شبكة ذي قار
عـاجـل










بعد إحتلال وتدمير العراق إستعان الجيش الأمريكي بخدمات قوات مرتزقة تابعة لشركات أمنية خاصة متكونة من عناصر مختلفة ومن جنسيات مختلفة والكثير منهم كان من مواطني أمريكا اللاتينية والفلبين الذين كانوا يبغون الحصول على "جرين كارد" الكارد الأخضر للإقامة والعمل في الولايات المتحدة. السبب الرئيسي للإستعانة بهؤلاء المرتزقة كان عدم قدرة الجيش الأمريكي على مواجهة المقاومة العراقية المسلحة الباسلة المتصاعدة بمفرده خصوصا في السنوات 2004-2007 حيث زاد عدد مرتزقة الشركات الأمنية آنذاك الى أكثر من 200 ألف مرتزق هذا إضافة الى زيادة عدد القوات الأمريكية الى أكثر من 180 ألف جندي في فترة الإندفاع العسكري الأمريكي الذي أدى الى تراجع ملموس في عمليات المقاومة العراقية المسلحة الباسلة خصوصا بعد ظهور قوات الصحوات العميلة والحرب الطائفية الى أججها الإحتلال وعملائه الموالين لنظام ملالي قم وطهران جراء تفجير جامع سامراء.


"إنسحاب" القوات المقاتلة الأمريكية من العراق مؤخرا وترك أكثر من خمسين ألف عسكري في قواعد متفرقة ثابتة في أماكن متفرقة من العراق لا يعني بالضرورة إنتهاء الحرب التي ما زالت قائمة بين العراق والولايات المتحدة منذ عقدين من الزمن، ولا يعني أن الإحتلال العسكري قد إنتهى ولا يعني أن امريكا قد قررت إعطاء الشعب العراقي الحرية ليقرر مصيره ومصير مستقبل أجياله نفسه بنفسه. الحرب لم تنتهي بعد ولا الإحتلال قد إنتهى وأن مجمل عملية الإنسحاب التجميلية القبيحة للإحتلال الأمريكي على الطريقة الأوبامية هي مجرد إعادة تسميته وصبغه بالوان مائية تتغير وتمحى حسب الضرورة وحسب ما تقتضيه المصالح الصهيوأمريكية في العراق والمنطقة العربية لأن القوات الأمريكية المقاتلة "المنسحبة" من العراق قد إستبدلت ومنذ زمن ليس بالقريب بعشرات الألاف من مرتزقة الشركات الأمنية الخاصة السيئة الصيت التي تتكون من ضباط وجنود وطيارين سابقين محترفين وغيرهم مدربين على أحسن فنون القتال وإلإرهاب والتدمير. إذن أن عملية "الإنسحاب" ما هي إلا عملية تدوير القوات ونقل المهام العسكرية من أيادي القوات العسكرية الأمريكية النظامية الى أيادي قوات المرتزقة شبه العسكرية التابعة للشركات الخاصة.


وزارة الخارجية الأمريكية وكما ذكرنا في مقالات سابقة قد عزمت على تكوين جيش خاص بها - متكون من مرتزقة الشركات الأمنية مثل شركة بلاك ووتر التي غيرت إسمها الى إكس. إي وتلفظ "زي" - مزود بطائرات مروحية من طراز بلاك هوك، وعربات مدرعة مقاومة لألغام الكمائن، وشاحنات وقود، ونظم مراقبة عالية التقنية وذلك كما يدعى الى حماية السفارة الأمريكية في بغداد التي تعادل مساحتها مساحة دولة الفاتيكان ولحماية المصالح الأمريكية في العراق والقنصليات الأمريكية المتواجدة في البصرة واربيل، هذا إضافة الى إعادة تشكيل بعض القواعد العسكرية وتحويلها الى مخافر أمامية تشغلها قوات مرتزقة الشركات الأمنية الخاصة لمراقبة تحركات المقاومة العراقية المسلحة الباسلة والقيام بعمليات عسكرية في الأماكن الساخنة ولقمع المواطنين العراقيين الرافضين للإحتلال، هذا يعني أنها تقوم أو ستقوم بنفس المهام الإرهابية ضد الشعب العراقي التي كانت تمارسها القوات المقاتلة الأمريكية "المنسحبة".


إن تخطيط وزارة الخارجية الأمريكية لفتح قنصليات في كل من كركوك والموصل يقع ضمن خطة خصخصة إدامة الإحتلال ونشر قوات المرتزقة الخاصة الى جانب الجيش الأمريكي النظامي في أنحاء مختلفة من العراق المحتل وليس كما يدعى للتعامل مع ما يسمى بـ "التوتر" الكردي العربي في هاتين المحافظتين. إن هذا الإتجاه في خصخصة الإحتلال جاء ضمن الإعتراف الذي أدلى به المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية بي.جاي كراولي في مطلع الإسبوع الماضي الذي قال بأن إنسحاب القوات المقاتلة الأمريكية من العراق سيؤدي الى مضاعفة عدد مقاولي القطاع الخاص المستخدمين من قبل وزارته. وقد إعترف بإتصال وزارته بشركة داين كورب وشركة زي "بلاك ووتر" للقيام بتنفيذ خطط الوزارة المرسومة للعمل في العراق. الفرق الخطير بين عمل القوات النظامية وقوات المرتزقة هو أن القوات النظامية تكون معرضة للمحاكم العسكرية إذا إرتكبت جرائم مفضوحة بينما عناصر الشركات المرتزقة الخاصة تكون أقل مسائلة وهذا ما لمسناه من محاكمة مرتزقة شركة بلاك ووتر الذين قاموا بمذبحة ساحة النسور في بغداد في 16 سبتمر/إيلول 2007 التي راح ضحيتها أكثر من 27 مدنيا عراقيا بريئا.


هناك الأن أكثر من 100 ألف مرتزق أجنبي في العراق يعملون ضمن الشركات الأمنية الخاصة. ليس كلهم يعملون كحراس أمنيين لحماية الأبنية والأشخاص على سبيل المثال أعضاء الحكومة العراقية العميلة أو أعضاء البرلمان العراقي العميل أو اعضاء السفارة الأمريكية وقنصلياتها في العراق، ولكن الأكثرية منهم وكما ذكرنا اعلاه من العسكريين السابقين المتخصصين والمحترفين الذين لديهم المهارات والقدرات على تشغيل الرادارات، والخروج للبحث عن المتفجرات المرتجلة التي ينصبها ليوث المقاومة المسلحة الباسلة على جوانب الطرق التي تسيرها القوات الأمريكية، قسم منهم طيارين يقودون مروحيات بلاك هوك المقاتلة وقسم منهم يسيير طائرات الـ "درون" التي تطير بدون طيار في العراق. هؤلاء المرتزقة المحترفين سوف يحلون محل جنود من الجيش الأمريكي ووحدات العمليات الخاصة ضمن الجيش الأمريكي. وهذا جوهريا يعني خصخصة الإحتلال.


في هذا السياق نود ذكر أن شركات المرتزقة الخاصة أخذت تجند في صفوفها مرتزقة عراقيين يقومون بنفس الأعمال التي تناط الى المرتزقة الأخرين الأجانب مثل حماية أعضاء البرلمان العميل وتزويد هذه الشركات بمعلومات إستخبارية إضافة الى القيام بقمع وتصفية أبناء الشعب العراقي المناوئين للإحتلال.


أخيرا وليس أخرا وكما نردد في كل مقالاتنا أن العراق سوف يحرر فقط وفقط من خلال فوهة البندقية المقاومة وإستمرار القتال وإستنزاف قوات الإحتلال وهذا لا يتم إلا بتوحيد صفوف فصائل المقاومة العراقية المسلحة الباسلة والعمل تحت قيادة عسكرية واحدة وقيادة سياسية موحدة ضمن برنامج تحرير متفق عليه.

 

 





السبت١١ رمضان ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢١ / أب / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب دجلة وحيد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة