شبكة ذي قار
عـاجـل










الحمدانية جريمة جماعية للمليشيات الولائية

ولاء سعيد السامرائي

 

في كل فاجعة وهن كثر آخرها حريق قاعة الهيثم في قضاء الحمدانية التابع لمدينة الموصل، يحصي العراقيون الجرائم التي اقترفت ضدهم وما تزال دون ان تكون هناك محاسبة قانونية، فلا مسائلة ولا بحث عن مسؤولية ضحايا تصل اعداهم الى مئات من القتلى والجرحى. بل ان القاعدة في التعامل مع كل احداث قتل وجرح وفقدان وتغييب المدنيين أصبحت اما تبرئة الأشخاص المسؤولين عنها كما في مجزرة سبايكر وداعش ومستشفى ابن الخطيب والحسين في بغداد والناصرية واليوم في الحمدانية او عدم الاهتمام بما يحصل مثل حريق مول الكرادة، والعبارٌة في الموصل ليتم نسيان الموضوع بعد أيام من الكلام عنه في الاعلام وبرامج الحوار في القنوات الفضائية. لكن حتى الحوادث التي لهل علاقة بشروط السلامة والبناء وشروط الاستخدام الآمن كما في حادثة العبارة في الموصل او عدم توفر المواد والأجهزة المستخدمة لإطفاء الحرائق في حالة مستشفى الخطيب والحسين في بغداد والناصرية، لم يتم التعامل معها بطريقة مختلفة لا من رئاسة الوزراء ولا الوزارات او المحافظ ولا الجهات الأدنى التي تمنح الاجازات والرخص الخاصة بالبناء والعمل والكهرباء. بل يوما بعد آخر تتوسع وتتمدد الممارسات غير القانونية والمخالفة لشروط السلامة والحوادث الناتجة عنها في مختلف مدن العراق سواء من مقاولي الأحزاب والميليشيات وحاشياتهم والمستفيدين الذين يكرفون المليارات وليس الملايين من عقود المقاولات والبناء والتجارة والاتاوات ووضع اليد على الأملاك العامة واراضي الدولة او إقامة مشاريع عليها للربح والاستغلال.

لن يكون مفاجئا ان تلصق التهمة ببعض الأشخاص ممن يتحملون مسؤولية محدودة للتغطية على المجرمين الكبار الذين يقفون وراء الحادث الاجرامي لحريق قاعة الحمدانية، بعدها يتم تهريب المجرمين الى إيران كما حدث مع قتلة هشام الهاشمي وسجن القاتل بعد الضغط الشعبي وهو يقضي في أحد سجون العاصمة سجنا مرفها بحسب شهادة الناشطين، يتمشى في السجن كأنه المسؤول الكبير فيه، كذلك الحال مع قاتل الناشط سجاد العراقي المحكوم عليه بالإعدام عام 2020 واليوم عاد ليناقش الماجستير بحسب ما نشر في الاعلام. لم يكن الحريق حادثا عرضيا كما انتهت اليه لجنة التحقيق المشكلة في وزارة الداخلية بل عملا اجراميا مخططا له للتخلص من شخصية عسكرية بارزة. فقد أعلن الصحفي غسان مطر عبر برنامجه من قناة "وان نيوز" خبرا حصل عليه من أهالي منطقة الحمدانية وهو وجود عسكري كبير يدعى أبو الحكم في القاعة وهو مسؤول الحمايات وقد تم حرقة هو وعائلته ووالدته بعد ان تم عزلهم في غرفة في البناية ويبدو ان هذا المسؤول هو من يقف ضد هيمنة ميليشيات بابليون ومحاولاتها سرقة أملاك المواطنين المسيحيين وآثارهم في سهل نينوى ومحاولة السيطرة على الكنائس والاديرة. وقد أظهرت قناة الحدث الإخبارية فيديو من القاعة لشخص يرفع علامة النصر وهو مشه غريب في وسط فاجعة ومأساة. كما شهد أحد المدعوين ان أجهزة تشغيل الألعاب النارية لا تشتعل وهي خاصة بالمناسبات، اي لم تكن السبب في اشعال الحريق عكس ما تدعيه لجنة وزارة الداخلية في نتائج تحقيقها. وقال والد العريس لقناة أي نيوز ان صاحب القاعة طلب منه شراء هذه الأجهزة قبل يوم من العرس ورفض لاعتقاده بانها ممنوعة ويمكنها ان تسبب حرائق، اما الأهم فهو الشاهد الذي دخل الى غرفة المسؤول عن القاعة وشاهده يطفئ الكهرباء بعد الحريق وعندما اعترض الشخص طلب منه المسؤول الخروج وعدم التدخل لتغرق القاعة في الظلام وليحترق المدعوين داخلها. كما كشف الصحفي في برنامجه ان الحريق قد حدث في القاعة قبل نصف ساعة من دخول المدعوين بسبب اشتعال الغاز المتسرب من إيقاف أجهزة التبريد وإطلاق غازها المسمى بغاز الفريون وليس بسبب وجود الكحول كما ادعى مستشار وزير الداخلية. ومع بدء الحريق تم إيقاف الكهرباء من قبل صاحب القاعة لأنه ان القاعة قريبة من أعمدة الضغط العالي وعدم إطفاء الكهرباء معناه اشعال حرائق في كل المنطقة وهذا ما دعاه الى قطع الكهرباء والهروب مع كاميرات المراقبة حال انتشار الحريق. ان كلام الشهود ادلة لا تقبل الدحض على تورط هؤلاء المجرمين وميليشيا بابليون في افتعال الحريق الذي راح ضحيته أكثر من 100 قتيل من الأطفال والنساء والرجال و150 من الجرحى.

هذا المشهد جزء من الحرب التي تستكملها ميليشيات بابليون الولائية في سهل نينوى بعد عام 2017 وما سمي بعملية تحرير الموصل من قبل قوات التحالف لفرض هيمنتها على نينوى وسهلها والتي من نتائجها الأخيرة قيام رئيس الجمهورية بعزل بطريك الكدان مار لويس روفائيل ساكو من منصبة. ان هذه الحادثة الجديدة التي تقترف بحق العراقيين هي مجزرة وجريمة حرب جماعية أصحابها هم من المليشيات الولائية التي تعمل وبكل الوسائل على اخضاع الموصل بشكل كامل وبكل مكوناتها الى الأحزاب الإسلامية التابعة للولي الفقيه وذلك قبل حلول موعد انتخابات مجالس المحافظات الذي يهدف الى تقدم وفوز المليشيات في كل محافظات العراق لتتمكن بالكامل من الهيمنة على الرئاسات. وهذا ما جعل كلام رئيس الوزراء محمد شياع السوداني ناعما ومتسامحا إزاء الجناة إذ ان تصريحه للإعلام خلال زيارته لتعزية عوائل الضحايا اقتصرت على القول ان هناك "تقصير واهمال " ولم يتكلم عن مسؤولية ومحاسبة كما يفترض خاصة ان أهالي المنطقة يعيشون ما تقوم به هذه المليشيات من اعتداءات مختلفة وغير قانونية بشكل يومي ضدهم وضد ممتلكاتهم واعراضهم كما يقولون علنا. لقد طرد أهالي الحمدانية وزيرة الهجرة والمهجرين التابعة لبابليون من مراسم استقبال العزاء وكذلك لم يرحب الأهالي بمجيء محمد الحلبوسي رئيس البرلمان.  

ان توصل اللجنة التحقيقية بعدم مسؤولية أي شخص عن حادث الحمدانية ليس غريبا على المواطنين لأنهم لم يروا الى اليوم أي لجنة تحقيق حكومية تحقق بموضوعية وعدالة وتنصف المواطنين وعوائلهم من ضحايا مختلف الاحداث والأدلة كثيرة لا حصر لها. لقد تعودت حكومات الاحتلال في المنطقة الخضراء على انشاء لجان التحقيق كي يتم تمييع أي قضية تريد اغلاق ملفاتها لتضعها على ادراج مكاتبها غير عابئة بالمصائب والنتائج والمشاكل التي تتسبب بها مثل هذه الإجراءات المرفوضة والقاسية بحق المواطنين وعوائل الضحايا وحقوقهم القانونية والمدنية. اما ادراج تعويض الضحايا والجرحى ليس الا أكاذيب خبرها الشعب العراقي منذ عشرين عاما تستخدم لذر الرماد في العيون إعلاميا ويبدو ان أبناء شعبنا في الحمدانية والموصل الذين عانوا الامرين من المليشيات لا يحترمون كلام الوزير ولا رئيس الوزراء لأنهم لا يصدقونهم فالقاتل يتحرك بأوامر مباشرة منهم ولذلك فقد رفضوا نتائج اللجنة وطالبوا بتحقيق دولي.   

ان حادثة قاعة الحمدانية فضحت بكثير من التفاصيل عمل الميليشيات الولائية ومكاتبها الاقتصادية وفسادها في محافظة الموصل منها مليشيات بابليون التي تعود ملكية القاعة لأخ صاحبها وبينت التواطؤ مع بعض المسؤولين في وضع اليد على أراض الدولة واملاكها بالترهيب والسلاح والتهديد واستخراج كافة الموافقات من الدوائر الحكومية المختلفة حتى لو كانت غير قانونية ولا تخضع لشروط السلامة. 

ان ما تقوم به المليشيات الولائية اليوم من قتل واغتيال وتصفية للشخصيات النافذة في الموصل ممن يقف ضد اجرامها وسرقتها لأملاك الناس المهجرين والمال العام هو ما كانت تقوم به قبل ادخال داعش الذي وظف ليكون غطاء لتصفية نخب المدينة وبالأخص العسكريين والقادة السياسيين وتهجير نسبة كبيرة من أهلها وقصف احيائها على رؤوس أبنائها لتخلو الساحة للولائيين وميليشياتهم الاجرامية لتهيمن بالكامل سياسيا وطائفيا على ثان أكبر مدينة في العراق.    

 

 

 






الخميس ٢٠ ربيع الاول ١٤٤٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٥ / تشرين الاول / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب ولاء سعيد السامرائي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة