شبكة ذي قار
عـاجـل










هذا هو عنوان الكتاب ...  يعني كان على هذا الشكل.. فقلت.. الأفضل أن نبقيه على ما هو ولا نعدل في العنوان ...

 

المهم ... 

 

يتابع الكاتب، الدكتور موسى، في هذا الفصل الحديث عن أكبر خدعة انخدعت بها أمة العرب والإسلام في عصرها الحديث ... 

 

أريد أن أقول شيء ... 

 

المفارقة المأساوية تكمن في أن العرب، وفي القرن العشرين، تعرضوا لأربع خدع قاتلة قصمت ظهورهم بلا مبالغة، سواء بعلمهم أو بغير علمهم ...  فجاءت الخدعة الأولى من الدول الغربية، التي خدعت الشريف حسين بن علي، بعد أن أوغرت صدره بالثورة على الدولة العثمانية وراحت تمنيه بأن يكون ملكا على البلاد العربية بمجمله ...  ثم ما لبثت أن نكصت الوعد، بعد أن تم لها ما تريد ...  فأدارت من وراء ظهره اتفاقيات سايكس بيكو، التي قسمت العالم العربي بين دول الاحتلال الفرنسي والبريطاني!!!! فذهب المسكين منفيا مقهور ...  ومات من القهر والحزن ...  ولم يدرك أبناءه والعرب هذه الخدعة إلا بعد فوات الأوان!!!

 

ثم جاءت الخدعة الثانية الأشد من الأولى، وهذه المرة كانت من الخميني، وبما يسمى الثورة الخمينية، التي صبغت نفسها بصبغة إسلامية، وارتدت برقع آل البيت، وادعت أن الخميني هو وريث السلالة المحمدية وأنه جاء لإعلاء راية الإسلام!! وإذا به إنسان دجال، حاقد، مجوسي، ذو أصل هندي من السيخ ...  لكن المشكلة في قومن ...  في عالمنا العربي ...  أن هناك الكثير من السذج الذين ينخدعون بالمسميات ...  فطالما كان هذا الشيء أو هذه المؤسسة أو هذه الهيئة تحمل مسمى إسلامي، فلنسير وراءها ونتعامل معها رغم كل ما يقوله "الحاقدون، والمغرضون، والمرجفون في المدينة" ...  يعني تنساق الناس هكذا ببساطة وتنخدع ببساطة أكثر لمجرد المسمى !!! وكادت فتنة الخميني أن تحدث فتنة في قلب بعض البلاد العربية ...  وكاد بعض الجهلة والسذج والمفغلين أن يثوروا على ولاة أمرهم بسبب انخداعهم وانفتناهم بالخميني ...  ولم يدركوا إلا متأخرين أنهم كانوا ضحية خدعة حقيرة ...  ولكن بعد فوات الأوان أيض ...

 

كنت أعرف شخصا يعمل في الخليج العربي لدى بنك يحمل مسمى إسلامي.. يقول: إن الناس تتهافت على التعامل مع هذا البنك فقط لأنه اتخذ مسمى إسلامي ...  بينما يقسم لي بالله ...  أن هذا البنك يفرض رسوما على المتعاملين معه، ويفرض فوائد مخفية تحت مسميات شرعية مخادعة (بطريقة الالتفاف والتورية) لايفرضها بنك ربوي!!! وضرب لي مثلا على هذ ...  إن تمويل شراء سيارة من هذا البنك يفرض على الشاري/ المتعامل رسوما وفوائد في نهاية الأمر سيراها أعلى حتما وبالقطع من الرسوم وفوائد التمويل فيما لو كان قد اختار أن يتعامل مع بنك آخر غير، لم يتخذ مسمى إسلاميا!!

 

والله إنني لست ضد الدين ولست ضد هيئاته.. لكن نحن الآن نعيش في عصر الخداع.. ورضي الله عن الفاروق عمر بن الخطاب الذي قال قولا مأثورا: لست بالخب ولا الخب يخدعني ...  ومن يريد تفسير هذه الجملة الخالدة فليدخل على جوجل ويكتبه ...

 

ثم جاءت الخدعة الثالثة إبان ما حصل عام 1990، حين أوهمت أمريكا دول الخليج العربي بأن قوات الجيش العراقي في طريقها لإحتلال الخليج بأكمله!!! ما دعاهم لفتح أراضيهم على مصراعيها لقوات التحالف الثلاثيني ...  وحصل ما حصل في عام 1991 ...  ثم أدركوا متأخرين الخديعة التي نصبت لهم، فراحوا يجرجرون أذيال الخيبة وندم بعضهم على فعلته ...  ولكن ...  ولات ساعة ندم ...

 

أما الخدعة الرابعة التي قصمت ظهور العرب بأكملهم، وخاصة الخليج، فجاءت حين خدعتهم أمريكا – والفرس – هذه المرة، بأن لدى العراق أسلحة دمار شامل وأنه ينوي السيطرة من جديد على الخليج وأنه يخيفهم وأنه عدو لهم  ...  وأنه ...  وأنه ...  وأنه ...  فغامر بعضهم بمساندة العدوان على جمجمة العرب وعزهم وفخرهم ...  فأدت هذه المساندة وهذا العون وهذا الدعم إلى إحتلال البوابة الشرقية للأمة العربية ...  فانهار – مؤقتا – السد الشرقي الحامي المنيع للأمة العربية.. فانكشفت عوراتها على آخره ...  وباتت مثل المرأة التي كلما حاولت تغطية شعر رأسها بان شيء من جسده ...  فلم تعد تدري ماذا تفعل؟؟ وهكذ ...  صارت الدول العربية عرضة لعدو فارسي يتربص بها الدوائر ...  وعدو صهيوني صليبي حاقد يريد إذلالهم وسرقة أموالهم وجعلهم عبيدا لديه ...  وايضا أدركوا متأخرين فداحة الجريمة التي ااقترفوها حين فرطوا بالعراق ...  وندموا ندامة الكسعي هذه المرة ...  وأيضا ولات ساعة ندم ...

 

المأساة ...  أنه في كل مرة ينخدع بها العرب من طرف م ...  يدركون متأخرين أنهم كانوا ضحية خدعة ...  لم يتعلموا من المرات السابقة أبد ...  وحين كان هناك بلد ورجل ينبه العرب ويحذرهم من مخططات تدبر لهم ومكائد ترسم في ليل مظلم ...  فرطوا بذلك البلد وفرطوا بذلك الصقر ...  ولاحول ولاقوة إلا بالله ...

 

المهم ...  نعود إلى الكتاب. وفي القلب حسرة ولوعة ...  وآسف لإطالة المقدمة ...

 

جعل الدكتور موسى عناوين فصله هذا على الشكل التالي:

 

سقوط الامبراطور

الفئات المتحالفة لاسقاط الشاه.

اذاعة بي بي سي الريطانية.

فرنسا تحمي الخميني.

الثورة الشاملة.

بازركان في الحكم.

الماكرون.

 

قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ(سورة آل عمران)

 

سقوط الامبراطور ...

 

كيف سقطت الامبراطورية الايرانية؟ وكيف سقط الامبراطور محمد رضا بهلوي؟ ومن هم الذين مهدوا الطريق لاسقاطه؟

 

لقد توالت الأحداث تلو الأحداث، ومهدت الطريق في سقوط امبراطورية كان عمرها 2500 عاما، لقد كانت الاحتفالات العظيمة التي شهدتها مدينة برسبوليس بمناسبة مرور الفين وخمسمائة عام على عمر الملكية في ايران لم تزل حديث الملوك والرؤساء التسعين الذين حضروا تلك الاحتفالات من اقصى الارض، وذلك عندما بلغهم ان الفين وخمسمائة عاما من التاريخ الذي احتفلوا لأجله في برسبوليس قد تبخر في خلال 6 ساعات فقط.!!!

 

قال المهندس بازركان في احدى خطبه، ان الخميني لم يسقط الشاه، بل الشاه هو الذي اسقط نفسه، ان اعدى اعداء الشاه كان الشاه نفسه وليس الخميني وزمرته والجماهير التي تعاونت لاسقاطه، ان السياسة التي اتبعها الشاه في ايران كانت نتيجتها المحتومة سقوطه وسقوط نظامه كما اشرنا اليها بصورة اجمالية في فصل آخر من هذا الكتاب ...

 

الفئات المتحالفة لإسقاط الشاه ...

 

اما الفئات التي تعاونت وتكاتفت لاسقاطه في اللحظة المناسبة ومن ثم استطاعت ان تستقطب الجماهير في كل مكان، فانها كانت على سبيل المثال لا الحصر:

 

الجبهة الوطنية.. والتي كانت ترى في الدكتور مصدق رحمه الله رائدا لها.

نهضة المقاومة الشعبية ...  التي اسسها الامام الزنجاني والمهندس بازركان، بعد ان انشقوا من الجبهة الوطنية، وكانت لهاتين المجموعتين نفوذ كبير في الاوساط الجامعية وفي البازار (المركز التجاري لطهران والمراكز التجارية في مدن اخرى).

مجاهدي خلق ...  وهو الحزب الذي اسسه موسى خياباني ومسعود رجوي وغيرهما، وبدأوا يعكرون صفو النظام بالمقاومة المسلحة، وكان الاب الروحي لهؤلاء آية الله الطالقاني، رحمه الله، والتف حول هذا الحزب شباب المدارس والجامعات، وكان الشاه يعبر عنهم بالماركسيين الاسلاميين، وكان لهؤلاء دور بارز وعظيم في نجاح الثورة ... 

 

كبار رجال الدين ...  الذين اضطهدتهم سلطات الشاه في خلال السنوات التي تلت المجابهة الدامية بين الشاه والزعامة الروحية، وكان لهؤلاء نفوذ واسع بين صفوف الشعب، امثال، اية الله الطالقاني والامام السيد حسن القمي، والامام الشيخ بهاء الدين المحلاتي والامام الخاقاني، وهؤلاء كانوا على طرفي نقيض مع الخميني وزمرته، سواء في افكاره او في سياسته، ولكن المصيبة كانت تجمعهم على كل حال، فكانوا في خندق واحد ضد الشاه مع احتفاظهم بأصالتهم في التفكير واستقلالهم في اتخاذ القرارات.

 

جماعة الدكتور شريعتي ...  وكلهم كانوا من الشبان الجامعيين المتحمسين للتجديد الاسلامي، وقد سحرهم شريعتي بافكاره الغامضة التي كانت تفسر بانها ضد طبقة من رجال الدين الموالين للشاه وللنظام الحاكم.

 

خميني وزمرته من رجال الدين الموجودين في داخل ايران وخارجها.

الاحزاب اليسارية بما فيها حزب توده الشيوعي.

 

لقد اجتمعت هذه الاحزاب والفئات كلها على اسقاط النظام، وبما ان كل حزب وفئة كانت ترى نفسها اولى واحق بتولي امور البلاد اذا ما قدر لها النجاح في اسقاط الشاه، فقد استقر رأيهم على اختيار زعيم يقود الحركة، وهو على حد (زعمهم) لايطمع في الحكم، فوقع الاختيار على الخميني.

 

ولعب الخميني نفسه دورا عظيما في اغفال الشعب وسائر الفئات المناضلة، وايهامهم انه سيكون الرجل المفضل لقيادة الثورة اذا ما اجتمعوا تحت لوائه!!! ومن هنا جاء تعيينه للمهندس بازركان كاول رئيس للوزراء بعد الثورة ومشاركة نفر قليل من افراد زمرته في الحكم، دليلا قاطعا على التزامه بالنهج الذي اعلنه للشعب كافة.

اذاعة بي بي سي الريطانية ...

 

واستقر الخميني في نوفل لوشاتو قرب باريس، تحميه الشرطة الفرنسية وكل الاذاعات العالمية والصحف الكبيرة تنشر ما يقوله ضد الشاه، وكانت زمرته في ايران تنشر الكاسيتات التي تحتوي على خطبه المثيرة للشعب، وانضمت إلى الخميني اذاعة بي بي سي الفارسية في لندن، لتذيع ما يقوله الخميني ويطلبه من الشعب الايراني، حتى اصبحت بوقا من ابواقه، ولعبت تلك الاذاعة البريطانية دورا هاما في نجاح الثورة، لانها الاذاعة الفارسية الوحيدة التي يهتم بسماعها الشعب الايراني الذي كان يعتقد انها تجسد السياسة البريطانية، وكان الاستنتاج السياسي لدى الشعب الايراني وساسته ان الوضع الذي اتخذته اذاعة بي بي سي البريطانية في حمايتها للخميني وللثورة انها تمثل رأي بريطانيا، وان الدول العظمى قد اتفقت على تصفية الشاه.

 

فرنسا تحمي الخميني ...

 

فموقف الامريكان مع التناقض الموجود في تصريحات الساسة الامريكيين حول تأييدهم للشاه كان ضعيف ...  وموقف بريطانيا كما تشهد به اذاعتهم الرسمية كانت مع الخميني والثورة، وان كانت البيانات الرسمية التي يدلي بها الساسة الانكليز تناقض اذاعتهم ...  اما فرنسا فقد جندت كل قواها لحماية الخميني واعطائه فرصة التحرك كما يحب ويشاء ...  اما الروس فهم ضد الملكية بطبيعة سياستهم وحزبهم (التودة) كان يتعاون مع الثورة والخميني تعاون الصديق مع صديقه ...

 

اذن، كل القوى العظمى رضخت للامر الواقع، وهو تصفية الشاه!!!! وعاد الخميني إلى طهران عودة الابطال، واستقبله 6 ملايين شخص لدى وصوله مطار مهر اباد الدولي، ولم يسقط سلاح الجو الايراني طائرة البوينغ التي كانت تقله في سماء ايران، رغم أن قائد سلاح الجو كان يحمل في قلبه الولاء الكامل للشاه، ومع ذلك لم يقدم على هذا الامر، الذي كان اخر بارقة امل لانقاذ النظام الشاهنشاهي في نظر المخلصين للنظام، وقد جازى الخميني بالاعدام هذا القائد، الذي كان باستطاعته اسقاط طائرته والقضاء عليه وعلى زمرته التي كانوا في معيته و 150 صحفي من انحاء العالم!!! (يا سلام عى الوفاء والاخلاص والدين والعهد الذي يتمتع به الخميني ...  ألم نقل إنه انسان ماكر مخادع لايحفظ عهدا ولا ودا؟) ...

 

الثورة الشاملة ...

 

واعلن الخميني فور وصوله إلى طهران عدم شرعية حكومة بختيار، وتعيين المهندس بازركان رئيسا للوزراء، واصبحت ايران تعيش في حالة من الفوضى والارتباك، وكان لابد للازمة ان تنتهي بنصر احد المتخاصمين، وكانت الايام تمر بسرعة ...  ففي يوم 14 فبراير من عام 1979 اعلنت حكومة بختيار الحل العسكري ومنع التجوال، واعلن الخميني العصيان العام، فخرجت ملايين الناس إلى الشوارع متجهة نحو الثكنات العسكرية وسلاح الجو ومقر السافاك والقوات الصاعقة، التي كانت تحت امرة قائد حرس الشاه، وحصلت مواجهة صغيرة استولى الناس فيها على تلك المرافق العسكرية والسلاح الموجود فيها وقتلوا بعض القادة العسكريين الذين ارادوا الدفاع عن ثكناتهم، وجاء الجنرال قرباغي القائد الاعلى للقوات المسلحة إلى الخميني مستسلما للامر الواقع، معلنا حياد الجيش في المجابهة التي كانت تدور رحاها في شوارع طهران وسائر المدن الايرانية الاخرى، وعاد الجيش إلى ثكناته بامر من قائده الاعلى، واعلن الخميني ولادة (ما يسمى) الجمهورية الاسلامية  ...  فولى عصر، ليشهد العالم عصر جديد ...

 

بازركان في الحكم ...

 

اما بختيار، فلم يستطع الهرب، إذ القت مجموعة من المتظاهرين القبض عليه، واقتادوه إلى مقر مهدي بازركان رئيس الوزراء، غير ان بازركان، ووفاء لسنوات النضال التي قضاها مع هذا الزميل المنكوب، فقد هيأ له وسائل الفرار، فهرب بختيار بعلم بازركان ومساعدته من ايران إلى فرنس ...  وهكذ ...  انتهت الفين وخمسمائة عاما من التاريخ بسقوط الامبراطورية والامبراطور ...

 

الماكرون ...

 

(قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللّهُ بُنْيَانَهُم مِّنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ (26))

 

كيف استولت الزمرة الخمينية على السلطة؟ وما هي الاسباب التي ادت إلى تلك الخدعة الكبرى في تاريخ ايران؟

 

الجواب على هذا السؤال يحتاج إلى مراجعة التاريخ لقرن مضى، ولاسيما تلك الفصول التي تتعلق بنضال الشعب الايراني بقيادة زعمائه الدينيين، مبتدئا من ثورة الشيرازي الكبير السلمية ضد الانكليز في 1891 حتى آخر ثورة شهدتها ايران بقيادة زعمائه الدينيين والتي أدت إلى سقوط الملكية واعلان الجمهورية ...

ان التاريخ يحدثنا بكل وضوح، ان الزعماء الروحيين في تاريخ النضال الشعبي كانوا يقودون حركات التحرر باخلاص القائد الفذ، وعندما كانت الثورة تنجح في مقاصدها، كان الزعماء الروحيون يعودون إلى واجباتهم الروحية، ولم يطلبوا لانفسهم جزاءا ولا شكور ... ( ماعدا الخميني) ...

 

قاد الشيرازي الكبير الثورة السلمية ضد الانكليز والملك المستبد ناصر الدين، ولما رضخ الملك لامر الامام والغى معاهدة التبغ التي ابرمها مع الانكليز ابرق له الشيرازي يدعو له بالتوفيق ويطلب منه ان يكون قدوة لكل الحاكمين ...

 

وبعد هذه الحادثة بخمس عشر، سنة ثار الشعب الايراني بقيادة زعيم عظيم من زعمائه الروحيين، وهو الاخوند محمد كاظم الخراساني، ضد الملك المستبد محمد علي شاه، الذي الغى الدستور وحل مجلس الامة ليستبد بالامور، وخاض ذلك الزعيم الروحي غمار تلك الثورة الشعبية التي قدمت من التضحيات الكثير لينال الشعب حريته ...  واخيرا عزل الاخوند محمد كاظم الخراساني الملك من وظائفه وخلعه عن عرشه، واضطر الملك المعزول إلى اللجوء إلى سفارة روسيا القيصرية في طهران، وثبت الاخوند محمد كاظم رحمه الله ابن الملك المخلوع احمد شاه ملكا على ايران، ولم يطلب لنفسه جزاء ولا شكور ...

 

كان باستطاعة الخراساني ان ينصب نفسه واليا وآمرا بأمر الله على العباد والبلاد كما فعل الخميني ولكنه ترفع عن هذا الامر، بل انصرف إلى واجباته الروحية من جديد ...

 

وفي عام 1950 شهدت ايران ثورة عارمة ضد الانكليز قادها الامام الكاشاني والدكتور مصدق رحمة الله عليهما، واصبح الامام الكاشاني هو الحاكم المطلق في البلاد، وكان باستطاعته تنصيب نفسه رئيسا للجمهورية ووليا للامر، ولكنه لم يفعل ذلك، بل جلس في داره القرفصاء، وعندما انتخب رئيسا للمجلس النيابي ترفع عن حضور جلساته، وهكذا زهد في الرئاسة والحكم، حتى اطاح الامريكان بمصدق، فسجن مصدق، ولقي الكاشاني من الهوان الشيء الكثير ...

 

ثم يصل الدكتور موسى بكتابه للحديث عن:

 

الخدعة الكبرى

الدستور المزيف

حصر السلطات التنفيذية بالزمرة الخمينية

 

الخدعة الكبرى ...

 

اذن، لم يخطر ببال الشعب الايراني ان زعيما من زعمائه الروحيين يناضل لاجل الاستيلاء على الحكم والسلطة، لاسيما اذا كان ذلك الزعيم يؤكد اكثر من مرة بانه لايطمع في الحكم بل لايخطر في باله ايضا!!!! كما ان الشعب الايراني لم يفكر قط ان زعيما دينيا مثل الخميني يكذب بهذه الشكل الفاضح امام العالم!!! وعندما يصل إلى مأربه يجعل الوعود كلها تحت قدميه!!

 

وهناك شيء آخر لابد من الاشارة اليه، وهو ان الخميني لم يكن هو الزعيم الديني الوحيد في ميدان النضال، بل كان هناك اخرون لهم دور قيادي كبير في نجاح الثورة، وبعد نجاح الثورة عادوا إلى بيوتهم لا يتعاملون مع الخميني، بل هم معه على طرفي نقيض، وهم غير راضيين عما وصلت اليه الزعامة الدينية من انحدار وسقوط وذل وهوان ... 

 

الدستور المزيف ...

 

ان الامام السيد كاظم شريعتمداري، والامام القمي، والامام الزنجاني، والامام الطالقاني رحمة الله عليه، كان لكل منهم دور عظيم وهام في نجاح الثورة، وهؤلاء الائمة الاربعة عارضوا استيلاء الخميني وزمرته على الحكم بالنار والحديد، واعتبروا الدستور مزورا والانتخابات مزيفة، واعلنوا ان كل ما يبنى على الفساد هو فاسد..

 

اذن، فإن ما يقال عن استيلاء رجال الدين على السلطة في ايران بصورة عامة، انما هو في واقعه وحقيقته لايطابق الواقع وحقيقة الامر، بل هناك طبقة خاصة من بين رجال الدين استطاعت ان تستولي على الحكم وتحتكر السلطة لنفسها، والصراع بين الحاكمين من اهل العمائم والمحكومين من الطبقة نفسها على اشده في ايران ... 

 

حصر السلطات التنفيذية بالزمرة الخمينية ...

 

اما تفاصيل تلك المؤامرة الشنيعة على الحرية والشعب باسم الاسلام والدين فهو كما يلي:

 

لا اعتقد ان الخميني وحده هو الذي وضع خطة احتكار السلطة، بل ان زمرته لعبت دورا هام في وضع الخطط المناسبة في الموقع المناسب، مع الاخذ بعين الاعتبار سذاجة الشعب الايراني وايمانه بالثورة ومكاسبها، وتاثير الوعود الكاذبة والخطب الرنانة في نفسية هذا الشعب المغلوب على امره!!

 

لم يظهر الخميني في الايام الاولى بعد نجاح الثورة ما كان يضمره في قلبه ...  من جعل نفسه وليا على العباد والبلاد، بل عين المهندس بازركان رئيسا للوزراء، واطلق يده في تعيين وزراءه ما عدا يزدي وجمران وصادق طباطبائي، وعاد إلى قم يستقبل جماهير الشعب كمرشد للثورة، يلقي فيهم الخطب اليومية كلما اجتمع على بابه رهط من الناس!!! ولكن في الوقت نفسه استولت زمرته على اربعة من اهم المرافق الحيوية في البلاد:

 

- الحرس الثوري، الذي تم تشكيله منذ الايام الاولى من نجاح الثورة.

- اللجان الثورية التي شكلت في المساجد، وعلى رأس كل واحدة منها رجل من رجال الدين المحسوبين   على الخميني.

- المحاكم الثورية التي بدأت بتصفية المعارضين ورجال العهد الملكي فورا.

- الاذاعة والتلفزيون.

 

يتبع  ...

 

د. صباح محمد سعيد الراوي

الخليج عربي وسيبقى عربيا

خليج الشهيدين السعيدين عمر بن الخطاب وصدام حسين

 

 

 





الاثنين٢٥ شوال ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٤ / تشرين الاول / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. صباح محمد سعيد الراوي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة