العراق ساحة للعنف بسبب فشل الأجهزة الحكومية




شبكة ذي قار

تحوُّل العراق إلى ما يشبه ساحة للعنف والحرب بإختلاف أشكاله، بسبب ما يشهده العراقيون والعالم أجمع في تلك البقعة من المنطقة العربية منذ سنوات، لا يحتمل تأويلات كثيرة.

حيث يقبع كثيرون خلف قضبان السجون في العراق للإشتباه بإرتكابهم جرائم، لكنهم فاعلو خير إنتهت بهم مساعيهم لمساعدة الأخرين إلى السجن.

بعض من أفعال الخير باتت ترعب العراقيين، والإبلاغ عن مجرم شارك في عملية سطو أو سرقة أو جريمة يحوّله إلى متّهم، ما يخالف كل القوانين، ما يحدث في العراق هو تسلّط قبيلة ومجتمع عشائري بات قوياً إلى درجة تعجز القوات الحكومية عن التصدي له.

وفاعل الخير الذي يصبح متّهماً يكون أمام ثلاثة خيارات تفرضها عليه شروط القبيلة: وهي إما القتل أو دفع المال أو السجن، ومن بين هذه القصص التي يتناقلها الشارع العراقي، عملية سطو في وضح النهار نفّذها مسلحون استهدفوا أحد المنازل في العاصمة بغداد، وبعد إنتهاء العملية وهرب العصابة المسلحة، إنتشر مقطع فيديو للعصابة ظهرت فيه وجوه أفرادها بوضوح، ما أدى إلى إعتقالهم.

وكان الفيديو قد صوّر بكاميرا مراقبة يملكها أحد الجيران، فما كان من أهالي المجني عليهم إلا أن هدّدوا الجار بالقتل أو دفع جزية لأن كاميرته تسببت في سجن أبنائهم، وفي النهاية، رضخ للأمر ودفع جزية.

هذه الحوادث تجعل العراقيّين يتجنّبون فعل الخير وتقديم المساعدة، التي قد تنقذ شخصاً ما من الموت، في وقت يؤكد كثيرون أن البعض مات بسبب عدم تقديم المساعدة له خوفاً من العواقب.

يقول “صلاح مهدي”إنه يدعو الله بإستمرار أن يغفر له خطيئته ويسامحه على ما يظن أنه ربما تسبب بموت أحدهم، يوضح أنّه قبل عام، حين كان طالباً في الجامعة، صادف وهو يسير صباحاً في الطريق الزراعي متوجهاً نحو موقف الباصات، شخصاً على الأرض. يقول: “كانت تبدو عليه آثار إطلاق نار في ظهره، وكان يئن بصوت خفيض، هممت بمساعدته، فجاءني صوت امرأة من خلفي: إتركه يا إبني ولا تتورط.

كانت امرأة مسنّة تسير إلى موقف الباصات، وقالت إنّ جارها أبلغ عن جثة رجل وجده مقتولاً في الشارع فاتّهم بأنه القاتل”.

أضافت: “ما زلت شاباً فلا تضيّع مستقبلك. إتركه وارحل”. مهدي سمع نصيحة المرأة، “التي لم تقل سراً أجهله”، مبيّناً أن “ما قالته حقيقة يعلمها جميع العراقيين، لكن الموقف كان صعباً، كلّنا قد نمر بأمر مماثل وقد نحتاج إلى مساعدة أحدهم، أولئك القبليّون المجرمون يجبرون الناس على الإبتعاد عن أي فعل إنساني وأخلاقي”.

في العراق حوادث كثيرة قد تكون عبارة عن عمليّة خطف تنتهي بقتل المخطوف، أو تعرض أحدهم لحادث عرضي أو مروري، أو إصابات بطلق ناري عشوائي، هذا طبيعي وقد تحول البلد بفعل ما مر به خلال السنوات الماضية إلى واحد من أكثر بلدان العالم عنفاً، بسبب وجود تنظيمات إرهابية، وباتت رؤية مصابين وجثث في الشوارع أمراً عادياً.

يؤكد المحامي “طارق الجميلي” أن “على فاعل الخير أن يحصّن نفسه إن أراد فعل الخير”، لافتاً إلى أن “مثل هذه الحوادث لم تكن موجودة في العراق قبل الإحتلال الأمريكي عام 2003.

مضيفاً أنّ القانون يحمي الشاهد وفاعل الخير، لكن “الخلل” برأيه يتمثّل بالسلطة التنفيذية التي أصبحت بعد الإحتلال ضعيفة، ولا تقوى على مواجهة النفوذ العشائري والمليشيوي والحزبي.

وينصح الجميلي “من يريد فعل الخير بأن يحاول تحصين نفسه”، موضحاً أن ذلك التحصين يشمل إستخدام وسائل التواصل الاجتماعي والاعتماد على التقنيات الحديثة في التصوير من خلال الهواتف الذكية. مثلاً، يمكن توثيق الحوادث بالفيديو وإرسالها مباشرة إلى منصات معروفة أو وسائل إعلامية، أو تسجيل فيديو اعتراف للشخص المصاب إن كان حياً، يؤكد فيه أن هذا الشخص منقذ وفاعل خير ولا صلة له بالحادث، ويجب ألا يتسرع بفعل الخير فيفقد مستقبله أو ربما قد يخسر حياته.

من جهته، يقول عضو مجلس شيوخ عشائر بغداد فالح الزيدي إن فرض الجزية ظلم، مؤكداً أنها “بدعة” أوجدتها مجموعة من الخارجين عن القانون بهدف الانتفاع.

مضيفاً يضيف أن “غياب الأمن وضعف الأجهزة الحكومية وظهور مليشيات مسلحة كلها أدت إلى ظهور حالات شاذة في المجتمع بعيدة عن التقاليد والأعراف العشائرية، الديّة لا تؤخذ إلا من شخص أو مجموعة أشخاص أدينوا بفعلة ما وأعترفوا بجرمهم.

وغالباً، تُسقط العشائر الدية وتترك القانون يأخذ مجراه”. يتابع: “لا تتعارض الأعراف والقوانين العشائرية مع القانون، والعرف العشائري في ما يخص الدية هو لحلّ المشكلة وإنهاء الخصومة”، ومن يأخذ الديّة ظلماً وبالقوة أشخاص يدعون زعامات قبلية وهم ليسوا كذلك. زعماء القبائل على خلق ولا يقبلون بالظلم، لكن هؤلاء تدعمهم المليشيات وهم بالأساس لصوص أو مجرمون”.



الاثنين ١٤ محرم ١٤٤٠هـ - الموافق ٢٤ / أيلول / ٢٠١٨ م


اكثر المواضع مشاهدة

علي الأمين - في ذكرى الميلاد الميمون
عمود قصير - الى / الفضائيات والصحف ( العراقية والعربية والأجنبية ) الغراء : امامكم تقريراً موثقاً عن المنجزات الكبيرة والخطيرة التي حققها ( العبادي ) لإيران .. ( الرسالة الرابعة )
فاطمة حسين - الأخلاق سمة العظماء ( صدام حسين نموذجا )
صدى نبض العروبة - في ذكرى الميلاد: صدام حسين كان حاجة أمة وسيبقى
علي العبيدي - استهداف صدام حسين كان استهدافاً للأمة
صدى نبض العروبة - صدور العد ٤٠٥ من مجلة صدى نبض العروبة- خاص بذكرى ميلاد الرئيس الشهيد القائد صدام حسين
أم صدام العراقي - كلمة حب ووفاء .. للقائد في ذكرى ميلاده الميمون
علي العتيبي - ميلاد القائد صدام حسين استذكار للرجولة والمبادئ
قــائــد عظيــم يـــرثيـــه شــاعـــر عظيــــم - قصيدة الشاعر الكبير المرحوم عبد الرزاق عبد الواحد في رثاء القائد العظيم الرئيس الشهيد صدام حسين
الاتحاد العام لنقابات العمال في العراق - بيان صادر من الاتحاد العام لنقابات العمال في العراق لمناسبة الأول من أيار عيد العمال
محمود بشاري الكعبي - لعبة القط والفأر بين نظام الملالي والدول الخمس زائد واحد
انتفاضة احرار العراق - مقطع جديد لمجزرة الحويجة يظهر فيه الحقيقة التي اقدمت عليها المليشيات الحكومية الصفوية المجرمة
قيادة قطر العراق لحزب البعث العربي الاشتراكي - بيان قيادة قطر العراق في الذكرى السادسة والثلاثين لمعركة تحرير الفاو الخالدة
د. أبا الحكم - بلنكن: الردwithout provoking the Iranians
ميلاد عمر المزوغي - غزة ...تفضح ديمقراطية الغرب
أحدث الاخبار المنشورة
٢٧ / كانون الثاني / ٢٠٢٤