شبكة ذي قار
عـاجـل










على مدى سبع سنوات عجاف ، كان العراقيون يتوجعون وينزفون ويقاومون .. وكان كتاب المقاومة والقوى الوطنية المقاومة ينشرون الفظائع ويكشفون للرأي العام العربي والعالمي حقيقة مايجري ، ومعنى الاحتلال ، حين يكون أمريكيا صهيونيا فارسيا خصوصا. ومعناه حين يجثم على شعب حر وصاحب مشروع وإسهامات مدوية في الحضارة الإنسانية. لكن قلة قليلة كانت تأخذ الأمر مأخذ الجد والقليل فقط كان يبنى موقفه على أسس مبدئية خارج كل املاءات أو تبعية أو حسابات سياسية  ..  فرش السجاد أمام عملاء الاحتلال في المطارات العربية وعزفت لهم الأناشيد الرسمية بينما خرجوا لتوّهم من سراديب الجريمة وأيديهم لاتزال تقطر دما وهم عائدون بعد التشريف وعدسات المصورين والمجاملات الجبانة والمذلة على عادة الرسميين العرب الأذلاء .. أما اليوم ، وحين نشر موقع ويكيلكس جرائمهم ، صار مناسبا للبعض أن يصدق .. وان يعود إلى مخبئه من جديد .. فالمصدقين الجدد بفضائع احتلال العراق عائدون كما نتوقع برؤوسهم إلى كومة التراب ..  هم لايسوون شيئا في نظر الضحاي .. لأنهم لايحسبون للضحايا أي حساب.


لم يصرح مسؤول عربي بشيء إلى حد الساعة إزاء ماظهر من حقائق مفجعة . وهذا لأنه لم يوعز له بأي تصريح . وليس بإمكانه أن يتحلى بالشجاعة والإنصاف في أي تصريح مفترض .ولو فعل لوقع في فخ قانون محاربة الإرهاب الذي يدفع من خلاله الشباب العربي إلى سجونه المؤبدة لمجرد التفكير في الالتحاق بالمقاومة العراقية ، فيصير متهما به (الإرهاب ). أو لحرم نفسه من التمديد أو التوريث أو من المعونات الصهيوامريكية .. وهو يعلم أن الصمت يترك له مجال المناورة فسيحا أمام أولياء نعمته في واشنطن .. أما المنكوبين من شعب العراق .. فليسوا مهمين بالنسبة له قدر أهمية الكرسي والجراية والحماية الأمنية. اذكّر حسني مبارك والجميع بذاك اليوم الذي خرق فيه قانون إصدار القرارات في الجامعة العربية ، فبدل توخي الإجماع بحث "سيادته "عن الأغلبية واكتفى باستلام وثيقة أمريكية مكتوبة بالانجليزية وتعريبها ثم اعتمادها بيانا ختاميا للقمة يقضي باستدعاء القوات الأجنبية  ومواجهة العراق بالقوة المسلحة . وهذا ماحدث بالفعل ، فقد خرج العراق من الكويت وخضع لحصار لم يشهد له التاريخ مثيلا ثم اجتياح ناري مدمر لكل شيء انتهى باحتلاله وتحطيمه واستعباد شعبه .. اذكّر حسني مبارك بان ذلك اليوم هو ما أدى بنا وبالعراق إلى ماهو حاصل اليوم .. وان كنا نقدر الحسابات العراقية غير الدقيقة في تلك الظروف غير أن العراق كان من حقه بحكم الانتماء أن يتمتع بحماية عربية ، و قبل ذلك بحماية اقتصاده لا ان يتعرض للاستنزاف جراء سلوكات خليجية متآمرة. واذكّر الأمير بندر ، بندر الله رأسه ، بمواقفه المتحمسة لتخريب الدولة العراقية الوطنية ، خلال محادثاته مع بريماكوف ضمن حراك البحث عن حل سلمي يضمن لعائلة الصباح ملكيتهم للكويت ولأمريكا نفط الكويت وأيضا في اشتراطه الإطاحة بصدام خلال مساعي مجانين البيت الاسود  حشد دول العالم لحرب 2003 .. مصر والخليجيين هم ممن وضعوا العراق على خط البداية للانهيار الكارثي وتحويل شعب العراق العظيم إلى مهجرين ورحل في بلدهم وخارجه بدل الصمود والصعود به إلى قمة المجد حيث يكون بإمكانهم الاستضلال بضلاله.


لكن في مقابل صمت الرسميين العرب ، طالعنا موقف الحلف الأطلسي وبريطانيا وواشنطن ، وهو متناغم ومنسجم إلى حد كبير ، باعتبارهم حلفاء وشركاء في الجريمة  : الوثائق تهدد قواتهم العاملة في العراق وأفغانستان + الوثائق لم تصدر بتصريح  من الأمم المتحدة. وهنا أوضح التالي  :


1 /  ماهي طبيعة العمل الذي تقوم به قواتكم  عندنا ؟؟! .. بناء جسور ، تأسيس مدن علمية ، تأسيس هياكل بحث علمي ،تقديم الخدمات الحياتية للناس .. ؟؟! .. نشر الديمقراطية .. ؟؟! .. نشر الثقافة الحقوقية والتحديث السياسي .. ؟؟! .. (هم زعموا هذا فعلا ، وياللسخف!!! )هل دعوناها للضيافة والسياحة والتعارف .. ؟؟! .. هل قدمت إلى أرضنا في إطار اتفاقية تعاون فني مثل .. ؟؟! ..  هي قوات غازية وحاقدة ووحشية ومخربة للمجتمع والحياة وناشرة للموت في كل ارض تطؤها ، وهذه جريمة ضد الإنسان وضد العلم والثقافة وضد الحقوق والمثل الإنسانية العليا وضد منجزات الإنسان الحضارية الرمزية بمختلف أشكالها. لايعادلها في حجم العقاب أي إجراء عقابي يمكن تخيله!.


2 /  انتم ترتكبون ، بهذا الموقف ، أربعة جرائم  :   الأولى جريمة الغزو ، الثانية جريمة التعتيم على أفعالكم الإجرامية ، الثالثة جريمة تعطيل العدالة ، الرابعة جريمة التشجيع على الإجرام الدولي سواء بالنسبة للدول التي تمتلك مقومات ووسائل الجريمة (أخلاق الفولاذ /  فقر روحي وحضاري ، العقيدة العنصرية ونزعة الشر  /  مؤسسات دولية ضعيفة وتحت السيطرة  / إمكانيات القوة المادية) أو بالنسبة للمنظمات الدولية حين لاتجد بديلا في نظرها غير تبرير الغطرسة والانتهاك والاستعمار.       


3 /  الأمم المتحدة لم توافق على الغزو ولا تتحمل مسؤوليته القانونية ، رغم كونها التحقت بالمشهد وقدمت خدمات سياسية للغزاة مما يجعلها مدانة في ضمائر الضحايا على الأقل .. وحين تشترطون موافقتها على النشر فهي تبدو كما لو أنها الجهة الغازية أو كما لو أن الغزو تم  تحت إشرافها وإدارته .. ثم ليست معنية ولا يجوز توريطها في إخفاء المجرمين بعد أن فاحت رائحتهم النتنة . وبالفعل فقد طالبت الأمم المتحدة اليوم 23 أكتوبر 2010 الرئيس اوباما بالتحقيق في جرائم جيشه وعملائه. وهذا الحد الأدنى مما يمكن أن تقوم به في الاتجاه الصحيح.


مالاحظناه في الإعلام أيضا أن تصريحات مكتب الضبع وتحليلات حلفائه  في الداخل والخارج (إيران والأحزاب الطائفية في العراق) متناغمة بدورها  :  نشر الوثائق السرية يستهدف مساعي تشكيل الحكومة العراقية والتقارب بين الشعب العراقي والشعب الإيراني. وهنا أيضا أوضح التالي  :


1 / موقع ويكيلكس من أنصار علاوي .. ؟؟! .. له مصلحة طائفية أو سياسية في التأثير على الداخل العراقي من خلال منشوراته ..  ؟؟! .. مناصر للسنة مثل .. ؟؟! .. محروم من عقود خدمية أو اقتصادية مهمة .. ؟؟!  له شركات أمنية يريد إحلالها محل بلاك ووتر  .. ؟؟! .. مناصر للبعث المقاوم ويحرص على فضح الغزاة وعملائهم .. ؟؟ .. ثم انه ليس ثمة عميلا خدمه العالم في الشرق والغرب ، في التاريخ ، اكثرمن الضبع. وهذا ليس حبا له وإعجابا بمثاقيبه ومسالخه بل تملقا لأمريكا وفسادا في أخلاق البشر في عصرنا.


2 /  هذا الموقف يتهرب من التالي  :  توضيح ماافصحت عنه الوثائق من جرائم مسندة إلى رأس الحمار. فرق أمنية  مكونة من المليشيات الطائفية  تحت توجيهه في انجاز مهمات قذرة (قتل ، اعتقال ، تهجير .. ) وقد ذكرت عينات محددة لاتترك أي مجال للشك حول خصوصية هذه الفرق الإجرامية.


3 / أما عن التقارب بين الشعب العراقي والشعب الإيراني فهو كذب وتلفيق وتزييف للحقائق. لانجاد يمثل الشعوب الإيرانية  ولا رأس الحمار يمثل شعب العراق الشريف والمجاهد. وان كل مافي الأمر تحالف أجهزة  دولة معادية للعراق مع عصابات موالية لها في الداخل العراقي بحكم وحدة الانتماء الطائفي والعقيدة السياسية ، وهو موجه ضد شعب العراق وقواه الوطنية تحديدا شيعة كانوا أو سنة ، عربا أو كردا. فهل يعقل أن تحاجج أمريكا مثلا بصداقة الشعوب الأمريكية لشعب العراق في تبرير احتلالها له رغم أن الصداقة لاتعني الاحتلال ولا تسمح به ، وان مايحصل هو وجود عسكري أمريكي قسري واستعماري اوجد له مجموعات عميلة ينفذ من خلالها مخططاته وسياساته .. ؟؟ .. مانرى من تقارب يستحق الحماية غير الجرائم التي نعرفها والتي كشفت عن بعضها وثائق ويكيلكس .. واعتبار علوية العراق – كما يؤمن الطائفيون- مرادفا لفارسيته. هذه التبعية السياسية ذات الأساس الطائفي هي التي تسمح للضبع بان يجتمع برؤوس الجهل والجريمة في طهران من دون وضع علم العراق المعدل خلفه ، فعلم فارس متحرّق إلى الرفع خلف ممن يحسبون على العراق طالما انه سقط في ساحات المعارك وصار يرمز للهزيمة والخيبة.


نلاحظ أيضا أن الضبع وإيران وبريطانيا وأمريكا والأطلسي غير مرتاحين لكشف ويكيلكس عن الوثائق ، وقلقون جدا وان اختلفوا في جزئيات الموقف  :  من التنبيه إلى مخاطر محتملة إلى اعتبار الأمر مؤامرة تستهدف قوى عراقية في العملية الموصوفة مجازا سياسية .. وأيا كان الأمر ، فلا يتناغم  إلا الحلفاء أو القوى التي تشكل جبهة واحدة أو جهة واحدة .. والواقع يشهد أنهم شركاء في الجريمة ، بينما العراقيون الحقيقيون والشرفاء ضحايا لوحدهم وشركاء أنفسهم في مصابهم الجلل.


لكن مالعمل الآن وقد ظهر ماظهر وكشف ماكشف ؟


أولا لايجب أن نتغافل عن توضيح ويكيلكس بأنه تحفظ عن الكثير من الوثائق التي تحرج أفرادا أو تعرضهم إلى الخطر .. ومن يدري .. ربما تعلق بعضها بمشاركة البغل مقتدى في كرنفال شنق صدام ..  أو بحوار بعض الساسة الأمريكان الكبار مع شهيدنا البطل .. أو بأسطورة الحفرة وجريمة التخدير ..  أو جريمة جزّ رقبة الشهيد برزان وفصلها عن جسده .. او بحادثة اغتيال ابني الشهيد وحفيده واسرار عن الوشاة الكبار في جرائم اغتيال بطلها الجيش الامريكي .. او بعض الأسرار المتعلقة ببعض المسؤولين العرب الرسميين .. لااحد يدري فحوى أو متعلقات الوثائق المحجوبة .. ولكني واثق بان مايتعلق بصدام تم حجبه.


نعود إلى السؤال المطروح. يمكن للهيئات العربية القضائية أن تفعل شيئا رغم بلادتها ونمطيتها وضعف إيمانها بقضيتها ورغم ارتباطاتها بالنظام العربي الرسمي . لكن عليها أن تعتمد في حراكها على الحجاج التالي  :  ليس الحريري اكبر من شعب العراق ومستقبل أجياله. فإذا كان اغتياله تطلب إنشاء محكمة على عجل وبإسناد فرنسي وأمريكي وبريطاني منقطع النظير، فان كل عراقي مغدور يحتاج بحاله إلى محكمة تسترد حقه وتحاسب قاتله أيا كان وأينما كان ومهما طال الزمن. والأمر يضع المجتمع الدولي على المحك رغم وضعه القاسي بفعل دورانه في فلك الصهيونية العالمية. يمكن إنشاء محكمة للتحقيق في جرائم القتل الجماعي وهي موثقة لدى القوى الوطنية ، التحقيق في القضاء " العراقي " الذي اغتال القيادة العراقية ، التحقيق في إدارة الضبع لمليشيات القتل وفتح ملفها بالكامل ، التحقيق في استحواذ قادة المليشيات والعملاء على مساكن العراقيين ومباني الدولة العراقية ، التحقيق في الفساد المالي ..


ولكن .. ماشأن المقاومة العراقية بكل هذ .. ؟؟ ..


وأقول :  أيها المقاومون  :  هذا ظرف مناسب للاقتراب أكثر من شعبكم وتهيئته لانخراط المزيد من أبنائه في الفعل المقاوم ، واتركوا مالا يتعلق بالعمل العسكري لغير العسكريين ، الحقوق للحقوقيين ، القضاء لأهل القضاء وللمنظمات القضائية العربية والعالمية. بالنسبة لكم لم يتغير شيء. العراق لايزال محتلا. العملاء لازالوا يمرحون في بلدكم وشعبكم لازال مستعبدا. يوم يخرج آخر جندي أمريكي من العراق العظيم وتخيب آمال أدواته تكونوا قد أنجزتم الجزء الأعظم من مهمتكم أو تكونوا قد أنجزتموها كاملة لابأس. لايهمكم مايجري في حقل السياسة ، وإنما يهمكم تحركات ارتال العدو وعملائه والتهيؤ للضرب بعد التوكل على الله احد احد ، فقد اصطفاكم سبحانه ووعدكم بجنته وهو يعلم وانتم لاتعلمون.

 

Whamed6@gmail.com
 

 

 





الاثنين١٧ ذي القعدة ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٥ / تشرين الاول / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الهادي حامد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة