شبكة ذي قار
عـاجـل










طوفان الأقصى في شهر

 

صباح نوري العجيلي

 

 

طوفان الأقصى، علامة مضيئة وصفحة خالدة في سفر المقاومة الفلسطينية الباسلة على مسار تحرير فلسطين المحتلة من براثن الاحتلال الصهيوني الغاصب، وهي عملية عسكرية نوعية وجريئة نفذتها كتائب القسام بكفاءة عالية على جيش العدو والمستعمرات الصهيونية فجر السابع من تشرين / اكتوبر.

لقد فاجأت العملية الكيان المغتصب وحلفاءه في الولايات المتحدة والعالم الغربي وحققت المباغتة الكاملة على العدو بالتوقيت والمكان وبأساليب القتال، وتسببت في أحداث الصدمة والذعر في صفوف العدو وأفقدت قياداته السياسية والعسكرية التوازن.

 

تصنف طوفان الاقصى في العلم العسكري كحرب غير متكافئة (غير متماثلة) بين قوة احتلال غاشمة ومارقة مسندة عالميا، ومقاومة وطنية تدافع عن قضية عادلة ووطن مغتصب وتعتمد اساليب قتال غير نظامية ورجال مؤمنين من أصحاب ارادات القتال والمعنويات عالية.

والعملية كسرت نظرية الأمن القومي الاسرائيلي واسطورة الجيش الذي لا يقهر وبددت أوهام القوة والغرور لدى جيش الاحتلال وبانت عورة اجهزة العدو الأمنية التي نجحت المقاومة في خداعها بأساليب ذكية.

  

اسباب نجاح العملية: 

نجحت المقاومة في تحقيق اهدافها العسكرية وتمكنت من اجتياز جدار غزة ومهاجمة مستوطنات غلاف غزة وتدمير قوة العدو والقبض على 240 أسيرا، ولهذا النجاح الذي تحقق أسبابه والتي يمكن ايجازها بالآتي:

    1.  انتخاب الهدف بدقة ووضوح والذي تحدد في تدمير قوات العدو في غلاف غزة والقبض على الاسرى

    2.الاستطلاع وجمع المعلومات الدقيقة عن قوة العدو وجدار غزة ومستوطنات الغلاف

       3.التخطيط المسبق للعملية الذي استند على المعلومات الدقيقة وحساب قدرات المقاومة 

     4.  تهيئة واعداد الاستحضارات ومتطلبات العملية القتالية والفنية والادارية

5.   أمتاز التنفيذ بالإقدام والجرأة والانضباط

6.القيادات العسكرية الجريئة التي تقود العملية والمؤمنة بعدالة قضيتها وحتمية هزيمة العدو

7.الكتمان والسرية أثناء التخطيط والاعداد والتنفيذ وهنا يكمن سر نجاح العملية بالأساس

8. المستوى التدريبي الراقي الذي وصلت اليه المقاومة والذي انعكس بالأداء المتقن للخطة بكافة مراحلها رغم التفوق المعادي

الموقف بعد شهر من القتال:

- بعد شهر من العمليات البرية والجوية والبحرية لم يحقق العدو أي من اهدافه التي حددها بتصفية المقاومة في غزة ونزع سلاحها وفرض سيطرته على القطاع والتهجير القسري لأهل غزة.

- عمليات العدو ذات طابع انتقامي من الفلسطينيين كافة في الارض المحتلة سواء كانت في غزة والضفة الغربية، وللتغطية على الفشل الذريع الذي لحق بالجيش والاجهزة الامنية الاسرائيلية في السابع من تشرين الاول/ اكتوبر

- لقد انتزعت المقاومة الفلسطينية المبادأة من العدو وجعلت قياداته تتخبط في ردود أفعالها وقراراتها وتحركاتها منذ السابع من تشرين. وأنحصر رد فعل العدو في القصف الجوي العنيف على غزة طال المشافي والابنية والابراج والبنى التحتية وفرض الحصار وقطع الاتصالات ومنع الوقود والغذاء والدواء لكسر ارادة سكان القطاع

- تقدر حجم القنابل والمتفجرات التي ألقيت على غزة خلال شهر، 30 ألف طن من المتفجرات وما يعادل قنبلة نووية بقوة 30 كيلو طن (الكيلو طن يعادل ألف طن)

 

- دخلت الولايات المتحدة كشريك في الحرب الى جانب العدو بكل ثقلها، وزار (اسرائيل) الرئيس الامريكي ووزراء الخارجية والدفاع ومدير المخابرات وقائد المنطقة المركزية للدعم والتأييد وتقديم المساعدات العسكرية العاجلة، وخصصت بعثة استشاريين للمساعدة بالتخطيط للعملية البرية للغزو، وأرسلت حاملتي طائرات وعدد من السفن والغواصات شرق المتوسط ومنظومات اعتراض الصواريخ الى المنطقة للردع وضمان عدم توسع الحرب.

- تعارض الولايات المتحدة وقف إطلاق النار في غزة وتعده لصالح المقاومة التي قد تستفاد منه لتأمين متطلباتها والاستمرار بالقتال.

 

- أطلق العدو عملية أسماها بالسيوف الحديدية التي استهدفت شمال غزة وعزله عن وسط وجنوب القطاع، العملية لم تحقق اهدافها ومازالت المقاومة تنفذ مهامها وتتولى تدمير دبابات واليات العدو وتعالج عناصره.

 

- تمكنت المقاومة من تدمير واعطاب 136 دبابة والية في معارك غزة. وبلغت محصلة خسائر العدو من العسكريين أكثر من 250 قتيل و240 أسير.

 

- أثبتت الحرب بما لا يقبل الشك أن (اسرائيل) ومن يقف وراءها عصابات جريمة منظمة وقوة احتلال لا تتقيد بقوانين واخلاقيات الحروب ولا تعترف بالقانون الدولي.

- حصيلة شهداء غزة منذ 7 تشرين / اكتوبر أكثر من 10569 شهيداً بينهم 4324 طفلا وجرح واصابة 25 ألف، اما اجمالي قتلى العدو فقد بلغ 1400 قتيل بين مدني وعسكري.

- صمود اهل غزة محط تقدير واجلال احرار العالم رغم الجراح التي تسبب بها العدوان من قصف وقتل يومي وجوع وحرمان وتهجير.

- تظاهرات وحشود كبيرة في العواصم العالمية لندن وواشنطن تندد بممارسات العدو اللاإنسانية وتطالب بإيقاف العدوان على غزة.

- تبقى أنفاق غزة أحد أسرار المقاومة العصية على العدو وألته العسكرية والتي يسعى الى فك أسرارها بغية تدميرها وحرمان المقاومة من أحد عناصر قوتها، وتتمسك المقاومة بالأمن والكتمان في تحركاتها بعيدا عن جواسيس العدو ومصادره الاخرى.

- أطلق العدو يد المستوطنين وقواته الامنية للانتقام من شبان الضفة الغربية لكسر ارادتهم بالقتل والاعتقالات بالجملة لمنعهم من أسناد المقاومة في غزة.

- دخلت الحرب في غزة مرحلة الاستنزاف بين قوات العدو وفصائل المقاومة، وهنا تلعب تكتيكات المقاومة وأساليب حرب العصابات دوراً مهماً للإيقاع بالعدو أفدح الخسائر البشرية والمادية.

- تستهدف قوات العدو مشافي غزة في سابقة خطيرة في الحروب ويعد ذلك جريمة حرب ومخالفة صريحة للقانون الدولي الانساني.

- تناقش الولايات المتحدة وأطراف اخرى مستقبل غزة بعد الحرب وتلوح الى مقترح أستلام أطراف فلسطينية أو اقليمية السلطة في القطاع بدلا من حماس وبوصاية أمنية اسرائيلية. ان فشل هذا المشروع مرهون باستمرار تصدي المقاومة للعدوان وإلحاق الهزيمة به.

- خسائر غزة في شهر تفوق حجم خسائر اوكرانيا منذ بداية القتال في فبراير 2020

- الموقف العربي محدود ولم يرتقي الى مستوى الحدث وانحصر بالمطالبة بوقف إطلاق النار وادخال المساعدات الضرورية الى قطاع غزة

 

بالخلاصة: بعد شهر من انطلاق طوفان الاقصى لم يتمكن العدو من تحقيق اهدافه المعلنة بالقضاء على حماس وإطلاق سراح الاسرى والرهائن ومازالت المقاومة بمفردها تقاتل بالنار والمناورة وتدك صواريخها المدن بخاصة العاصمة تل ابيب عاصمة الكيان المغتصب.

ان استمرار المقاومة في قتال العدو هو الخيار الفلسطيني لدحر العدوان وأفشال مخططاته السياسية والعسكرية. 

 طوفان الاقصى من المعارك التي سوف يشار لها في تاريخ حروب المقاومة والتحرر الوطني، وهي تحكي قصة مقاومة شعبية باسلة هزمت بقدراتها المتواضعة أقوى قوة احتلال غاشمة مسندة من قوى عالمية تناصب العداء للأمة وشعوبها.  

تشرين الثاني 2023






الاحد ٢٨ ربيع الثاني ١٤٤٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٢ / تشرين الثاني / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب صباح نوري العجيلي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة