شبكة ذي قار
عـاجـل










طوبى للكفن وما ستر !

نبيل الزعبي

 

 

 لو تسنى لأخصب مخيّلة اجرامية ان تضع سيناريواً لما نفذته دولة الاحتلال الصهيوني بالمدنيين في قطاع غزّة ، لعجزت ، وما كان ، حتى للشيطان ، ان يصل الى ما ارتكبته من مجازر ، لا يعجز الكلام عن وصفها وحسب ، بل تختنق العبارات ولا تدري من اية ابجدية تسطّر ، وكم للدم من مداد ان يغطي صفحات الجريمة ، والخبر قد عجز ، وما عاد يصلح القلم . ايها التاريخ عذراً ، فما عاد يعنينا الفرح ، وما عدنا نسأل عن البطولة في امتنا ، وفي غزة تتجسد البطولة في البشر والحجر ، الشيب والشباب ، الرضّع والخدّج ، وما في داخل الأرحام وأصلاب الرجال ، هي البطولة على ايدي من غلبوا الموت ، وهم يغسلون بدمائهم ، عار العرب . يا امتي ، انفضي عنك وشاح الحزن وافرحي ، فما بعد الشدّة سوى الفرج ، ففي غزة ، يتوقف عدّاد الموت ، ويحيا الشهيد كل يوم ، ويزرع المقاوم على تربة فلسطين ، بذور الفداء التي تثمر جبابرةً هزأوا بالموت وهم يرسمون مشاريع الشهادة لتحيا الارض . في غزة ، لم نعد بحاجة لاستحضار تاريخ الامة والرسالات ، ومآثر الاولين، وفي معاناتها يتخرج كل يومٍ الف نبي ونبي ، من شبابها وشيبها واطفالها وامهاتها وآبائها وداخل الارحام الولود ، هو حمام الدم ، ان لم يغسل عاركم ايها العرب ، فكم من حمام دم ، سيطهركم من هذا العار ! من إية طينة عجائبية انتم يا شعب الجبّارين ، حتى أجبرتمونا ، بكل رضىً وخشوع ، ان نركع أمامكم ، شاكرين لشهامتكم ، بكم ، تعود حياتنا إلى الحياة من جديد ، وتستعيد كرامتنا بعضاً مما استُبيح منها على مر السنين . انتم يا خير اجناد الارض ، أولى من يستحق منا التقديس ، على هذه الارض وفوق الارض ، وتحت الارض ، التي ضخّيتم في احشائها كل مقومات الصمود ، في شرايين ، اسمها الأنفاق . أيا غزّة الشهادة والبعث والقيامة من الموت ، وانت تدحرجين الحجر كل يوم ٍ عن المدينةٍ والقطاع ، حسبوا ان الحجر سيخفي قبراً ، وما دروا ان على تراب فلسطين ، خرج المخلص ودحرج الحجر ، وفي قيامة المخلّص قيامتك حتماً ، اما الاتباع والمريدين فإلى ازدياد ، واما الرسالة فللانتشار . انها دماءكم يا ابناء غزّة ، تلعن الظالم كل يوم ، ويتدفق من شرايين تربتكم الشهداء ، تروي الارض العطشى المتمردة على الجفاء ، تسطّر للعالمين ما يلي : لقد انتصر الدم على الطائرة والمدفع والميركافا والفوسفور المحرّم دولياً ، وبات العالم اجمع يشير بأصابع الاتهام إلى القاتل ويقول بعد خجل وحياء السنين : انت قاتل . لقد أزهر دم الشهيد ، وابتسم في عليائه وهو يردد مع الامهات والأطفال والشيوخ : قسماً بالدماء الحرّة النقية ، إنا لمنتصرون ، طوبى لك يا غزة اليوم وغداً وكل يوم ، و طوبى للشهداء والكفن ، وكل من تدّثر بالكفن ،






الاثنين ٢٨ جمادي الاولى ١٤٤٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١١ / كانون الاول / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب نبيل الزعبي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة