شبكة ذي قار
عـاجـل










حزب البعث العربي الاشتراكي                       أمة عربية واحدة

     القيادة القومية                                         ذات رسالة خالدة

مكتب الثقافة والإعلام القومي

 

بمناسبة الذكرى السنوية لقيام ثورة السابع عشر من تموز المجيدة عام 1968، يسر مكتب الثقافة والإعلام القومي أن يقدم بهذه المناسبة العزيزة على قلوب العراقيين والعرب جميعاً سلسلة من المقالات التي تتناول بعض جوانب التحولات الجذرية التي أحدثتها الثورة والإنجازات العظيمة التي حققتها خلال قيادتها للحكم الوطني في العراق للفترة 1968 -2003م.

 

 

سلسلة منجزات ثورة البعث

الحلقة الخامسة

النهضة المعمارية في مشاريع التنمية بعد ثورة 1968

المهندس المعماري الدكتور حسام الراوي

 

لقد شهد العراق نهضة عمرانية كبيرة بعد ثورة 17 تموز، ضمن مشاريع التنمية الطموحة في كافة القطاعات الصناعية والزراعية ومشاريع الري والصحية والتربوية والخدمية ومشاريع سياحية وترفيهية كمشروع مدينة الحبانية ومشروع جزيرة بغداد وكان الاعتماد الرئيسي لتنفيذ خطط التنمية بالتعاقد مع كبريات الشركات  الاستشارية والتنفيذية العالمية  لتهيئة التصاميم والتنفيذ. وفي تلك الفترة انحسر دور المكاتب الاستشارية العراقية الخاصة، حيث تم تأسيس المراكز الاستشارية والتنفيذية للدولة كمراكز للتنسيق  مع المكاتب الاستشارية والتنفيذية العالمية للإشراف ونقل الخبرة الهندسية كالمركز القومي للاستشارات الهندسية والمؤسسة العامة للمباني والطرق والجسور في وزارة الإسكان والتعمير والشركة العامة للمقاولات بقيادة المهندس المبدع عدنان القصاب الذي ادخل المعدات الثقيلة الى العراق لأول مرة في تنفيذ المشاريع وتأسيس المكاتب الاستشارية في الجامعات وغيرها من المؤسسات التي عمل فيها المئات من المهندسين والآلاف من الكادر الوسط والعمال الذين اكتسبوا الخبرة في مجالات التصميم والتنفيذ والتي كان لها الدور الكبير في تنفيذ مشاريع اعادة الإعمار.

لقد كان دور المكاتب الاستشارية الخاصة قبل تاسيس المراكز الاستشارية للدولة في معالجة مشاريع الدولة ومشاريع القطاع الخاص، وكذلك صدر قانون منع اساتذة الجامعات من العمل في مكاتب القطاع الخاص، حيث انتقل العديد منهم للعمل كاستشاريين في مكاتب الدولة. لقد شهد العراق نهضة تنموية واسعة استوعبت كافة الكوادر الهندسية وخريجوا الكليات والمعاهد الهندسية التي لو كتب لها الاستمرار لوصل العراق الى مصاف الدول المتقدمة مزودا بالخبرة العلمية والعملية اعتمادا على الكوادر الوطنية في مواصلة النهضة التنموية البشرية والمادية اللازمة للتقدم الحضاري المرسوم وفق مبادئ حزب البعث، لكن نشوب الحرب العراقية الإيرانية أخر النمو المنشود بسبب قلة الموارد المالية والبشرية التي جعلت أولويات الاهتمام تنصب في دعم المجهود الحربي. وبالمقابل انتعشت الصناعة العسكرية والتقدم العلمي في عمل هيئة التصنيع العسكري ومؤسسة الطاقة الذرية، حيث استقطبت هيئة التصنيع العسكري العديد من الكوادر الهندسية وضمت العديد من الدوائر التي تفرعت من الشركة العامة للمقاولات والمؤسسات الاستشارية والعلمية الاخرى كمجلس البحث العلمي على سبيل المثال .

 ورغم ظروف الحرب ولغرض الاستعداد لعقد مؤتمر عدم الانحياز في عام 1982 تم إنجاز عدة مشاريع مهمة ومنها انشاء قاعة قصر المؤتمرات، تطوير شارع حيفا الذي ضم ابنية السكن المتعددة الطوابق، ومركز صدام للفنون حيث أنجزت التصاميم من قبل الكادر العراقي ومن ابرزهم المهندس المعماري معاذ الالوسي والتنفيذ من قبل شركات عالمية منها كورية وألمانية. وكذلك تم إنجاز مجموعة الفنادق ومنها فندق الشريتون والمارديان وبابل والرشيد ومليا المنصور ومجمع سكن ابو نؤاس ومجمعات سكن 28 نيسان ومجمع القادسية السكني (أم العظام) والشقق السكنية في البياع والسيدية والتي صممت ونفذت من قبل شركات استشارية وتنفيذية غربية وبمشاركة وتنسيق الكوادر العراقية. اضافة الى ذلك تم إنجاز مشاريع زراعية واروائية وسدود بعضها نفذ قبل عام 1980 تصميما وتنفيذا من قبل شركات اجنبية كسد الموصل وسد حديثة وبعضها بعد 1980 تصميما وتنفيذا من قبل الكوادر العراقية شارك فيها للاستشارات اساتذة جامعة بغداد، وتنفيذا بإشراف وزارة الري. كذلك انجزت بعض الصروح المعمارية الفنية كنصب الجندي المجهول ونصب الشهيد اللذان صمما من قبل الفنانين خالد الرحال وإسماعيل فتاح الترك وبالمشاركة مع مهندسين معماريين في نصب الشهيد.

في حملة إعادة الإعمار بعد العدوان الثلاثيني على العراق عام 1991، استثمرت القيادة السياسية الكفاءات العلمية والهندسية في مختلف مؤسسات الدولة ضمن إدارة مركزية سميت بالجهد الهندسي المركزي للدولة لإعادة إعمار ما دمر من البنية التحتية وغيرها من المنشآت الحيوية بفترة زمنية قياسية أذهلت العالم وخاصة في دول الغرب التي توقعت ان العراق سوف لن يستطيع إعادة الإعمار دون الاستعانة بكبريات الشركات العالمية وفق شروط الاذعان التي كانت ستملى على العراق تحت بنود الحصار الشامل الذي يمنع الاستيراد والاستعانة بالخبرات الأجنبية وبذلك خيبت التوقعات والمخططات الرامية الى إعادة العراق الى عصر ما قبل الثورة الصناعية، والذي تحقق الانهيار الكامل بعد احتلال العراق في 2003  وبمساعدة العملاء الفاسدين في حكومة عملاء ملالي ايران رغم توفر مئات المليارات واستعداد الشركات الأجنبية  للحصول على عقود لإعادة الإعمار والتنمية .

والجامع الكبير في المنصور - لم يكتمل بسبب الاحتلال

 ومن أبرز معالم إعادة الإعمار التي تعتبر شواهد شاخصة هي إعادة إعمار وتطوير برج الاتصالات في المأمون، وإعادة تشييد قاعة قصر المؤتمرات، وتشييد جسر ذو الطابقين الذي صمم من قبل الاستشاري العراقي الدكتور طارق الكاتب ونفذ من قبل الشركات العراقية بإشراف هيئة التصنيع العسكري. وكذلك إعادة إعمار جسر الجمهورية بفترة زمنية قياسية استغرقت أربعة شهور، والجسر المعلق ومن أهم الاستشاريين الذين عملوا عليهما الدكتور خالد دنو والدكتور خالد شاكر من جامعة بغداد.

 لقد كان من المتوقع ان يستمر الجهد الهندسي المركزي للدولة بالعمل بنفس وتيرة إعادة الإعمار في بناء المجمعات السكنية، والتعليمية والتربوية، والصحية وغيرها من المشاريع الاستراتيجية لسد النقص في الخدمات والتخفيف عن معاناة الشعب تحت الحصار مما يوفر فرص العمل وزيادة الخبرة التي ربما توفرت على نحو ما في بناء بعض الابنية والجوامع في اغلب المحافظات. لقد بدء توسع عمل الدولة في هذا المجال في نهاية الثمانينات واكتملت في التسعينات حيث استقطبت كوادر هندسية شابة وكذلك استعانت بكوادر هندسية  استشارية من اساتذة الجامعات. فعلى سبيل المثال استعانت بستة استشاريين معماريين من جامعتي بغداد والتكنولوجية لتصميم جامع الدولة الكبير ومن بين الستة الاساتذة الدكتور حسام الراوي من جامعة بغداد والدكتور مؤمل علاء الدين من الجامعة التكنولوجية حيث عمل الفريق الاستشاري على أساس فكرة تصميمية بان يكون المصلى على شكل دائري عائم فوق بحيرة تحيطه أربعة الى ثمان مئآذن وتم زيادة عدد الاستشاريين من الجامعات لإكمال التصاميم التنفيذية بعد المصادقة على التصاميم الأولية وبدء التنفيذ في دق الركائز في موقع العمل في مطار المثنى وتم تنفيذ نموذج مصغر للفكرة في جامع ام المعارك. كذلك شارك الاستشاريون في وضع التصاميم لجامع الرحمن في موقع المنصور الذي تم إكمال جزء كبير من الهيكل الإنشائي للجامع.

 كذلك تم إقامة مسابقة وطنية شاركت بها أغلب المكاتب الاستشارية الأهلية والرسمية لتصميم ضريح القائد المؤسس أحمد ميشيل عفلق وفاز الفريق الاستشاري لمكتب الاستشارات الهندسية في جامعة بغداد وتم تنفيذه من قبل شركات وزارة الإسكان وبإشراف دائرة الشؤون الهندسية في ديوان الرئاسة.

لقد تطورت فلسفة التصميم المعماري وفق المراحل التاريخية التي مر بها العراق حيث ساد مفهوم التراث المعماري الذي تطور نتيجة الظروف البيئية المناخية والمفاهيم والأعراف الاجتماعية ومواد البناء المتوفرة محليا وتقنيات ومهارات التنفيذ السائدة حيث ابدع معماريوا الخلافة العباسية في النماذج التي تم الحفاظ عليها في نموذجي المدرسة المستنصرية والقصر العباسي الذي يعتبر تحفة العمارة العباسية وكذلك في عمارة الحارات السكنية التي ومع الأسف لم نستطع الحفاظ عليها رغم محاولات أمانة بغداد في نهاية السبعينيات الحفاظ على النسيج للبيوت البغدادية في الرصافة والكرخ. لقد جسدت البيوت في الحارات القديمة كمجمعات حضرية وفرت الأمان والعلاقات الاجتماعية المتجانسة وحققت في تصميمها التخفيف من قساوة البيئة المناخية في مواسم الصيف خاصة حيث وفر التصاق الدار بجيرانه من ثلاث جهات بجدران سميكة العزل الحراري وتوفر واجهة واحدة على الزقاق المظلل من أشعة الشمس والانفتاح داخليا على الحوش لأغراض الإنارة والتهوية وتوفير الخصوصية لفعاليات العائلة. لقد دخلت طرز ما يسمى بالعمارة الغربية بعد الحرب العالمية الاولى واحتلال العراق من قبل بريطانيا في بناء المباني الحكومية كالمحطة العالمية وجامعة آل البيت والمقبرة الملكية حيث صممها مهندسون بريطانيون عملوا في المستعمرات البريطانية وخاصة في الهند وتم استخدام طرق انشائية جديدة. وعلى مستوى تصاميم الدور السكنية وبسبب توزيع الأراضي بمساحات كبيرة كما في مجمعات الوزيرية وبعض الدور في الشواكة حيث تم تسمية تلك الطرز بطراز البيت الغربي المنفرد غير الملتصق كما في بيوت الحارات القديمة واختفى الحوش الداخلي الذي كان المتنفس الوحيد للدار وأصبحت الجدران الخارجية توفر النوافذ كمتنفس للتهوية والإنارة.

بعودة رواد العمارة العراقية الحديثة من الدراسة في المدارس المعمارية الغربية امثال جعفر علاوي ومحمد مكية ورفعة الجادرجي وهشام منير وقحطان المدفعي وقحطان عوني ومدحت علي مظلوم وأخيه سعيد علي مظلوم  وناصر الأسدي وعبد الله احسان كامل، بدء التطور المعماري الحديث على أسس ما يسمى بطراز العمارة العالمية الحديثة الذي انتشر طرازها عالميا دون الأخذ بنظر الاعتبار الخصوصية المحلية وفي أواخر الخمسينيات والستينيات والسبعينيات بدأت محاولات ما يسمى بالعمارة المحلية التي بدأت في بلدان العالم الثالث في جنوب امريكا والهند ومصر والعراق ومن اهم روادها في العراق محمد مكية ورفعة الجادرجي وقحطان عوني الذي صمم مكتبة الجامعة المستنصرية الرائعة.

عندما تولى الأستاذ سمير الشيخلي منصب امين بغداد في السبعينيات شهدت أمانة العأصمة تطور كبير في التخطيط والتنفيذ واستقطاب مجموعة من الاستشاريين العراقيين والأجانب لوضع دراسات لتطوير مدينة بغداد حيث انجزت دراسة التصميم الأساس للمدينة لغاية سنة 2000 وكذلك وضع دراسات وضوابط للحفاظ على البيوت البغدادية في الرصافة والكرخ ونفذت نماذج رائعة لعدد من البيوت ومقترحات لاعادة الاستخدام لأغراض متعددة ومنها لأغراض سياحية. كذلك قامت الأمانة بحملة واسعة لترميم وتجديد وإعادة تأهيل مدينة الثورة (مدينة صدام) والتي لا زال يتذكرها أهل المنطقة، اضافة الى مشاريع البنى التحتية لتأسيس المجاري لعموم مدينة بغداد وغيرها من الشوارع وطرق المرور السريع. وفي اواخر السبعينيات أصدرت أمانة بغداد تعليمات تلزم استخدام الأقواس في الأبنية عند منح إجازات البناء لغرض احياء التراث المعماري ذو الطابع العربي الإسلامي .

حيث أكدت الدولة على موضوع استخدام القوس او العناصر التراثية في العمارة الحديثة و استلهام التراث بدلا من الاستنساخ لكي يكون هناك دور لمهندس الحاضر في الإضافة والابتكار والتطور الحديث. في مرحلة الحصار الشامل على العراق في التسعينات من القرن الماضي وبسبب انعدام وسائل الاتصالات والتواصل بالعالم الخارجي اعتمد المهندسون لجيل ما بعد جيل الرواد والذي انعكس على فلسفة التدريس في المدارس المعمارية بإغناء التجربة العراقية في الابتكار وإيجاد الحلول وكذلك انعكس على تصميم المباني في المكاتب الاستشارية الأهلية بعد السماح لأساتذة الجامعات بالعمل في مكاتب القطاع الخاص وتجارب مؤسسات الدولة خاصة في اعمال دائرة الشؤون الهندسية، ومن اهم معماريوا جيل الثمانينيات والتسعينيات فعلى مستوى دائرة الشؤون الهندسية برز المهندس حسام خضوري ومعن سرسم  وليث النعيمي ومازن الالوسي و احسان فيضي ومثنى البياتي وساهر القيسي وحسام الراوي وبطرس خمو وعمانوئيل ميخو وخالد الراوي وهيثم خورشيد وبهجة رشاد من جامعة بغداد ومؤمل علاء الدين وحازم النجيدي ومحمد الامام واحمد ماجد طه من الجامعة التكنولوجية .

 https://drive.google.com/file/d/1Zt71DKx8bBPaPV_SaEqWa9Jt-0878njy/view?usp=sharing







الجمعة ٢٦ ذو الحجــة ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٤ / تمــوز / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب شبكة ذي قار نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة