شبكة ذي قار
عـاجـل










بوابة النصر العظيم.

 

بقلم وليد أبو شهد

 

قبل خمس وثلاثين عاماً شهد العراق أهم انعطافة تاريخية في أطول حرب دفاعية خاضها ضد أضخم وأخطر عدوان إيراني حمل كل أحقاد الفرس عبر تاريخهم العدواني التوسعي ضد العراق وبلاد العرب، وكانت المنازلة الكبرى في تاريخه المعاصر والتي أطلق عليها اسم القادسية الثانية لتكون امتداداً وشاهداً على حالة العدوان والشر القادم من بلاد فارس التي لم تنقطع مع مرور الزمن.

شكلت القادسية الثانية بكل مجرياتها العسكرية وما نتج عنها من تبعات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية منعطفاً تاريخياً في حياة ليس العراقيين وحسب بل امتدت لتشمل العرب في محيطهم العربي، إذ لم تكن تمثل حالة من حالات التعاطف الإنساني والقومي بين العرب فقط بل إنها كانت تمثل الإرادة العربية القومية لمواجهة الإرادة الفارسية العدوانية عند حدود البوابة الشرقية للوطن العربي.

  مع بدايات عام ١٩٨٨ كان العراق قد طوى ما يقرب ثمان سنوات وخاض أثناءها معارك عنيفة متواصلة على امتداد الحدود الفاصلة بينه وبين إيران، وبدا في ذلك الوقت بالتحديد أكثر قوة وعزم على تحقيق النصر الناجز بعد أن كانت كفة انتصاراته الكبيرة تميل لصالحه على العكس من كفة الهزائم المريرة التي تكبدتها إيران، مما جعل ليس الجانب الإيراني فقط بل الدول التي أسهمت في تشجيع إيران في حربها على العراق تقتنع بأن هزيمتها باتت قاب قوسين أو أدنى، فجاءت ساعة الحسم النهائي لقبر كل الأحلام الفارسية بعد أن ولج العراق بوابة النصر العظيم بأقل من خمس وثلاثين ساعة لأضخم وأشرس وأول معركة تحرير لمدينة عربية المتمثلة بمدينة الفاو التي تمكنت القوات الإيرانية من احتلالها لما يقرب من عامين في الحادي عشر من شباط ١٩٨٦، والتي جعلوا منها بوابة لاحتلال العراق والانطلاق منه لاحتلال بلاد العرب تحت مسمى ( تحرير القدس عبر كربلاء).

ومن الصدف أن تأتي ذكرى تلك المعركة الخالدة لهذا العام في الشهر الفضيل الذي شهد مآثرها والذي حملت عنوان (رمضان مبارك).

إن ما يميز تلك المعركة الفاصلة بعيدًا عن مجرياتها أنها دارت رحاها على أرض هي أصعب ساحات معارك شهدتها جيوش العالم ، فلم تكن أرضها جبلية وعرة ولا سهلية منبسطة ، بل كانت من أسوأ ما يمكن أن يختاره أي قائد عسكري لتكون ساحة معركة له ليتمكن من التقدم بعدها نحو هدف يليه ، فكانت أسوأ اختيار لأغبى قيادة عسكرية أوقعت نفسها في وحل هزيمة محققة بعد أن منعتها طبيعة الأرض وقوة الصمود العراقي من التقدم خطوة واحدة لما يقرب من سنتين ، فأرض الفاو الواقعة عند أقصى الجنوب المطلة على الخليج العربي هي غالب تكوينها أرض رخوة وذات مستوى عالي من المياه الجوفية المالحة والتي تزداد تعقيدا مع هطول الأمطار لتتحول مستنقعات وسبخات شديدة الملوحة ، لذلك لم يكن التخطيط لتحرير مدينة الفاو بالأمر السهل ، فقد تطلب الأمر وضع خطط محكمة ودقيقة احتاجت القوات العراقية المكلفة بتنفيذها خمسة عشر شهرًا من التدريب وإجراء المناورات العملية ، ومع الساعات الأولى من يوم السابع عشر من نيسان ١٩٨٨ انطلقت عملية رمضان مبارك لتحسم بعدها القوات العراقية نصرها الكبير ليكون ذلك الانتصار بحق بوابة النصر العظيم الذي تحقق في الثامن من شهر آب ١٩٨٨.

ونحن نعيش هذا العام وفي هذا الشهر الفضيل تلك الذكرى الغالية نسأل الله تعالى أن تكون فأل خير وسعادة للعراقيين بأن يرتد عدوان أحفاد كسرى إلى نحورهم بعد أن سيطروا على العراق وسوريا ولبنان واليمن، وأن يقبر أحقادهم ويطفئ نار حقدهم في أفواههم، ليعود العراق عزيزًا كريماً قوياً كما كان.




الاثنين ٢٦ رمضــان ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٧ / نيســان / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب وليد أبو شهد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة