شبكة ذي قار
عـاجـل










حزب البعث العربي الاشتراكي                       أمة عربية واحدة

   القيادة القومية                                         ذات رسالة خالدة

مكتب الثقافة والإعلام القومي

 

 

سلسلة منجزات ثورة البعث

بمناسبة الذكرى السنوية لقيام ثورة السابع عشر من تموز المجيدة عام 1968، يسر مكتب الثقافة والإعلام القومي أن يقدم بهذه المناسبة العزيزة على قلوب العراقيين والعرب جميعاً سلسلة من المقالات التي تتناول بعض جوانب التحولات الجذرية التي أحدثتها الثورة والإنجازات العظيمة التي حققتها خلال قيادتها للحكم الوطني في العراق للفترة 1968 -2003م.

 

الحلقة الثانية والعشرون

إدارة الدولة وترشيق العمل الإداري والقضاء على الرتابة والروتين

ليث الياسين

 

 

من بين ما تضمنته انجازات ثورة 17 تموز المجيدة على الصعيد الإداري هي إدارة الدولة والاستراتيجية المعتمدة في عناصرها الإبداعية في ترشيق العمل الإداري والقضاء على الرتابة والروتين.

حيث تأتي إدارة الموارد البشرية والاهتمام بالقوى العاملة في مقدمة المهام المتمثلة بإعطاء الوزارات والدوائر غير المرتبطة بوزارة الصلاحيات الكاملة في إدارة شؤونها وتدعيماً لمبدأ اللامركزية والاستقلالية الإدارية لتلك الدوائر، وكذلك وضع الضوابط والأسس التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية لوظائفهم المقررة وبدون التداخل في العمل.

مقدمة:

إن عملية تغيير أو تبديل أي نظام سياسي لا بد أن يرافقها  خلق قيم ومفاهيم جديدة باتجاه التطور الحضاري والإنساني. لذلك فقد أرست ثورة 17 تموز المجيدة إطار تنظيمي للمجتمع في الحاضر والمستقبل، وقد أكدت القيادة السياسية منذ بدء تسلمها لمقاليد الحكم آنذاك جملة مفاهيم وقواعد للقضاء على معوقات مسيرة الدولة نحو بناء المجتمع الاشتراكي، ولكن وفق خطط مدروسة تتم من خلالها عملية الاحلال التدريجي وتدريب الكوادر الوظيفية الوطنية النزيهة من ابناء العراق حتى تتسلم الكفوءة والمؤهلة منها مقاليد إدارة أجهزة الدولة بشكل تتابعي ومنهجي مدروس بعيداً عن التمييز العرقي او الطائفي وبعيداً عن إجراء التغييرات الفورية وواسعة النطاق لأن ذلك سيقود إلى الفوضى الشاملة والأضرار الجسيمة.

وقد أشار إلى ذلك التقرير السياسي للمؤتمر القطري الثامن لحزب البعث العربي الاشتراكي في الفصل الخاص بطبيعة وأهداف ثورة 17 تموز/1968 المجيدة خلال مواجهتها لمشكلة الدولة والقانون، لأن الثورة ورثت عند قيامها جهازاً للدولة مترهلاً ومرتشياً وفاسداَ تشكل في ظل العهود والأنظمة الرجعية التي سبقت الثورة.

وكان من بين تلك الأهداف التي كانت تسعى إليها الثورة إصدار تشريعات تنسجم مع فلسفة الحزب ومتطلبات عملية التنمية القومية في الحياة الاقتصادية والاجتماعية، وهذا يستلزم استبدال الكيانات الاقتصادية والاجتماعية والإدارية التي لا تتلاءم مع متطلبات بناء المجتمع الجديد بأخرى أكثر كفاءة ومواكبة لتطورات العصر.

 

 

المرحلة الأولى: إصلاح النظام القانوني

لقد اصطدمت قيادة الحزب والثورة منذ تسلمها مقاليد الدولة بمعضلة القوانين والتشريعات السائدة، وتطلب ذلك من القيادة إيجاد حل لتلك المعضلة، لذلك اتخذ مجلس قيادة الثورة الصفة التشريعية العليا واعتبرت قراراته بقوة القانون وفاعليته. وبهذا الإجراء استطاعت أن تحل جانباً مهماً من هذه المعضلة وأن تسير في عملية التغيير الاجتماعي والاقتصادي بسرعة وكفاءة أعلى. لذلك فقد شكل مجلس قيادة الثورة العديد من المكاتب واللجان التي أخذت على عاتقها دراسة القوانين السائدة آنذاك تحت رعاية مباشرة من مكتب الشؤون القانونية في مجلس قيادة الثورة والمستشار القانوني لمجلس قيادة الثورة،  وبإشراف مباشر من قبل وزير العدل آنذاك، وبمساهمة العديد من المواطنين المختصين في الشؤون القانونية من العاملين في أجهزة الدولة والمنظمات المهنية ذات العلاقة مستندين في الأساس في عملية التغيير على ايديولوجية حزب البعث العربي الاشتراكي. فكانت حملة وطنية واسعة تهدف إلى إصلاح النظام القانوني وإعادة النظر بشكل متناسق في القوانين والتشريعات السائدة آنذاك لتشريع قوانين جديدة تتلاءم وروح العصر والأفكار التي نادى بها الحزب لتحقيق النهضة الوطنية الشاملة للعراق، وكذلك تغيير ما يتطلب التغيير وإصلاح ما يتطلب الإصلاح وإلغاء ما يستوجب الإلغاء من القوانين النافذة آنذاك. فكانت بحق وحقيقة ثورة في عملية إصلاح النظام القانوني، وشملت تلك القوانين والتشريعات الجوانب التالية:

1.     التشريعات الاقتصادية والتجارية.

2.     التشريعات المدنية.

3.     التشريعات الإدارية والسياسية.

4.     التشريعات الجزائية.

ومن بين أبرز القوانين والتشريعات الصادرة في ظل اصلاح النظام القانوني هي:

1.     قانون العمل والضمان الاجتماعي للعمال.

2.     قانون التقاعد والخدمة المدنية.

3.     قانون الإصلاح الزراعي.

4.     قانون الخدمة والتقاعد العسكري.

5.     قانون العقوبات العراقي.

6.     قانون تنظيم التجارة.

7.     قانون الشركات التجارية.

8.     قانون الإثبات.

 

المرحلة الثانية: البناء الإداري وترشيق العمل والقضاء على الرتابة والروتين

أولت قيادة الحزب والثورة اهتمامها التالي لإصلاح النظام القانوني، بإدارة الموارد البشرية والاهتمام بالقوى العاملة وترشيق أجهزة ومؤسسات الدولة والقطاع العام، لكن الظروف التي تلت الاهتمام الأول بالإصلاح القانوني هو تطهير البلاد من العناصر الغير كفوءة وتنقية الأجهزة الإدارية من بعض المغرضين الذين كانوا يتحينون الفرص للإضرار بأمن البلد وبمعاونة من جارة الشر إيران اللعينة التي ما أن تفجرت ثورة 17 تموز المجيدة حتى باشرت بإحداث الفتن والدسائس لزعزعة الدولة بهدف اضعاف العراق.. وتمكنت الدولة من القضاء على هذه البؤر التي كانت منتشرة في العديد من الدوائر والأجهزة في مركز العاصمة بغداد وبعض المحافظات الأخرى. وبعد مباشرة إيران بالاعتداء على الأراضي العراقية وشن حربها العدوانية التي استمرت ثمان سنوات ضد العراق، تمكنت قيادة الحزب والثورة من صدها وخرج العراق منتصراً على إيران. ورغم أن هذه الحرب المدمرة قد فرضت تقديم أولوية الأمن الوطني والقومي على إدارة الموارد البشرية، إلا أن الاهتمام بالقوى العاملة وأجهزة الدولة كانت في مقدمة الأولويات لتنفيذها فور انتهاء الحرب العراقية الإيرانية في 8/8/1988. حيث بدأت ومنذ بدء العام 1989 قيادة الدولة مستنيرة بالتوجيهات الصادرة عن الرئيس القائد صدام حسين بتشكيل لجنتين هما:

الأولى :

 تتولى تحقيق إعادة الهيكلة وفق الأهداف التالية:

 

  ترشيق أجهزة الدولة والقطاع العام من خلال دراسة عمل الوزارات المتماثلة في العمل والقريبة فيما بينها في الاختصاصات ومحاولة دمج تلك الوزارات.

  دراسة الجدوى الاقتصادية من بعض الوزارات والمجالس والمراكز البحثية ومحاولة ترشيقها.

  إلغاء الوزارات والمجالس التي لا جدوى من الاستفادة منها في تلك الظروف التي يمر بها العراق في ظل ظروف ما بعد الحرب..

 

اللجنة الثانية:

تتولى تحقيق إعادة التأهيل وتوزيع الكوادر وهو ما يعرف بالدوران الوظيفي (Job Rotation) وفق ما يلي:

  تصريف وإعادة توزيع الفائضين الموجودين في أجهزة الدولة ومؤسساتها فيما بين تلك الجهات.

   إعادة تأهيلهم بدورات مهنية مركزية محددة المدة.

وكانت هذه اللجان بإشراف رئاسة ديوان الرئاسة حيث تم تكليف السيد وكيل رئيس ديوان الرئاسة بالإشراف على عمل تلك اللجنتين يساعده رئيس دائرة شؤون الوظيفة العامة وعدد من وكلاء الوزارات المشمولة بالترشيق وإعادة توزيع الفائضين، وتسخير كافة أجهزة الدولة ومؤسساتها لتسهيل عمل تلك اللجان.

وكان لنا شرف ترؤس إحدى اللجان المشرفة على إعادة توزيع الفائضين في أجهزة الدولة ومؤسسات القطاع العام في محافظات المنطقة الجنوبية ومحافظات المنطقة الشمالية وبمعاونة عدد من المختصين في المركز القومي للاستشارات والتطوير الإداري وفق الأسس والضوابط التي تم إقرارها من قبل ديوان الرئاسة لضمان التوزيع العادل للفائضين بما يحقق مصلحة كل الوزارات والدوائر غير المرتبطة بوزارة.

حيث قامت اللجنة الأولى المتعلقة بترشيق أجهزة ومؤسسات الدولة بدراسة حال تلك الجهات ومحاولة دمج عدد من الوزارات وكما يلي:

دمج وزارة الزراعة ووزارة الري فأصبحت وزارة واحدة      تدعى وزارة الزراعة والري.

دمج وزارة الإعلام ووزارة الثقافة بتشكيل واحد سُمِّي وزارة الثقافة والإعلام.

إلغاء وزارة الشباب وتحويل اختصاصاتها إلى اللجنة    الأولمبية الوطنية العراقية.

إلغاء وزارة الحكم المحلي وتوزيع اختصاصاتها على وزارة الداخلية والمحافظات.

إلغاء وزارة التخطيط وإناطة أعمالها بمجلس يرتبط بمجلس الوزراء سُمي مجلس التخطيط.

 

إعادة التأهيل أو الدوران الوظيفي ( Job Rotation) :

تُعد عملية إعادة التوزيع والتأهيل الوظيفي لأجهزة الدولة أحد الأساليب الإدارية الحديثة التي تمارس لإتاحة الفرصة لأكبر عدد من العاملين في ممارسة أكثر من عمل منظم، سواء في الأعمال الفنية أو الإدارية أو في مجال الإشراف أو الإدارة.

 والمصطلح يعني أن يعد الموظف أو العامل أو المدير لممارسة أعمال أخرى بشكل منظم ومجدول وفق خطة إدارية مدروسة وتحديد مدة زمنية معينة  لممارسة العمل الجديد، سواء للوظيفة الإشرافية أو الإدارية أو الوظائف الفنية والإدارية الأخرى.  أي إعطاء الفرصة للموظفين العاملين لممارسة نشاطات أخرى بشكل منظم خلال فترة زمنية محددة ومن ثم تحويلهم إلى وظائف أخرى.

وتتميز هذه الاستراتيجية الإدارية المتطورة بما يلي:

هي أسلوب ذكي للاستثمار والاستفادة من الموارد البشرية في مستوياتها كافة.

وغالباً ما يستخدم هذا الأسلوب في الوزارات والدوائر غير المرتبطة بوزارة التي تسعى إلى استثمار الخبرات والإبداع والابتكار في أعمالها.

يطبق لدى الجهات التي تضم مجموعة متشابهة في الوظائف والمؤهلات العلمية للموارد البشرية وذلك للقضاء على البيروقراطية والروتين والرتابة في الأعمال الفنية والإدارية.

يكشف عن مزايا وقدرات وإبداعات الموظفين ويتيح فرصة لهم للتعبير عن قدراتهم ومواهبهم في وظائف ونشاطات أخرى.

كما يكشف للإدارة والقيادة في الوزارات والمؤسسات والشركات عن الفروق الفردية لموظفيها ومواردها البشرية.

يعد محفزاً قوياً للكفاءات الشابة لممارسة أعمال الإشراف والإدارة وإبراز قدراتهم وإبداعاتهم في أعمال وإدارات وممارسات ومواقف مختلفة.

يساعد متخذي القرار في الوزارات والدوائر غير المرتبطة بوزارة والشركات الأخرى على التعرف على قدرات ومواهب الموظفين والتعرف على جوانب قوتهم وضعفهم من خلال الأعمال الإشرافية والإدارية التي يكلفون بها ويمارسونها.

ومنحهم فرصاً للنمو والتطور والترقي إلى وظائف عليا لدى تلك الجهات، بحيث يستفاد من الموارد البشرية المتوافرة في التدريب على مهارات جديدة لإنجاز الأعمال الأخرى عن طريق التدريب والتهيئة لسد النقص في بعض المجالات.

كما أن الدوران الوظيفي تمارسه بعض الشركات التي لا ترغب في توظيف موظفين جدد أو إضافة موظفين من شركات أخرى، فتستفيد من موظفيها الحاليين.

إن الدوران الوظيفي استراتيجية إدارية حديثة من خلالها يمكن منح الفرص المتساوية للموظفين، وكذلك القضاء على البيروقراطية ورتابة الأعمال التي تولدها الوظائف التي يمكث فيها أصحابها فترة طويلة مثل الوظائف الإشرافية والإدارية الأخرى لأنه كلما طالت فترة المدير أو المشرف في وظيفته تولدت البيروقراطية والروتين والتكرار والملل وانعكس ذلك على عمل الموظفين أو العاملين، لأن المدير أو المشرف عندما يطول به المقام في الوظيفة يركن إلى الوسائل العادية والرتابة وعدم التجديد والتطوير. ويظهر ذلك جلياً لدى الجهات التي تعنى بخدمات العملاء أو المستفيدين لأنها في أمس الحاجة إلى التجديد والإبداع والتطوير في عملياتها وإجراءاتها وتطوير خدماتها للمستفيدين وبشكل مستمر، وهي في حاجة ماسة دائماً إلى تطوير وتغيير مهارات وكفاءات القيادات الإدارية وبشكل مستمر لتضمن أفكاراً ورؤى وتقنيات جديدة. وقد تبنت الدولة تجارب عربية وعالمية ناجحة في اليابان وألمانيا والهند في مجال تدوير العمل وكيّفتها بما يتناسب مع ظروف العراق.

وباعتماد هذه الاستراتيجية الإدارية نجحت الدولة في ظل قيادة ثورة 17 تموز المجيدة من تحقيق اعلى درجات الكفاءة الادارية لمؤسساتها واجهزتها في كافة الوزارات، وتطوير الموظفين ورفع درجة كفاءتهم باستمرار، مما أدى إلى تقديم أفضل الخدمات وأسرعها للمواطن وبأعلى درجات الكفاءة والنزاهة.


https://drive.google.com/file/d/1Uwi9Nfcu6JvTzgxVj5dxXRJEwSnFNjO7/view?usp=sharing






الاحد ٢٨ ذو الحجــة ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٦ / تمــوز / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب شبكة ذي قار نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة