقة وسوء في الأوضاع المعيشية، حيث لايكفي الوزن لسد الرمق ولا تكفي نقاط البيع لمقاطعة واحدة من العاصمة والشكوك تحوم حول مبلغ الدعم الكبير ( ملياري اوقية ).

مؤسف ومؤلم وضع الخبز الذي يتدهور يوما بعد يوم معلنا للفقراء الذين يعتمدون علية قرب زوالهم.



عملية رمضان للأمن الغذائي والرهان الخاسر .. !!

قبل حلول شهر رمضان المبارك ١٤٤٢هجرية ، عرفت الأسواق الموريتانية صعودا صاروخيا للأسعار في مجملها وأسعار السلع الإستهلاكية خاصة .. رافقته ندرة في بعض المواد الإستهلاكية ،مرده أن سياسة الأمن الغذائي المتبعة من لدن السلطات العمومية مبنية على المساعدات الخارجية بشكل أساس والاستيراد تبعا لسياسة اقتصاد السوق ، بعكس ما عليه الحال في معظم دول الإقليم على الأقل التي غالبا ما نلجأ إلى المقارنة بها في حالة العجز عن بلوغ الأهداف ؛ ولكننا في مجال تحقيق الامن الغذائي نتجاهل تجاربها الناجحة تماما.

إن الإنتاج الداخلي بما يحقق الإكتفاء الذاتي هو المرتكز الأهم في آليات الامن الغذائي ، وبتحققه حصل الفائض عندهم !

و نتيجة لانعكاسات ارتفاع الأسعار والهلع الذي يصيب المواطنين تجاه رمضان ، وفقدان الثقة في الأسواق المحلية، وعدم استقرار السوق على حال، وارتجالية الإجراءات التي تبنتها الحكومة بهذا الخصوص، بادر بعض من لديهم سعة في الرزق إلى التخزين رغم مخاطره ( انتهاء صلاحية المنتجات وعدم قابلية بعضها للتخزين ) بينما بقي الفقراء يتساءلون هل من سبيل لأمننا الغذائي؟!

وإذا سلمنا بأن الفقر سبب رئيس لانعدام الأمن الغذائي، وأن لكل إنسان حقا أساسيا في الغذاء الكافي للتحرر من الجوع حتى تستيقظ فيه إنسانيته الكاملة، فإن جدار خيبة الأمل ينتصب أمامنا جراء فشل الرهان على ما يسمى عملية رمضان.أما بقية الشهور فلا حيلة و لا تدبير لمواجهتها!

ودون جهد ، يدرك كل مواطن أن تحسن الإنتاجية الزراعية - الذي اختبرناه منذ خمسة عشر يوما بمنع استيراد بعض الخضروات تشجيعا للإنتاج الداخلي و الذي ثبت في أقل من أسبوع عجزنا التام عن المضي فيه – ما كان ليصمد أمام المشاكل الجمة التي تواجه المزارعين في أغلب المواسم كانخفاض معدلات هطول الأمطار وعدم استغلال مياهها الاستغلال الأمثل، وقصر الفصل المطير ، و ما عرفته المساحات المزروعة مؤخرا من ارتفاع معدل انتشار الحشرات والإصابة بالأمراض، وتأخر الدعم الحكومي لإنقاذ الحصاد قبيل هطول الأمطار في المناطق المروية، مما سرع بانخفاض غلات المحاصيل، وهجرة الكثير من الفاعلين من الشباب والنساء عن الحقول.

وتسلل الوهن إلى عملية رمضان لأنه ليس وراءها ما يضمنها" فأصبحت هشيما تذروه الرياح"

كما فعلت الأمطار بمحصول الأرز في الموسمين الأخيرين !

إن أي سياسات تحقيق أمن غذائي لا تأخذ في عين الإعتبار عند البدء الدعائم الأساسية لبلوغ الهدف سيكون مصيرها الفشل ومن تلك الدعائم :

١ - توفر الغذاء : ويعني وجود الكميات الكافية من الأغذية ذات الجودة العالية عن طريق الإنتاج المحلي أول أو الإستيراد ثانيافي حالة العجز عن الأولى أو المساعدات الغذائيةثالثا في غياب الأوليين.

٢ - إمكانية الحصول على الغذاء.

٣ - استقرار الغذاء : لايمكن الوصول إلى الأمن الغذائي في وضع تقلب أسعار السلع الغذائية وعدم الإستقرار السياسي.والبطالة من أهم عوامل تقويض استقرار الأمن الغذائي ،فلننتبه إلى أمننا الغذائي فإنه في خطر!!



ما يهم الفقراء .. الأسعار لشهر مايو

النوعية كغ السعر

الزيت ل ٥٥٠

السكر ٢٥٠

حليب ( روز ) ٣٠٠

حليب ( سليا ) ١٢٠٠

حليب قلوريا ١٣٠

أرز ( يبرق ) ٣٥٥

بصل ٢٥٠

بطاطا ٢٥٠

جزر ٢٥٠

طماطم ٢٥٠

فلفل أخضر ٦٠٠

لحم إبل ٢٤٠٠

لحم غنم ٢٥٠٠

لحم عجل ٢٠٠٠

سمك ( سق ) ٢٨٠٠

لقاء مع فاتح مايو .. !!


اليوم في فاتح مايو من العام ألفين و واحد وعشرين للميلاد تلتقي الشغيلة العالمية عموما ،والعربية خصوصا ،مع قدرها في عيدها وهي تكابد هموم الزمن وتدفع ضريبة الإخلاص للأوطان ،ولا تكاد تخرج من جائحة كوفيد١٩.ومع ذلك يأبى العمال إلا أن يخلدوا عيدهم الدولي ويحينوا عرائضهم المطلبية ،محملينها ما يستشرفون مما يمكن تحقيقه من حقوق ضائعة ، وما يمكن أن يغير واقعهم ،وينقلهم من واقع التعاسة والاستغلال إلى مستوى العيش الكريم الذي يتناسب وما يقدمه العامل لوطنه.

و إذ يستحق العمال كل التقدير والتهنئة بمناسبة العيد،فإن فاتح مايو فرصة كذلك لوقفة تأمل حول واقع العامل بصورة عامة،و العامل العربي خاصة.

إن دور العمال في المساهمة في بناء الحضارة دور مشهود ،ومؤسس لأي بناء حضاري ،كما أن إسهام الشغيلة في تحرير الشعوب وتعمير الأوطان ،وتفجير الثورات التي غيرت مجرى التاريخ أمر خالد.كما أن العامل يعتبر أداة تنموية لا غنى عنها للشعوب والدول.

ومنذ تشكل النظم السياسية الحديثة وقيام الدول ،فإن العمال يخوضون ملاحمهم النضالية ،ضد الظلم والجور،ولانتزاع حقوقهم ،مقدمين في سبيل ذلك أغلى ما يملكون ،وضاربين في ذلك أروع نماذج التضحية ،من أجل تحرير الإنسانية من براثين الجهل والمرض والتخلف وإنهاء الاستغلال.

فقد قارعوا الإقطاع وانتصروا عليه ،و حاربوا الرأسمالية وهزموها في كثير من قلاعها ،وانتزعوا منها ما لم يكن يخطر على بال انتزاعه من حقوق في سوح منازلات أخرى.

ومع ذلك، لا يزال العامل في بلادنا على الأقل يراوح تحت وطأة الاستغلال والغبن ،ورزمة معاناة لعل أقلها ضعف الأجور وزيادة ساعات العمل وضعف التأمينات ومحدوديتها ،وغياب التكوين والترقية ،وانعدام السكن ،وسد الباب في وجه نقاباتهم والتهرب من الحوار الاجتماعي.

تلك أمور مع غيرها تفرض على النظام و النخبة الحاكمة ،إعادة النظر في التشريعات ( القانون الاجتماعي ومدونة الشغل ).مما يضمن صيانة حقوق العامل ،وتلبية مطالب الشغيلة في وصولها إلى الرفاه والعيش الكريم.كما نجد هذا اليوم مناسبة للضغط على الجهات المعنية لإنهاء عبودية العصر ( المقاولة من الباطن ).

وفرصة أخرى للمطالبة بمزيد من الاهتمام بالمتقاعدين ،لأنهم حقا الفئة التى أعطت كل ما في جعبتها من طاقة وخبرة للوطن ،وهي بذلك جديرة أن تهنأ برغد العيش في ماتبقى لها من العمر ،وهو ما يعتبر الحد الأدنى من رد الجميل.


تأملات مناضل بعثي في خضم المصاعب .. !!


كلما نظرت إلى حجم التآمر والاستهداف من قوى البطش والتكبر والغطرسة العالمية على حزبنا ،حزب البعث العربي الإشتراكي، زاد إيماني بأن خلاص هذه الأمة هو في تحقيق مشروع حزب البعث العربي الإشتراكي.

كلما نظرت إلى شراسة الهجمة الشعوبية الصفوية الفارسية ،أدركت مدى قدرة مؤسسي حزبنا وقادته على فهم تناقضات الواقع العربى ،و مدى عمق نظرتهم في إكتشاف أعداء الأمة.

وكلما نظرت إلى تخاذل النظام العربي الرسمي عن نصرة قضايا الأمة المركزية فلسطين والعراق،أكتشفت السر في استهداف القيادات البعثية ،وتصفيتها.

كلما قرأت عن مظهر من مظاهر الحيف والظلم في شبر من وطننا العربي ،تيقنت صدق وموضوعية منظومتنا العقدية ،والفكرية وبرزت لدي وبشكل جلي مدى قدرتها على حل مشاكل أمتنا.

كلما قرأت عن بطولات رفاقنا في العراق ،وفي أي شبر من وطننا العربي ازداد إيماني وعظمت ثقتي بألاّ خلاص لهذه الأمة من ويلاتها الراهنة من تشرذم وتجزئة واستعمار وتخلف إلا بحزب البعث العربي الإشتراكي ونظريته القومية.

كلما تذكرت حجم التحديات والانشقاقات والبطولات التي سجلها رفاقنا على طول وعرض وطننا العربي ، وشيدوا بها أروع قلاع العروبة وعزتها،غمرتنى سعادة مصدرها أن بعد العسر يسرا و أن من هذا الضعف والهوان سينبع فجر العزة والبناء ،وسينتهي التخندق والتشتت الذي تعرفه ساحة القطر،وسيلتئم شمل البعثيين ،وستقام بإذن الله الدولة العربية الواحدة و سيرفرف خفاقا علم الثورة العربية.

و البخيل من لا يضمن على الله و الرذيل من لا يقدر جهود رفاقه في أصعب الظروف و أقسى المحن !!


نجاعة صناديق التكافل الاجتماعي في موريتانيا

تفوق نجاعة صندوق الدولة للضمان الاجتماعي :

إن الفكر البشري اليوم قد توصل إلى مسلمة مفادها أن ميزان قياس رقي الشعوب يستقر حتما إذا أثبت الشعب نجاعة منظومته الخدمية على المستوى الاجتماعي.وعلى هذا الأساس ـ ومن أجل تحقيق هذه الغاية ـ أنشأت الدول صناديق تسعى من خلالها إلى ضمان خدمات اجتماعية تسجيب لحاجيات شعوبها، تتركز على استشفاء المرضى وسد نفقات المعدومين.

في قطرنا موريتانيا أرادت الدولة أن تساير الركب العالمي في هذا المجال من خلال إنشاء صندوق وطني للضمان الاجتماعي ،غير أن تلك المسايرة لا تزال في طور محاكاة الشكل بعيدا عن أي ملامسة للجوهر، حيث أصابها ما أصاب غيرها من مرافق الدولة العمومية التي لا يستفيد منها إلا المقربون من النافذين ؛ بل إن عملية الاكتتاب في هذا الصندوق وضع لها معيار تنقية ملفات المتسابقين بما يمكن من التحكم في إقصاء من لا يرغب فيهم أصحاب الفرار ..

وفي ظل غياب دور الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي أرغمت الظروف المجتمع على التفكير في إنشاء بدائل عنه فأنشأ صناديق أهلية للتكافل الاجتماعي، تجمع فيها العشائر مبالغ مالية تتصرف بها عند الاقتضاء.وشهدت هذه الصناديق في الآونة الأخيرة انتشارا مذهلا استجابة لما دعت إليه ضرورة الاستقرار حيث أصبح المجتمع كله في حيز المدينة وصاحب ذلك تفاقم خطير للأمراض الناجمة عن استهلاك المواد المصنعة ( السكري ـ السرطان ـ فشل كلوي ـ شل عصبي .. ) وتلك الناجمة عن الصدمات النفسية نتيجة تعقد الحياة المدنية ( جلط الدماغ ـ الاكتئاب ـ الانفصام العقلي .. ) كلها تحديات بإضافتها إلى عجزصندوق الضمان الاجتماعي عن التكفل بالحالات المرضية للمواطنين والمحتاجين حتمت على الأهالي إنشاء صناديق يواجهون بها هذه الأزمات التي تستعصي على الجهود الفردية والعائلية إذا لم يستعد لها قبل الفجأة.

ولا شك أن وجه المقارنة بين نجاعة صندوق الضمان الاجتماعي بالنسبة للدولة وصناديق التكافل الاجتماعي بالنسبة للأهالي لم تعد قابلة للإجراء ، حيث يشترط للإستفادة من صندوق الضمان الاجتماعي أن يكون المحتاج مقربا من نافذ أومن زبنائه ، بينما لا يشترط للإستفادة من صناديق الأهالي إلا أن يكون المحتاج من العشير،الشيء الذي كان يجب أن يقابله معيار الانتماء الوطني للإستفادة من الصندوق الوطني.

وحتى أولئك الذين يستفيدون من صندوق الضمان الاجتماعي بالطرق المحسوبية يخضعون لمسار زمني يستغرق شهرا على أقل تقدير ، رغم القرابة ، بينما لا يستغرق تدخل صناديق الأهالي إلا لحظات للتأكد من دخول الحالة ضمن الحالات المقرر التدخل فيها.

ولأن هذا التصويب يدخل ضمن الخطاب النقدي لسياسة القائمين على الشأن العام فإن حتمية النقد تفرض عليه اقتراح حلول للمشكل وعليه فإننا نقترح على الدولة ـ مادامت وسائل الإعداد المالي لها عاجزة عن مواكبة نمو المجتمع الديمغرافي ـ أن تؤطر هذه الصناديق الأهلية بتحويلها إلى روافد لصندوق الضمان الاجتماعي وأن تفرض على رجال الأعمال اقتطاع مبالغ من أرباحهم وعلى رواتب كبار الموظفين بما يضمن لها التغلب على هذا العجز بمستوى يمكنها من إحراز لقب دولة تواكب حركة الأحداث الدولية.



ما العمل .. و قد نام ربان القارب !!


ما جرى في نواذيب ، و يجري كل ليلة في نواكشوط و حتى داخل البلاد و إن بوتيرة أخف ،من جرائم قتل بشعة بدم بارد لشباب على أيدي شباب بلا سبب يؤكد ما ذكرناه في أعداد سابقة من الدرب العربي ؛ و هو أن الرئيس ولد الغزواني و من يرجع إليهم في شؤون سلطته لم يتمكنوا، أو لا يريدون، من مغادرة البيئة الاجتماعية المخلخلة التي تسبب فيها الرئيس السابق ؛ حيث انتشر القتل على الهوية الفئوية و شاع الخوف بين المواطنين مع اتساع رقعة السباب الشرائحي في العالم الافتراضي ضد إحدى مكونات المجتمع العربي ، لهدف لا يخطئ المراقب رصده و هو إحداث قطيعة بين العرب السمر و البيض !كان هذا الجحيم يتأجج في الفيسبوك و صوتيات الواتساب مع اقتراب ذهاب الرئيس السابق من سدة السلطة ؛ و كان الأمر واضحا مما كان يرمي إليه من وراء توتير الجتمع و تلغيمه لإرعاب الشعب من مستقبل لا يكون فيه هو صاحب الإدارة و الإنارة !

و لكن لما ذا و لمصلحة من الاستمرار و الإصرار في نهج تفكيك وحدة المجتمع العربي بموريتانيا ? أليس في إمكان الدولة و النخبة الوطنية إعادة تفعيل و تخفيز الأجهزة الشرطية التي وضعها الرئيس السابق في وضعية تسريح عملي ؛ و تعزيز قدراتها الأمنية الاستباقية لمنع هذه الجرائم قبل وقوعها ? أليس في الإمكان أن يتكلم رئيس الجمهورية بحزم و عزم و يعطي إنذارا للأفراد و الجماعات التي تؤجج التوتر المجتمعي سواء بالتصريحات المشبعة بالعنصرية و الكراهية أو بالمضامين القبلية و الجهوية أو بحمولات المجتمع الاستعبادي التقليدي ؛ و يتعهد رئيس الجمهورية بتفعيل القانون بحق من يغذي واقع الصراع ، مهما كان لونه و انتماؤه الفئوي و القومي، و مهما كان وضعه المجتمعي ? من يمنع رئيس الجمهورية من هذه الفاعلية ?و متى ينتهي من شد حزامه و قد مضى عليه سنة و نصف في ذلك ، بينما يقتل مواطنون مواطنين أبرياء دون سبب و لا ذنب ارتكبوه بحقهم !فما ذنب هؤلاء الشباب ، في عمر الزهور ، الذين زهقت أرواحهم ، هل لهم دور في غياب العدالة الاجتماعية? أم لهم دور في نشأة العبودية تاريخيا ? أم لهم دور في رواسبها و آثارها من غبن و فقر و تهميش ? و هل لهم دور في وجود جيوب للعبودية هنا أو هناك .. قولوا لنا أي ذنب قتل به هؤلاء الشباب اليافعين على أيدي شباب يافعين في عمر ضحاياهم؛ لولا أن صدورهم ملئت بالكراهية و العنصرية فأصبحوا لا يرون سبيلا آخر للخروج من تردي أوضاعهم إلا في قتل مواطنيهم، ممن لا دور لهم و لا ذنب في ما هم فيه من ضيق؛ بل قد يكون ضحاياهم شركاء لهم في التعاسة و الشقاء !أليس الأنفع للجميع و الأسلم لهم و الأنسب في مواجهة دوائر السوء التي تسير هذا البلد أن نحفظ حياة هؤلاء الشباب و أن نعطي بديلا وطنيا جامعا في خطاب وطني يجمعنا و لا يفرقنا حول قضايانا الكبرى كالعبودية و مخلفاتها و جيوبها ؛ و أن نجمع كلمتنا و كلمة هؤلاء الشباب، سمرا و بيضا، على نبذ الماضي الاستعبادي السيء ، و على فرض تجاوزه بفرض دولة القانون و المؤسسات و العدالة الاجتماعية في القيم و العدالة التوزيعية للثروة الوطنية ? و هل هناك شريحة مهيأة لمثل هذا الدور العظيم غير الشباب ? و هل يقوم به و هو ممزق بخطاب الكراهية و الفرقة و التنابذ بعضه بعضا ?

ثم إن أم المصائب أن يقتل شباب شبابا مثلهم تنفيسا لمخزون الكراهية المعبإ في صدورهم، بينما يستقبل رئيس الجمهورية في مكتبه أكابر هذا الجرم و منتجي الكراهية و منظريها و مسوقيها و موزعيها و ناقليها في كل مكان من وطننا !

إنه منذ سقوط الرئيس السابق ، معاوية، لم تعد ثمة مقاربة دولتية تتسم بقابلية التحليل و التقويم لقيادة البلد ؛ بل كنا في ظل العشرية الماضية أقرب ل "نظام " العصابة المافيوزية ، بينما نتجه الآن نحو المجهول المترتب على غياب الاهتمام من صانع القرار في البلد الذي أضر بكرسي السلطة ، و أضر به كرسي السلطة ..

فنحن في ظله أشبه بقارب متهالك وسط موج متلاطم، و قد نام ربانه في غرفة عازلة للصوت أحكم إغلاقها عليه .. فأي أفق يمكن أن نتخيله !


جرائم القتل والسطو الأسباب والنتائج .. !!

لا يغيب عن عين الناظر العادي مدى تصاعد جرائم القتل والاغتصاب والسطو في مدننا الكبيرة ( انواكشوط ،وانواذيب ) في الآونة الأخيرة ؛ الأمر الذي ترك موجة غضب عارمة عند البعض ،وخوف وقلق لدى الآخر ؛ مما يدفع إلى محاولة الوقوف على أسباب هذه الظاهرة وتحليل مدى تطورها وانتشارها ، ومحاولة استشراف مآلاتها ،وإبراز خطرها على الوحدة الوطنية ،وما قد تسببه من صدع في جدار السلم والأمن الأهلين.

إن هذا التسارع المخيف في جرائم القتل والسرقة من حيث الحجم والنوع ،الذي عرفته البلاد ،وبشكل كبير خلال العشرية الأخيرة ،ولا يزال في تطور متصاعد آخره مجزرة أنواذيبو الأخيرة ، يعود في معظمه إلى جملة حقائق لعل أبرزها :

١ - حجم المعاناة التي تعاني منها طبقاتنا المسحوقة بفعل الغياب الكبير للعدالة الاجتماعية ،كما يؤشر فشل سياسات الأنظمة المتعاقبة في إيجاد الحلول الجذرية الكفيلة بالقضاء على الحيف والظلم ،وإنهاء المظالم الناتجة عن تلك السياسات.

٢ - السماح بالترويج لخطاب الكراهية والعنصرية تحت ثوب الشرائحية والفئوية التي تستغلها زمرة من بني الجلدة لتؤسس عليها حظوة في نيل نصيب من الكعكة المقسمة بين النظام والمتنفذين من جولته.

٣ - عجز النخبة الوطنية عن الوصول بإجماع وطني حول هوية البلاد وتشبث الكثير منها بالمستعمر وغيره من ذوي السطوة والنفوذ.

٤ - ضعف الدولة إن لم نقل استغلالها لهذه العناوين خدمة لاجندتها الهادفة إلى التفرد بالسلطة ،واحتكار ريع البلاد من ثرواتها الوطنية ؛الأمر الذي نتج عنه استمرار التخلف والجهل و المرض ؛ وهو ما يعكسه استمرار الأمية وانتشار البطالة و رواج مختلف صنوف الرذيلة من : شرب للخمور وتعاط للمخدرات ،وارتفاع منسوب الأحقاد وتصفية الحسابات ،والشعور بالغبن و الإرتواء من الكراهية والعنصرية ،مما يهدد بجد وحدتنا الوطنية ،ويشكل معول هدم بارز في الجدار الذي شيدته وشائج الدم واللغة والدين عبر مئات السنين بين مكونتي مجتمعنا العربية والزنجية.

وتدق مجزرة أنواذيب الأخيرة ناقوس الخطر معلنة أن الأمور وصلت إلى ذروتها ،وأن ساعة تحقيق المطامع الشريرة أصبحت قاب قوسين أو أدنى ،وأنه لم يعد بالإمكان غض الطرف أو السكوت أو التغافل عن مصدر هذه الجرائم ؛ بل إنه حان الأوان لأن يتخذ الكل موقفا صارما ،ويضرب بيد من حديد و بقوة على كل من تسول له نفسه المساس بوحدتنا الوطنية ،كماأنه يعجل من ضرورةحل مشاكلنا الكبرى ،التى في مقدمتها تحقيق العدالة الاجتماعية بين مواطنينا ،وإفراغ المخطط العدواني، الذي يستهدف وحدة هذا الشعب، من محتواه و تسوية المظالم التي يتخذها ذرائع يتسر بها.

كما يدعو الأمر إلى توظيف الشباب ومحاربة الجريمة العابرة ،وتجريم خطاب الكراهية ،والشرائحية ،و الفئوية ،والقبلية والجهوية ،وصولا إلى بناء المواطن،وقيام الدولة المدنية التي تكفل لكل مواطنيها العيش الكريم ،ويتساوى فيها المواطنون بالحقوق والواجبات في

دولة المواطنة التي لا صوت يعلو فيها على صوت القانون ،الذي يتساوى الكل أمامه ،الدولة التي تدير ممتلكات الشعب ،وتوزعهاعليه توزيعا عادلا ،عملا وصحة وتعليما.


الوحدة المغاربية .. من يرفضها !

أطلقت مجموعة ، من مختلف أقطار المغرب العربي قبل بعض الوقت ، صفحة افتراضية سموها " دولة المغرب الكبير ".و هذه المجموعة تنشط بحسب زعمها رغم أن هيكلتها لم تكتمل بعد.لم نطلع نحن، في موريتانيا، على هذه المبادرة إلا منذ وقت قصير ؛ غير أن الدعوة - التي نشرها القائمون على هذا العمل - تقول إنهم يهدفون إلى توصيل دعوتهم لكل مكان من الفضاء المغاربي : في كل مكتب، و كل بيت، و ثانوية، و جامعة .. و كل نادي ثقافي و رياضي وصولا لنشرها في المطاعم، بحسب ما ورد في منشورهم.و قالت المجموعة إن دعوتهم لاتتبع لأي نظام رسمي مغاربي و أنها تختلف عن الصيغة الرسمية لاتحاد المغرب العربي ؛ لأنهم يهدفون إلى توحيد الأقطار و إزالة الحدود الموروثة عن الاستعمار ، و أن دعوتهم تعتمد اللسانين العربي و الأمازيغي.

و بعد تحرينا عمن وراء هذه المبادرة ، اكتشفنا أنها من شخصية من حزب العدالة و التنمية المغربي ( النسخة المغربية من جماعة الإخوان المسلمين ).و مهما كان ذلك ، فإن الدعوة لتوحيد أية منطقة من الوطن العربي لا بد أن تكون موضع ترحيب من حيث المبدأ خاصة ممن ينشد بالنضال وحدة العرب من المحيط إلى الخليج ، كما هو الشأن بالنسبة للطليعة العربية الموريتانية ، التي يتصدرها حزب البعث العربي الاشتراكي.فالواقعية الإيجابية و المرونة الثورية تجعلنا ننظر بعدم النفور من دعوة كهذه ، حتى و نحن نسجل أن المغرب الذي ينشدونه قد أسقطوا منه صفته العربية، كما لم يفتنا أن القائمين على الدعوة لم تكفهم اللغة العربية كلغة جامعة، مع لحمة الإسلام، لسكان هذا الإقليم منذ عشرات القرون ؛ حيث انصهر الشعب العربي بالأمازيغ في وحدة تاريخية و ثقافية ، بفضل هذا الدين و لغته ، و لم يكدر صفو هذا الواقع إلا الاستعمار الفرنسي خاصة.فاللغة العربية بوصفها لغة الأكثرية، و لغة العقيدة الجامعة لمختلف القوميات ، شكلت أساس النسيج الثقافي و خلدت سرديات و مرويات مسيرتها التاريخية.و مع هذا، و أخذا في الاعتبار التحولات السلبية التي أحدثتها حركة دعاة الإثنية الأمازيغية - التي باتت تهدد وحدة الوجدان لدى الشعب العربي بمعناه الحضاري، تلبية للأجندة السيتراتيجية في الدوائر الغربية عموما و الفرنسبة خصوصا - فإننا في حزب البعث نمد اليد لأي عمل وحدوي لهذا الإقليم العربي يهدف لضمان السير معا بين العرب و الأمازيغ و سائر المكونات من الأقليات في الاتجاه الوحدوي للأمة العربية ، التي هي مطلب استيراتيجي لكل العرب من المحيط إلى الخليج.إن هذه الوحدة الحضارية هي التي ستضمن حقوق الأقليات و المكونات اللغوية و الثقافية و الاقتصادية و السياسية من مختلف القوميات و الإثنيات حين تنبني على أسس الإسلام و القيم التاريخية الرفيعة للعرب، كما تجسدت هذه الوحدة بأرقى درجاتها يوم كان العرب في وضعية القوة !

كيف لا تمكن الوحدة بين العرب و الأمازيغ و الفلان و صنهاجة ؛ و قد أثبتت كل الدراسات التاريخية أن هذه المكونات هم عرب من أرومة يمنية هاجروا منذ آماد من الجزيرة العربية نحو شمال إفريقيا.و قد أكد التاريخ أن عفوية التلاقي و سلاسة الامتزاج بين العرب الفاتحين بالإسلام و بين الأمازيغ و الفلان و شعوب صنهاجه لم تحصل في أي مكان آخر من العالم الذي فتحه العرب المسلمون الفاتحون؛ حيث لم تنشأ حروب ذات شأن بينهم و بين العرب !بل إن بعض الدراسات ترجع مجموعة الولف، التي ينحصر وجودها في السينغال، إلى أصول أمازيغية، و من ثم أصول عربية بعيدة.و قد تنبه الأستاذ الراحل محمد يحظيه ولد ابريد الليل رحمه الله إلى ما أسماه فصاحة النطق باللغة العربية عند مقرئي القرآن من القومية الولفية بخلاف المقرئين من المكونات الزنجية في غرب إفريقيا، الذين لم يتحرروا، أغلبهم، من لكنتهم العجمية مع إتقانهم للغة العربية.إن مما لا يختلف عليه إثنان هو أهمية المشروع الوحدوي المغاربي الذي يهدف لمحو الحدود و إلغاء التأشيرات و الحواجز الجمركية و توحيد المناهج التعليمية و حرية التنقل بوسائل نقل مشتركة و توحيد السياسة الخارجية و الدفاع و استثمار هذه القوة بندية تامة في العلاقات الدولية.إن وحدة هذا الإقليم تشكل رقما صعبا في المعادلات الإقليمية و الدولية بالنظر لحجم سكانه البالغين حوالي ١٥٠ مليون مستهلك، على مساحة تقل بقليل عن ( ٦ ) ملايين كيلومتر مربعا ، في موقع بالغ الأهمية استيرايجيا ، على شواطئ الأطلسي قبالة أمريكا الشمالية، و على ضفاف البحر الأبيض المتوسط مع أوروبا و نهر السينغال المقابل للقارة السمراء .. و قد أودع الله في هذا الإقليم ثروات هائلة و متنوعة من حديد، ونحاس، و ذهب، و سمك و زراعة و ثروة حيوانية و غازية في مناخ يوفر موارد طاقة متجدة لا تنضب كالشمس و الرياح .. و ما بالكم إذا انضمت لهذا الاتحاد مصر و السودان !

أما البعد التاريخي و الحضاري للمغرب العربي، فيتميز بعدد الحضارات التي ازدهرت على أديمه ، و كان آخرها الحضارة العربية الإسلامية الغنية .. و يتميز إنسان هذه الأرض الذي صهرته كل هذه الحضارات و الثقافات و المناخ و التضاريس بالجدية و الصلابة و الجلد ، فضلا عن تطلعه الدائم ، برغم الظروف، إلى المستقبل ، و من ذلك إصراره على إعادة بناء هذا الصرح الوازن في البناء العام للأمة العربية ، الذي هدمه الاستعمار الغربي اللعين ..





الثلاثاء ٢٢ رمضــان ١٤٤٢ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٤ / أيــار / ٢٠٢١ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب مجلة الدرب العربي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة