شبكة ذي قار
عـاجـل










إيران.. شعوب تحتج... وحكومة تكذب

وأمن مخترق

عبد الرحمن العبيدي

 

 

المصائب لا تأتي فرادى مثلما يقول المثل، وربما يكون هذا العام هو من أسوأ الأعوام في تاريخ ملالي طهران بعد العام الذي انهزم فيه جيش كسرى وكسرت شوكته واندحر مشروع تصدير الثورة وتجرع الخميني كأس السم صاغراً.

فبالإضافة إلى المشاكل الخارجية العديدة التي تواجه ملالي طهران، حيث العزلة السياسية لإيران والتهديدات الأمريكية المستمرة واغتيال العلماء في المجال النووي والعقوبات الاقتصادية الدولية المفروضة عليها التي أنهكت الاقتصاد الإيراني وألقت بظلالها على الواقع المعيشي للفرد الإيراني الذي يدفع فاتورة سياسات المعممين ومغامراتهم غير المحسوبة وتدخلاتهم السافرة الوقحة في الشؤون الداخلية لعدد من دول المنطقة، ومساندتهم ودعمهم المالي والعسكري لعدد من الحركات الإرهابية لزعزعة الأمن في المنطقة.

لقد شهد الوضع الداخلي هدا العام احتجاجات واسعة ومستمرة في عموم المدن الإيرانية، بما فيها العاصمة طهران، ضد سياسات ارتفاع الأسعار وانخفاض الأجور وعدم دفع رواتب العاملين، الأمر الذي أدى إلى خروج المعلمين و(البازار) والمتقاعدين بتظاهرات عارمة مستمرة إلى يومنا هذا في مدن الأحواز العربية وكرمنشاه وآراك وغيرها بالإضافة إلى العاصمة طهران ومشهد.

كذلك شهد الداخل الإيراني العديد من عمليات مواجهة قوات النظام وحرق مقرات الأمن والحرس الثوري وصور رموز النظام، كذلك استهدفت عدد من ضباط الحرس الثوري والأمن واختراق شبان الانتفاضة على مواقع إلكترونية لقنوات التلفزة ووسائل الإعلام الخاصة بالنظام ونشر شعارات منددة بالمرشد وحكومة رئيسي.

وإزاء هذه الأحداث الكبيرة والمتلاحقة فإن حكومة الملالي لا تعمل على إيجاد الحلول الملائمة لهذه الأزمات واتخاذ الطرق والأساليب المناسبة لمعالجة معاناة الشعوب الإيرانية، بل على العكس من ذلك، فإنها تمضي في غيها واستكبارها.

فقد حددت مسارين للوقوف ضد هذا الحراك الشعبي المتصاعد وتداعياته الخطيرة على مصير الملالي، الأول هو استخدام أساليب القتل والتنكيل وقمع الأصوات المطالبة بحقوقها المشروعة، وإرهاب المدنيين، وبث الرعب، حيث قامت في الشهر الماضي بإعدام 56 شخصاً خلال عشرة أيام من قوميات متعددة في محاولة منها لإرهاب الأقليات والاثنيات وثنيها عن المطالبة بحقوقها وحرياتها، بالإضافة إلى اعتقال المئات وزجهم في غياهب السجون، والمسار الآخر يكمن في استخدام التضليل الإعلامي حيث خطاب الحكومة لازال يردد الأسطوانة المشروخة باستخدام أسلوب الكذب والتضليل والتدليس وترمي بظلال انتكاساتها وفشلها في معالجة الأزمات إلى نظرية المؤامرة، حيث كثيراً ما تشير في خطاباتها إلى وجود مؤامرة أمريكية غربية  تستهدف مشروع الثورة ووضع العراقيل أمام مسيرته.

وفي حقيقته إن هذا المشروع لم يجلب للشعوب الإيرانية إلا الغلاء والأزمات وتردي الأوضاع المعيشية والصحية السيئة، وفي هذا الصدد وفي استغفال واضح لعقول الناس أشار الخامنئي خلال حديث له الشهر الماضي في ذكرى ما يسمى شهداء العشائر الإيرانية "أن أبناء الشعب الإيراني يحتاجون إلى المواد الثقافية وإيلاء الأفلام والكتب الاهتمام". في حين أن المواطن الإيراني لم يجد قوت يومه، ويعيش الملايين تحت خط الفقر.

أما حال الأجهزة الأمنية التي يتغنى بقوتها الملالي فإنها لا تختلف في إخفاقاتها عن إخفاقات الحكومة، حيث بات جلياً وجود فجوة كبيرة بين المهنيين في هذه الأجهزة والحكومة الأمر الذي أدى إلى ضعف ووهن هذه الأجهزة من خلال العمليات العديدة والمستمرة باستهداف المنشاة الحيوية والمهمة في عمق إيران، واستهداف علماء الطاقة والضباط، والمؤشر الكبير في ذلك جاء في اغتيال كبير علماء الطاقة الذرية فخري زادة، كذلك ما أشار إليه الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد عن تجنيد (إسرائيل) للشخص المسؤول عن مكافحة التجسس.

هذا على الصعيد الداخلي، أما على الصعيد الخارجي فإن حكومة إيران عاجزة عن فعل أي عمل استخباري خارجي يؤكد قوتها وتأثيرها وتحفظ به ماء وجهها أمام الإيرانيين، حيث تم الشهر الماضي عزل رئيس استخبارات الحرس الثوري حسين طائب الذي فشل في شن أي هجوم على أهداف (إسرائيلية) بعد الإحباط المتزايد في إيران بسبب الخروقات (الإسرائيلية) المتكررة.

هذه صورة مبسطة ومختصرة للوضع في إيران والذي يعطي مؤشرات واضحة عن قرب نهاية نظامها الثيوقراطي الذي لم يجلب لإيران والمنطقة إلا الحروب والدمار والخراب.




الثلاثاء ٢٧ ذو الحجــة ١٤٤٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٦ / تمــوز / ٢٠٢٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب عبد الرحمن العبيدي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة