شبكة ذي قار
عـاجـل










التربية والتعليم في العراق (الماضي والحاضر)

 

بقلم| د. يحيى السنبل

(عضو اللجنة العليا للميثاق)

 

اقترنت بغداد عبر العصور بأنها منارة العلم والعلماء ومنها شع نور العلم على العالم أجمع وظلت بغداد تحتفظ بهذه الخاصية وتتميز عن كل بقاع الدنيا والأمصار وأقطارها وعواصمها وبالرغم مما أصاب بغداد على يد المغول من قتل للعلماء وتدمير للمكتبات إلا أن من بقي من علماءها وشعبها المتعلم قد أعاد بناء بغداد لترتقي من جديد بالعلوم والمعرفة ويبقى شعب العراق الشعب الأكثر تعليمًا وعلمًا ومعرفة بالرغم من نوائب الدهر وما توالى عليها من مصائب واحتلالات وما شهدته من تسلط عصابات الجهل والفساد والتخريب.

وفي العهد الحديث وتقدم العلم والتربية والتعليم فقد كان العراق رائدًا في هذه المجالات وتتسابق دول العالم لتقديم المنح والزمالات الدراسية لأبنائه المتميزين بالإبداع والدقة بالعمل وقد ساهم علماء العراق في تأسيس أغلب الجامعات في الدول العربية ولهم بصمة واضحة في الكثير منها كما ساهموا ببناء تلك الدول في كثير من قطاعاتها المختلفة.

وقد أعلنت منظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة أن التعليم في العراق في مرحلة يوازي بها التعليم للدول الإسكندنافية وأن ما يميز الطلبة العراقيين الذين منحوا فرصة الدراسات العليا في بريطانيا وفرنسا وألمانيا والولايات المتحدة أنهم يحرزون المراتب الأولى وبدرجات الامتياز بين أقرانهم ومنافسيهم.

وظل ما يميز التربية والتعليم العالي والبحوث العلمية هي الرصانة والتجديد الفكري والعلمي، إلى أن عاد المغول الجدد وبركابهم عصابات الجهل والفساد والتخلف ليتسلطوا على العراق ومقدراته ويتراجع العراق بكل مؤسساته إلى عصور ما قبل التكنلوجيا وكان نصيب التربية والتعليم القسم الأكبر لتعود الأمية إلى سابق عهدها بعد أن اختفت بشكل نهائي من أكثر من ستين عامًا ليعيش العراقيون من جديد على يد هؤلاء الفاسدين الدجالين الجهلة عصر التخلف والتجهيل والروزخونية والقصص الكاذبة التي تنطلي على السذج والجهلاء وكان أولى قراراتهم إلغاء مجانية التعليم الذي كان يحظى بها المواطن العراقي من الروضة حتى ينتهي من دراسته الجامعية بكل مراحلها وبسبب هذا القرار الجائر فقد ترك الآلاف من الطلبة مقاعد الدراسة بسبب عدم قدرة عوائلهم على دفع المستحقات الدراسية كم أن هدم كثير من المدارس وعدم إعادة بناءها ودمج طلبتها في مدارس أخرى تكون شاقة على الطالب من الوصول إليها اضطر الكثير من الطلبة على ترك مقاعدهم مما فسح المجال لاستخدام هؤلاء الطلبة وانخراطهم بمنظمات الجريمة والميليشيات والإرهاب كما تحولت الجامعات العراقية بعد أن كانت تطفح بالعلم والعلماء إلى أوكار لأولئك الدجلة المارقين بعد أن نفذوا لأعداء العراق وشعبه أكبر جريمة قد خطط لها بعناية وهو قتل علماء العراق وكفاءاته وتهجير من حالفه الحظ بمغادرة العراق ولتهوي جامعات العراق من قوائم التصنيف العلمي الرصين التي تقوم به المنظمات الدولية وأصبح الفاسدين الذين اشتروا شهاداتهم من جامعات خارجية غير معترف بها في أي دولة بالعالم وخارج تقييس المواصفات العلمية الدولية هم من يتحكمون بوزارتي التربية والتعليم العالي ويتحكموا بمفاصلها الحيوية كما أضحى النجاح وعدم الرسوب بل امتحانات الدور الثالث الغير معهودة في أية دولة ما يميز الدراسة الأولية في العراق، كما أن تزوير الشهادات مقابل الأموال هي السائدة في أروقة التعليم العالي في ضل الاحتلال الإيراني الأمريكي للعراق وقد انسحب هذا الفشل في التعليم العالي في العراق على بقية الوزارات، فأطباء العراق الجدد لا ثقة في علميتهم مطلقًا وأصبح المريض يبحث عن طبيب قد أنهى دراسته قبل عام ٢٠٠٣ لعله يستطيع تشخيص مرضه، كما فشلت الجامعات العراقية من تقديم الدراسات والحلول حول التغير المناخي الذي طال العراق، كما أن جفاف الأنهار وتصحر الأرض العراقية لم تحظى باهتمام البحوث العلمية التي أصبحت عاجزة أمام هذه التحولات بسبب سيطرة أساتذة الشهادات الكاذبة والمزورة على قطاعات واسعة من الدولة العراقية التي تتراجع علميًا وثقافيًا وتكنلوجيًا وطبيًا وفي كل المجالات بسبب حملات التجهيل والفساد التي تقودها أحزاب الجاسوسية التي ليس لها من هم سوى تنفيذ مخططات أعداء العراق ونهب المال العام من أجل المصالح الشخصية والحزبية الضيقة في وقت يتأخر العراق والعراقيون عن ركب الأمم وتنهب موارده أمام أعين العالم ويعاني مواطنيه من شظف العيش بسبب تسلط هؤلاء الجهلة الفاسدين الخونة.

إن عملية النهوض بالتربية والتعليم لا يمكن أن تحصل إلا بإقامة نظام وطني يؤمن بالوطن وبإرادة شعبه ويسعى لإعادة المجد للعراق من خلال منظومة علمية رصينة تنسف كل ما قام به هؤلاء الجهلة من تخريب وتدمير وفتح لجامعات كأنها دكاكين لبيع الشهادات والاعتماد على نخبة علمية معروفة بالرصانة والنزاهة لتنظيف التربية والتعليم العالي من أدران الجهل والتخلف الذي زرعه المحتلين وأدواتهم القذرة.

وسينعكس هذا التطهير في التربية والتعليم العالي على كل وزارات ومؤسسات الدولة، بل سيعطي الصورة الحقيقية لشعب يتوق للتعلم ويحترم العلماء ليعود العراق وبغداد منارة للعلم والعلماء والمجد التليد.

 

https://iraqcharter.org/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D8%A8%D9...

#الميثاق_الوطني_العراقي

 

#صحيفة_الميثاق #العراق






الثلاثاء ٢ ربيع الثاني ١٤٤٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٧ / تشرين الاول / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. يحيى السنبل نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة