شبكة ذي قار
عـاجـل











بيان قيادة قطر العراق

في الذكرى السابعة والسبعين لتأسيس البعث

 

بعد الحربين العالميتين اللتين عاش العالم تحت ويلاتهما ردحاً من الزمن، وكان للوطن العربي نصيبه الأكبر من خطط الهيمنة الاستعمارية، انطلقت النخب المثقفة في طول الوطن العربي وعرضه، في عملٍ للبحث عن خلاص للأمة، لأنها كانت تشعر بحجم الكارثة التي لحقت بها منذ سقوط بغداد سنة 1258م عندما تمكن المغول بقيادة هولاكو من احتلال بغداد، نتيجة تواطؤ الوزير الفارسي العلقمي مع جيش الاحتلال.

ولما كانت النظم العربية التي وُلدت على أنقاض الحربين، قاصرة عن تلبية متطلبات قيام الدولة الحديثة كاملة السيادة، والتي تستطيع التحكم بالثروات الوطنية لكل قطر على حدة، فلم تبقَ هناك خيارات كافية أمام المواطن العربي، إلا اللجوء إلى النخب الواعية التي تمتلك وعياً فكرياً مبكراً وتصوراً كاملاً لما تحتاجه الأمة من أسباب النهوض المتعددة المحاور، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، والاعتماد على القوة الذاتية القادرة على الدفاع عن الأمن الوطني والقومي، والتصدي لخطط الاستعمار الجديد الذي بدأ يطل برأسه على شكل هيمنة اقتصادية على ما تختزنه الأرض العربية من ثروات سطحية وباطنية.

لذلك شهد الوطن العربي نشوء أحزاب تقليدية، بعضها يسعى لاستنساخ التجربة الغربية، في برامجها والتي كانت محصورة في نطاقها القطري الضيق، أو ذات توجهات قومية حاولت اقتفاء أثر التجربة الأوربية في هذا الاتجاه، وذهبت أحزاب أخرى لتقليد النموذج السوفيتي المعروف بالقفز فوق الخصائص القومية، في ظل هذه الأجواء التي تعددت خيارات المفكرين العرب في بلاد الشام الذين سبقوا غيرهم في التلاقح الثقافي والفكري مع أوربا، ولأن العاصمة السورية كانت تستقطب أعداداً كبيرة من الطلبة العرب الذين وفدوا إليها لنهل العلم من الجامعة السورية، والتي كانت تضم في صفوفها المئات من الطلبة العرب من مختلف الأقطار العربية من المغرب الأقصى إلى العراق والجزيرة العربية، والذين تشبعوا بالفكر القومي من منابعه الصافية، فكان لهذا الثقل العربي أثره الواضح في الدعوة لتأسيس حركة سياسية واحدة على المستوى العربي، تأخذ بنظر الاعتبار خصوصية الوطن العربي، والتفاوت الطبقي الذي يوشك أن يدفعه إلى أزمات عميقة عانت منها أوربا.

بعد الثورة البلشفية في روسيا عام 1917، ولأن النخب الفكرية تحمل رصيداً عالياً من الوعي باحتياجات الأمة، فقد تمت الدعوة لعقد مؤتمر يؤسس لحركة عربية تحمل في برامجها فكراً قومياً منفتحاً وليس عنصرياً، مع عدم اغفال الواقع الاجتماعي للشعب العربي، فكان انعقاد المؤتمر التأسيسي للبعث الذي انطلق في الرابع من نيسان 1947، واختتم أعماله في السابع من الشهر نفسه، بعد أن وضع الأسس التنظيمية والفكرية لحركة البعث، والتي امتلكت منذ الأيام الأولى قوة الفعل المؤثر لانطلاقتها حضوراً فكرياً في أكثر من قطر عربي، وتم انتخاب قيادة  قومية للحزب هي التي تمثل الشرعية الوحيدة التي تستمد منها كل التنظيمات المرتبطة بفكر البعث وتنظيماته، والتي ستفقد شرعيتها ما لم تحصل على الإقرار بشرعيتها من القيادة القومية.

ويمكن للمراقب أن يؤشر ملاحظتين جوهريتين في هذا الصدد:

الملاحظة الأولى: هي اختيار اسم البعث لهذه الحركة، وهذا ما يرمز إلى أن الأمة العربية دخلت في مرحلة الموت السياسي والفكري الطويلين أي منذ سقوط الدولة العباسية سنة 1258، ودخول الأمة في حالة عدم توازن وإضاعة معالم الطريق، وبالتالي فهي بأمس الحاجة إلى قوة قادرة على انتشالها من تلك الحالة التي لا يمكن أن تستمر طويلاً، ولكنها من يتصدى لهذه المسؤولية التاريخية.

فكان الجواب حتمياً لقد جاء البعث ليؤدي هذه الرسالة التاريخية وبعث الروح فيها من جديد.

الملاحظة الثانية: هي اختيار مقهى الرشيد لانعقاد المؤتمر، لِما لهذا الاسم من رمزية كبيرة في تألق العرب ونبوغهم السياسي والفكري، بعد أن أقاموا صرح العدل في أرجاء الدولة العربية الإسلامية التي امتدت من الأندلس غرباً إلى الصين شرقاً، فضلاً عن التلاقح الفكري بين بغداد ودمشق كطريق واحد لا بد للأمة من سلوكه كي تصل إلى أهدافها.

إن ميلاد البعث كان شارة البدء لوضع المشروع القومي على الطريق السليم عبر أدوات تؤمن بالأهداف التي حددتها حركة البعث في بيانها الذي صدر يوم السابع من نيسان 1947، ونذرت نفسها من أجل تحقيقها وهي الوحدة والحرية والاشتراكية، ومنذ ذلك التاريخ المجيد، خاض مناضلو البعث معارك الأمة العربية بلا هوادة من أجل الحرية والاستقلال، فكانوا زبائن متكررين على سجون المحتلين أو وكلائهم من الحكام الخونة، ولكن البعث الذي كان يمتلك برنامجاً متكاملاً تمكن من تَسلمِ الحكم في قطرين عربيين هما العراق وسوريا، بعد عقد ونيّف من تأسيس الحزب، ومع أن التجربتين تعرضتا للتآمر، إلا أن البعث سرعان ما عاد للحكم في العراق بعد خمس سنوات فقط فأقام صرحَ تجربة سياسية واقتصادية غير مسبوقة في الوطن العربي، مما ألب قوى الشر على البعث والعراق معاً.

فحشدت القوى الدولية عملاءها الإقليميين والمحليين الذين عجزوا عن مواجهة التجربة، فاضطرت الولايات المتحدة أن تأتي بقوتها العسكرية، لتحتل العراق وتسلمه هدية لأعدى أعداء العراق "إيران"، وليفقد العراق سيادته وهويته الوطنية والقومية، ولتحكمه شلة فاسدة لم يعرف التاريخ لفسادها وفقدانها للروح الوطنية، مثيلاً وها هي قد أعادت العراق إلى أشد حقبه التاريخية سواداً وفساداً.

لقد دفع البعثيون ثمناً باهظاً دفاعاً عن مبادئهم ووطنهم، ولم يبخلوا بالغالي والنفيس دفاعاً عن العراق وانتمائه العربي بوجه كل التيارات الشعوبية، التي سلمتها أمريكا مقادير العراق منذ 21 سنةً حالكةً، وكان في مقدمة شهداء البعث، شهيد الحج الأكبر، الرفيق المناضل صدام حسين الأمين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي، أمين سر قيادة قطر العراق.

تحية لشهداء البعث في ذكرى تأسيسه، وعهد الرجال الرجال على مواصلة الدرب الذي اختاروه بوعي كامل وإرادة عقائدية صلبة.

تحية للقيادة القومية للحزب رمزَ شرعيته وعاملَ وحدته التنظيمية والفكرية.

تحية لكل مناضلي البعث في سجون الأعداء، وتحية لكل مناضل بعثي يوصل الليل بالنهار في نشاط دؤوب وصولاً لتحقيق أهداف الأمة التي هي أهداف الحزب.

 

 

قيادة قطر العراق

لحزب البعث العربي الاشتراكي

بغداد السابع من نيسان 2024






السبت ٢٧ رمضــان ١٤٤٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٦ / نيســان / ٢٠٢٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب قيادة قطر العراق لحزب البعث العربي الاشتراكي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة