شبكة ذي قار
عـاجـل










افتتاحية العدد 343 –مجلة صدى نبض العروبة

الفساد في العراق منهج نظام

 

يطلق عادة مصطلح الفساد corruption في الأنظمة العالمية على حالات محدودة تحصل على نطاق ضيق، وفي الأعم الأغلب لا يمارس قادة دولة من ملوك ورؤساء ووزراء وقضاة وجامعيين كبار ورجال أمن وعسكر في مواقع حاكمة، لأن جميع هذه العناوين لا ترتقي إلى مواقعها إلا بعد أن تجرب نزاهتها وعفتها وتثبت انصهارها التام أو شبه التام بمصلحة البلاد والشعب.

وثمة تجارب كثيرة لتجار وصناعيين مثلاً مارسوا العمل الإداري والقيادي في البلاد دون أن يسمحوا بتداخله النفعي مع تجارتهم ولا مع صناعتهم بل إن البعض من هؤلاء يتخلى عن نشاطه مؤقتاً أثناء انتمائه إلى الخدمة العامة.

إن التوصيف ألمذكور آنفاً لا ينطبق بأي حال من الأحوال على الوضع العراقي بعد ٢٠٠٣ للأسباب الجوهرية الآتية:

أولاً: لأن النظام الذي أنتجته قوات الغزو والاحتلال قد وظف سياسيين تعاقدوا مع دول تتزعمها الولايات المتحدة الأمريكية، بمعنى أنه لا وصف لهم غير إنهم خونة وعملاء، والخائن لوطنه العميل للأجنبي لا يعرف معنى المصلحة العامة بل تربى وتثقف وتمت برمجته على خدمة أغراضه الشخصية، وقد يتمكن ولو جزئياً من عبور الأنا ليخدم أغراضاً عائلية أو حزبية على أبعد حد.

الثاني: لأن الاحتلال لا يهمه المصالح العامة للبلاد والعباد، وأي ادعاء غير هذا هو ضحك على الذقون وخداع مفضوح وسفسطة للاختباء والتخفي أثناء ممارسة الفساد.

ثالثاً: لأن نظام الاحتلال مؤسس أصلاً على مناهج تخريب النفوس والأدوات وتعطيل أو إلغاء كل ما هو إيجابي.

هذا يعني أن الفساد في العراق هو سياسة النظام وهو هدف المتعاقدين من أحزاب وأفراد مع الدول الغازية المحتلة وليس حالة استثنائية تحصل تحت ظروف غامضة وخاصة.

إنه في العراق منهج طبيعي للعملية السياسية الاحتلالية ومديريها وحاميها على حد سواء.

ولعل السمة المتفردة في فساد العملية السياسية في العراق ذات وجهين:

الأول: إن العملية السياسية الفاسدة قد استعانت أو ورطت أو كلا الأمرين ما يسمى بالمؤسسات الدينية أو الطائفية. هذا طبعاً طرح معتدل يحاول تجنب المساس بتقديس المقدسين لهذه الواجهات الدينية، غير أن المشهد العراقي قد أفرز حالة لا خلاف عليها إلا من قبل المستفيدين من ضلاليتها ألا وهو أن البعض من أطراف المؤسسات الدينية قد ساهمت سراً وعلناً في جلب الغزو والاحتلال وساهمت في تأثيث أرضيات توطينه هو وعمليته السياسية.

الثاني: سعة الممارسات القذرة وانتشارها من القمة للسفوح وإلى وديان المنظومات الموظفة في العملية السياسية.

إن الفساد في العراق قد طال الرئيس والمرؤوس، لأنه ببساطة ليس حالة استثنائية ولا طارئة بل هو من صميم خواص العملية السياسية الاحتلالية.

إن هذا النمط من الفساد الذي ينتشر عمودياً وأفقياً وتسنده بل تمارسه حيتان معممة وأخرى تتربع على مقدرات (حاكمة ومتزعمة) ويأخذ شكل هرم في حجمه وخطورته وصولاً إلى ما يمكن أن نسميه تسول موظفين من عامة الناس لإضافة مكاسب مادية من السحت الحرام لا يمكن الخروج من جحيمه الحارق للبلاد وللعباد إلا في تغيير جذري عميق شامل للعملية السياسية وتطهير البلاد من كل من تمنهج وآمن بأن الحق العام والمال العام سائب وحلال نهبه. وانشاء بديل وطني نزيه عفيف مؤمن يخاف الله ويحترم المصالح العليا للبلد وللشعب.

عاش العراق... السقوط للعملية السياسية الاحتلالية.






الثلاثاء ٧ ربيع الثاني ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠١ / تشرين الثاني / ٢٠٢٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب صدى نبض العروبة نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة