شبكة ذي قار
عـاجـل










القضية الفلسطينية في ضمير وفكر البعث

ابن فلسطين

 

 

شغلت القضية الفلسطينية  مكانة بارزة  في  فكر وضمير حزب البعث العربي الاشتراكي وأدبياته، فمنذ تأسس في السابع من نيسان من عام 1947 رفع شعار الدفاع عن القضايا العربية، خاصة قضية فلسطين والنضال من أجل تحريرها، وأعلن موقفه صراحة منذ البداية حول هذه القضية القومية، مؤكداً على رفض وعد بلفور وعلى عروبة فلسطين وحقوق شعبها العربي التاريخية فيها، محذراً في حينه من المخاطر التي ستترتب على إقامة  الكيان الصهيوني العنصري القاعدة المتقدمة لقوى التحالف الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية  في المنطقة العربية، رافضاً تقسيم فلسطين داعياً لتضافر جهود الأمة قاطبة لمواجهته على ثرى ترابها الطهور.

الحزب ولطالما حذر من المخاطر التي تتهدد الأمة من هذا الكيان، وتهدد كذلك تطلعاتها الوحدوية، وشخصيتها القومية، ووجودها الحضاري سياسياً، اقتصادياً، ثقافياً، قومياً، ودينياً، وكذلك ثرواتها الطبيعية، فقرر أن يتوجه مقاتلوه وقياداته لخوض معارك البطولة والفداء عام 1948م في فلسطين تنفيذاً لقرار اتخذه بهذا الشأن لإنقاذ عروبتها من براثن أخطر استعمار استيطاني عنصري وإرهابي، رغم قناعته أن هذه الحرب لم تحظ بالاستعداد والتحضير الجيد لها من الناحية العسكرية، وبعد حرب 1948 أكد اهتمامه بقضية فلسطين من خلال تأسيس مكتب فلسطين الدائم في الحزب الذي عمل على إصدار البيانات المتعلقة بهذه القضية باعتبارها قضية العرب القومية والمركزية والعمل على تهيئة الجماهير لخوض معركة تحرير فلسطين واعتماد الحرب الشعبية والكفاح المسلح الطريق الأمثل لها، وتبنى الدعوة لتأسيس الكيان الفلسطيني على اعتبار أنه ضرورة ملحة  لتنظيم عمليات التطوع للجهاد في سبيل إنقاذ عروبتها، تجسيداً لموقفه بعد إيجاد الكيان الصهيوني في أنه وليد الاستعمار والصهيونية، وهو خطر يتهدد الأمن الوطني والقومي، كون فلسطين الجناح الجنوبي لسورية والواصل بين إفريقيا العربية وآسيا العربية وقلب الوطن العربي، وإقامة هذا الكيان اليهودي فيها يعني تمزيق الوطن العربي وتعريض استقلال الأقطار العربية للخطر، ففلسطين في البرنامج الصهيوني ما هي إلا البداية لابتلاع الأرض العربية من النيل إلى الفرات، ولإبراز الشخصية الوطنية الفلسطينية، وتوحيد كلمة الفلسطينيين، والمحافظة على استمرارية نضالهم من خلال تشكيل جبهة نضالية تحررية فلسطينية باعتماد الكفاح المسلح الطريق العملي على الساحة الفلسطينية قام بتأسيس منظمات البعث كجبهة التحرير العربية، وطلائع حرب التحرير الشعبية،  اللتان تبنتا هذا الدرب كطريق لتحرير فلسطين، وجرى تدريب هذه المنظمات باعتبارهما منظمتين عقائديتين تنتهجان خط البعث النضالي والكفاحي، حيث  أكدت على ذلك المؤتمرات التنظيمية الحزبية القومية والقطرية على ذلك في فترة ما بعد هزيمة حزيران سنة 1967.

وفي سبيل منعة الأمة وفلسطين لعب دوراً أساسياً في دعم التعاون والتضامن والعمل العربي المشترك، ونشر الشعور القومي وبلورة الهوية القومية، والوقوف في وجه مشاريع الهيمنة الأجنبية على المنطقة، ولم تتمكن الصهيونية العالمية والإمبريالية الأمريكية وعملاؤها من القضاء على فكر الحزب الوطني والقومي لتجذُّره في أعماق الشعب والأمة والأرض والإنسان في عراقنا الحبيب، رغم استهدافه بالحرب الكونية التي شنت عليه بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، وما سنته من قانون اجتثاث البعث للقضاء على دوره الجيوسياسي الهام في الصراع العربي الصهيوني وإضعاف الفكر القومي والدولة القومية والحزب القومي، حيث ترسخت مسيرة الحزب العظيمة في عقول وضمائر جماهير الأمة، والتي أثمرت عن الوعي القومي في العراق، الذي عطل عن دوره الريادي منذ الاحتلال في سنة 2003، بثورة تشرين المجيدة التي ما زالت في نمو متعاظم أفقد العدو الفارسي " إسرائيل الشرقية " المنضوية تحت لواء الولايات المتحدة التي تناور في معاداتها للم شمل القوى المضادة للعروبة والإسلام.

وخاض الحزب في العراق العربي حرباً ضروساً ضد قوى التحالف الغربي في حربي 1991 و2003 للحيلولة دون المساعي الاستعمارية لدمج الكيان الصهيوني في اقتصادات المنطقة العربية، وتنفيذاً للشرق الأوسط الجديد الذي بدأت ملامحه تظهر سنة 1982 في عهد رونالد ريغان أثناء انشغال العراق في حربه التي كان يخوضها ضد إيران، دفاعاً عن عروبة الحدود الشرقية للوطن العربي، كون قيادته كانت مدركة ماذا يعني تنفيذ هذه الأجندة الصهيوأمريكية على المنطقة، والعدو الصهيوأمريكي يعي جيداً ماذا يعني استمرار بقاء البعث على قمة السلطة في العراق من تهديد لأجندتها ومخططاتها ضد العرب أجمعين، والذي لا يمكن افشاله دون تمزيق العراق ووحدة المواقف العربية التي تعتبر حاجة حيوية وضرورية للبقاء في إقليم ملتهب تسعى الولايات المتحدة لتطويعه في خدمة العدو الصهيوني وأطماعه التوسعية في أرجائه.

لقد بانت صحة توجهات الحزب من عجز أي قطر عربي، في وضعه الراهن، من الوقوف في وجه الخطر منفرداً، ففرضت عليهم أجندات سيقوا إليها سوقاً رغم أنوف الجميع، وناضل الحزب ضد المشاريع الاستعمارية والأحلاف العسكرية، كمشروع جونسون لمياه نهر الأردن، ومشروع دالاس ومشاريع توطين اللاجئين، وتصدى لحلف بغداد ومبدأ أيزنهاور وجميع المشاريع السياسية والاقتصادية والعسكرية الأخرى التي طرحتها الولايات المتحدة لتثبيت الكيان الصهيوني وفرض الاعتراف به.

ولطالما نبهت القيادة القومية للحزب في نيسان 1956 لخطر الحركة الصهيونية الاستعمارية الغازية على الكيان القومي العربي والتي بانت في عدوان 1956 على مصر، وفي مشروع همرشولد لتوطين اللاجئين الفلسطينيين، ومشروع جونستون لسحب مياه نهر الأردن للجنوب الفلسطيني اللذين رفضهما جملة وتفصيلاً.

مؤكداً أن الصهيونية تستغل العامل الديني لتسخير اليهود لهذا المشروع بمزاعم وخرافات وأساطير وأكاذيب وأن "الصهيونية غزو ديني لا يشبهه في التاريخ إلا الحروب الصليبية، ولا يقدر على دفعه إلا يقظة الإيمان في نفوس العرب، وتجسيد هذا الإيمان بشكل عملي وفعال.

وتبنى البعثُ العمل الفدائي استراتيجية لمواجهة الصهيونية والامبريالية التي تعمل على تصفية قضية فلسطين، وأكد دعمه للمقاومة الفلسطينية في المؤتمر التاسع عام 1966، واعتبر قضية فلسطين هي المحور الأساس في استراتيجيته النضالية في المجالات الداخلية والعربية والدولية، وأسس جبهة التحرير العربية الملتزمة بالمقاومة المسلحة وحرب التحرير الشعبية لتحرير فلسطين، ورفض مشروع روجرز والمشاريع المشبوهة الأخرى وخاصة إقامة دويلة فلسطينية في جزء من فلسطين للتشطيب على حق العودة وتصفية القضية الفلسطينية لمصلحة العدو وإنهاء الصراع العربي- الصهيوني.

ولا يزال الحزب على صعيد النظرية والممارسة يؤكد على أن قضية فلسطين هي جوهر الصراع العربي-الصهيوني، وهي قضية الأمة العربية بأسرها، وأن الصراع هو ما بين الأمة العربية وبين العدو الصهيوني العنصري والعدواني والتوسعي، فالقيادة القومية مصممة على متابعة النضال من أجل قضية فلسطين، لأنها قضيتها المركزية والقضية المركزية للأمة العربية، فالتراث الفكري والسياسي والنضالي لحزب البعث ربط القول بالفعل بشكل لا مثيل له، ويشكل هذا التراث الهائل الدليل العلمي والثوري والشرعي العادل للقضية المركزية للأمة العربية، وهذا التراث النضالي يثبت أن حزب البعث هو حزب فلسطين والأمة العربية ورسالتها الخالدة للإنسانية.

  فإيمان حزب البعث العربي الاشتراكي ينطلق بفكره لتحرير فلسطين كونها قضية قومية تتطلب وحدة المواقف العربية والعرب أجمعين بالالتزام المطلق بقضية العصر القضية الفلسطينية فتحريرها يعني أنه لن يبقى أي أثر للاستعمار في المنطقة العربية بل يتجاوزها للعالم أجمع. 

* وللحقيقة والتاريخ لا يوجد قائد ارتبط بقضية فلسطين أكثر من أمين عام الحزب رئيس جمهورية العراق الشهيد  صدام حسين، حيث كل أحاديثه وأفعاله ورفاقه في القيادة تشعر أنه مسكون بقضية العرب الأولى قضية فلسطين، على الرغم أن العراق كان يواجه العدوان الإمبريالي الأمريكي والبريطاني، وعلى مدار سنوات الحصار التي تجاوزت ثلالثة عشر سنة، فإن قضية فلسطين كانت واضحة في كل اهتماماته ورفاقه في القيادة، وأنه حين شدد العدو الصهيوني خناقه على الانتفاضة الفلسطينية مستغلاً العدوان على العراق أطلق تسعة وثلاثين صاروخاً على مواقع العدو الصهيوني الحيوية، ووقف إلى جانب الثورة الفلسطينية وبكل فصائلها، ومد يده إلى شعب فلسطين في انتفاضتيه العظيمتين، وتبرع العراق باقتسام الغذاء والدواء ما بين القطرين العربيين، فلسطين والعراق، وطلب من هيئة الأمم اقتطاع مليار دولار سنوياً من أموال الغذاء والدواء لصالح شعب فلسطين، وأدخل طلبة فلسطين في جامعات العراق وبقرار رئاسي، وقدم منحة مالية لكل أسرة جريح أو شهيد من جرحى وشهداء الانتفاضة، وكذلك مساعدة مالية لكل من تضرر بيته جراء العدوان الصهيوني المستمر على بيوت أبناء فلسطين، وفي إحدى أحاديثه طالب الدول العربية أن تمنح للعراق قطعة أرض على حدود فلسطين، ليتمكن من مساعدة شعب فلسطين في الجانب العسكري ضد العدو الصهيوني.

 صدام حسين كل مشكلته مع الإمبريالية الأمريكية وحلفائها من الغرب ما كان يمثله من تهديد للكيان الصهيوني، فأمريكا من الممكن أن تحصل على النفط وهي تستحوذ على مجمل إنتاج دول مجلس التعاون، والعراق يبيع النفط لمن يشتريه، لأنه يريد الحصول على التكنولوجيا التي يريدها ويحتاجها، ولكن القضية ليست كامنة في النفط، القضية كامنة في مدى قدرة نظام العراق على تهديد الكيان الصهيوني في وجوده، هذا الكيان الذي يمثل المخفر المتقدم للإمبريالية الغربية والأمريكية على وجه التحديد.

 فلسطين وهي تفتقد اليوم حزب البعث العربي الاشتراكي في العراق، ما مكن نتنياهو وترامب من إعلان الصفعة الأمريكية الصفقة للعرب أجمعين بتمليك فلسطين لليهود، لكن القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي والقطرية في العراق على العهد فكما كانت داعمة دوماً للشعب الفلسطيني خاصة خلال الانتفاضتين الأولى والثانية  فإنها أكدت أنها، أي الصفقة الصفعة، تعني تصفية القضية الفلسطينية والتي حتمية اسقاطها تكمن في المقاومة والوحدة الوطنية الفلسطينية وتوفير الدعم القومي للثورة الفلسطينية وتوافر أوسع تحرك شعبي عربي رافض للمشروع التصفوي للقضية الفلسطينية. 




الاربعاء ٢ جمادي الاولى ١٤٤٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٥ / تشرين الثاني / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب ابن فلسطين نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة