شبكة ذي قار
عـاجـل










بسم الله الرحمن الرحيم

ماذا يترتب على المسلمين -أفرادًا وجماعات

الشيخ الدكتور عبد الملك السعدي

 

السؤال الأول: ما هو التوصيف الشرعي لحالة الصراع مع الاحتلال الصهيوني؟ وماذا يترتب على المسلمين -أفرادًا وجماعات- بموجب هذا الوصف؟

الجواب: الجهاد نوعان:

1- جهاد القلم واللسان؛ وذلك لنشر عدالة الإسلام في العالم ولأجل إنقاذهم من الكفر إلى الإيمان، ومن الضلالة إلى الهدى، فإن لم ينفع ذلك فيكون جهاد السيف؛ وذلك لمصلحة البشرية: كالجراح حينما لا ينفع الدواء يضطر إلى العملية الجراحية.

وهذا الجهاد فرض كفاية إذا قام به البعض سقط الإثم عن المسلمين، وإن ترك فالكل آثمون. قال تعالى: ((وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ ۚ فَإِنِ انتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)) الأنفال (39)

وقال تعالى: ((انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ)) التوبة (41)

 

٢. جهاد الدفاع والتحرير، وذلك فيما اذا اعتدى الكافر على بلاد المسلمين أو على أموالهم مثل ما يحصل الآن من الصهاينة باحتلال أرض فلسطين، وكما يحصل الآن من هجوم همجي على غزة وسفك دماء أهلها ظلما وعدوانا وقتل الأطفال والنساء وتخريب الديار. فحكم هذا النوع من الجهاد هو فرض عين على القادرين من أهل البلد حتى يتحقق الاكتفاء بإخراج العدو من بلاد المسلمين، أو صدّه عنها، فإن لم يكن في أهل البلد كفاية كما هو الحال الآن فيجب على القادرين من الأمة القتال معهم ونصرتهم حتى تتحقق الكفاية. وهذا لا خلاف فيه بين العلماء، ولم يقل عالم معتبر قديما أو حديثا بإباحة القعود عن مواجهة الكفار حين يستبيحون دماء المسلمين  وسبي ذراريهم والفتك بهم قتلا وتشريدا واحتلال اراضيهم. فلا يجب ترك أهل غزة وحدهم في ميدان المنازلة والمواجهة بل على الأمة كلها أن تستفرغ وسعها نصرة لهم بكل الوسائل والسبل ولا يكتفى ببيانات الشجب والاستنكار وعلى زعماء الدول الإسلامية ملوكا ورؤساء الوقوف معهم وإمدادهم بالسلاح والعتاد وأشكال الدعم كلها. وإن لم يحصل منهم ذلك فهم مسؤولون محاسبون أمام الله تعالى.

 

السؤال الثاني: كيف تقيّمون دور علماء المسلمين في الأزمات التي تعيشها الأمة؟ وما الذي يتوجب عليهم القيام به في ظل العدوان الذي يتعرّض له أهلنا في غزة؟

الجواب: النهي عن المنكر باليد: وهو واجب الحكام، وباللسان: وهو واجب العلماء؛ باللسانين لسان القلم ولسان النطق، لذا يجب على علماء الأمة أن يقوموا بحملة إعلامية من خلال منابر الجمعة، ومن منصات الوعظ والمحاضرات؛ بإدانة هذا العدوان الغاشم على غزة.

 

السؤال الثالث: هل يطرأ اختلاف في تطبيق الأحكام الشرعية أثناء النوازل التي تصيب المسلمين؛ ولا سيما إذا كان هناك تحقيق مصلحة أو دفع مفسدة ؟ وما هو الضابط في ذلك، مثلاً: هل يجوز تقديم إيتاء زكاة المال الذي بلغ النصاب قبل حلول الحول؟

الجواب: الإسلام وضع قواعد وضوابط لدفع المفسدة صالحة لكل زمان، مثل: (لا ضرر ولا ضرار)، ومثل: (الضرورات تبيح المحظورات)، وفي المسائل الخلافية يجب عليهم الإفتاء بالرأي الذي هو فيه مصلحة للمسلمين – ماعدا الأمور التعبدية

وبما أن أصناف من تدفع لهم الزكاة ثمانية كما - نص القرآن الكريم – ومنها: صنف في سبيل الله؛ فيجب دفع الزكاة للمجاهدين المدافعين عن غزة، والإفتاء بجواز تعجيل الزكاة عن يوم الحول ولو منع ذلك بعض الفقهاء.

 

السؤال الرابع: ما قول فضيلة الشيخ في المقاطعة الاقتصادية للشركات الداعمة للعدوان الصهيوني على غزة؟

الجواب: إذا كان معنى الجهاد بمفهومه العام  المبالغة في بذل الوسع واستفراغ الممكن في كل شؤون الحياة ومتطلباتها السياسية والاقتصادية والإعلامية دون الاقتصار على القتال في سوح الوغى.

فالجهاد بالنفس وبذل المهج والأرواح وإن كان أقصى غاية الجود كما قيل فإن جهاد القول والمال والقلب والسعي بالمعروف وعمل الخير لا يقل أهمية عن ذلك البتة مادام يؤدي الغاية في تحقيق النكاية بالعدو وإغاظته والتغليظ عليه أو تحصيل النفع للمسلمين وزيادة قوتهم وتعزيز وحدتهم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل. رواه مسلم.

فمقاصد المقاطعة الاقتصادية تحقق بلا شك مقاصد الجهاد، قال تعالى: ((ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلَا يَطَـُٔونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ ٱلْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُم بِهِۦ عَمَلٌ صَٰلِحٌ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُحْسِنِينَ)) التوبة (120). فأي عمل مهما كان وصفه أو توصيفه يغلب على الظن أنه يضر بمصالح العدو الكافر ويحقق النكاية به ويغيظه؛ هو جهاد فعلي وإن كان تركا؛ فالترك عند أهل التحقيق من الأصوليين يعد فعلا، وبخاصة إذا أحسن المسلمون استعماله من ناحية جعله أداة تضر بمصالح الأعداء وتزيد من الضغط عليهم لإزالة ظلمهم ودفع باطلهم وإيقاف عدوانهم وبغيهم على المسلمين، على ألا يترتب على ذلك مفسدة أعظم. ومن هنا فإنه يجب على المسلمين أفرادا وشعوبا وحكومات تفعيل المقاطعة الاقتصادية بالمعنى الذي ذكرناه ما استطاع إليه سبيلا، كل حسب وسعه وقدرته وإن فعل المخالف حرام شرعا بل هو من قبيل مولاة الكفار ومظاهرته على إخوانه المسلمين.

 

السؤال الخامس: ما توجيه فضيلتكم للمجاهدين العاملين في الميدان؟ وللناشطين في السياسة والإعلام؟ ولعامة المسلمين الذين لا يجددون سبيلاً لنصرة المسجد الأقصى وغزة وعموم فلسطين سوى الدعاء والمؤازرة عن بعد؟

الجواب: ردع العدوان الصهيوني على غزة، بل احتلالهم أرض فلسطين وهيمنتهم على أولى القبلتين وثالث الحرم هو واجب على كل مسلم، أما عامة أفراد المسلمين ممن يرغبون المشاركة في استعادة بيت المقدس وتحرير أراضي فلسطين ونصرة أهلنا في غزة ويمنعون من قبل ولاة الأمور فهم معذورون ومثابون على نيتهم الحسنة، فإن منعوا من مقاومتهم فلا يتركوا الدعاء لنصرتهم والقنوت في الصلوات الخمس.

 

والله ولي التوفيق

أ‌.    د. عبد الملك عبد الرحمن السعدي

3/ربيع الآخر/1445هـ

23/تشرين الأول/2023م

 






الاثنين ١٥ ربيع الثاني ١٤٤٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٣٠ / تشرين الاول / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الشيخ الدكتور عبد الملك السعدي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة