شبكة ذي قار
عـاجـل










الحكم ارتكب هرطقة دستورية، وقارب مسألة الترسيم مع سوريا بشكل خاطئ

 

أكدت القيادة القطرية لحزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي، أن العهد الرئاسي ارتكب هرطقة دستورية في أيام حكمه الأخيرة، بعدما توّجه بتوقيع صفقة التفريط بالحقوق المائية وبالمقاربة الخاطئة للترسيم البحري مع سوريا. 

جاء ذلك في بيان للقيادة القطرية للحزب فيما يلي نصه:

 

قبل ساعات من مغادرته قصر بعبدا، أقدم رئيس الجمهورية، على توقيع ما سماه مرسوم اعتبار الحكومة مستقيلة على وقع قرع طبول المغادرة في مشهدية لم يشهد لبنان مثيلاً لها، حيث احتشد المناصرون في الباحات الخارجية للقصر الجمهوري. وكأن الخارج من القصر، قادم من غمار معركة خرج منها منتصراً، فيما الوقائع السياسية والمادية تدلل على أن الرئيس الذي ُنظم له احتفال شعبي من مؤيديه، خرج مهزوماً بالمفهوم الوطني، بعد توقيعه على صفقة ترسيم الحدود البحرية مع فلسطين المحتلة وخرج مهزوماً سياسياً،  في ظل  أزمة اقتصادية - اجتماعية خانقة ، وانسداد سياسي عطل كل المحاولات لإحداث اختراق في جدران الأزمة التي باتت أزمة بنيوية بعد التحلل الذي أصاب الدولة، وعطّل كل وظائفها في إدارة المرفق العام، بمؤسساتها الدستورية والقضائية والإدارية والخدماتية .

إن القيادة القطرية لحزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي، والتي سبق وحددت موقفها من الاتفاقية التي وقعها لبنان الرسمي مع الكيان الصهيوني عبر الوسيط الأميركي وفي ظل المناخات السياسية والاقتصادية والاجتماعية السائدة بعد شغور موقع رئاسة الجمهورية لتعذر انتخاب رئيس جديد للجمهورية ضمن المهلة الدستورية وما اتخذه الرئيس المنتهية ولايته من قرارات، والمقاربة الملتبسة لعملية ترسيم الحدود مع سوريا، إنما تؤكد على ما يلي: 

أولاً: إن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع فلسطين المحتلة، هي بما انطوت عليه من تفريط بالحقوق الوطنية والتنازلات التي قدمتها منظومة المحاصصة السلطوية، هي اتفاقية اذعانٍ، لبّت بالدرجة الأولى، مطالب العدو الصهيوني الاقتصادية والأمنية، كما حاكت مطالب الوسيط الأميركي في توفير مناخات آمنة لاستثمار نفط شرق المتوسط وتوظيفه في سياق الحرب الروسية - الأوكرانية لتأمين بدل للغاز الروسي في تلبية حاجة السوق الأوروبي، واستجابت لمطالب  النظام الإيراني الذي كان حاضراً في كواليس التفاوض عبر الدور الذي قام به ذراعه السياسي - العسكري في لبنان.

وإذا كان الذين يعتبرون الاتفاقية "انتصاراً وإنجازاً تاريخياً" كما يزعمون، فليقولوا وليصارحوا اللبنانيين، لماذا تم سحب الملف من يد الجيش اللبناني، ولماذا تم التراجع عن الخط ٢٩، ولماذا تم القبول بخط العوامات كخط أمني، ولماذا حصل التمنع عن إحالة الاتفاقية إلى المجلس النيابي لمناقشتها، والدستور يفرض ذلك سنداً للمادتين ٥٢ و٨٩ من الدستور؟

أما وأنه لم تعطَ تبريرات مقنعة للتنازلات التي قدمتها السلطة، فهذا يكفي لجعل الشك بما انطوت عليه الاتفاقية من تفريط وتنازلات موصوفة يرتقي حد اليقين. وهذا يعني أن صفقة الترسيم هي صفقة مشبوهة بالطريقة التي أديرت بها والنتائج التي تمخضت عنها. 

ثانياً: إن القيادة القطرية للحزب وهي تؤكد رفضها لاتفاقية الاذعان التي وقعها لبنان الرسمي ممثلاً برئيس الجمهورية مع العدو الصهيوني عبر الوسيط الأميركي، ترفض الطريقة التي قاربت بها السلطة اللبنانية مسألة ترسيم الحدود البحرية مع سوريا. فسوريا ليست دولة عدوة كما أنها ليست دولة صديقة حتى تتم المبادرة لترسيم الحدود معها بالطريقة التي طرحت بها، بل هي دولة شقيقة يجمعها ولبنان وحدة الانتماء القومي، وبغض النظر عن طبيعة النظام السياسي الحاكم فيها حالياً واصطفافه في محورٍ سياسي إقليمي يحمل مشروعاً ينطوي على مخاطر جمّة على مصالح الأمة العربية وقضاياها الحيوية.

إن السلطة اللبنانية التي بادرت للإعلان عن تشكيل وفدها للتفاوض مع سوريا وقبل أن يجف حبر الاتفاقية مع العدو الصهيوني، كان عليها قبل المبادرة بهذا الاتجاه أن تعمل على اقفال المعابر غير الشرعية ووضع حدٍ للتهريب، وطرح رؤية وطنية للاستثمار المشترك في المنطقة الاقتصادية البحرية كخطوة على طريق التكامل الاقتصادي العربي.

ثالثاً: إن القيادة القطرية للحزب التي تعتبر أن المنظومة السلطوية بكل أطرافها تتحمل مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع من تدهور على كافة الصعد والمستويات، تدعو إلى الإسراع في انتخاب رئيس جديد للجمهورية بعد شغور الموقع ولأجل إعادة الاعتبار للدولة انطلاقاً من تفعيل دور المؤسسات الدستورية، وترى فيما أقدم عليه الرئيس المنتهية ولايته من توقيعه مرسوم قبول استقالة الحكومة، هي لزوم ما لا يلزم، باعتبار أن الحكومة معتبرة مستقيلة حكماً، سنداً للمادة ٦٩ فقرة (ه) من الدستور. وبالتالي فإن توقيع مرسوم اعتبار الحكومة مستقيلة هو هرطقة دستورية وغير منتج لأية مفاعيل دستورية. فالحكومة الحالية هي حكومة تصريف أعمال في النطاق الضيق لمفهوم تصريف الأعمال، والحل بالخروج من هذا المأزق السياسي الذي يزداد تعقيداً عبر البدع دستورية هو بملء الشغور وتشكيل حكومة جديدة لتسيير شؤون الدولة والمواطنين.

إن القيادة القطرية للحزب التي تحمل منظومة المحاصصة السلطوية مسؤولية الانهيار العام والتفريط بالحقوق الوطنية وتقديم التنازلات المجانية مقابل وعود بمكاسب سياسية فئوية، تدعو إلى ابقاء سقف الموقف الوطني المعترض على الأداء السلطوي في إدارة الملفات الوطنية والسياسية والاقتصادية عالياً. وهذا ما يملي على هذه القوى تحويل القضايا التي تمس الأمن الوطني كما الأمن الاجتماعي، إلى قضايا رأي عام من أجل الإصلاح السياسي والاقتصادي في حده الأدنى والتغيير في حده الأقصى، ولا سبيل لذلك إلا باستعادة نبض الشارع الذي خفق قوياً في انتفاضة ١٧ تشرين، والمطلوب استعادته لإعادة بناء السلطة على أسس وطنية ووضع حدٍ لكل أشكال المساومات على حساب القضايا الوطنية وقضايا الجماهير وحقها في العيش الحر الكريم.

 

القيادة القطرية لحزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي

في ٢٠٢٢/١١/١






الثلاثاء ٧ ربيع الثاني ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠١ / تشرين الثاني / ٢٠٢٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب طليعة لبنان نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة