شبكة ذي قار
عـاجـل










حرب أكتوبر وخداع التوقيت

 

أحمد صبري

 

ارتبط اسم الشخصيَّة المصريَّة المثيرة للجدل أشرف مروان بوقائع حرب أكتوبر 1973 وتوقيت وقوعها بَيْنَ مصر وسوريا من جهة، و»إسرائيل» من جهة أخرى. وهذا الانشغال المتواصل منذ أكثر من 50 عامًا لَمْ يوصِّل المنشغلين بأسراره إلى حدِّ الجزم بحدوث التخادم بَيْنَ مروان والكيان الإسرائيلي، الأمْرُ الذي زاد من غموض الدَّوْر الذي أدَّاه مروان في مسار العلاقة بَيْنَ مصر و»إسرائيل»، وبَيْنَ صمْتِ مصر الرسمي. وتناقض الرواية الإسرائيليَّة عن الدَّوْر المحتمل لأشرف مروان في الحرب توقف الكثير من مراكز البحث والمتابعة، لا سِيَّما الإسرائيليَّة عِنْد زيارة السَّادات إلى لندن قُبيل وقوع الحرب وقيام مروان بإبلاغ الموساد الصهيوني بتحديد الثامن من أكتوبر وليس السادس مِنْه موعدَا لشنِّ الحرب على «إسرائيل».

والسؤال: هل كان اللغز أشرف مروان عميلًا مزدوجًا وأسْهَم بخطَّة الخداع التي فاجأت «إسرائيل» بحرب 73؟ ولماذا «انتحر» بلندن كما قيل؟ هذه أسئلة ظلَّت من دُونِ إجابةٍ من قِبل المعنيِّين في مسار حرب أكتوبر وتداعياتها، ولا يزال النقاش داخل المؤسَّسة الأمنيَّة الإسرائيليَّة متواصلًا حَوْلَ مروان: هل كان من أهمِّ عملاء «إسرائيل» منذ تأسيسها؟ أمْ أنَّه كان عميلَا مُزدوجًا شارك بتوجيهاتٍ من القيادة المصريَّة في عمليَّة الخداع قُبيل اندلاع الحرب؟

ووفقًا لصحيفة (هآرتس) فإنَّ اللقاء الحاسم عُقِد في لندن مطلع تشرين الأوَّل (أكتوبر) من العام 1973، أيْ قَبل اندلاع الحرب، وشارك فيه رئيس الموساد ومسؤول مروان، ومروان نَفْسُه. وهنا يتساءل رئيس الاستخبارات العسكريَّة في تلك المرحلة، الجنرال في الاحتياط إيلي زعيرا، الذي عاد وأكَّد أنَّ مروان كان عميلًا مُزدوجًا، وأنَّ مروان أبلغ «إسرائيل» عن اندلاع الحرب قَبل يومٍ واحدٍ من السَّاعة الصفر، رغم أنَّه كان على عِلْمٍ قَبل ذلك بوقتٍ أوسع؟ موضحًا لو زوَّد الاستخبارات الإسرائيليَّة في الوقت الصحيح، لكان الجيش الإسرائيلي قَدِ استعدَّ للحرب. وتساءل أيضًا: لماذا أبلغنا عن السَّاعة المُحدَّدة لاندلاع الحرب بوقتٍ غير صحيح؟ وكيف ولماذا بقي مروان شخصيَّة محترمة جدًّا في مصر حتَّى بعد انكشاف أمْرِه، وأنَّه كان جاسوسًا للموساد؟

ويكشف الخبير الأمني الإسرائيلي ميلمان عن أنَّ مروان أبلغهم بأنَّ 99 بالمئة فإنَّ الحرب ستندلِع في الثامن من تشرين الأوَّل (أكتوبر) 1973، علمًا أنَّ مروان كان يعمل كمستشارٍ سياسيٍّ للرئيس المصري الأسبق أنور السَّادات، ولكنَّ رئيس الموساد لَمْ يقتنع بذلك وتأخَّر في إيصال المعلومة؛ لأنَّه لَمْ يكُنْ مقتنعًا بذلك، وتبَيَّنَ لاحقًا أنَّ معلومة مروان لَمْ تكُن صحيحةً.

وحتَّى لا نبخس نصر حرب أكتوبر الذي حقَّقته مصر الذي استدعى تدخُّلًا أميركيًّا في مسار الحرب على الأرض إلى حدِّ اعتراف مستشار الأمن القومي الأميركي الأسبق هنري كسنجر مؤخرًا بأنَّ بلاده عملت على منع نصر عربي في حرب أكتوبر.

ومهما قِيل عن تداعيات مسار حرب أكتوبر فإنَّها كانت مرحلةً حاسمة وفاصلة في مسار الصراع العربي ـ الإسرائيلي أكَّدت قدرة المقاتل العربي على تحقيق النصر إذا توافرت له إرادة القتال المستندة إلى موقف عربي موحَّد ورؤية واضحة لمخرجات الصراع.

إنَّ تعاطي مصر مع أشرف مروان بعد رحيله، ومشاركة كبار المسؤولين في مراسيم الوداع الرسميَّة لأشرف مروان، يكشف عن أنَّ الرجُل كان له دَوْر مرسوم في عمليَّة الخداع والتمويه التي مارستها مصر في حرب أكتوبر.






الثلاثاء ١٨ ربيع الاول ١٤٤٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٣ / تشرين الاول / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أحمد صبري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة