شبكة ذي قار
عـاجـل










أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما في خطابه الأخير الذي ألقاه أول أمس أمام المؤتمر الوطني للمحاربين القدماء الأمريكان المعوقين بأنه سيسحب جميع قواته القتالية من العراق بحلول 31 آب/أغسطس الحالي وبذلك ستنتهي المهمة القتالية للجيش الأمريكي هناك. وأضاف بأنه سيكون قد سحب 90 ألف جندي أمريكي من العراق منذ تسلمه السلطة في البيت الأبيض ولحد نهاية شهر آب الحالي. باراك أوبما وكما أعلن مرارا وتكرارا بأنه سيبقي ما يعادل 50 ألف جندي أمريكي في وطننا المغتصب وأن مهمة هذه القوات المتبقية - لحين سحبها من العراق كليا في نهاية عام 2011 حسب إدعائه- سوف تتغير في بداية شهر سيبتمبر/ايلول القادم من مهام قتالية الى مهام دعم وتدريب "قوات الأمن العراقية" التي شكلها الإحتلال والتي تتكون معظم عناصرها من ميليشيات الأحزاب العميلة الموالية لأمريكا وطهران. وقال حتى لا يساء الفهم بأن "إلتزامنا في العراق يتغير من جهد عسكري تقوده قواتنا الى جهد مدني يقوده ديبلوماسيينا".

 

ما هي حقيقة هذا الإنسحاب وماذا يعني بـ "أن إلتزامنا في العراق يتغير من جهد عسكري تقوده قواتنا الى جهد مدني يقوده ديبلوماسيينا"؟!!!

هل حقا ستنتهي المهام العسكرية للجيش الأمريكي أم أنها ستلبس الزي المدني وتسلم لمرتزقة الشركات الأمنية وقوات الجيش الأمريكي السرية الخاصة؟!!!

هل يعني إنسحاب القوات الأمريكية هو الوصول في نهاية المطاف الى إستقلال العراق الكامل من خلال العمل الديبلوماسي أم أنه يعني بداية الوجه الأخر للإستعمار الصهيوأمريكي القبيح ؟!!!  

 

قبل الدخول في حيثيات هذه الأسئلة نود إعادة التذكير بأن جهد وضربات المقاومة العراقية المسلحة الباسلة وتضحيات الشرفاء من أبناء العراق هي التي أفشلت المشروع الأمريكي في العراق وفي منطقتنا العربية وأوقعت أمريكا في مستنقع آسن أذلها سياسيا وعسكريا وأخلاقيا وسبب لها الكثير من المشاكل الإجتماعية والإقتصادية والمالية مما جعلها تفكر بالإنسحاب من العراق. أن عملية الإنسحاب من العراق بحد ذاتها هي ليست مبادرة أوبامية كما يبان لأن المجرم جورج بوش الصغير قرر سحب القوات الأمريكية بعدما إستوعب بأن مغامرته الذليلة في العراق قد إنتكست وجلبت على أمريكا العار والشنار وليس لها نهاية مفرحة له ولعصابة المحافظين الجدد الصهاينة. الشيئ الذي حققته إدارة المجرم جورج بوش الصغير الصهيونية من خلال حربها العدوانية على العراق وحسب طبخة جيمس بيكر الذي ذكر وصفتها الى المناضل الأسير طارق عزيز عام 1990 هو تدمير الدولة العراقية تدميرا كاملا ومن جميع النواحي ومن ضمنها النواحي الصناعية والزراعية والإقتصادية والعلمية والعسكرية والإجتماعية والأخلاقية وتسليط على رقاب الشعب العراقي عصابات مارقة عميلة ومجرمة عنصرية وطائفية لا تمتلك ذرة من الأخلاق والولاء لتربة الوطن سرقت أمواله وخيراته وأذلت شعبه وإغتنمت السحت الحرام ومزقت نسيجه الإجتماعي وربطت العراق بمعاهدات الذل والبيع الرخيص لا تنتهي قبل نهاية التاريخ الإنساني إن لم يتحرر العراق من هذه القيود من خلال الكفاح المسلح والإنتفاضات الشعبية العارمة.  

 

أن خطة إنسحاب الجيش الأمريكي "الأوبامية" من العراق ما هي إلا تنفيذ للسياسة التي تركها المجرم جورج بوش على منضدته عندما غادر البيت الأبيض وهي في الجوهر الخطة التي رسمها له ديفيد بيترييوس للإنسحاب من العراق. لذا فإن الفكرة بأن باراك أوباما يحقق وعد من وعود حملته الإنتخابية على الرأسة في الولايات المتحدة وكما ذكر في خطابه الأخير ألا وهي الإنسحاب التدريجي والمسئول من العراق ما هي إلا نوع من أنواع الخداع والتلاعب بالألفاظ الخطابية لأنه في الحقيقة مجرد ينفذ نفس السياسات المرسومة من قبل المحافظين الجدد الصهاينة قبل وصوله الى البيت الأبيض. وحينما يتحدث أوباما عن تغيير مسار السياسة الأمريكية في العراق من عمل عسكري الى جهد ديبلوماسي يقوده الديبلوماسيون الأمريكان هذا لا يعني أبدا أن ستكون هناك مفاوضات سياسية حول الطاولة الديبلوماسية لإيجاد صيغة جديدة هدفها تحقيق الإستقلال الكامل للعراق وإفراغ النفوذ العسكري الأمريكي من محتواه هناك. الحقيقة الدامغة لهذا التحول المريب تبان من خلال تقديم وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون طلبا في الشهر الماضي الى وزارة الدفاع الأمريكية لدعم قوة شبه عسكرية في العراق - متكونة من مرتزقة الشركات الأمنية - خاصة بوزارة الخارجية وهذا يعني أنه عندما تنسحب القوات المقاتلة الأمريكية من العراق يجب أن يكون هناك بديل لتلك القوات يمتلك نفس القدرة العسكرية. وبالفعل وكما ذكرنا في مقالنا السابق المنشور تحت عنوان "العراق بين المقاومة المسلحة ووعود الإنسحاب الأمريكي ... الى أين؟!!!" فقد طلبت وزارة الخارجية الأمريكية مروحيات من طراز بلاك هوك، 50 عربة مدرعة مقاومة لألغام الكمائن، شاحنات وقود، نظم مراقبة عالية التقنية، ومعدات عسكرية أخرى لهذه القوة شبه العسكرية. لذا فإن هيلاري كلينتون التي قالت أثناء حملتها الإنتخابية على الرأسة بانها ستمنع شركة بلاك ووتر وشركات المرتزقة الأخرى من العمل في العراق إذا فازت بكرسي الرأسة تناقض نفسها الأن حينما تشرف على ما سيكون توسع جذري في إستعمال خدمات هذه الشركات وجنود مرتزقتها الخاصة في العراق لحماية المصالح الأمريكية هناك والسفارة الأمريكية في مغتصبة المنطقة الخضراء التي يعادل حجمها 80 ملعبا لكرة القدم والتي بدورها تعادل حجم مساحة دولة الفاتيكان. هيلاري كلينتون تريد تواجد 6-7 الاف من عناصر الأمن الخاص فقط في بغداد لحماية هذه السفارة التي تشبه مدينة في مدينة، بينما بالمقارنة يتواجد حوالي 4 آلاف من القوات الخاصة الأمريكية منتشرة في 75 دولة في العالم.

 

كذلك لدى وزارة الخارجية الأمريكية خطط لإعادة تشكيل بعض القواعد الأمريكية الى ما يسمى بـ "مواقع تواجد دائمية"، وبذلك ستكون هناك مخافر امامية في أنحاء مختلفة من العراق وهذه الخطط جوهريا تكشف سياسة  تقليص القوات وتغيير شكل الإحتلال على نمط الطراز الأوبامي، وهذا ايضا يعني أنه سيكون هناك إندفاع عسكري تقوم به قوات المرتزقة وقوات الأمن الخاص الأمريكية في حالة تصعيد عمليات المقاومة العراقية المسلحة في مناطق معينة في العراق. وهذا أيضا يدل على أنه حتى ولو إنتهى القتال على المستوى الرسمي في العراق بعد الإعلان عن إنسحاب القوات المقاتلة الأمريكية، لكنه في الواقع دخل من خلال الباب الخلفي بواسطة جلب القوات شبه العسكرية وتصنيفهم كأمن ديبلوماسي وهذه هي نفس اللعبة التي كان يمارسها المجرم بوش منذ بداية تجنيد قوات مرتزقة الشركات الأمنية.

 

العراق بعد الإحتلال - وتدمير بنيته التحتية والفوقية ونسيجه الإجتماعي، ونشر الأمراض النفسية والعضوية والمخدرات، ونشر قاذورات الطائفية والعنصرية فيه، وسرقة أمواله وخيراته في وضح النهار، وشحة المياه الصالحة للشرب لمعظم مواطنيه في بلد يمتلك نهريين عظيمين وأنهر فرعية أخرى، شحة الطاقة الكهربائية والبرترولية في أحد أغنى البلدان الغنية بالنفط في العالم - أصبح كارثة إنسانية لا تطاق، ولا يحتمل بقاء الإحتلال الأمريكي وعملائه فيه.

 

أن تبديل الإحتلال العسكري بإحتلال مدني على نمط سياسة الديبلوماسية الأوبامية لا يحل المشكلة ولا يحرر الشعب ولا يستعيد عافيته. الطريق الوحيد للتحرير هو المقاومة المسلحة ثم المقاومة المسلحة وثم المقاومة المسلحة لحين طرد الغزاة كليا وبكل أشكالهم وصيغهم من أرض العراق الطاهرة وسحق كل العملاء والخونة والى الأبد.

 

 





الاربعاء٢٣ شعبـان ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٤ / أب / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب دجلة وحيد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة