شبكة ذي قار
عـاجـل










البعث وتكوين الشخصية العربية المقاومة

نبيل مرتضى

 

إن حزب البعث العربي الذي ولد في نهاية الأربعينات والذي كان يعبر عن ضمير الأمة لأنه اكتشف قوانين النضال الوطني والقومي المعاصر برؤيا ثورية مستمدة من قوة الأمة وروح رسالتها الخالدة لأن البعث لم يكن يوماً نادياً ثقافياً أو حركة فلسفية طارئة على مجتمعنا، فإنه بدأ من الوهلة الأولى بكتابة المقالات التي تحاكي العقل والضمير العربي، وهنا يقول القائد المؤسس أحمد ميشيل عفلق رحمه الله " من حسن الحظ أننا لسنا رجال سياسة يختارون الشارع والحفلات لينشروا دعايتهم ويخاطبون العقل القاصر والشعور السطحي، إن احلامنا أصعب وأطماعنا أبعد لذلك اخترنا الكتابة طريقاً لبث أفكارنا، وهي على عكس الخطابة تتوجه إلى العقل الهادئ الرصين والعاطفة العميقة الصادقة".

عندما عقد مؤتمر التأسيس للحزب للفترة من 4-7 نيسان 1947 حضر 217 مندوباً من جميع محافظات الجمهورية كان أغلب الحضور من مدرسين وطلاب جامعات وشعراء وأطباء ومهندسين، وكان أغلب الحضور من صفوة المجتمع التي تخاطب العقل بروح التحدي والإقدام. كما وصف القائد المؤسس (إن الأساس الخالد لعملنا هو الإيمان وإن التفاؤل مظهر بسيط من مظاهر الإيمان).

إن أكثر ما يتميز به رفاق البعث هو تحويل الألم إلى نصر كما يقول القائد المؤسس (إننا نفضل أن نبقى أمة مجزأة وأمة مستعمرة ومستغلة مظلومة ومستعبدة حتى نصل من خلال الألم من خلال الصراع بيننا وبين قدرنا بيننا وبين أنفسنا إلى اكتشاف حقيقتنا الإنسانية).

للتأسيس العمل النضالي كطريق لتحقيق الأهداف وكان رافضاً كل الحلول المجتزأة أو المنقوصة لأن ما يختزنه رفاق البعث قادر على تفجير طاقات الأمة لتحقيق أهدافها.

امتاز البعث عن غيره من الأحزاب بتحويل القراءات الفكرية للبعث إلى واقع، وأول امتحان حقيقي للبعث هو حرب فلسطين سنة 1948حيث شارك القائد المؤسس مع رفاقه من مناضلي الحزب في ساحة النضال على أرض الواقع مؤكداً الرفيق المؤسس (أن المعرفة لا تكون صحيحة إلا إذا اقترنت بالعمل لأنه يغنيها ويصححها). كما تتجلى عظمة البعث بأنه يستطيع أن يتجاوز المحن ويحول الهزيمة إلى نصر في النهاية ويعزى السبب في ذلك إلى الإبداع الفكري الخلاق للحزب الذي جعل البعث مؤهلاً لحمل الرسالة التاريخية للأمة، وأبرز ما يتجلى هذا الإبداع وشموخه في عراق العروبة بقيادة الرفيق الشهيد الخالد صدام المجيد من خلال الصمود الأسطوري في وجه الغزو الإيراني التوسعي.

إن أبرز ما يتجلى به البعث هو اكتشاف خصوصية الأمة مما جعلها في صِدام دائم مع الهجمة الإمبريالية الصهيونية الشرسة والتي تهدف إلى نفي الوجود الإنساني العربي. كما فعلت الحركة الشيوعية العربية الإرهاب الفكري التي مازالت تتمسك بمقولة التغير في الوسائل الثورية، وألبست ثوبها الجسد العالمي معتبره الماركسية اللينينية إنما هي النظرية التي تصلح بشكل عام واكدت على وحدانية النظرية العالمية لذا أجاب الرفيق الشهيد الخالد صدام حسين (خصوصيتنا ليست خصوصيه أصل متميز في المنطلقات والوسائل وهناك وسائل وصيغ معروفه تعبر عن هذا الأصل بالإضافة إلى المنطلقات المركزية اذن فإن خصوصيتنا ليست خصوصيه في الوسائل فحسب وإنما هي خصوصيه في المنطلقات والوسائل).

إن السمات التي يتميز بها منهج البعث ومنطقه عن غيره من المناهج الفكرية السائدة هي كونها منطق جدلي علمي تاريخي وثوري ولتوضيح السمة الجدلية لمنهج البعث هي العلاقة بين الفكر بوجه عام وعلاقة المنهج بالفكر فلابد أن يعبر الفكر عن ذاته بينما المنهج الجدلي يشكل الطريقة القادرة على تحليل الواقع وتفسيره بطريقه تكشف عن القوة الدافعة للتطور وعن مصادره ومبادئه.

لهذا أكد القائد المؤسس قائلاً: (إن النظرة التي انطلق منها حزبنا من اليوم الأول تصور حي ديناميكي يقوم على التفاعل بقفزات متلاحقة ليصل أخيراً إلى تحقيق التكامل).

ويمكن إيجاز فكر البعث بما كتبه الرفيق القائد المؤسس احمد ميشيل عفلق رحمه الله (لسنا نطلب الاستقلال لننعزل عن بقية الشعوب ونقيم سداً بيننا وبين الحضارة الإنسانية، لسنا نصبو إلى الحرية لنعيش في فوضى أو نرجع إلى ظلام القرون الوسطى، إننا نطلب الاستقلال والحرية لأنها حق وعدل قبل كل شيء ولأنها وسيلة لإطلاق مواهبنا العالية وقوانا المبدعة كيما نحقق على هذه البقعة من الأرض التي هي بلادنا غايتنا وغايه الإنسان الإنسانية الكاملة).

وأورد الرفيق القائد المؤسس من صفات المناضلين الصلابة في الرأي ولا يقبلون في عقيدتهم هوادة ولا يعرفون المسايرة فإذا رأو الحق في جهة عادوا من أجله كل الجهات الأخرى إنهم قساة على أنفسهم قساة على غيرهم إذا اكتشفوا خطأ رجعوا عنه غير هيابين ولا خجلين لأن غايتهم الحقيقة لا أنفسهم.

هؤلاء اليوم قليلون وربما يصبحوا في الغد اقل إذا اصطدموا بالمصاعب التي تنتظرهم ولكن المستقبل لهم لأنهم يفصحون عن صوت الحق الذي في داخل صدور من قص الظلم ألسنتهم

لهذا يمكن القول إن البعث حي وولاد وهنالك الاف المناضلين الذين كما اشتدت قساوة الحياة كلما زاد إيمانهم قوة وصلابة، إنهم جيل عهد البطولة أصحاب شعار البعثي أول من يضحي وآخر من يستفيد.






الاثنين ١٩ رمضــان ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٠ / نيســان / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب نبيل مرتضى نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة