شبكة ذي قار
عـاجـل










إيران تنشر صواريخ بالستية على حدود العراق.. لماذا؟

د. أبا الحكم

 

يتساءل الكثير من المعنيين في الشأن الايراني وغيرهم من كتاب وصحفيين ومفكرين وسياسيين وعسكريين أمنيين، لماذا تخندق إيران مواقع عديدة لصواريخ بالستية متعددة الابعاد في وادي مدينة كرمنشاه التي يقطنها الاكراد مخبئة تحت اعماق منطقة وعرة هي جبال زاغروس التي تبعد مسافة 150 كيلومترا عن حدود العراق؟

ما الهدف الاستراتيجي بعيد المدى جراء هذا الفعل؟ وما هي الغاية التي تدفع النظام الايراني الى هذا العمل وتحت أية ذريعة؟

يقول القادة الإيرانيون.. وهو سيناريو استراتيجي يبدو متكاملا في تصوراته المرحلية نظرياً، إلا انه غير واقعي ومتناقض ولا يستند الى حقائق واقعية في الجغرافيا السياسية للمنطقة التي تمتد من عمق الخليج العربي الى حافات المشرق العربي المطلة على البحر المتوسط، (ان إيران مهددة من قبل الغرب) و (إن القيادة الايرانية تدافع عن نفسها في خارج حدودها الجغرافية).

تتمثل عناصر الدفاع الايرانية كما يصورها القادة العسكريون الايرانيون بـ 1- نشر صواريخ بالستية ايرانية في منطقة الحدود مع العراق 2- ونشر صواريخ بالستية في الجنوب اللبناني 3- ونشر صواريخ بالستية في جبال صعدة في اليمن 4- ونشر صواريخ بالستية في منطقة (النتف) على الحدود العراقية السورية 5- ونشرت صواريخ بالستية وقواعد مليشيات بالقرب من الحدود العراقية السعودية.

والتساؤل، لماذا كل هذا الانتشار من قواعد الصواريخ الايرانية في خارج الجغرافيا الايرانية؟ هل هو من اجل الدفاع؟ وإذا كان الأمر كذلك فإن هذا يشير الى وجود (تهديد) تتعرض له إيران من قوى المنطقة أو خارجها.. والتهديد قد يكون وشيكاً أو جدياً أو قريباً.. ولكن الواقع عدم وجود تهديد للنظام الايراني منذ عام 1979 وحتى الوقت الحاضر، فما هو الهدف الاساسي والمركزي إذن لنشر الصواريخ البالستية في خارج إيران وفي داخلها وعلى مقربة من الاراضي والمدن العراقية؟ ألا يعني ذلك، وهو المرمى الصحيح في التحليل، أن إيران تنشر هذه الصواريخ بهدف (حماية) توسعها الايديولوجي- الطائفي الميليشياوي المسلح من العراق الى باقي اقطار الوطن العربي بمختلف الوسائل، وتقع (الدبلوماسية) الايرانية ودبلوماسية نظام بغداد في قمة هذه الوسائل التي تمهد للتوسع الايراني.. فنظام بغداد بات وسيلة من وسائل الاختراق الايرانية للدول العربية - في ظل ما يسمى بالانفتاح الايراني على المنطقة وإقامة علاقات دبلوماسية مع الرياض- الأمر الذي جعل هذا النظام يتحرك كأداة مسخرة ايرانية لـ(تسويق) السياحة الدينية وما يكمن ورائها الى الاردن، ويتحرك لتسويق السياحة الدينية الى مصر.. ويبدو أن مصر بلعت (الطعم) الفارسي من خلال العرض العراقي، أما الأردن فكان حذراً

الإعلام الأمريكي يستعرض هذه العلاقات بصورة مغايرة للواقع وهو يساير بشكل خفي النظام الايراني على قاعدة التوافق الاستراتيجي غير المعلن. فما الذي جعل هذا الاعلام يركز على انه يرى ان الاردن بات (الضحية الثانية) لإيران بعد العراق وسوريا ولبنان واليمن؟ ولماذا يركز الاعلام الامريكي كذبا على ان إيران تقوم بتطويق الكيان الصهيوني بجيوش ومليشيات مسلحة؟ ولماذا يركز ايضا على ان استراتيجية إيران بعيدة المدى معدة لتدمير (إسرائيل)؟ جاء هذا الاعلام على لسان صحيفة (The Hill ) الأمريكية.

والمخادعة الكبرى في هذا الأمر إن انتشار المليشيات الايرانية والتنظيمات المسلحة (الموازية) في جنوب لبنان وسوريا واليمن والعراق ليس لتطويق (إسرائيل) إنما للتوسع الفارسي في المنطقة والفرق كبير بين التطويق والتوسع من حيث النهج النظري والتطبيق العملي، وهما يحملان هدفين متداخلين الأول: تحقق إيران الأمن لإسرائيل بتدمير الجيوش العربية الثاني: تحقق إيران توسعها في المنطقة العربية بطريقة التسلل والهيمنة.. وكلا الهدفان متفق عليهما من قبل واشنطن وطهران في إطار التوافق الاستراتيجي العام.. وتعكس هذه الاستراتيجية 1- عدم وجود عداء بين (إسرائيل) وإيران 2- ولا عداء بين إيران و (إسرائيل)، لا في الماضي ولا في الحاضر ولا في المستقبل 3- وإنما العداء الفارسي للعرب قبل الاسلام، وعداء الفرس للإسلام حتى الوقت الحاضر 4- والتوافق الاستراتيجي القائم بين طهران وواشنطن هو في حقيقته تخادم لحماية الكيان الصهيوني واحتلال منابع الطاقة، وهذا قرار اكده مؤتمر الطاقة الدولية عام 1973 برعاية هنري كيسنجر سيئ الصيت.

التخطيط السياسي- الاستراتيجي هذا يشير، بعد توغل النفوذ الايراني في العراق وسوريا ولبنان واليمن، إلى ما تسميه مراكز الابحاث الامريكية (الدولة الضعيفة) في المنطقة وهي الأردن، اعتقادا منها بأن معاهدة (وادي عربه) قد استهلكت ولم تعد قادرة على معالجة اوضاع الداخل الاردني، فضلاً عن عدم (مراعاة القيادة الاردنية) ما تسميه 1- تزايد الكراهية ضد اسرائيل 2- وعدم معالجة هذه الكراهية في المناهج الدراسية الاردنية 3- عدم القدرة على وقف تزايد عناصر اللجوء السياسي من الدول الاخرى بالضد من الأمن والاستقرار في المنطقة 4- عدم وضع حد للكراهية بالضد من السامية .. فيما تقول مؤسسة (Freedom House) ان الأردن يفتقر الى الحرية، أما منظمة (Human Rights Watch) فتقول إن الأردن يعيش حالة متزايدة من السخط.. وتقول مؤسسة (Institution Brookings) ان الاردن هو ديكتاتورية ناعمه، وهو يمثل الهدف التالي لإيران ضد اسرائيل.

ويؤكد التخطيط الفارسي الذي عرج عليه الاعلام الامريكي بكثافة ملفتة على ان النظام الملكي ضعيف ويعيش على المساعدات وسيصار الى زعزعة القاعدة الشعبية في الاردن من اجل زعزعة استقرار السلطة العليا ومن ثم إسقاطها.. فالحملة الاعلامية الأمريكية تتزامن مع فشل وصول عبيد إيران في بغداد إلى مطلب السياحة الدينية من الأردن، فيما نجح عبيد إيران في العراق بإيصال عرض السياحة الدينية الفارسية الى مصر لغرض العبث بالأمن القومي المصري.. أما تهديد نشر الصواريخ البالستية الايرانية فهو مستمر مع التوغل حيث تكمن المصالح الفارسية الإمبراطورية تحت أنظار امريكية ومباركة إسرائيلية.!!.

 

 

 

 

 






الخميس ١٨ ذو الحجــة ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٦ / تمــوز / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة