تحية حب واحترام وتقدير
إنها ليست مقالة فهي مناشدة، وربما رسالة دقّ جرس الإنذار من خطر داهم
حول أسوأ كارثة إنسانية... كارثة مخيمات النازحين والمهجرين.
______________________________
مُخَيَّمَاتِ اَلْمَوْتِ اَلْبَطِيءِ
د. وَائِلْ اَلْقَيْسِي
إِنَّ مَنْ يُرِيدُ رِضَا اَللَّهِ
وَرَسُولِهِ وَيَسْعَى لِلِاحْتِفَالِ وَالْفَرَحِ بِمَوْلِدِ سَيِّدِ اَلْخُلُقِ،
هُنَا، فِي مُخَيَّمَاتٍ اَلنَّازِحِينَ وَالْمُهَجَّرِينَ، سَيَجِدُ اَلْأَجْرُ وَالثَّوَابُ
وَرِضَا اَللَّهِ وَرَسُولِهِ - صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . . .
زُوِّرُوهُمْ، تَفْقِدُونَهُمْ، وَاسُوهُمْ، أَشْعِرُوهُمْ بِصِلَةِ اَلرَّحِمِ،
فَقَدْ تَقَطَّعَتْ بِهُمْ اَلسُّبُلُ، وَلَا مُعَيَّن لَهُمْ إِلَّا اَللَّهُ.
إِنَّ مِنْ يَبْتَغِي اَلِاقْتِدَاءُ بِسَنَتِهِ وَالْفَوْزُ بِشَفَاعَةِ
نَبِيِّهِ، نَبِيُّ اَلرَّحْمَةِ وَالْهُدَى، سَيَجِدُهَا هُنَا، فِي هَذِهِ اَلْمُخَيَّمَاتِ
اَلَّتِي لَا تَكَادُ تَسَتُّرَ عَوْرَةٍ، وَلَا تُشْبِعُ بَطْنًا جَائِعًا، وَلَا
تُجْبِرُ خَاطِرَ قَلْبٍ كَسِيرٍ . . .
شُيُوخٌ تَئِنُّ، وَأُمَّهَاتٌ تَتَوَجَّعُ، وَأَطْفَالٌ عُرَاةٍ، حُفَاةً،
مُسْتَقْبَلُهُمْ سَيَكُونُ مَشْحُونًا بِغَضَبِ اَلِانْتِقَامِ، بِسَبَبَ اَلْجَوْرِ
اَلَّذِي لِحَقِّهِمْ، وَظُلْم بُنِيَ جِلْدَتَهُمْ عَلَيْهِمْ بِتَخَلِّيهِمْ عَنْ
نُصْرَتِهِمْ.
فَلَا تَعْتِبُونَ عَلَيْهِمْ عِنْدَمَا يَكْبُرُونَ، وَالْغَضَبُ وَرُوحِ
اَلثَّأْرِ تَخْتَزِنُهَا قُلُوبُهُمْ، نَحْنُ جَمِيعًا سَاهَمْنَا بِظُلْمِهِمْ اَلَّذِي
لَا يَرْضَاهُ اَللَّهُ، وَلَا تُقِرُّهُ شَرِيعَةُ نَبِيِّهِ اَلْكَرِيمِ، صَاحِبُ
اَلْخُلُقِ اَلْعَظِيمِ.
رُبَّمَا يَقُولُ قَائِلَ إِنَّ
حَالَهُمْ هَذَا فَوْقَ طَاقَتِنَا ، وَتَتَحَمَّلَ عَوَاقِبَهُ اَلْجِهَاتُ اَلْحُكُومِيَّةُ
وَالْمِيلِيشْيَاتُ اَلْمُجْرِمَةُ ، وَنَحْنُ نَقُولُ هَذَا أَيْضًا ، لَكِنْ بِاسْتِطَاعَةِ
كُلٍّ وَاحِدٍ مِنَّا كَأَفْرَادٍ وَعَوَائِل وَعَشَائِرُ وَمُنَظَّمَاتٌ وَمُجْتَمَعٌ
، أَنْ يُقَدِّمَ أَيَّ شَيْءَ لَهُمْ ، مَهْمَا كَانَ بَسِيطًا ، بَلْ إننا لَوْ كُنَّا
نُرِيدُ اَلِاقْتِدَاءُ بِدِينِ اَلرَّحْمَةِ وَالْإِنْسَانِيَّةِ، لَاسْتَطَاعَتْ
كُلّ عَائِلَةِ، أَنْ تُنَاصِرَ عَائِلَةٌ مِنْ اَلنَّازِحِينَ أَوْ اَلْمُهَجَّرِينَ
قَسْرًا ، فَنَكُون بِذَلِكَ عَلَى نَهْجِ وَرِسَالَةِ اَلْأَنْصَارِ حَقًّا ، حِينَمَا
كَانُوا عَوْنًا وَسَنَدًا لِلْمُهَاجِرِينَ .
أَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ اَلْعَلَمِ وَالْفِكْرِ مَدَى اَلْخَطَرِ اَلَّذِي
يُشَكِّلُهُ ظُلْمُ هَؤُلَاءِ اَلْمَظْلُومِينَ؟
يَا سَادَةً أَنَّ اَلْخَطَرَ
سَيَتَفَجَّرُ فِي اَلْمُسْتَقْبَلِ اَلْقَرِيبِ وَلَيْسَ اَلْبَعِيدُ.
فأَنَّ تَرْكَهُمْ هَكَذَا سَيَجْعَلُ اَلْجَمِيعَ أَمَامَ قَنَابِلَ
مَوْقُوتَةٍ، فَالظُّلْمُ لَا يَخْلُقُ جِيلاً سَوِيًّا، وَسَيَشْعُرُ كُلٌّ مَظْلُومٌ
أَنَّ كُلًّ مِنْ تَقَاعُسٍ عَنْ نُصْرَتِهِ، هُوَ عَدُوّهُ، وَرُبَّمَا سَيَكُونُ
اَلْمُجْتَمَعُ كُلُّهُ ضَحِيَّةُ صَنِيعِهِ. فَلْتَكُنْ ذِكْرَى وِلَادَةِ اَلنَّبِيِّ
- صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُنَا، مَعَ أَحْبَابِ اَللَّهِ، فَالْفَقِيرُ
هُوَ حَبِيبْ اَللَّهْ.
وَلَا تَنْسُوا أَنَّهُمْ أَعِزَّةُ قَوْمٍ قَدْ ذِلُوا وَظَلْمُوا، وَأَنَّ
اَلْجَمِيعَ يَتَحَمَّلُ وِزْرَ وَذَنْبَ اَلظُّلْمِ اَلَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِمْ.
أَنَّهَا مُخَيَّمَاتُ موت بَطِئ وَشَرِّهَا مُسْتَطِيرًا.
لِنَكُنْ مُسْلِمِينَ، مُحَمَّدِيُّونَ حَقًّا وِنْآزِرْهِمْ وَنَقِفُ
مَعَهُمْ فِي هَذِهِ اَلشِّدَّةِ وَالْمِحْنَةِ. إِنَّهَا مَسْؤُولِيَّةٌ جَمَاعِيَّةٌ
تَفْرِضُهَا عَلَيْنَا اَلْإِنْسَانِيَّةُ قَبْلَ اَلدِّينِ.
أَنَّهُمْ ظُلِمُوا، وَانْ اَللَّهِ عَلَى نَصْرِهِمْ لِقَدِيرٍ...