شبكة ذي قار
عـاجـل










تقوم حركتنا على الإيمان بالجماهير العربية الكادحة، بالجماهير الواسعة. ولكننا لا ننظر إلى الجماهير ككتلة تحركها الغريزة أو الحاجات المادية أو التأثيرات الانفعالية، بل ننظر إلى جماهيرنا بأنها مؤلفة من أفراد أحرار من مواطنين واعين لارتباطهم بقضية أمتهم وملتزمين بهذه القضية ومصممين على بناء المستقبل العربي، فإذن المناضل العربي هو أساس الجماهير التي تقوم عليها حركة الثورة العربية التي نؤمن بأنها هي صانعة التاريخ.


بين الحين والآخر علينا أن نرجع إلى الكلمات والشعارات التي ننادي بها ونعلنها لنرى إذا كانت لا تزال حية ندية تنبض فيها الحياة بكل قوتها وحرارتها او إنها أصبحت أشكالا فارغة ولم تعد تعني شيئا كثيرا وإنها قد أفرغت من محتواها وان الحياة في جهة والكلمات في جهة أخرى.


الحركة الثورية الحريصة على الصدق وعلى التجدد وعلى أن تبقى دوما قريبة من قلوب الجماهير وقريبة من نبضات التأريخ.. عليها أن تعيد النظر بين الحين والآخر لتمتحن عملها وأفكارها وشعاراتها ولترى بملء الرؤية إذا كانت لا تزال قريبة من الواقع -إذا كانت لا تزال تعبر فعلا عن الأفكار والأهداف التي تجندت الحركة الثورية على أساسها وبدافع منها.. لذلك بأن الثورة، كل ثورة، والثورة العربية بخاصة إنما ولدت من اجل الإنسان العربي، لان الإنسان هو الذي يصنع الحياة وهذه العودة بين الحين والآخر إلى الواقع بنظرة فاحصة نقدية هي التي ترينا إلى أي حد نجحنا في بناء هذا الإنسان الجديد، في تنمية الإنسان العربي الذي هو أغلى ثروة والذي هو يصنع التنمية المادية، الإنسان بصورة عامة في كل مكان وزمان هو مادة وروح لا يكفيه ولا يغنيه أن يأكل ويشبع فحسب، وليس هذا أهم شيء في إنسانيته وإن كان شيئا ضروريا أن يأكل ويشبع، ولكن إنسانية الإنسان الحقة إنما تبدأ بعد الشبع، بعد الأكل، عندما يحقق مواهبه وقدراته، عندما ينظر إلى مهماته الاجتماعية والقومية التي تعطي معنى لحياته، إنسانية الإنسان تبدأ عندما ينصرف إلى العمل والخلق والإبداع والنضال والى كل شيء يتجاوز شخصه ويتجاوز أنانيته الضيقة لأنه عندئذ يشعر بملء إنسانيته وبأنه ليس خلية عمياء في جسم أو في آلة، وإنما هو فرد حر وجد لغاية سامية في هذه الحياة وأنه مطالب بأن يعطي لحياته معنى ساميا.


الضرورات الحياتية، الضرورات المادية، هي مهمة جدا ولا يمكن أن نستخف بها وأن نقلل من شأنها، وقد قامت ثورات كثيرة وتقوم ثورات بدافع الجوع وبدافع الحاجة الماسة إلى ضرورات الحياة، وتأمين هذه الضرورات أمر في غاية الأهمية.. لان الإنسان إذا كان محروما من هذا الحد من تأمين الحاجات المادية فأن إنسانيته تكون ناقصة وتكون مشوهة، لأنه لا يكون في وضع يؤهله لأن ينظر إلى المستقبل وينظر إلى الآخرين وينظر إلى ما يتجاوز شخصه ويومه وينظر إلى المثل والمبادئ، وإنما يكون مستعبدا لهذه الحاجات الضرورية القاهرة، فجزء كبير ومهم من عمل الثورة، كل ثورة، هو تغطية هذه الناحية.. تأمين هذه الحاجات لأبناء الشعب، لذلك لم نبن حركتنا على المثالية الفارغة، إنما بنيناها على الواقع وجعلنا لهذه الناحية أهمية خاصة، ولكننا لم نقف عند هذا الحد ولم ننظر إلى الإنسان العربي والى الجماهير العربية نظرة فقيرة بأنها لا تطلب إلا الخبز، لو اكتفينا بهذه النظرة لكنا ضحينا بأهم شيء في الإنسان وفي الأمة..


شعار الحزب أشار منذ البدء إلى أن الأمة الواحدة هي التي تستطيع أن تفكر في الرسالة، في أن يكون لها رسالة، ولكونها في حالة التجزئة يكون هذا ادعاء غير جدي، فكما أن الإنسان لا يبدأ بتحقيق إنسانيته إلا بعد أن يلبي حاجاته المادية الضرورية.. كذلك الأمة، لا تبدأ رسالتها على الأرض.. ورسالتها الى الإنسانية إلا بعد أن توحد أجزاءها، وبعد أن تصل إلى الحالة السوية.. حالة الجسم الواحد..

 

 





الخميس٢٤ شعبـان ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٥ / أب / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زيد احمد الربيعي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة