شبكة ذي قار
عـاجـل










في ذكرى العدوان، الخطوط الحمراء

 

الرفيق الأستاذ الدكتور سلمان حمادي الجبوري

 

في البدء لابد من معرفة تلك الخطوط الحمراء التي ما كان يجب على النظام الوطني العراقي تجاوزها.

إن الأهداف التي رسمتها القيادة الوطنية للعراق وعلى التحديد منذ عام 1968 والتي كانت بمثابة الخطوط الحمراء بمنظور الدول الاستعمارية على سبيل الذكر وليس الحصر هي:

أولاً: جدية القيادة في السعي لتحقيق أهداف البعث في الوحدة والحرية والاشتراكية.

ثانياً: القضاء على التجسس.

ثالثاً: التزام القضية الفلسطينية باعتبارها قضية العرب الأولى.

رابعاً: حل المشكلة الكردية وتحقيق الحكم الذاتي.

خامساً: تأمين حقوق القوميات والأقليات المتعايشة على ساحة العراق.

سادساً: تأميم النفط.

سابعاً: تحقيق النهضة الاقتصادية.

ثامناً: توعية الإنسان العراقي عن طريق تعليمه وتثقيفه.

تاسعاً: امتلاك ناصية العلم وتحقيق طفرات نوعية صناعية مدنية وعسكرية.

عاشراً: النهج القومي لقيادة الحزب والدولة. وغيرها الكثير مما اعتبر على أنه تجاوزاً لما هو مسموح لدولة من العالم الثالث وما تلاها من اتهامات اتخذت كحجة للعدوان المتكرر على العراق واحتلاله.

إن النهج المبدئي للقيادة ما كان يسمح بالتنازل عن أي من الأهداف السابق ذكرها أعلاه، والتي اعتبرها الأعداء خطوطاً حمراء لا يجب تجاوزها رغم مشروعيتها وطنياً وقومياً.

وقد حاولت الدول الاستعمارية إعاقة العراق من بلوغ تلك الأهداف عن طريق وضع العراقيل في مسيرة القيادة وافتعال الأزمات والحصار تارة، والعدوان المباشر تارة أخرى. وقد سلكت دول العدوان أساليب مختلفة لمنع البلد من النهوض واستثمار ما تحقق من أهداف كادت أن توصل العراق إلى مصاف الدول المتقدمة في بداية عقد الثمانينات. حيث شرعت دول العدوان بتوظيف أدواتها في التأثير وعرقلة مسيرة التطور في البلد، وما دور أمريكا في أحداث التغيير في إيران والمجيء بالخميني وزمرته الخادمة لتوجهات الدول الاستعمارية وعلى رأسها امريكا إلا الخطوة الأولى لعرقلة النهضة في العراق من خلال شنه للحرب على العراق وإدامة زخمها وإطالة أمدها، إلى أن هيأ الله للعراق نصراً مؤزراً يوم تجرع خادم الدول الاستعمارية الخميني كأس السم.

وعندما أدركت أمريكا وحلفاؤها فشل مخططها قامت بالعمل على تفعيل دور عملائها في الكويت لطعن العراق في الظهر وليجري ما جرى وليكون العدوان بصيغة حصار اقتصادي شامل استغرق ثلاثة عشر سنة وبعدوان مباشر فيما سمي بعاصفة الصحراء ثم ليتظافر جهد العدوان المباشر مع فعل وكيلهم وخادمهم العدو الفارسي فيما سمي بصفحة الغدر والخيانة، والتي أضافت عبئاً مضافاً على العراق كونه خسر في ساحته الداخلية العديد من كوادره وأعطى في ذات الوقت الفرصة لضعاف النفوس للتخريب والقتل والتدمير خدمة لراعيتهم إيران الشر.

هذا وقد استمر استهداف البلد وقيادته والتي عزم الأعداء على التخلص منها كونها كانت الضمانة الوحيدة لتقدم العراق وحماية سيادته فقام الأعداء بزعامة أمريكا بافتعال أزمة امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل رغم كل عمليات التفتيش عنها طيلة الثلاث عشر سنة، فقاموا بشن الحرب المباشرة فأتوا بمن ادعوا أنهم معارضة وسلموهم حكم العراق بدعوى إحلال الديمقراطية وإنقاذ الشعب من قيادته التي أسموها بالديكتاتورية، والحقيقة لم يكن أولئك الذين استلموا الحكم إلا لصوصاً كما وصفهم الكاتب محمد حسنين هيكل، والذين لم يفعلوا غير نشر الفساد في المجتمع وافشاء الطائفية المقيتة للتفريق بين أبناء الشعب الذي لم يألفها حتى 2003 إضافة إلى القتل على الهوية وإطلاق يد المليشيات التابعة بالولاء لإيران.

إن استهداف القيادة الوطنية بواسطة كل ما استخدم من وسائل إنما هو استهداف للشعب العراقي والعربي لقتل الروح الحية فيه وإبقائه خانعاً من خلال كل ما جرى منذ الوهلة الأولى في الاستهداف ولازال جارياً بأشكال مختلفة ككبح للحريات وتضييق في العيش وتفشياً لروح الخوف وتدمير لكل القيم الموروثة من خلال تدمير التعليم والهاء الناس بطقوس لا تمت للدين بصلة، ونشر الرذيلة والمخدرات وتدمير المعتقدات الدينية عن طريق تفشي الالحاد وإدخال ممارسات مجوسية إلى المجتمع، وبذلك فإن امريكا تكون وبواسطة عملائها الذين ولتهم شؤون البلاد قد حققت أهم مكسب يرقى في قيمته على المكاسب المادية، ألا وهو تدمير نفسية الإنسان العراقي.

جرى كل ذلك بعد مقدمات عديدة أولها حل الجيش والقوى الأمنية الوطنية وفرضوا حظراً على حزب البعث العربي الاشتراكي بموجب ما أسموه بقانون الاجتثاث ظناً منهم وبغباء أن فكر البعث قابل للاجتثاث، وليتهم يعلمون أن البعث كفكر راسخ في عقول وقلوب المؤمنين به حقاً من منتمين وجماهير وخاصة تلك التي استفاقت على الكذبة الكبرى التي سوقها العدو وعملاؤه في بدء عدوانهم على العراق. ولا يسعني هنا إلا أن أختم مقالي هذا بقول الشاعر:

محال أن تموت وأنت حي.... فكيف يموت ميـــــــــلاد وجيل

فبعث الموت أمر مستطاع.... وموت البعث أمر مستحيل

 






الاحد ٢٧ شعبــان ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٩ / أذار / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الدكتور سلمان حمادي الجبوري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة