عرفت الدكتور محسن خليل عندما كان سفيرا شرعيا للعراق بمصر وممثلا لها بجامعة الدول العربية وذلك من خلال عملنا لكسر الحصار الإجرامي علي العراق وشعبه وبعد أن حدث الاحتلال الآثم علي العراق العزيز وما صاحبه من تدمير وقتل وتعذيب للآلاف من العراقيين وتشريد مئات الألوف منهم، توثقت علاقتي بالدكتور محسن عبر عدة سنوات علي المستوين الشخصي والوطني.
فلقد كان إنسانا بعني الكلمة ودودا متواضعا لا يبخل بمعرفته ولا يتردد لحظة في المشاركة لفضح الجرائم التي ترتكبها السلطة الأمريكية وعملائها بالعراق ولدعم المقاومة البطلة ولإبقاء قضية العراق وشعبه في وجدان وعقول المثقفين المصريين رغم التعتيم الإعلامي والتشويه والمغالطات، خصوصا وأن القضايا القومية والوطنية قد تراجعت بشكل ملحوظ بعد احتلال العراق وساهم بعض المثقفين في تهميشها وفصلها عن بقية القضايا وبرزت شعارات الإصلاح والتغيير والديمقراطية الغير مرتبطة بالقضايا القومية مما يخدم مصالح الامبريالية التي تدفع بنفس الشعارات مثل مبادرة بوش التي سميت مبادرة الشرق الأوسط ومبادرة الإصلاح العربي كما أنها نفس الشعارات التي استخدمت غطاء لتبرير حصار العراق ثم احتلاله وتبرير أشنع الجرائم التي جرت وتجري الآن في العراق من قبل المحتلين وعملائهم.
كنا نتدارس معاً أحوال العراق ومقاومتها الباسلة وأستقي منه المعلومات الدقيقة والموضوعية حول التطورات الراهنة. كانت لقاءاتنا العديدة بالقاهرة مصدرا هاما لفهم الأمور وتقييمها. برزت شخصية د. محسن خليل الصلبة والمثابرة رغم مرضه مما عكس إيمان حقيقيا وفعليا بأن العراق سيتحرر وأن المقاومة رغم كل الصعاب والتآمر ستنتصر في النهاية. كان يدرك أنه لن يري هذا بنفسه ولم يثنيه ذلك عن العمل الدءوب فكان يزرع لمستقبل لن يشاهده في حياته، أليس ذلك مثال حي ومقياساً صادقاً علي الإيمان الحقيقي بمستقبل قادم للعراق والأمة العربية؟ إن المآسي والمحن تبرز حقاً الشخصيات الثابتة علي المبادئ وتعري النفوس الانتهازية والمنافقة والضعيفة.
قد يتصور خطأ أن المقاوم هو وحده من يناضل بالسلاح في وجه الغاصب ولكن المثقف الدءوب الملتزم في وقت قد يبدو الانتصار والتحرر مستحيلاً هو جزء لا يتجزأ من النضال.
هنيئاً لك يا محسن ولكل رفاقك الثابتين والذين لم يتزعزع إيمانهم فقد أعطيت القدوة والمثل.
نعم افتقدنا شخصك العزيز ولكننا لن ننسي مواقفك أبداَُ
