تعمل القوات المشتركة والميليشيات المتنفذة على بسط نفوذها في العراق وتتنافس فيما
بينها على ذلك، وفي هذا السياق أقر مسؤولون في العراق بأن خلافات حادة طرأت بين
قيادات وزعامات مليشيات “الحشد” وقادة وأركان جهاز مكافحة الإرهاب الذي يحظى بدعم
ورعاية أميركية منذ تشكيله عام 2009، وأقرّ رسمياً كجهاز مستقلّ عبر قانون شُرّع له
داخل البرلمان عام 2016.
وبحسب (العربي الجديد) فإن “الجهاز الذي يعدّ الأقوى من بين التشكيلات
العسكرية في العراق، ويتمتّع بترسانة عسكرية متطورة وتدريب أميركي عال، يشكو من
تدخلات قادة وزعماء مليشيات الحشد، والتجاوز على صلاحياته الدستورية، وصلت أخيراً
إلى تهديد بعض قياداته البارزين، فيما يربط مراقبون ذلك بصراع الأجندات والنفوذ
الإيراني والأميركي داخل العراق، الذي بدأ يأخذ منحى جدياً وأكثر حديّة من السابق،
بشكل قد يهدد الاستقرار الهشّ الذي بدأ للتو في العراق”.
وأفاد مسؤول بارز ل(العربي الجديد) بأن “شكاوى من قيادات وضباط جهاز مكافحة
الإرهاب تتزايد عن ضغوط وتدخّلات الحشد الشعبي في عملها وسعيها للتغلغل داخله، كما
فعلت من قبل مع الجيش والشرطة الاتحادية والشرطة المحلية”.
وأضاف المسؤول أنّ “مشاكل حادة جرت بين بعض قادة الجهاز وعناصر بارزة أو
قيادات بمليشيات الحشد حاولت التدخّل في عمل جهاز مكافحة الإرهاب في ما يتعلّق
بتنفيذ مهام نوعية ضد مسلحي (تنظيم الدولة) أو انتشاره في المناطق المحررة أو تحركه
في مناطق نفوذ المليشيات، حيث يجد مضايقة في ذلك. كما أن الحشد يحاول المشاركة
بالمعلومات الأمنية الخاصة بجهاز مكافحة الإرهاب”.
وبين المسؤول أن “بعض قادة الجهاز هددوا بالاستقالة بعد تلقي أربعة ضباط في
كركوك وبغداد والبعاج وبيجي تهديدات صريحة من الحشد، وأحدهم دخل بمشادة كلامية
وشتائم مع أحد عناصر المليشيا شمال بغداد”، معتبراً أنّ “الخلافات باتت تحدياً
لرئيس الوزراء، “حيدر العبادي”، وتدشيناً فعلياً لأحد المشاكل التي كان يتوقّع
بروزها بعد انتهاء مرحلة مسلحي (تنظيم الدولة)، مع وجود 69 فصيلاً ومليشيا مسلحة
ذات طابع ديني راديكالي صعب وبولاء لدولة جارة” في إشارة لإيران”.
من جانبها، أكّدت مصادر مقرّبة من مليشيات “الحشد الشعبي” أنّ “الاحتكاكَ
الحالي خاصٌّ بين قيادة جهاز مكافحة الإرهاب وعدد محدود من فصائل الحشد على رأسها
العصائب وحزب الله والنجباء”.
ووفقاً للمصادر ذاتها فإن “المليشيات الثلاث تلك تحاول التدخّل بعمل الجهاز
وفرض رؤيتها، وهو ما لا يروق لقياداته ويرفضونه، كما أنّ النظام الداخلي لعمل
الجهاز لا يجيز تلقّيه أوامر إلا من القائد العام للقوات المسلحة، أي رئيس
الوزراء”.
من جانبه قال عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان ، “عدنان الأسدي”، إن “جهاز
مكافحة الإرهاب أُقرّ بقانون مستقل وهو مؤسسة مستقلة مختصة، وهو جهاز متطوّر في
المنطقة، وأعتقد أن مسألة وجود خلافات بين هذا الجهاز أو هذا التشكيل وذاك، قد تكون
جراء حساسية، مثل تلك الموجودة بين وزارتي الداخلية والدفاع.
في غضون ذلك أقر عضو البرلمان “شاخوان عبد الله” بأنه “ليس من صلاحية أحد
التدخّل بعمل الجهاز أو ممارسة أي سلطة عليه، كونه محمياً بقانون ولا يمكن تغيير
القانون أو إلغاؤه إلاّ من خلال البرلمان”.
وقال القيادي في التيار المدني ” حسام العيسى”، إن “الحشد تدخّل في كثير من
مفاصل الدولة حتى على مستوى عمل دوائر الحكومة المدنية، ولديه تغلغل مباشر في كثير
من الدوائر، مثل الجنسية والجوازات والمنافذ الحدودية والجمارك ونقاط التفتيش
ومداخل المدن والمطارات وعدد من أجهزة الأمن والاستخبارات، وهو ما لا يمكن للحكومة
أو الحشد نفسه إنكاره”.
وأضاف في حديث لـ”العربي الجديد”، أنّ “الحكومة مطالبة بوضع حدّ لتدخل الحشد
في تلك المفاصل خصوصاً في المحافظات، لا سيما وأن ذلك يزداد مع قرار السماح لها
بالمشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة”.
وبين العيسى أن “القوات الأميركية قد ترفع يدها عن الجهاز وتوقف جميع أشكال
الدعم في حال استشعرت بسيطرة الحشد عليه، كما فعلت مع الشرطة الاتحادية قبل سنوات”.
الاثنين ٤ جمادي الثانية ١٤٣٩هـ - الموافق ١٩ / شبــاط / ٢٠١٨ م