شبكة ذي قار
عـاجـل










ثمة متغيرات عديدة احتواها الملف العراقي على مدى الأشهر التي تبعت العملية الديمقراطية التي تتباهى بها الولايات المتحدة وكذا النخب التي استجلبتها معها من المنفى على وصف أنها معارضة لنظام دكتاتوري كما يصفوه ؛وضرورة استبداله بنظام ديمقراطي يعمل على تكريس الديمقراطية وفق أسلوب الإدارة الأمريكية الذي أطلقت عليه الصدمة والرعب ومن ثم النظام العالمي الجديد أو تصغيرا أو تحديدا الشرق الأوسط الجديد والذي باشرت أولى خطواته في العراق بعد تحريره كما يزعمون وبأكبر صورة من صور الخديعة في التاريخ الحديث وأساليب الكذب والتضليل وسرقة الثروات واستباحة الحرمات وتقتيل الشعوب.


متغيرات عدة أولها ظهور الأعب الإيراني على السطح وبوضوح من خلال تصريحات علنية تصدر من أعلى سلطة في إيران تمارس من خلالها احتكار القرار المتعلق بمستقبل هذا البلد وإدارته حصرا بيد المرشد الإيراني الأعلى خامنئي بعد أن أقصى وفق تلك التصريحات أحد أخطر المجرمين الذين تركوا بصماتهم على الساحة العراقية ألا وهو الجنرال سليماني؛تلك التصريحات تعتبر حدث بل من أهم أحداث عام 2010 كونها تسجل وباعتراف رسمي حكومي ومن أعلى سلطة إيرانية عملية التدخل في الشؤون العراقية الداخلية؛مما يعني أن كل ماحدث في العراق من قتل ودمار يقع الجزء الأكبر منه على مسؤولية الحكومة الإيرانية ؛ولا نستثني الاحتلال طبعا وقواته ومرتزقته؛كما لانعفي الحكومة العراقية الشطرنجية من تبعات تلك الكارثة التي حلت بالبلد.


ومن جانب أخر تظهر للعراقيين مدى الاستهزاء بمشاعرهم من قبل المسئولين الحكوميين طبعا وعلى رأسهم فخامة الرئيس الطلباني فقد كذب سيادته وهو ديدنه في كل المناسبات حين صرح ولأكثر من مرة بعدم وجود تدخل إيراني بالشأن العراقي ؛ومن جانب أخر يصف السفير الإيراني الجديد بأنه خير خلف لخير سلف وذاك الذي عاث في بغداد خرابا وتقتيلا طيلة مدة بقائه لتنفيذ مهامه هناك حتى أن الاجتماعات التآمرية كانت تعقد في بيته وهو ما ينفيه اعتراف الخامنئي بل ويؤكده تصريح الرجل باحتكار الملف العراقي بين يديه دون غيره ما يعني أيضا أن هناك أكثر من طرف في إيران كان يمسك بهذا الملف وكل يدلوا بدلوه في عمليات قتل العراقيين وتهجيرهم وتشريدهم واغتيال العلماء والكفاءات والمثقفين؛ وهو ما لا يعفي الحكومة العراقية منه اللهم إلا أولئك الذين هم على نقيض من الهوى الإيراني وضد توجهاته ولا يستهويهم الغزل الفارسي ولا يعملون وفق توجيهاته وهم قلائل في العراق المحرر.


ومن ضمن تلك المتغيرات العديدة وهذه قد سبق وأن اشرنا لها في أكثر من مناسبة ,ألا وهي حيادية الموقف الأمريكي أو التخلي عن التأثير على الساحة العراقية لصالح المناوشات الإيرانية والمؤامرات التي تحوكها سواء في بغداد أو هناك في طهران وقم؛وهو ما يدعوا إلى الغرابة أن تعمد الولايات المتحدة إلى التسليم أمام الإيرانيين على الساحة العراقية وترك الأرض يتحكمون بها وفق هواهم أمام أنظار القوات الأمريكية المنتشرة هناك دون أن تحرك ساكن؛وهذا وفق تفسيراتنا المتواضعة يقدم لصفقة قذرة تمت بين الطرفين على حساب العراق وأهله ومصيره ومستقبله؛أحد أهم بنودها تسلم المعتقلين في السجون الأمريكية من أعضاء النظام الوطني العراقي وتحويلهم إلى سجون الحكومة العراقية التي تدار بأمر الخامنئي؛وهو تفسير كنا نظنه غير وارد لكن متابعتنا للأمور اثبت صحته ؛حيث عمدت تلك القوات إلى استعادة سيطرتها على سجون الحكومة ونقلها من جديد إلى السيطرة الأمريكية بحجة أن هناك خروقات في تلك السجون أتاحت الفرصة لهروب عدد من المعتقلين الخطرين منها؛كل ذلك تم في غضون أيام قلائل بعد تسليم أركان النظام السابق مما يتيح للنظام الإيراني فرصة الانتقام منهم على خلفية صدهم للهجمة التي شنها الخميني رحمه الله على العراق أبان الثمانينات والتي دفع ثمنها أبطال الجيش العراقي من حياتهم وذويهم بعد الاحتلال الأمريكي الغاشم لوطننا الحبيب.


ومن ضمن المتغيرات أيضا التي تدل على رفع اليد الأمريكية عن مجريات الأحداث في العراق والتوجه جديا نحو التحضيرات للانسحاب من هذا البلد وهو ما يشغل القيادة الأمريكية العسكرية والإدارة في واشنطن مع تنامي الرفض لهذه الحرب التي بنيت على محض افتراءات وكذب مفضوح سوقته الإدارة الأمريكية السابقة ورئاسة الوزراء البريطانية التابعة لها على علم من لعالم أجمع وكل من شارك في تلك المهزلة التي انتهت بتدمير بلدا كان يعد عنصر توازن في المنطقة مقابل ما تمثله إيران من تهديد مستمر لها مما أتاح الفرصة لها للإنفراد بالقرار على خلفية كذب الولايات المتحدة وطمع الآخرين واستهتار البعض في النظام العربي الرسمي والذين يتحملون الوزر الأكبر لما حصل في العراق نتيجة مشاركتهم حتى في لحظات إصدار القرار وساعة الصفر التي كان يتآمر فيها فلان الذي علم بوقوعها ساعة أعداد أساليب الموت والدمار وحين أطلاقها صوب أهلنا وهو يغمره الفرح على حد وصفه حين قال أن السماء ستمطر اليوم في بغداد.


تلك المؤشرات تدفع باتجاه السيطرة الإيرانية على مجريات الأمور في بغداد ما يعني أن ما من حكومة قابلة للتشكيل إلا وفق المواصفات الإيرانية في الوقت الحاضر على الأقل بعيدا عن إرادة الأمريكان والمجتمع الدولي الذي يحاصر العراقيين حتى في أوربا ويتآمر عليهم بحجة أن الأمن قد استتب في العراق استنادا لأراء الحكومة العراقية التي تقضي أيامها في المنطقة الخضراء؛ فمتى يعي العالم مايجري في العراق ومتى يتحرك أهل العراق لتغيير هذا الحال ولن نقول متى يتحرك العرب فهم ينتظرون أدوارهم في المهزلة الأمريكية بل ربما ينتظرون أدوارهم في المهزلة الفارسية ومن سيلعب أم يتم طرده واستبداله بأخر على غرار مهزلة الانتخابات العراقية.

 

 





السبت٢٦ شعبـان ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٧ / أب / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب سعد الدغمان نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة