شبكة ذي قار
عـاجـل










كعادة جريدة الحياة اللبنانية في اجرائها مقابلات موسوعية ربع سنوية مع الرئيس العراقي صاحب الولاية المنتهية السيد ( مام ) أو السيد جلال طالباني ، فإن الاعلامية البارزة راغدة درغام كان لها شرف هذه المقابلة، بعد أن سبقها إليها السيد غسان شربل رئيس التحرير نفسه ، ذلك أن مقابلات المقامات تستوجب مستوى إعلامياً بخمس نجوم لا أقل .


في المقابلة التي نشرتها الحياة يوم الاثنين في 27 أيلول من العام الجاري، تسأل السيدة راغدة :


- هل تقهقرت الولايات المتحدة في العراق بسحبها مئة ألف جندي واصرارها على الانسحاب التام في غضون فترة وجيزة وترك الساحة بعد الخسائر البشرية وانفاق مئات المليارات من الدولارات ؟!


ويجيب الرئيس طالباني بكل ثقة :
- لم تتقهقر .. أمريكا أدت مهمة مشرفة .. وهي تحرير العراق من الدكتاتورية ومن نظام المقابر الجماعية ومن دكتاتورية كانت تهدد بإبادة الكرد والشيعة .. أمريكا ساعدت في إقامة ديمقراطية فريدة في العراق .. لدينا الآن حكومة منتخبة ، وبرلمان وحياة حزبية تعددية وحريات صحفية وحريات اجتماع وتنظيم .. هذه كلها جاءت بمساعدة أمريكا .. من وجهة نظري أن أمريكا تنسحب بشرف من العراق .. وهي الآن تترك العراق قادراً على ضبط الأمن الداخلي والعراق يظل بحاجة إلى أمريكا في المسائل الاقتصادية والعلمية والثقافية والاجتماعية والتدريبية ...


لا أعتقد أن السيد جورج بوش نفسه ، صاحب الكارثة الأمريكية والعراقية يمكنه أن يتحدث بهذه الطلاقة التزينيّة لما فعله خلال ولايته في أفغانستان والعراق ، وإلا فإن ( الكاركتير ) الأمريكي الساخر سيملأ وجوه الصحافة من نيويورك تايمز و واشنطن بوست والتايم ونيويوركر ..


وأحسب أن الرئيس الأمريكي الحالي سيخفي وجهه خجلاً بعد أن أعلن من البيت الأبيض بأن أمريكا لن تحتفل بالنصر أثناء عودة قواتها من العراق !..


أوباما لن يحتفل بالنصر على العراق لأن القاصي والداني ممن هو مع أوباما أو ضده يعلم حق العلم أن أمريكا فشلت في مشروعها العراقي ، وأن ناتج الفشل كان بكلفة باهظة على الساحتين العراقية والأمريكية ، فعلى الساحة العر اقية وحتى الشهر السادس من عام 2006 فقد وصل عديد القتلى من المدنيين العراقيين فقط حسب دراسة مجلة لانس الميدانية من قبل فريق مختص من جامعة جونز هوبنكنز الأمريكية إلى 655 ألف قتيل عراقي .


أما تدمير البنية التحتية العراقية فيكفي ما وضعته الكاتبة والباحثة الأمريكية نعومي كلاين في كتابها المؤثر ( بغداد السنة صفر ) .


أمريكا أنجزت مهمتها بشرف يقول طالباني واليكم هذا الشرف الذي أنجزته أمريكا في العراق :


- يبدأ هذا الشرف من محاولة اغتيال رئيس ُظنّ أنه في الدورة فيما وزير الدفاع دونالد رامسفيلد يُسمّي العمل بأنه الضربة – أو الصدمة المروعة .


- اخترع الأمريكيون ( المحافظون الجدد ) نظرية التدمير الخلاق لإعادة العراق إلى النقطة صفر وهو ما تعنيه نعومي كلاين في عنوانها ( بغداد السنة صفر ) .


- اخترع الأمريكيون من خلال تجاربهم الوحشية في أمريكا اللاتينية شركات لتطويع المجرمين في أعمال داخل العراق وهي ما أسماها الأمريكيون أنفسهم بشركات ( كلاب الحراسة ) وقد بلغ عديد المرتزقة في هذه الشركات ومنها ( بلاك ووتر ) ما يعادل عديد الجيش الأمريكي نفسه ( أي زهاء مئة وعشرين ألفاً ) وبسلاح يماثل السلاح النظامي للجيش من دبابات وطائرات وأسلحة ثقيلة ..


- قدّر العديد من الباحثين الأمريكيين ( البروقسور جلبرت برنام رئيس المجموعة البحثية في جامعة هوبكنز أن مجموع القتلىمن العراقيين حتى العام 2009 تجاوز مليوناً ونصف المليون من البشر .


- هاجر خارج العراق زهاء أربعة ملايين وداخل العراق زهاء ثلاثة ملايين من مناطق الاحترابات الطائفية الداخلية .. إلخ وهذا عدا المسروقات المليارية من ثروة العراق .


وعلى الساحة الأمريكية وحسب مصادر حليفة لواشنطن كانت التصريحات حسب تسلسلها الزمني كما يلي :


- في تشرين الثاني من عام 2003 أي بعد تسعة أشهر من الاحتلال ، صرح كبير الجراحين في المركز الطبي الألماني في مستشفى رامستان المخصص للقاعدة الأمريكية هناك ، أن المركز استقبل 9500 إصابة للجنود العائدين من العراق ، وقد تطلّبت جراحة 3000 منهم عمليات بتر .


- في نيسان من العام 2004 ذكرت صحيفة المحاربين القدماء الأمريكية أن المنظمة ( أي منظمة المحاربين القدماء ) تلقت 26633 طلباً من طلبات العجز لافراد من الجيش في العراق .


- في حزيران من العام 2004 أي بعد شهرين من تصريح منظمة المحاربين القدماء نقلت محطة C.N.N الأمريكية الشهيرة عبر برنامج ماك كلوشلن السياسي أن أرقام الاصابات الأمريكية تمحورت حتى ذلك التاريخ حول 27000 إصابة وهو رقم قريب جداً من رقم المحاربين القدماء .


كذلك سيصرح البروفسور بول كريج روبرتس من أعضاء المعهد السياسي الاقتصادي الأمريكي بتاريخ 18/ 12/ 2004 بعدد مشابه حول اجمالي الاصابات في العراق .


وحتى نهاية العام 2007 فإن المجموع المفترض قد وصل إلى زهاء 48000 إصابة قُدّر من خلالها مقتل 16000 جندي أمريكي ، والدليل أن اعلانات البنتاغون من خلال حرب فيتنام ، تنحو دائماً إلى اعطاء 25 بالمئة من الأرقام الحقيقية وهو نفسه ما درجت عليه وزارة الدفاع ( البنتاغون ) في تلفيقه إلى أجل غير مسمّى .


هذا ويقدّر الاقتصاديون الأمريكيون في مراكز الأبحاث والدراسات أن الحرب على العراق ستأكل من الموازنة الأمريكية زهاء ( 3 ترليون ) أي ثلاثة آلاف مليار دولار ، لا على الانفاقات العسكرية المباشرة للحرب ، بل وعلى تداعيتها في الانفاق على حالات الإعاقة والعجز بسببها طوال العمر ...


هل من المعقول أن السيد الرئيس العراقي أو ( مستر بريزدنت ) جلال طالباني لم يقرأ هذه الوقائع التفصيلية أو أشباهها لما جرى سنوات الحرب الأمريكية على العراق ؟!..


هل أدت أمريكا مهمتها العراقية لتخرج منه بشرف ، عبارة لم يقلها مسؤول أمريكي ديمقراطي ولا جمهوري فيما أمريكا صاخبة بعمومها مما أدت إليه مغامرة بوش الجنونية في العراق ، وأنه لولا الخشية على السمعة الرئاسية في أمريكا لكان بوش أول نزلاء غوانتامو وليس غيره ..


من المعروف أخيراً ، أن الاستاذ طالباني هو سيّد الوقائع المقلوبة في التاريخ ، ولا أظنه ينزعج من ذلك ، فهو يستقبل أي انتقاد بابتسامة معهودة ، وقد روى لي صديق بعثي عراقي كبير في دمشق ، أن طالباني زاره مرة في مكتبه بالقيادة القومية وكانت مشكلة حلبجة طازجة وكان مما قاله طالباني : ( يلزمنا ثلاث حلبجات لاسقاط نظام صدام ) ، وقد بُهت الصديق البعثي لهذه الاشارة وما تعني !..

 

 





السبت٢٣ شوال ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٢ / تشرين الاول / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب حمدان حمدان نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة