شبكة ذي قار
عـاجـل










 

فلسطين المقاومة والجهاد بشعبها الأبي وليس بالخداع الإيراني

بقلم محمود سعيد جاسم

 

المقاومة الفلسطينية مشروع نضال ومقاومة تكفله الأعراف والقوانين الدولية، وفي كل فصائلها لم تكن يوماً إرهابية، بل لها الحق في أتباع المقاومة المسلحة المشروعة ضد الظلم والتعسف الإسرائيلي وحرمان شعب كامل من ارضه التي منحت بوعد مشؤوم من قبل بريطانيا للكيان الصهيوني المغتصب.

ولكل حركة من حركات المقاومة الفلسطينية فلسفتها وطرق نضالها ، وإيجاد العلاقات التي تدعم كفاحها ومن البديهي أن يكون لحركة فتح اسلوبها والذي كان متوهجاً خلال السنوات الأولى لانطلاقتها والتي شكلت رعباً للكيان الصهيوني من خلال عملياتها الفدائية إلى جانب جبهات مناضلة أخرى مثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والجبهة الديمقراطية وجبهة التحرير العربية وجبهة النضال الشعبي الفلسطيني و جبهة التحرير الفلسطينية وغيرها من الفصائل المقاومة ، والتي وجدت وعملت على الساحة الفلسطينية قبل ولادة حماس والجهاد الإسلامي ( يمثلان ما يسمى التيار الإسلامي الفلسطيني ). تعرض النضال الفلسطيني من خلال حركاته وجبهاته إلى التصدع والانشقاق حتى في ظل منظمة التحرير الفلسطينية لأسباب كثيرة داخلية وخارجية منها ما يتصل بقادتها وانتماءاتهم الفكرية وارتباطاتهم السياسية، وقد حاول المرحوم ياسر عرفات أبو عمار بشتى الطرق الحفاظ على وحدة المقاومة، لكن الاحداث التي حصلت في الوطن العربي لم تساعده فازداد الانشطار والتشرذم، يضاف لذلك الانخراط في الحلول السلمية واغراءات السجادة الحمراء، واسم رئيس دولة فلسطين.

أسس المرحوم الشيخ أحمد ياسين حركة الجهاد الإسلامي حماس في عام 1987 وحظيت بدعم من عدد من الدول العربية والإسلامية وكان للعراق نصيباً من هذا الدعم ، رغم العلاقة القوية بين الراحلين صدام حسين و ياسر عرفات ، واستمر الدعم المادي والعسكري ( هنا لابد من الإشارة إلى ان عدد من المجاهدين الفلسطينيين تدربوا في العراق على صناعة المدافع والصواريخ وبإشراف هيئة التصنيع العسكري والجامعة التكنلوجية ) ، فالدعم العراقي في زمن النظام الوطني أتخذ عدة أشكال المادية والعسكرية والمعنوية والدبلوماسية ، ولم يقصر العراق حتى بعد الاحتلال كانت تصرف الأموال المرسلة المودعة عند الفصائل قبل الاحتلال وخاصة تلك التي تتعلق بمنحة الشهيد 25 الف دولار امريكي رغم ظروف الحصار .

مع الأسف أصاب النضال الفلسطيني وحتى في حدوده الدنيا الضعف بعد وفاة أبو عمار واستلام محمود عباس الذي سلم كل شيء واستكان للتقرب للكيان الصهيوني وتقديم التنازلات على حساب شعبنا العربي في فلسطين.

وجدت حماس ضالتها في التقرب من النظام الإيراني وتَمْتين علاقتها مع إيران، ولكنّ الذي قد يحتاج تحليلاً وتعمّقاً هو دوافع إيران من دعمِ حركةٍ لا تتفق معها مذهبياً، ولا تتفق معها في كثيرٍ من القضايا الإقليمية -وفي مقدّمتها- الثورة السورية، مع ما يجلب لها من تضييق وضغوط من الأطراف الداعمة لإسرائيل وعلى رأسهم أمريكا. ولذلك علينا ان نكون واقعيين، فإنّ الدول ليست جمعيات خيريّة تَهبُ أموالها دون مقابل، من المهم الوقوف على الخلفيات والمصالح الأصيلة، والتي تبْتغيها إيران من المدّ المالي والعسكري الذي تمنحهُ لحماس.

ولما كانت ما يسمى الثورة الإيرانية تعشق الشعارات وتصدير الثورة إلى الخارج، والعمل على كسب التيارات والحركات الإسلامية باي طريقة، شكلت دوائر مهمتها الاتصال والتواصل مع هؤلاء من خلال رفع شعار الموت لأمريكا وإسرائيل وهذا الشعار استهوى العديد من أصحاب العواطف الجياشة، فمالت عواطفهم نحوها وتغنوا بها، وأخذوا يبنون أحلام اليقظة من أن تحرير فلسطين قاب قوسين أو أدنى.

 يقول الكاتب محمد حسين أبو حديد في مقاله” ماذا تستفيد إيران من دعمها لحماس؟

"هناك محطّات زمنيّة ترسم بدايات العلاقة بين حماس وإيران، ووصولاً لما آلت عليه حتّى يومنا هذا. حماس التي تأسّست عام 1987 كمولودٍ إسلامي مقاوم من رحم الإخوان المسلمين، وترافق هذا مع اندلاع الانتفاضة الأولى "انتفاضة الحجارة"، والتي شهدت تسارعاً في نشاطات الحركة ضدّ الاحتلال، وتوسّعا في قاعدتها الجماهيرية. بروزُ حماس كطرف فاعل؛ دفع إيران لدعوة الحركة لِحضور مؤتمر في طهران عام 1990 لدعم الانتفاضة، وأرسلت حماس وفدا يمثّلها. 1991 سمحت إيران لحماس بفتح مكتب يُمثّلها في طهران.

 عام 1992 قامت إسرائيل بإبعاد ما يَربو على 400 قائدٍ وكادرٍ فلسطيني إلى مرج الزهور في جنوب لبنان، وكانت غالبيتهم من حماس. هذا الحدث في بعض أبعاده؛ مكّن لحماس انفتاحاً خارجياً، وأكسبها تعاطفا تَباين شعبيا ودولياً، وجاءت وفود إيران وحزب الله لمخيّم المُبعدين تقدّم الدعم لهم، وعلى إثر ذلك زادت معرفة إيران بطبيعة الحركة، ونمت العلاقة بينهما نوعا ما. 2006 فازت حماس بالانتخابات التشريعية، وشكّلت الحكومة العاشرة، والتي حوصرت بشكل كبير."

هنا اخذت إيران تلعب على أوتار مختلفة من خلال ذراعها في لبنان حزب الله، وذلك لإدراكها دور حماس المحوري في القضية الفلسطينية بعد ما انحسر دورة فتح القيادي، فعززت من دعمها السياسي والمالي والعسكري، رغم اعتراض عدد من القادة الإيرانيين المتشددين بدعوى أن حماس حركة سنية، وان موقفها السلبي من نظام بشار الأسد ودعمها للثورة السورية لا يمكن السكوت عليه، ولذلك تراجع الدعم وانحسر.

في عام 2017 قام وفد رفيع المستوى من حركة حماس بزيارة طهران وتقديم اولاء والطاعة للمرشد الإيراني علي خامنئي وخاصة خالد مشعل وإسماعيل هنية، وتصريحاتهم الطنانة المنانة أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية البلد الوحيد الذي يساندنا ويدعمنا.

وفي بعض الجوانب أقف موقف التأييد لحركة حماس بسبب مواقف وتنازلات من حكومات عربية ومنظمة التحرير الفلسطينية برئاسة محمود عباس، ولكن المبالغة في وصف الدور الإيراني بالشكل الذي نسمعه من قادة حماس الحاليين يدعونا إلى وضع علامات استفهام على قيادة الحركة الحالية والتي يجن أن تتقصى الحقائق ومعرفة نوايا إيران وعم الاندفاع نحو خسارة الامة العربية.

إن سكوت قادة حماس على احتلال إيران لأربعة عواصم عربية (بغداد – دمشق- صنعاء – بيروت)، يضعهم أمام مسائلة تاريخية لا تغتفر لهم على مدى التاريخ ويضعون أنفسهم موقف الخائن ابن العلقمي.

إيران التي تمتلك مشروعا توسّعياً تحت مبدأ "تصدير الثورة"، وتحت غطاء "نصرة المُستضعفين"، لا يمكن لها أن تكون وفية مع الامة العربية والإسلامية، فقد انتشرت الطائفية في كل البلدان العربية والإسلامية بعد مجيء خميني وثورته المشكوك بها. وان سياستها لا تتقاطع مع الكيان الصهيوني، والدليل الدعم الصهيوني لإيران أبان الحرب العراقية الإيرانية، ومن سِمات مشروع إيران أنه إقليمي، لا يتعارض مع نظرية الكيان الصهيوني والتاريخ يقول ذلك من سنوات ما قبل الميلاد.

أهداف وشعارات إيران أصبحت لا تنطلي حتى على الطفل الصغير، ومن استعراض لمشاهدات فديوية بالصورة والصوت تظهر قادة إيرانيين وعراقيين ان الهدف ليس إسرائيل بل الهدف السعودية واحتلال أراضيها (فديو أبو مهدي المهندس قبل مقتله، وفديو نجاح محمد علي قبل أيام)، وما خفي كان أعظم.

إن التظاهرات والاستعراضات التي تقوم بها مليشيات عراقية، لا تغني ولا تسمن من جوع، وان تجمعهم في طربيل العراقية على حدود الأردن، ما هو الا كذب ورياء، ولو كانوا صادقين لذهبوا بعددهم وعدتهم إلى سورية ولبنان، لكنها لعبة مكشوفة دفعت بها إيران للضغط على الأردن وزعزعة استقراره.

أما كلمة الجهبذ محمد شياع السوداني في قمة ما يسمى بالسلام، كتبت بورق عراقي وحبر إيراني وتعبير المكر المعروف بالدجل والكذب والافتراء.

يا قادة حماس شعبنا الفلسطيني يعي جيداً ما تفكر به إيران، واليوم تركت أهلنا في غزة يذبحون ولم تتحرك ما يسمى بقوى المقاومة في سورية ولبنان، الا في حدود ضيقة جدا على جبهة لبنان لذر الرماد في العيون.

اقول لكل الفلسطينيين شعب وجبهات وحركات، أن الرهان على الجيل الجديد الذي لا يقبل المساومة كبديل عن المقاومة هو الخيار الوحيد لتحرير فلسطين، أما حجة تزيد إيران لكم بالسلاح فهذا غير مبرر، فبالإمكان شراء السلاح من مصادر متعددة وأحدث التقنيات، وهناك دول عربية تقدم لكم المليارات، فاين تذهبوا بها؟

رحم الله الشهيدين أحمد ياسين والدكتور عبد العزيز الرنتيسي ورفاقهم الشهداء، الذين لم يتركوا أرض فلسطين، كما فعل خالد مشعل وعائلته وإسماعيل هنية وعائلته ومعهم بعض قيادات حماس.

لقد أكدت الحرب على غزة زيف إيران وخطأ حماس باعتمادها على محور المقاومة بقيادة إيران، وهذا رسخ الآن عدم التخلي عن الدول العربية مهما كان وضعها وقربها من فلسطين وشعبه، وان الشعب العربي يؤيّد المقاومة، ويُعادي إسرائيل، وهنا ظهرت إيران على حقيقتها بعد ان جعلتها حماس رأس تطلّعات شعوب المنطقة. فدعم حماس -التي لها رصيد جماهيري داخلي وخارجي- يُكسُب إيران قوة ناعمة كنموذجٍ يجذبُ إليه مُحبّي حماس والقضية الفلسطينية، لذا فإنك تسمع من بعض النخب العربية وعوامهم؛ من يمدح إيران، ويدعم مشروعها طواعية، والسبب المقاومة وفلسطين. إيران عبر دعمها لحماس تُظهر نفسها كمشروعِ الأمّة الإسلامية وليس لطائفة "الشيعة" وهذا كذب ورياء، ولا يهمها غير مصالحها حتى ولو ذبحت كل العرب.

 المؤشرّات الظاهرة من دعم إيران لحماس؛ تُبدي أن الحركة لم تَرتهن في قراراتها لإيران أو غيرها، وهذا ما سنتعرف على حقيقته بعد أن تنتصر غزة إن شاء الله، وستعود حماس التي اعتمدت كثيرا في دعمها على مُحبّيها وأنصارها من الشعوب العربية والإسلامية؛ إلى رشدها ولا تتخلى عن حاضنتها الحقيقة.

كما إنني أرى أن الغد القريب سيشهد تغيير القيادات الفلسطينية ومنها حماس، والتي ستضع استراتيجية جديدة في استمرار النضال الفلسطيني المقاوم، وافشال مخططات التطبيع والتهجير وصفقات القرن المشبوهة. 

وما النصر الا من عند الله،

 






الاثنين ٨ ربيع الثاني ١٤٤٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٣ / تشرين الاول / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب محمود سعيد جاسم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة