تصدرت الجامعات العراقية لعقود مضت بإنجازها العلمي وعطائها الأدبي، وأدى
خريجوها أدوارا هامة تجاوزت حدود بلدهم ومحيطهم الإقليمي ، لكن السنوات الأخيرة
شهدت تراجع المستوى العلمي لهذه المؤسسات وتحول الكثير منها إلى ما يشبه الأندية،
التي تتناقل أخبارها وصورها مواقع التواصل الاجتماعي ، حيث يرى كثيرون أن المؤسسات
التعليمية في العراق ما زالت تعاني مشاكل حقيقية، اضافة إلى أن الكثير من الأساتذة
يخضعون لضغوط بسبب كثرة عدد الطلبة، وعدم توفر الوسائل التعليمية والمختبرات ،
وتعرضهم للضغوط من قبل جهات سياسية .
واكدت مصادر صحفية مطلعة نقلا عن كوادر تعليم جامعية في العراق ، أنه ” وللوصول إلى
التصنيفات العالمية يجب أن تتوفر معايير للجودة في القاعات الدراسية ما زال الطالب
العراقي يفتقدها، رغم أنها من أهم العوامل المساعدة في إنجاح العملية التعليمية،
إضافة إلى التهديدات الأمنية التي يتعرض لها أساتذة وطلاب من قبل بعض العشائر “.
واضافت أن ” البعض يشكو من أن كثيرا الطلاب باتوا يجهلون حتى أساسيات اختصاصاتهم
العلمية، فضلا عن غياب الاهتمام بالشأن العام، بعد أن كان التفاعل مع الأوضاع
العامة يغطي جل أوقات طلابها، لتحل محله اليوميات التي تنشر على مواقع التواصل
الاجتماعي، والتي أصبحت الشغل الشاغل للكثيرين منهم”.
وبينت ، إن ” المنتديات الثقافية غابت لتحل محلها النوادي ومطاعم الوجبات السريعة،
وبدل المختبرات العلمية حلت المقاهي الإلكترونية، في حين أصبحت قاعات المكتبات
أماكن لقضاء الوقت بعيدا عن البحث العلمي أو الدراسة ، فضلا عن أن انتقال مشكلات
المجتمع إلى الجامعة قد أثر فيها، كما أن الوضع العام للبلاد “يقتل كل حلم وطموح”،
وشعور الطالب بأن الجامعة هي مجرد ممر للحصول على شهادة من أجل التوظيف فقط، مع
الخضوع للوساطات والمحاباة، كل ذلك أفرغ العملية التعليمية من محتواها، وأدى إلى
تراجعها ” بحسب المصادر .
ورجحت المصادر نقلا عن باحثة اجتماعية ، تدهور المستوى العلمي للطلبة إلى ” عدة
عوامل، منها دخول مواقع التواصل الاجتماعي إلى حياتهم بشكل غير منضبط بعد فترة عزلة
شبه تامة لعقد من الزمن عن العالم ، اضافة الى أن هذا الانفتاح أدى إلى إقحام عادات
غير مألوفة في مجتمع شرقي كالعراق، من أزياء وممارسات، إضافة الى الدور الضعيف
للأسرة التي تتحمل جزءا كبيرا من تردي وضع الطالب التعليمي “.
واوضحت أنه ورافق ذلك عوامل اقتصادية كان معظمها بسبب البطالة وعدم توفر الدرجات
الوظيفية للخريجين، مقابل وجود منابع “للإرهاب” وشراء الذمم مقابل مبالغ مالية، وهو
ما ساعد على تنامي معدلات الفساد بشكل كبير في العراق “.
وقد شهد العراق في السنوات الأخيرة افتتاح عدد كبير من الجامعات الأهلية التي أتاحت
لذوي المعدلات الضعيفة الانخراط في الدراسة، والحصول على شهادة بالاختصاص الذي
يرغبون ، لكنها ساهمت بتدهور وضع التعليم العالي في البلاد .
|