شبكة ذي قار
عـاجـل










خلال لقاء له قبل أيام في قناة البغدادية ،تحدث المدعو كمال الساعدي النائب في (البرلمان) عن حزب الدعوة بجملة من الموضوعات (المتميزة!!؟؟) التي تكشف على نحو واضح وجلي حقيقة التركيبة التي تحكم فكر ومنهج وأهداف هذه الثلة التي رشحت على سطح المجتمع العراقي بفعل الظروف التي خلفها ويخلفها الاحتلال الصفوصهيوأنكلوأمريكي للعراق.أبتداءا أنا لم أشاهد اللقاء كاملا لأنه في العادة لاتستهويني هذه القناة التي أقل ما يمكن أن توصف به بأنها قناة طائفية بامتياز ،ولأن هذه العينات من البشر التي يزخر بها المشهد السياسي العراقي أصبحت مقرفة من فرط الكذب والدجل التي تصدره للناس ،وخصوصا تلك المساحة من  الناس التي على ما يبدو قد أصيبت بالحول في عقولها وضمائرها ،أو استعذبت فكرة مواصلة الغرق في بحر الجهل اللجي بكل ما أشتمل عليه من أفكار ضالة ومضلة .عموما ،أنا هنا أود أن أذكر جملة من الملاحظات بشأن هذا اللقاء وما تضمنه ووفقا لما يلي :


1-    وصف كمال الساعدي نفسه بأنه مجاهد ومناضل أسلامي استنادا إلى انتماؤه إلى حزب (الدعوة الإسلامية ) ،وأنه وحزبه ناضلوا ويناضلون من أجل أهدافهم المتصلة بفكرهم ومشروعهم (الإسلامي)!؟ .ولكن يبدو أنه قد تناسى عمدا ولا أظنه جهلا تلك الحقيقة التي تفيد بأن قوام أي عمل يجب أن يشتمل على ثلاثة مكونات ، وهي المنطلقات والمنهج والأهداف ،والتي لا يمكن لعاقل صحيح العقل والضمير أن يتخطى أحداهما لحساب أخرى ،لأن الثلاثة يجب أن تنتظم في ذات السياق لتكتمل فيه صورة العقيدة الفكرية والسياسية،لذا فأن الحديث عن قيم ومبادئ الإسلام من قبل من يدعون التمسك والأيمان بهما لا يبدو متفقا مع منهجهم في التعبير عنهما ،وإلا كيف يمكن أن نفسر أنتظام حزب الدعوة في سكة المشروع الأنكلو صهيوأمريكي والذي أقتضى تنفيذ مرحلته الوسطى المتمثلة بالغزو والاحتلال  تدمير كل بنى العراق المادية والبشرية والمعنوية،إلا أذا كان  المنهج الإسلامي وفقا لما يؤمن به حزب الدعوة يقضي بجواز الاستعانة على المسلم بالأجنبي غير المسلم لتحقيق غاياته وبرامجه و أثبات صحة فهمه المعاصر بشأن أمكانية تحقيق توافقا قويا مع المنهج الميكافيللي الذي فيه الغاية لا يحول دونها الوسيلة مهما كانت خسيسة ،وفي مثل هكذا حالة فأن الأمر يستدعي  المراجعة للتعرف على السند الشرعي والفقهي لفلسفة من هذا النوع ،ويبدو أننا فعلا أمام أسلام من طراز جديد! ،وأن كان لا غرابة فيما يصدر عن مثل هؤلاء الذين أستهوتهم فكرة تطبيق صيغة (نظهر خلاف ما نبطن)،فأمريكا في عقيدتهم الظاهرة هي الشيطان الأكبر وهي ذاتها الحليفة والمنقذة والمحررة !!؟؟.أن ما يزيد الأمر غرابة هو إصرارهم على تسويق أكاذيب يقع في مقدمتها ما يواصلوا الحديث بشأنه من أن ما حصل من سقوط للنظام في العراق هو ثمرة لجهادهم ونضالهم ،ولا أعرف إلى مدى ممكن أن يصدقوا هم أنفسهم كذبة مثل هذه ،وهم من ينبغي أن يشهدوا بأنهم ما كان لهم أن يكونوا على ما هم عليه الآن لو لم يتمكن أسيادهم في الاحتلالين الصهيو أنكلوأمريكي والإيراني الصفوي من تنفيذ صفحة الاحتلال الإجرامية.وهم من كانوا قد  أدركوا وتيقنوا في السابق بأن ليس هم فحسب وإنما حتى أحلام يقظتهم  المريضة لم تكن لتجرؤ على تخطي الحدود باتجاه العراق ،ومن هنا يمكن لنا أن نتصور كم المسافة التي تفصل أقوالهم عن واقع أفعالهم .أذن هذا جزء من أسرار هذه التركيبة الموصوفة خصيصا لتدمير العراق وتحويله من نموذج دولة إلى مشروع مشكلة .


2-    كلنا يعرف بأن تاريخ حزب الدعوة طويل ،وهذا التاريخ زاخر بالأعمال والمواقف التي تنطلق من مرجعيتين أحداهما فكرية طائفية مطلقة والأخرى سياسية ينفذ من خلالها أجندات لإيران الصفوية التي ينتمي إليها قلبا وقالبا ،ومن هنا فأن الصفة الوطنية لدى هذا الحزب منزوعة بل ومحرمة ،ومن ثم فأن مشروعه في العراق لن يكون وطنيا ،ومن يراقب تصريحات رموزه وقادته لابد وأن يتأكد من حضور هذه الحقيقة في عقولهم وأفعالهم ،(فالبيت الشيعي ) و(أتباع أهل البيت ) وفقه وثقافة بدعة المظلوميات وأكذوبة الأكثرية التي أصبحت تلازم حتى وجباتهم الغذائية لضمان إدامة زخم تثوير المشاعر ليس ضد ما يسمى بالسنة في العراق وإنما ضد أي حالة يمكن أن توصف حتى افتراضا بأنها وطنية وتتكلم بشيء أسمه العراق،كل تلك العناوين التي تتصدر خطاباتهم و تطبع سياساتهم ومنهجهم تعطي إشارات واضحة على عمق و تجذر النزعة الطائفية لديهم والتي اختزلت كامل مشروعهم السياسي في العراق، ومنطق الاختزال هذا هو انعكاس لفلسفتهم الدينية والدنيوية ،فهم يختزلون كل الحقائق الكبيرة في جزئيات ،فالإسلام العظيم بكل تفاصيله المترامية والتي تعجز كل الكتب والمخطوطات عن الإحاطة بها يختزل في مذهب لا يصح سواه،والعراق برمته يجب أن يدخل تحت عباءة المشروع الطائفي ،ولذلك فأن المفهوم الوطني غائب أيمانا وليس جهلا ،وهذا واضح في ترتيب أولوياتهم ،فالمدعو كمال الساعدي أجاب محاوره عندما سأله عن الإخفاقات الكثيرة التي منيت بها حكومة المالكي خصوصا في مجال الخدمات ،أجابه ،بأنهم في الحكومة مستعدين لتحمل السب والشتائم واللعن من المواطنين بسبب معاناتهم من جراء انعدام الخدمات لأنهم مطمئنين، أي حزب الدعوة وحكومته ،بأن هذا المواطن سيدرك لاحقا قيمة وصحة منهج هذا الحزب عندما يحين الوقت للإفصاح عن الحقائق التي تثبت صحة فهمه وسمو أهدافه، وبأن المشكلة لا تكمن في توفير الماء والكهرباء وغيرها من الخدمات لأن هذه ممكن أن تأخذ وقتها وتنفذ برامجها لاحقا خلال سنة أو سنتين أو أكثر ،ولكن يبقى الهدف المهم والعاجل الذي يسعى هذا الحزب إلى تحقيقه هو الإحالة دون العودة بالعراق إلى الوراء !!؟؟ وعندما ألح المحاور في استفهامه عن معنى ذلك ،أجابه ،بأننا لن نسمح لحزب البعث بالعودة إلى العراق !!؟؟وهذا يعني بأن ثمانية سنوات عجاف بكل ما اشتملت عليه من مصائب جمة وقعت على رأس المواطن العراقي ،وثمانية سنوات حبلى بالأيردات المالية من جراء ارتفاع أسعار البترول عالميا يقابلها تضخم كبير وقصور واضح في دخل المواطن وانعدام تام للتنمية والخدمات والأعمار للبنى التحتية رغم تواجد أكبر وأغنى دولة في العالم على أرض العراق ،كل ذلك وغيره لا يحتل حتى مرتبة متأخرة في سلم أولويات حزب الدعوة وغيره من الأحزاب العميلة ،لأن هذا السلم مشغول بكافة درجاته لحساب مشروع مكافحة هاجس حزب البعث ،ويتذكر عدد غير قليل ما قاله المدعو خالد الأسدي الذي ينتمي على ما يبدو إلى ذات الحزب ،عندما سأله حيدر الملا عن مصير ميزانية حكومة المالكي التي تربو على  300 مليار ،أجابه وبكل حزم بأنها أنفقت في مشروع القضاء على حزب البعث،أذن هذه هي الأولويات (الإسلامية!!؟؟) لهذا الحزب (المجاهد!!؟؟) .فهل يعقل بعد ذلك أن تتم المراهنة على عقلية ثأرية قاصرة في رؤيتها ومختزلة في دائرة انتماؤها الطائفي البغيض كهذه في تنفيذ مشروع وطني سيادي مستقل وفقا لشروطه وثوابته الوطنية والقيمية .أن من يسعى إلى تحقيق مشروع وطني ينبغي عليه أن يحرص على النجاح في بناء نموذج صحيح يبدأ بمعالجة المشاكل وتوفير الخدمات وتحقيق التنمية والحرص على تغليب المصلحة العامة للبلد وبناء المؤسسات ونحو ذلك مما ينبغي فعله بمنطلقات وطنية ومنهج صحيح .


3-    أن ما يطلق عليها بالعملية السياسية هي في حقيقة الأمر ليست سوى بركة آسنة لا يخوض غمارها ويستمتع في سكنها إلا أولئك الذين تعودوا أن يفكروا ويتصرفوا بصيغ غير نظيفة ،وأنا أكاد أجزم بأن هؤلاء الذين يمثلون مرحلة الابتلاء الحقيقي المعاصر للعراق من أحزاب طائفية وعنصرية عميلة و مصلحية ومن هم على شاكلتهم ،كل أولئك ، هم أكثر من يعلمون بأن حزب البعث ليس له في بيئة (العمل السياسي) هذه والتي صنعوها هم ليس بغبائهم وإنما بخبثهم و بعوقهم النفسي والأخلاقي.أن أي منصف وبقليل من الجهد المؤسس على المنهج العلمي والموضوعي سيدرك سريعا البون الشاسع بين حزب البعث وهذه المجاميع التي هي ليست سوى عصابات مأجورة تنفذ مشاريع بالنيابة عن جهات إقليمية ودولية ،لأن تجربة البعث في العراق بكل ما أحتملته من أنجازات عظيمة واجتهادات بمنطلقات صحيحة وحتى مآخذ يمكن أن تؤخذ عليها لا يمكن أن تقارن بالثمانية سنوات من حكم الأرذال وأشباه الرجال من الذين أحالوا العراق بعد عزه ووزنه وقيمته الحقيقية ذاتيا وإقليميا ودوليا إلى دولة مسخ ينظر إليها و إلى مواطنيها باستصغار!!.أن من حق هؤلاء أن يغتاظوا من البعث فكرا ومنهجا ومشروعا،لأنه ببساطة ،و بمجرد أن يذكر البعث وتاريخه وتجاربه سيكون سببا في كشف عوراتهم وإسقاط أقنعتهم ودفعهم إلى مقارنات لن تكون على الإطلاق في صالحهم ،فهم عجزوا و سيعجزوا عن الإتيان بما أتى به البعث من انجازات ومكاسب وبناء لنموذج حضاري. لأنه دائما هناك فرق جوهري ومسافة طويلة جدا لا يطويها حتى من يجيد الإدعاء والكذب،هذا الفرق، بين الحق والباطل ،بين الخطأ والصواب ،بين الحالة الوطنية وبين من يدعيها زورا وبهتانا ،"وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون "صدق الله العظيم ،ومن الله التوفيق.

 

 





الخميس٠٧ شوال ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٦ / أيلول / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب صلاح أحمد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة