شبكة ذي قار
عـاجـل










تنويه
باديء ذي بدء! إن حديثنا في هذه المقال ولواحقه يخص الفرس المجوس والمراجع الشعوبية والصفوية تحديدا، أما الشعوب الإيرانية المسلمة التي تشربت من منبع الاسلام الأصيل وتخللت مبادئه السمحة في عروقها اليابسة فأنتعشت وقويت، وأفرزت سموم المجوسية والزرادشية من بدنها نهائيا. وساهمت في الحضارة الإسلامية بفعالية وأخلصت للإسلام قلبا وقالبا، فهم إخواننا وسلفنا وظهيرنا والمقال لا يعنيهم مطلقا.


بقدر ما يتعامل حكام وملالي إيران مع عملائهم العراقيين بإحتقار! هم بنفس الدرجة كذلك يحتقرون الشعب العراقي المستعد الكثير من أبنائه أن يضحوا بأنفسهم من أجل عيون الولي الفقيه في طهران وظهيره في فاتيكان النجف. بحجة الذود عن مذهب آل البيت ضد عدو أخترعوه من وحي مخيلتهم المريضة دعوه (النواصب) أوحى به كبار الشعوبيين والصفويين في عقول الجهلة والسذج والأميين. وهذا الأزدراء لا يقتصر على الشعب العراقي فولاية الفقيه تنظر إلى كل الشعوب نظرة إزدراء وهذا الإستعلاء تقليد فارسي قديم، ولكن للعرب موقع مميز في سلم الكراهية! ألا يكفي إنهم حطموا ديانتهم الزرادشتية وأطفأوا نار المجوس التي مازالوا يحنون لدفئها ويحتفلون بضياءها سنويا. أما الشعب العراقي فلا يوجد أدنى منه على سلم الإحتقار ربما بدرجة أدنى من مرتبة اليهود في منظور هتلر.


هذه النظرة قديمة ومستمدة من تراثهم الحضاري سواء قبل الإسلام أو بعده. فقد كانت لبلاد فارس كما هو معروف حضارة كبيرة سبقت ميلاد السيد المسيح(ع ). وقد غالى الفرس في تمجيدها وكذلك في تعظيم ملوكهم وتعصبوا لعرقهم المجوسي حتى اعتقدوا بأن ملكهم الأول (كيومرث)هو الإبن الأول لآدم، وأنهم أصل النسل البشري. ويذكر المسعودي في كتابه مروج الذهب بأن طائفة منهم قالت" أن كيومرث هو أميم بن لاوذ بن ارم بن سام بن نوح". ويصف هيرودوتس الفرس المجوس في تأريخه الشهير بأنهم"يرون أنفسهم خير الناس جميعاً من جميع الوجوه، وهم يعتقدون أن غيرهم من الأمم يقتربوا من الكمال بقدر ما يقترب موقعهم الجغرافي من بلاد فارس، وأن شر الأمم أبعدهم عنها. والمصيبة أن العراق هو الأقرب منهم ومع هذا لم يقترب ليس من درجة الكمال بل درجة من الإحترام فقط!


ومنذ فجر الإسلام إخترعوا القصص والأشعار المنتحلة لتشويه صورة العرب والنيل منهم فكبير كتابهم أبو القاسم الفردوسي الذي يدرس كتابه (الشاهنامة) في مدراسهم يتغنى بأمجاد ملوك كسرى والتجريح بالعرب والحط من شأن الحضارة العربية الاسلامية فيذكر"من شرب لبن الإبل وأكل الضب بلغ العرب مبلغا أن يطمحوا في تاج الملك فتبا لك أيها الزمان وسحقا". وسخروا أغراضهم المشبوهة على ألسنة أدباء العرب، منها الأبيات التي تروى لاسماعيل بن يسار وهو يفتخر بالفرس:" من مثل كسرى وسابور الجنود معاً *** والهرمزان لفخر أو لتعظيم". وتفننوا في نشر الكتب التي تسيء للعرب منها (انتصاف العجم من العرب) لحميد بن سعيد. وكتاب(فضل العجم على العرب) وكتاب (الميدان في مثالب العرب) لغيلان الوراق, وكتاب (مثالب العرب) لأبي عبيدة معمر بن المثنى و(لصوص العرب) و( أدعياء العرب) وغيرها. وهذا الشاعر المجوسي بشار بن برد يفضل قومه الفرس على العرب بقوله:


إبليسُ أفضلُ من أبيكم آدمَ *** فتبينوا يا معشر الفجارِ
النارُ عنصـــرهُ وآدم طينةٌ **والطين لا يسمو سمو النارِِ
والآخر مهيار الديلمي ينشد بفخر:
لا تخالي نسبا يخفضني *** أنا من يرضيك عند النسب
فأبي كسرى على إيوانه *** أين في الناس أب مثل أبي


الفرس الصفويون يفتخرون بجنسهم الفارسي أكثر من إفتخارهم بالإسلام والمذهب الإمامي نفسه. فقد ذكر علي أكبر ولايتي وزير الخارجية الإيراني الأسبق في حديث تلفازي بعنوان( خطوتان حتى الفجر) إ بمناسبة تحرير المحمرة من أيدي القوات العراقية قال الخميني المقبور" لا يوجد افضل من شعبنا ولا حتى شعب رسول الله"! وهو نفس ما جاء في وصيته السياسية التافهة "أقولها بصراحة أن الشعب الإيراني في العصر الراهن أفضل من أهل الحجاز في عصر رسول الله". في حين نجد في مستدرك سفينة البحار ما يناقض هذه الرؤية تماما. فقد جاء عن المفضل بن عمر: قال الإمام الصادق" إعلم يا مفضل أنه في حوالي الري جبلا اسود يبتنى على ذيله بلدة تسمى بالطهران، واعلم أن نساءها يلبسًن بلباس الكفار، ويتزيًن بزي الجبابرة، ويركبن السروج، ولا يتمكن لازواجهن، ولا في مكاسب أزواجهن لهن فيطلبن الطلاق، ويكتفي الرجال بالرجال والنساء بالنساء. وتشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال. فإن تريد حفظ دينك فلا تسكن هذه البلدة ولا تتخذها مسكنا لأنها محل فتنة". وأشهر قواميسهم يسمى(الدهخدا) ويعرف القاموس الفرس بإنهم"كل من ليسوا من العرب" والقصد الإساءة فأي مواطن من شعبهم وإن لم يكن فارسي يمكن أن يعدوه فارسيا ما عدا العرب!


يصف المفكر الإيراني علي شريعتي- هو من أشهر منظري الثورة الإسلامية ويصفه الخامنئي بإن النجاح الذي حققه علي شريعتي لم يحققه شخص غيره - قومه الفرس في كتابه الشهير(التشيع العلوي والتشيع الصفوي). بقوله (أي شريعتي) إنهم" يفضلون قوميتهم الفارسية على العرب ويعملون على ترويج المشاعر العنصرية وإشاعة اليأس من الإسلام، ولغرض ترسيخ أفكارهم وأهدافهم في ضمائر الناس وخلطها مع عقائدهم وإيمانهم، عمدوا إلى إضفاء الطابع الديني على عناصر حركتهم وسحبها إلى داخل بيت النبوة إمعانا في التضليل. كي يتمخض عنها حركة شعوبية شيعية. مستغلين في ذلك صفة التشيع لإضفاء طابعا روحيا ومسحة من القداسة على حركتهم. ولم يتيسر ذلك لهم إلا من خلال تحويل الدين الإسلامي وشخصيتي محمد وعلي إلى مذهب عنصري وشخصيات فاشية تؤمن بأفضلية الدم وقداسة التراب الإيراني الفارسي بشكل خاص". وهذا الكلام ليس بحاجة إلى تعليق.


كراهية الفرس الصفويين لبقية الشعوب لا تقتصر على تلك الشعوب الواقعة خارج حدود إيران بل في داخل إيران كذلك فالسنة والعربستانيون والأكراد والبلوش والأذربيجان جميعهم من الشعوب المكروهة من قبل الفرس ولكن العرب في الدرك الأسفل من الكراهية. وكان الشيخ عبد الحميد الزهي، المرجع الديني للمسلمين السنة في إيران، قد دعا علي خامنئي المرشد العام للثورة في إيران، إلى التدخل لوضع حد للمشكلات التي يتعرض لها السنة. وفند جدوى المساعي وحفلات التقريب بين السنة والشيعة ووصفها" بحفلات ومؤتمرات تنحصر في الشعارات والهتافات، لأجل ذلك لا نرى لها جدوى ولا نرى لها نتائج إيجابية، وقد انقضى عهد الهتافات وحان وقت العمل". وأوضح الشيخ بأن عدد أهل السنة في إيران (15) مليون نسمة بمعنى إنهم يمثلون ما بين ربع إلى خمس السكان ومع هذا فإن ممثليهم في البرلمان(20) نائبا فقط من مجموع (280) نائب, لأن مجلس صيانة الدستور يرفض ترشيحهم فلم يشغل سني رئاسة وزارة أو منصب وزير او نائب وزير او محافظ او سفير, بل يمنع وظيفهم في وزارتي الدفاع والداخلية والأجهزة الأمنية. حتى مدارسهم ومراكزهم الدينية والتعليمية تخضع لسلطة الولي الفقيه. بل أن اليهود والنصارى والمجوس والبهائيين في إيران هم بحال أفضل من السنة ويسمح لهم بحرية ممارسة طقوسهم.


في الوقت الذي تخلو الجمهورية الإسلامية من مسجد للمسلمين السنة فإن جميع الدول الأوربية فيها مساجد لهم بأستثناء اليونان التي تماطل في هذا الموضوع كيدا بتركيا وقد خصصت مؤخرا أرضا لبناء جامع. فمن يا ترى اكثر إستحقاقا للقب (أصحاب المظلومية) سنة إيران أم شيعة العراق؟ الذين كان لهم رئاسة الوزارة وعدد كبير من أعضاء المجلس الوطني و الوزراء ونوابهم والكثير من السفراء ويمثلون النسبة الأكبر في الجيش والشرطة, ولدهم آلاف الحسينيات في كل ارجاء العراق والإستقلالية في حوزاتهم ومراكزهم الدينية والهيمنة على موارد العتبات المقدسة بمعزل عن تدخل الحكومات.


وإقليم عربستان ذلك الإقليم العربي المجاهد في سبيل إستقلاله لوحده دون أن يمد له أشقائه العرب يد العون والمساعدة أفضل دليل على إحتقار العرب، فقد قدم هذا الإقليم المجاهد ومازال يقدم تضحيات جسيمة نظير مطالبته بالحكم الذاتي وهي مطالب منطقية عادلة تتعلق بالحريات الاساسية والحقوق المدنية والثقافية والإدارية والإجتماعية، أي مطالب مشروعة نص عليها ميثاق الأمم المتحدة وصكوك حقوق الإنسان سيما العهدين الدوليين، وقد أقرتها الثورة الإيرانية في بداية الأمر ثم تنصلت منها بخفة السحرة. ولم يمارس الأحوازيون العنف والتمرد ضد الحكومة المركزية رغم قدرتهم على ذلك. وإنما طالبوا بحقوقهم بصورة سلمية في حين طالبت قوميات أخرى بنفس الحقوق واستخدمت وسائل العنف والتمرد لنيل مطالبها دون أن تنال سخط النظام ووحشيته المفرطة كما جرى للعربستانيين. ويحدثنا المجاهد (حبيب جبر) رئيس المنظمة الوطنية لتحرير الأحواز بأن شعب الأحواز العربي يبلغ (10) ملايين نسمة. ومساحة الأحواز( 324) ألف كيلومتر مربع، تستخرج حكومة الملالي 80% من النفط من أراضيها فقط و95% من الغاز. ومع هذا فأن الأقليم يعد من أفقر أقاليم إيران لغاية مقصودة. ويضيف جبر بأن" الأحواز تمتد من العراق الشقيق الى مضيق هرمز ولو تحررت لتحول الخليج العربي الى بحيرة عربية". ومن المؤسف ان لا يحظى هذا الإقليم المجاهد بأي دعم سري أو علني من قبل أشقائه العرب لنيل حقوقه في العودة إلى الاحضان العربية. في حين يحظى عبدة الولي الفقيه في الدول العربية كفروع حزب الله وحماس والحوثيين والقطيف ودول الخليج العربي بدعم هائل من قبل نظام الملالي.


يوضح لنا العلامة ميرزا حسن الإحقاقي في (رسالة الإيمان) أسباب النزعة الفارسية الحاقد على العرب بقوله" إن الصدمات التي واجهها كل من شعبي إيران و الروم العظيمين نتيجة لحملات المسلمين والمعاملة السيئة التي تلقوها من الأعراب البدائيين, أورثت في نفوسهم نزعة صدود عن العرب وشريعة العرب. فطبيعة سكان الصحارى الأوباش الخشنة و ذلك الخراب والدمار اللذي ألحقوه بالمدن الجميلة و الأراضي العامرة في الشرق والغرب, علاوة على غارات عباد الشهوات العطاشى إلى عفة و ناموس الدولتين الملكية و الامبراطورية". في الوقت الذي يشير كتاب الغرب وليس العرب فحسب إلى المعاملة الحسنة التي كان يعامل بها العرب المسلمون شعوب الدول التي فتحوها ومنهم ويلز في موسوعته الشهيرة (تأريخ العالم) وول ديورنت في (قصة الحضارة) وواط مونتغمري وغيرهم ، فأي تجني سخيف وظالم من (اللاأحقاقي) في حق العرب.


لا توجد أمة لا تحترم تراثها الفكري والمعرفي وتمجده وتتفاخر به. ولا يمكن أن يعترض أحد على هذه الإعتزاز لكن عندما يبالغ في هذا الأمر ويعطى للتراث قداسة أكثر من قدسية الدين نفسه، مبطنا بنزعة عصبية فيها ظلم كبير وعدوان على الآخرين بمن فيهم شركاء الوطن, وقتذاك يثير الأمر الحفيظة ويفسح المجال للإنتقاد. من اللافت للإنتباه أن نزعة الفرس تسمو على النزعة المذهبية بل الدين نفسه. فهم يحلمون بعودة الإمبراطورية الفارسية العظمى التي دق عنقها الخليفة عمر الفاروق وهم لايخفون هذيانهم هذا. وكان آخر تصريح نقل عن ملاليهم لمحمد باقر خرازي، زعيم حزب الله فرع إيران, الذي ذكر في صحيفة حملت أسم حزبه بأن من أهداف حزبه" هو إقامة دولة تمتد من أفغانستان إلى إسرائيل". وبالطبع ستبلع هذه الإمبراطورية جميع الدول العربية في طريقها المتعرج هذا! بداية بدول الخليج العربي والعراق وسوريا والاردن ولبنان وفلسطين, وربما المرحلة اللاحقة الأمتداد الى المغرب العربي. ويذكرني هذا الأمر بلقاء مع أحد الفرس عندما تحدثنا عن نهضة الإمارات فقال" دعهم يبنون ويشيدون فعمرانهم مصيره لنا".


ولتمويه الهدف الحقيقي من أطماع الملالي التوسعية في عقول الشيعة العرب سيما الطائفيون والمتفرسون والسذج والجهلة، أدخل الإمام المنتظر في القضية لإبلاعهم الطعم فبلعه مع الأسف الشديد الكثير منهم. فقد جاء في حديث خيرازي بأن هذه الطريقة" هي الوحيدة لخروج الإمام الغائب"! ولم ينسى في خضم سفسطته الطائفية العروج إلى خصوم الشيعة التقليديين كما يخيل لعقله المريض فذكر بأن هذه الطريقة من شأنها تدمير" خصوم الشيعة، كالأحزاب البعثية العراقية، والسنة، وخصوصا الوهابية" .


انهم يصفون كل من يخالفهم مرتد و يستحق الموت, فقد ذكر أحد كبار ملاليهم ( محمد قي مصباح يزدي) الذي لديه صورة تذكارية رائعة وهو يرتمي تحت قدمي الولي الفقيه ليقبل حذائه و يعد الأب الروحي للرئيس نجادي بأن كل" مَن ينكر ولاية الفقيه متعمدًا فهو مرتد" فحسب تفسيره بأن الولي الفقيه يستمد شرعيته من عصمة الأولياء. ومن الطريف أن هذا الشيخ الأمعي لا يعترف بنتائج الإنتخابات الإيرانية فهي برأيه غير شرعية ولا يعول عليها لتشكيل الحكومة لأنها "مجرد إجراءات بروتوكولية لتشكيل الحكومة" مما حدا ببعض الزعماء الإصلاحيين كمهدي كروبي ومير حسين موسوي الإستشاطة غيضا وغضبا من سفاهته. ومن المثير ان لديهم موقعا الكترونيا يدى(تابناك) مخصص ضد العرب والعروبة ويشرف عليه(محسن رضائي) سكرتير مجلس تشخيص مصلحة النظام، أي إنه يعبر عن وجهة نظر رسمية وليست فردية وهو يقدح بإستمرار بكل ما هو عربي.


هذه الكراهية للعرب يقابلها إصطفاف طائفي إلى جانبهم من بعض شيعة العرب والعراق بشكا خاص وهو أمر شاذ يثير القلق والحيرة ومن الصعب تصورههذا ما سنتحدث عنه في مقال قادم بإذن الله.

 

علي الكاش - كاتب ومفكر عراقي





الاربعاء٠٢ شعبـان ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٤ / تموز / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب علي الكاش نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة