شبكة ذي قار
عـاجـل










تعرفت عليه أيام نشاطات معرض بغداد الدولي, في منتصف عقد السبعينات. بحكم كون المعرض من فعاليات وزارة التجارة . وبحكم كوني مدير اعلام الوزارة والمعرض. كان شابا مسيحيا كلدانيا من عائلة موصلية ميسورة الحال. دائم الحركة والنشاط ماركسي التوجهات المشربة بحب الوطن. يزاول كل الاعمال من صحفية الى ترجمة الى التجارة. اشتغل محررا بالمطبوعات العراقية الانجليزية. من سكان محلة الكرادة ببغداد. أما هي فكانت عربية شيعية في عمر الزهور. سمراء مشربة بجمال عمارتلي أخاذ . جارة لهذا الشاب المسيحي الذي يكبرها بعقدين من السنين. ولد الحب بينهما بحكم الجيرة والتواجد المستمر في التلاقي. وكانت أمها لاتبخل عليه لكونه عازبا , بما لذ من طبيخ وكرم المرأة العراقية . وطبعا كانت هي من تنقل له "صينية الاكل". وبحكم كونه يكبرها كثيرا و يمتلك مسحة من الوسامة . يتميز بلحية كثة تعلو وجهه في الدوام والاستمرار. في وقت كانت مثل هذه اللحى تثير الانتباه سلبا وايجابا , ولهت به ايما وله . الا انه كان صادقا في حبه وطلبها للزواج . الأم رفضت ذلك رفضا قاطعا, مرده أنه كان يكبرها في العمر. وانه من دين يخالف شريعة العائلة العشائرية التي تمتد جذورها الى مدينة العمارة. وعندما سمعت عائلته المترفة في الموصل بالأمر, وقفت هي الاخرى حائلا امام هذا الزواج. لم يصل بين العائلتين الرفض الى حد الاقتتال او الاشتباك. بحكم ان النسيج العراقي في تلك الايام , يقوم على المحبة بين كل شرائح الطيف المكون للمجتمع العراقي. لم يجدا بدا من الهرب والزواج بعيدا عن تعنت عائلتيهما. فأشترى الشاب سيارة "كرفان" وانطلقا الى اوروبا . لفا كل الدول الاوربية الشرقية والغربية. وفي مدينة باريس تذكرتني هي, وهي تشاهد حمالات "شيالات" السراويل , فقالت بفرح غامر لزوجها الحبيب " سأشتري هذه الحمالة الحمراء لصديقنا طلال فهو مغرم بلبس الشيالات ولم اراه يلبس حزاما" . وحتى هذا اليوم احتفظ بهذه الحمالات ضمن مجموعة أخرى أقتنيها. وبعودتهما مرا على الشمال الافريقي العربي ليعودا الى الوطن, وهي حبلى بمولدتهما البكر. كانت المفاجأة أن طفقت العائلتان الرافضتان لهذا الزواج بهما. وشقا طريقهما وسط حب العائلتين ورعايتهما. وتلاش "الزعل" العائلي بالمرة.


الملفت للنظر ان المجتمع العراقي لم ينظر الى هذه الزيجة نظرة المحرمات. كان شيئا عاديا عندما يتم التعرف الى اسميهما, فهو من عائلة مسيحية معروفة بلقبها ونسبها العريق . وهي تحمل اسما اسلاميا واضحا وعشيرة عربية كبيرة. وولجا طريق النجاح بوتائر سريعة . فتنوعت مشاريع الزوجة, بحكم أسلوب الزوج في التنوع بالمشاريع. من حلاقة نساء الى مقدمة برنامج ناجح بتلفزيون بغداد , الى بطلة فلم عراقيا لم يحظ بالنجاح , الى سيدة اعمال لمشروع حضانة للأطفال نموذجية وحضارية. وفي غربتي سمعت بأن هذا الصديق الدائم الحيوية قتل منذ سنتين , بتفجير ارهابي وقع في حي المنصور. ليترك زوجة ناجحة وابنة هي اليوم تعيش في لندن. و شاب وشابة هي آخر العنقود.


ترى ماذا يقول الارهابيون اليوم, من صفويين وتكفيريين, عن هذه الزيجة الناجحة التي قفزت على الدين والمذهب والعرق ؟ . لو قدر لمشروع زواج رديف سيتم في ايام العراق السوداء هذه, لكان قتلهما حلالا وحسب شريعة القتلة. لم لا وهم يزهقون ارواح الابرياء كل يوم, وهم في مساجدهم وكنائسهم.. وهذا جل مايريده ويتمناه الخبثاء الثلاثة , اسرائيل وايران ومشيخة الكويت.

 

 





السبت٢٩ ذي القعدة ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٦ / تشرين الثاني / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب طلال معروف نجم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة