شهد تحالف “البناء” الذي يضم ائتلاف “دولة القانون” بزعامة نوري المالكي، و”الفتح”
بزعامة هادي العامري، إنسحاب زعيم حزب “الحل” جمال الكربولي، في أول إنشقاق كبير
يضرب التحالف المقرّب من إيران.
وبعد أقل من نصف ساعة على إنعقاد الاجتماع المقرر في بغداد بين التحالف،
ورئيس الوزراء “عادل عبد المهدي” أعلن الكربولي، إنسحابه بشكل نهائي من تحالف
“البناء”، والذي كان قد تشكّل مطلع أغسطس/آب الماضي، عقب الانتخابات البرلمانية في
مايو/أيار الماضي.
ووصفت مصادر سياسية في بغداد، إنسحاب حزب “الحل” من تحالف “البناء”،
بـ”الخطوة المتوقعة”، في ظل تهميش عدة أطراف داخل التحالف، وإستيلاء كل من المالكي
والعامري على سياسة التحالف وعملية توزيع المناصب.
وقال الكربولي في بيان له، إنّه “يعلن إنسحابه من تحالف (البناء) كخطوة أولى
لتصحيح المسار ضمن إطار البحث عن مشروع وطني يعمل بجد لعراق مزدهر يتساوى فيه جميع
العراقيين”.
وبهذا الانسحاب يكون قد إنتهى فعلياً، التنافس المحتدم بين المعسكرين
الرئيسين في البرلمان العراقي، أي تحالف “البناء”، وتحالف “الإصلاح” الذي يعتبر
“مقتدى الصدر وحيدر العبادي وعمار الحكيم وإياد علاوي وأسامة النجيفي” أبرز رموزه،
مع تراجع تحالف “البناء” إلى المرتبة الثانية، في البرلمان.
ومع انسحاب حزب “الحل” من تحالف “البناء”، تصبح حصة كتلة التحالف في البرلمان
أقل من 115 مقعداً من أصل 329 مقعداً، بينما يصبح تحالف “الإصلاح” صاحب الكتلة
الأكبر مع 140 مقعداً.
ويرى مراقبون أنّ هذا التطور، قد يسهل تمرير عدة قوانين ومشاريع عالقة في
البرلمان، منذ فترة، ويفرض في الوقت عينه واقعاً جديداً على رئيس الحكومة “عادل عبد
المهدي” بشأن كيفية التعامل مع القوى البرلمانية إزاء ملفات كثيرة، أهمها استكمال
تشكيل الحكومة التي مضى عليها ستة أشهر، من دون حسم حقائب الدفاع والداخلية والعدل
والتربية.
وقال مصدر مقرّب من حزب “الحل”، في تصريح صحفي، إنّ “قرار الانسحاب من تحالف
(البناء) جاء بعد أسابيع من انتظار احترام الاتفاقات، وما شكّل على أساسه التحالف،
مؤكداً أنّ القرار نهائي ولا رجعة فيه، نافياً في الوقت عينه وجود أي خطط حالية
للانضمام إلى تحالف آخر”.
من جهتها أكدت مصادر مطلعة في بغداد، أنّ “ملف توزيع المناصب، واحتكار الكثير
منها، والاستفراد بالقرارات التي تتعلّق بتحالف (البناء) ككل، والتنصّل من وعود
سابقة، هي أبرز الأسباب التي دعت حزب (الحل) للانسحاب من التحالف”، مرجّحة “انشقاق
أطراف أخرى عن تحالف (البناء) في حال استمرت سياسة إدارة التحالف بهذه الطريقة”.
ومن جانبه، رأى المحلل السياسي “حسان العيداني”، أنّ “الرغبة بالحصول على
المناصب هي التي جمعت وشكّلت تحالف (البناء) في السابق، كما أنّها تكاد تهدد وحدته
اليوم”، معتبراً أنّ “انشقاق الكربولي يمثل ضربة كبيرة للتحالف ستخل بوزنه
السياسي”.
وأوضح العيداني، أنّ “تحالف البناء يتفاوض، طيلة الفترة الماضية، مع الكتل
الأخرى على أساس كونه التحالف الأكبر”، مبيّناً أنّ “انشقاق الكربولي ونوابه عن
(البناء) يعني أنّ تحالف (الإصلاح) بات هو الأكبر، وسيكون قادراً بالتالي على
استجواب وإقالة مسؤولين، وتكليف رئيس وزراء جديد في حال خلو المنصب لأي سبب كان
باعتباره الكتلة الأكبر في البرلمان”.
الجمعة ٧ شعبــان ١٤٤٠هـ - الموافق ١٢ / نيســان / ٢٠١٩ م