شبكة ذي قار
عـاجـل










 

الحَضَارَةُ قِيَمٌ ومَبَادِئٌ أخْلَاقِيَّةٌ

والبَعثُ ايْمَانٌ وحَضَارَةٌ.....

الجزء الأول

الإسْلامُ ثَورَةٌ اجتِمَاعِيَّةٌ أخْلاقِيَّةٌ كُبْرَى

د. محمد رحيم آل ياسين

 

حيثُ أنَّ البعثَ هو ثورةٌ اجتماعيةٌ استَلهم من العروبةِ والإيمان قيَمهما الروحيَّةِ والأخلاقيَّةِ، وهو يشكِّل انبعاثاً جديداً للأمة العربية، لذلك فالحديث عن الجانبِ الاجتماعيّ في الحزبِ فكراً ومَنهجاً وتَطبيقاً، يُعَدُّ ضرورةً واجبةً في هذه المرحلةِ الحسَّاسةِ والخطيرة التي تعيشها الأمة، وما يَمرَّ بالحزبِ من صعوبات ويواجهه من تحديات ومُعرقِلاتٍ تعود اما لطبيعة الواقع ، او بفعل أعداء البعث والأمة، غايتها محاولة تَشتيت المسيرة النضالية للبعث، وإلهاء المناضلين واشغالهم عن القيام بدورهم المُتقدّم في خدمة الأمة وفي الثبات على تحقيق أهداف الحزب الكبرى، والنضال الدؤوب من أجل وضع وارساء اللَبَنات تجاه تحقيق رسالة الأمة العربية الخالدة. وحيثُ تَقتحم العَولمة (الغربية) وثقافتها الاستعمارية حياتنا العربية، السياسية منها والثقافية والاقتصادية والاجتماعية، والتي تخلق كَمَّاً هائلاً من الظروف والملابَسات والتَداعيات في تأثيراتها السلبية على أبناء الأمة. ورغم التأثير العظيم لهيمنة العولمة الاقتصادية والامنية على حياتنا، الا ان العولمة الثقافية تعد أخطرها جميعاً حيث اصبحت مصادرها تشكِّل مرجعية كبيرة للكل رجالاً ونساءً ومِن صغار السنّ، الذين اصبحوا في مرحلةٍ من الادمان على وسائل التواصل الاجتماعي، عبر الهواتف الجوَّالة، والشبكة العنكبوتية للأنترنيت التي أصبحت ضيفاً اجبارياً دائماً، وكأنَّها جزءاً من أفراد الأسرة في البيوت والمؤسَّسات التعليمية والتربوية والمنتديات الاجتماعية والثقافية وغيرها كثير، والتي تبث موادها التي تهدد القيم والاخلاق والهوية الوطنية والقومية.

 

من هنا فقد وجدنا أن نضع أمام الجميع بعضاً ممَّا انتخبناه من رؤى البعث في هذا الجانب (الاجتماعي)، والمتصل بقضايا الايمان والأخلاق والحضارة التي استقى منها البعث جوهر قيَمها ومبادئها. لذا فسوف نقوم بتسليط الضوء على مرحلةٍ تاريخيةٍ حضاريةٍ من تاريخ الأمة وأهمَّها وأكثرها رُقيَّاً وعُلوَّاً وتأثيراً، حيث الدولة العربية الكبرى وحضارتها العظيمة في العصور الوسطى، والتي كانت المُلهِم والمُحَفِّز لولادة حزب البعث العربي الاشتراكي من رحم معاناة الأمة، وما تعيشه من صراعاتٍ سياسيةٍ واقتصاديةٍ واجتماعيةٍ وثقافية، بل هي صراعاتٌ تاريخيةٌ وجوديةٌ أخلاقيةٌ وقيَميَّة، بينها وبين أعدائها الذين لا يزلفون عن محاولاتهم الشرِّيرة في الهيمنة الغربية الاستعمارية، بغية اذلال الأمة، ونهب ثرواتها وخنق ارادتها والوصاية عليها.

 

إنَّ حياة الأمم وتقدّمها رهنٌ بقيمة تراثها العلمي والأدبي والأخلاقي، ويبقى التاريخ هو محور الأهمية الكبرى للأمم والشعوب، فالشعوب بلا تاريخ ليست إلَّا كُتَلاً بشريةً لا قيمة لها في ميزان الأمم. لذلك ستكون البداية في مقالنا هذا من حيث الثورات الدينية وفي مقدمتها الإسلام، وما صاحبها من نهضة روحية وأخلاقية وعلمية وخاصة تلك التي بدأت في النصف الثاني من القرن السادس الميلادي، وقبل أن نواصل وقفتنا عند بقية المفاهيم، نتعرَّفُ باختصارٍ على معنى الحضارة والأخلاق في اللغة العربية.

مَا الحضَارةُ ومَا الأخلَاقُ؟

الحضارةُ في اللغة العربية هي مصدر الفعل حَضَر، بمعنى أتَى..فيُقال حضرَ زيدٌ أي أقامَ في الحضَر، وتَحضَّرَ زيدٌ أي تَخلَّقَ بأخلاقِ أهلِ الحضَر. والحضارةُ بفتح الحاء أو كسرها تعني الاقامة في الحضَر، كما قال صاحب المعجم الوسيط. وقد ربط الكثير من الباحثين بين الحضارة والمستوى الفكري والاجتماعي والاقتصادي والثقافي والسياسي والرُّوحي لمجتمع أو مجموعة من الأفراد، ويرى آخرون أنَّ الحضارةَ تفاعل الانسان مع البيئة تفاعلاً إيجابياً يجعله يخرج بفعله وارادته من الحالة البدائية الأولى إلى حالةٍ أكثرُ رُقيَّاً وتَقدّماً، فكل حضارة هي من صنع الانسان، وتالياً فهي ثمرة من ثمار جهده.

أمَّا التعريف الذي نراه يَتفق ومعنى الحضارة، فهو كما جاء عند بعض المفكرين العرب: أنَّها التَقدّم الرُّوحي والمادي للأفراد والجماعة على حَدٍّ سواء، فالحضارةُ نَسَقٌ من الحياةِ مُتَكاملٌ يَتشَكَّل بعدّة مظاهر مادية وأخلاقية ، تُكوِّن في مجموعها نسَقاً مُطّرِداً من سلوك الانسان تجاه نفسه وتجاه الطبيعة والكون، وتالياً فهي كيانٌ ناظمٌ لحياةِ الناسِ، يَصوغُ أعمالهم وسلوكهم وتطلعاتهم في قوالبٍ مُتَجانسة، وهذا يعني كما جاء في عنوان مقالنا هذا بأنَّ طابع الحضارة أخلاقيٌّ في أساسه. ومن التَعريف يَتبَيَّن لنا أنَّ الحضارةَ ترتبطُ بمَفهومَين هما:

 المَدنيَّة والثقافة، فالمدنيَّة هي تحصيل الرُّقيّ في الجوانب المادية والعملية الصناعية والزراعية، وهو مرادفٌ للحضارة. وأمَّا مفهوم الثقافة فيعني: التَقويم والتَهذيب، نقول ثقَفتُ الرُّمحَ: إذا هذَّبتَه وقوَّمتَه، وقد استُعمِلَت بمعنى الحَذق والفِطنة والتَمكُّن والغلَبة.

والخُلُق: هيئةٌ في النفسِ راسخةٌ عنها تَصدر الأفعالُ بسهولةٍ ويسرٍ من غير حاجةٍ إلى تفكيرٍ أو روِيَّةٍ، وهذه الهيئة هي التي تَضبط سلوك الانسان وتحاول تَقويمه باستمرار، بحيث يحافظ الانسان على وجوده الحضاري أو المُتَحضِّر. والالزام في الأخلاق يأتي من عدَّة مصادر أهمّها: العَقل، وهو المُوجِّه الأول بالإلزام، ثمّ الضمير: وهو المسؤول عن وضع النظام الأخلاقي ويحمل صاحبه على اتِّباعه. وأخيراً فالمصدر الثالث هو: المجتمع أو العقل الجمعي من حيث العادات والتقاليد والأعراف التي تشيع في المجتمع.

والخُلُق أيضاً: هو هذه القوَّة أو المَلَكة الكائنة في النَفس، تَحمل صاحبها على فعلِ شيءٍ يجلبُ عليه وصف أنَّه: حَسِن الخُلُق، أو على فعلِ غيره يجلب عليه وصف: أنَّه سيِّء الخُلُق. على أن لا يُفهم ممَّا سبق أنَّنا نقول بـ(جبرية) الأنسان، أو أنَّه مجبولٌ على ما يفعله من خيرٍ أو شرٍّ، فمصادر الإلزام التي وردت آنفاً، وهي العقل والضمير ثمَّ المجتمع تُعطي معنى الاختيار للأخلاق الحسنة. 

 

الدين الحق... سُموٌّ رُوحِيٌّ وأخلاقِيٌّ للفَردِ والمُجتَمع

 كانَت الثورات الدينية وفي مقدمتها الاسلام ثورةً اجتماعيةً ليس لها مثيل في الشرق والغرب، وأعظم ما جاءت به هو ذلك الانقلاب الأخلاقي والقيَمي والمعنوي في الإنسان المؤمن عامةً وليس خاصَّاً بالإنسان العربي. وقد أحدث الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم بشخصه وأفعاله ومُثُله طفرةً وانقلاباً في شخصية العربي ككل، وهذا يمثِّل أعلى مراتب الاصلاح الاجتماعي، لأنَّ صلاح الفرد أساس صلاح المجتمع. وحقَّاً تَمثَّلت الأخلاق الفاضلة في شخص الرسول الأكرم، فالصدق والبِّر ومعرفة الواجب وأداؤه، والحلُم والحياء والصبر والشجاعة والتواضع والعِفَّة والوفاء، تلك بعض من صفاته التي قرَّبته إلى القلوب، فقال عنه تعإلى:(وأنَّكَ لَعَلى خُلقٍ عظيمٍ) ، وتحدَّث صلى الله عليه وسلم عن نفسه فيقول:(إنَّما بُعثتُ لأُتَمِّم مَكارم الأخلاق) ، وفي حديثٍ آخر يتحدَّث فيه عن الأدب والتَأدّب فيقول:(أدَّبَني رَبِّي فأحسنَ تَأديبي)... وكانَ الرسولُ قدوةً حسَنةً، حتّى تَعلَّق الناسُ به أيَّما تَعلُّقٍ، وتركوا في حبِّهم للإسلام والرسول وكتاب الله العزيز جاهليَّتهم، بل وآباءهم وأبناءهم. وهنا تأتي القدوة الحسنة، فقد كان الاقتداء بالرسول له أكبر الأثر في الانقلاب الرُّوحي والأخلاقيّ الذي تمَّ في عهده وبعد مماته، وكذلك كان أثر العقيدة التي دعا اليها والمبادئ التي سار عليها. ولهذا فقد اعتبر القائد المؤسس الاستاذ ميشيل عفلق ان الاقتداء بالرسول (ص) وبثوريته وانقلابيته هو اساس نهضة الامة العربية الآن وبعث حضارتها من جديد فقال ( لقد كان محمد كل العرب فليكن كل العرب اليوم محمدا). تلكم هي مبادئ المساواة والإخاء والعدالة والحرية، التي جعلها أجزاءً مُتَمِّمةً للإيمان، وهكذا فَعَلت فعلها في اصلاح الأخلاق والسُموّ الرُّوحي للفرد والمجتمع، فتَهيَّأت السُبل الحقيقية لتستشري الأخلاق الفاضلة في المجتمع العربي.

 

لقد عنى الإيمان عنايةً فائقةً بتهذيب الرُّوح، وهذا التَّهذيب من أهمّ العوامل التي تؤثِّر أثراً بالغاً في الضمير الحيّ المُهذَّب الذي يُقَدِّر الخيرَ والشرَّ والحقّ للحقِّ نفسه، غير مدفوعٍ برغبةٍ أو رهبةٍ فيما وراء الخير والحقّ. وهنا فالنصوص القرآنية تُبيِّن لنا أنَّ الانسان قد خُلِق وفيه الطبيعة المزدوجة، أي أنَّه قد خُلِقَ وفيه القابلية للخيرِ والشرِّ على السواء. وقد جاءت الآيات القرآنية صريحة في هذا المجال، كقوله تعإلى:(إنَّا هَديناه السَّبيلَ إمَّا شاكراً وإمَّا كفوراً)، وقوله سبحانه:(وهَدَيناه النَّجدَينَ)، وقوله تعإلى:(ونفسٍ وما سوَّاها، فألهمها فجورها وتقواها). غير أنَّ القرآنَ يَنُصُّ على أنَّ الانسانَ مع أنَّه خُلِق وفيه هذه الطبيعة المزدوجة فإنَّ طبيعته تكون إلى الخيرِ أقرب منها إلى الشرِّ. وعلى سبيل المثال نجد أنَّ الاديان تدعوا إلى الصدق، فالكذبُ لا يُخفى على الله ولا ينفع صاحبه، فصار الصدقُ من دعامات الأخلاق في الدين، وصار الرياء والنفاق يُبعد عن الله. وقد أحدث الدين ثورةً في نفس الانسان العربي، فهو شجاعٌ في الرأي والموقف والفعل، وقلبه قويٌّ لا يَهاب الموتَ لأنَّه مُتَيَّقنٌ بأنَّ هناك إله قوي بيده الاعمار وهو أعظم من الجميع، من هنا تَرتفع نفسه إلى العِزَّةِ والإباءِ، وترفض الظلمَ والتحقيرَ. والعربي المؤمن بهذه العقيدة لا يكون جباناً مُستَسلماً خانِعاً، بل يَحيَا مناضلاً يدفع شرور الحياة عن نفسه ومجتمعه وأمته.

 هكذا هو الاصلاح الاجتماعي الذي جاء به الدين، فالتكافل الاجتماعي في الإسلام مثلاً، هو فريدٌ من نوعه، من خلال مسؤولية الفرد عن المجتمع والجماعة، ومسؤولية الجماعة عن الفرد، وهي مسؤولية أخلاقية كبرى.

كان الإسلامُ مرتبطاً بشكلٍ وثيقٍ بالحياة العربية والثقافة العربية، وقد احتفظ العرب المسلمون بالدوافع والحوافز الأصيلة للعروبة، فقد بدأت الأخلاق عند العرب يُعبِّرون عنها بأساسٍ نظريٍّ لفعلهم الأخلاقيّ، من خلال مجموعة من الحِكَم والأمثال، ثمَّ تطوَّرت عملياً بالترغيب بها من خلال قوَّة الخيال شعراً ونثراً، حتى جاء الإسلام ليجعلها أخلاقاً سلوكيةً عمليَّةً. وما أنتَجه الإسلام من انقلابية ضد الواقع الفاسد بدءً من الذات، قد أنتج إنساناً عربياً جديداً، وفتح أمام أعيُن العرب أفاقاً جديدةً في الحياة العقلية والعملية، فالعرب من المسلمين الأوائل لم يَتَقبَّلوا الإسلام عن طريق الايمان الأعمى، بل هو ايمانٌ عقليٌّ راسخٌ، ويَقينٌ عامرٌ في الصدور. فاستحالَ الدين إلى مجموعةٍ من الشرائعِ والقوانينِ الأخلاقيَّة الساميَة، ولم يكن ذلك بالقيدِ لهم، بل كانَ قوّةً وتَحرّراً من قيودِ وأغلالِ سابقة. ومع ذلك فهم لم يَتَقيَّدوا حَرفيَّاً، ويُغمضوا أعيُنهم، ولم تكن هناك غشاوة تحجب بصيرتهم، بل سَعوا وبَحثوا وفَعَّلوا العقل والتفكير، ولم يَهملوا أو يَسجنوا عقولهم، بل دعَكوها وأزالوا عنها الغبارَ فاتَّقدت وتلألأت، عندها تَقدَّموا وأبدعوا فأنتجوا علوماً ومعارفاً وحضارة في غاية الرُقيّ والتَقدّم.

 

الإسلامُ في مَنظورِ البَعث

ينظرُ البعث من خلال وثائقه وفي مقدمتها اقوال وخطب ومؤلفات القائد المؤسس، إلى الإسلام على أنَّه يُمَثِّل خزان مهم للتراث الرُّوحي للأمة العربية، وأنَّه ثورةٌ اجتماعيَّةٌ أخلاقيَّةٌ كبرى، وهو مُلهِم للأمة. فالإسلام هو الذي جعلَ من العروبةِ قوَّةً سياسيةً وحضاريةً، وأكسبها ذلكَ الوجه المُشرق المُتَمسِّك بمكارم الأخلاق والرافض لما كانت عليه الجاهلية. صحيحٌ أنَّ العروبةَ قديمةٌ قِدَم الزمان، وأنَّها قد مرَّت بفترات ذهبيةٍ من الألق والرُقيّ الحضاري، وأنها تشارك في الأصل الساميين الذين صنعوا أقدَم الحضارات في التاريخ البشري في العراق القديم، كحضارات سومر وآشور وبابل، وحضارات مصر الفراعنة، وحضارات اليمن السعيد، ثمَّ أعقبتها الحضارات العربية بُعيد بداية التاريخ الميلادي، كحضارات: تدمر والنبط والحيرة وسبأ وحضرموت وغيرها. لكنَّها لم تجد طريقها إلى الوحدة في أمةٍ واحدةٍ إلَّا من خلال الإسلام وبه، فانفتحت أمامها اشعاعات النور الساطعة، لتعلو مكانتها وتزدهر، وتنهض من جديد كأمة توحَّدت بالإسلام وفيه.

من هنا فالبعث حسب ما يؤكده القائد المؤسس أحمد ميشيل عفلق يرى أنَّ (الإسلام هو الأصل والمحور والمُكوِّن الأول والأب الشرعي للقومية العربية، والأمة العربية)، وأنَّه (واحدٌ من مقوّمات القومية العربية). وهكذا تَبنَّى البعث الإسلام الحضاري، واستدعى المشروع الحضاري الإسلامي كمرجع للنهضة القومية العربية، وفي رؤيته للوحدة القومية للعرب بما لها من عمقٍ روحيٍّ يَتمثَّل في المبادئ الحضارية التي جاء بها الإسلام. والأكثر من ذلك فالبعث يرى أنَّ الثورة العربية اذا لم تَستلهم التراث وروح الرسالة فهي ثورةٌ فاشلة، لأنَّ الأمة العربية من الأمم التي لها ماضٍ حضاريّ، بمعنى أنَّ لها تراثاً يُمثِّلُ أثمن شيء في حياتها، فهو يدخل في حاضرها، ويؤثِّر في تكوين شخصيَّتها وفي آمالها وتطلعاتها وبالتالي فانه يشكل احدى الدعامات الرئيسية لمستقبلها، فالتراث هو الأساس الرُّوحي والكيان المعنوي للأمم والشعوب الحيَّة والفاعلة في المجتمع الانساني. يقول القائد المؤسس، لقد (أعطى البعث الإسلام، المكانة الأساسية في تكوين قوميتنا، ليس فقط بالنسبة إلى الماضي، وانَّما بالنسبة إلى كلّ الوقت، ما دامت الأمة على هذه البسيطة، فالإسلام هو التراث الرُّوحي لها).

وفي نظر البعث أنَّ أيّ أمة لا تستطيع أن تسير إلى الأمام بثباتٍ وشجاعةٍ إلَّا إذا وَعَت جذورها في تراثها، ورَبَطت بين حاضرها ومستقبلها واستلهمت كل العناصر الإيجابية التي كانت في صفحات ماضيها القريب منه والبعيد بعد ربطها بمتطلبات الحاضر وشروط التقدم فيه. من هنا يرى البعث (أنَّ الأمة العربية لا يمكن أن تُنشئ مستقبلاً جديراً بها، مستقبلاً في مستوى عظمتها إذا لم ترجع إلى تراثها، وإذا لم تكتشف عن طريق النضال والثورة، الجديد والخالد في هذا التراث). نخلص مما سبق أنَّ الإسلام هو التراث الرُّوحي للأمة العربية، وهو ثورةٌ أخلاقيَّةٌ وفكريَّةٌ واجتماعيةٌ حاسمةٌ في تاريخ البشرية، وأنَّ البعث ينظر اليه على أنَّه المُحرِّك للأمة ومُلهمها ومَرجعها الرُّوحي.

 

 

يُتَّبَع لطفاً......






الاربعاء ٨ ربيع الثاني ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٢ / تشرين الثاني / ٢٠٢٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. محمد رحيم آل ياسين نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة