شبكة ذي قار
عـاجـل










وأن الجمود أو القصور العقائدي قد يتسبب به سلوك الحزب الثوري وذلك بتقديس القائد أو الزعيم التاريخي وتعبيرها العملي هي بممارسة عبادة الفرد  , إن الزعماء والقادة التاريخيين في حياة الشعوب والأحزاب كثيرون ومن الواجب بل من الأخلاق وبتعبير أدق  ( وباستعارة من أحدى مفردات الأخلاق في هذا الجانب وهي )  الوفاء لهم ولدورهم المهم , ولكن أن تحترم ذكرى ولاء القادة والزعماء والذي يصطف البعض منهم في مصاف الرموز التاريخية للأمم والشعوب والأحزاب و الحركات يعني شيئاً ضرورياً في مسيرة الحزب النضالية ولكن تقديسهم لحد الإلوهية يعني شيئاً أخر , ولما كانوا بشراً فهم بالضرورة غير معصومون من الأخطاء في مسيرتهم القيادية أو في بعض اجتهاداتهم أو فلسفتهم النظرية في جوانب تتعلق سواء بالفكر أو بالتجربة أو الاثنين مع , وتوجيه النقد لسلوكهم الشخصي وأخطائهم القيادية لاتبعني انتقاصا منهم أو من يمثلون ,  ولكي نكون عادلين و منصفين في النقد من الضروري أن توصف إيجابياتهم وترص مع السلبيات , وعلى هذا المستوى من النقد يحق أن تُفْتَرش أدوات التقويم. وحتى إن هذا الأمر لا يعفيهم من تغليب إيجابياتهم الفكرية وطريقة معالجاتهم للازمات التي واجهت أحزابهم أو شعوبهم على سلبياتهم في بعض الأحيان.ولكن أن يتحولوا الى نماذج معصومة من الأخطاء فهذه معادلة غير صحيحة وغير مقبولة  , لان كل البشر ومن ضمنهم الأنبياء كانوا لا يعدون من المعصومين من الزلات البشرية , فإن كانت هذه الحقيقة معروضة أمام جمع مؤمن بنظرية الخلق فهم يدركون أن الله رب السموات والأرض هو الذي لا يخطئ وحده وبالإطلاق , وإن كان الجمع مؤمن بنظرية التطور فهم يدركون أن كل الحقائق العلمية والفلسفية لم ترتقي الى حالة الإيقان إلا من خلال المحاولات المتكررة وتصحيح الأخطاء , يعني لا وجود لثوابت الحقائق الابدراسة الأخطاء .ولكن التوجه لتأليه هذه الشخصيات هو أمر أخرلا يندرج في مفردة الأخلاق والمعبر عنها بالوفاء لهم!إن احترام القادة والزعماء و حتى المنظرين هو واجب أخلاقي يقدمه ويعرضه الحزب الثوري أو الأمة والشعب لهذه النماذج الفريدة في التأريخ كما قلنا سابقا ولكن هذا الأمر لا يكون مقبولاً في حالة التقديس للمفكر أو القائد وليتطور الأمر الى ماهو أخطر من ذلك بأن يتحول الى صنم في حياة الجمع , حزباً كان أو شعباً أو حتى أُمةً. ولا يحق بحكم المنطق أن يُخَونْ من يتجرأ بنقد أو توجيه اللوم الى أي نوع من القيادات وحتى للأحزاب , لان ذلك يدخل في خانة كم الأفواه ولجمها ومصادرة الآراء. ليرتقي من لا يستوعب الحقائق المؤثرة في عالمنا المعاصر و يعطيني كل الحق بالقول وبدون تطرف في النقد هو نصف البناء في كل مجالات العلوم النظرية والتطبيقية , والفلسفية والعلمية وإن كل أنواع التطاير من عملية النقد حالة غير صحية بل مؤذية أيظ , ومهما كان الغرض والشكل الذي يلف بعملية النقد وحتى لو كانت مدسوسةً أو مسبقة الغرض بالإساءة فلكل داء دواء وهي مقولة تصح في علم الطب البشري وتصح أيضا في علم الطب الاجتماعي الحياتي.المهم عندك الرد والحجة وروحية الحوار.وفي تقديري إن النقد لو شاع في المجتمع سواء كان حزباً أو شعباً فإنه يكون بمثابة أكسير الذي يعالج أي تحجر أو قصور عقائدي , وأقول إن شيوعية ظاهرة النقد لابد أن تصاحبها بعض العناصر المساعدة لنجاحها و ( أوله )  القبول بكل وأنواع النقد ومهما كان شكله أو الغرض منه ولا ويوضع أي فيتو على أي فعلٍ نقدي و ( ثانيهم )  الارتقاء الى اعلي مستويات الإصغاء لموجهي النقد ولمضمونه ,  ( ثالثهم ) الاستماع للنقد وليس للناقد أي بمعنى أخرن نسيان الجهة الناقدة والتركيز على مضمون النقد , لان في كثير من الحالات النقدية تسرق من الآخرين أو بتخفيف في اللهجة أقول تستعار مادة النقد  ,  ( رابع )  تجميد العواطف يقدر الإمكان عند الاستماع لأي حالة نقد.

 

( خامس )  القبول بكل أشكال النقد وبدون أي استخدام لعبارات أو كلمات ( بشرط أو يجب أو وفق )  أي نسيان أي محددات إلا فقط التي تشط عن مبادئ الأخلاق العامة والخاصة المتعارف عنها في المجتمعات المتحضرة.وفي تصوري لابد من مغادرة القبول بمصطلحات النقد البناء والنقد الهدام , وأن ينخلق عند الثوار فهم مشترك واحد وهو القبول بالآخرين كأشخاص وعقلياتٍ و أيديولوجياتٍ وتصرفاتٍ وفي نفس الوقت سلوك واحد بالتواضع أمام أبسط وأتفه الأفكار والنظريات والسلوكيات للإفراد والأحزاب.إن ذلك كله يتوافق مع الشرائع السماوية وأيضا مع روح العصر وسواء في التواضع أوإحترام خلق الله سبحانه وتعالى وأيضا في الدور الذي صممه رب السماء والأرض للبشر تجاه بعضهم البعض بتعديل مسيرة الإنسان والمجتمعات وإنارة الطريق الحق للضالين  ,

 

ويشتد هذا الأمر عند الإنسان المؤمن بخالقه إذا كان يؤمن بالخلق وأيضا يكون بنفس التوتر بالشد عند الإنسان المؤمن بنظرية التطور في جانب الواجبات والحقوق الإنسانية , وبقوة تَسْخَنْ هذه المهمة عند الاحزاب الثورية صاحبت الرسالة الخالدة لامتها والتي وضعت نضال الأمة الواحدة هو محور كل نظاراتها وبنت أيديولوجيتها الثورية على حقائق قومية بمنطلقها وألانسانيةً بأهدافها النهائية.إن ألنقد كأدب و سلوك يساهم في بناء أهم قواعد الحوار و التفاعل الفكري القومي والإنساني ويؤسس منطلقات وحوافز بل حتى يكيف ويهيئ كل المناخات لتطوير الإنسان والمجتمعات وبالتأكيد ينعكس ذلك على النخبة الثورية لهذه المجتمعات وأحزابها الثورية ويذيب أي محاولة لتصليب الأفكار وتجميدها بل يدفعها الى الاستمرار في التبصير لكل المعطيات الجديدة سواء التي ترد للحزب من واقعه الذاتي أو الموضوعي ومن ثم تعطيه الفرصة الكاملة للاطلاع و من ثم استيعاب الآراء التي ترصد الحركة الثورية سواء بالنقد الايجابي لغرض تطويرها أو بالنقد السلبي لغرض تصحيح المسيرة وتفادي العثرات وتجاوزها وإسقاط النقد السلبي من مستواه التهكمي الى جعله يتحرك بمستوى الملاحظات العامة.إنها وجهة نظر في مسألة تجاوز حالات الجمود العقائدي عن طريق توسيع الحوارات والقبول بكل أنواع النقد وبكل مصادره ,

 

ولنفهم النقد بكل أنواعه من وجهة نظر إيجابية بأنه خدمة مجانية يقدمها الخصم وعلينا استثمارها لتصحيح ما عندنا من الأفكار أو التطبيقات الغير مقبولة زمانيا أو مكانياً وليست المقبولة مبدئياً ومنطقي ,  وأيضا استغلال نقد الخصوم الوهمي بإدخاله في مطابخ عقول راسخة وعلمية لإعادة تشكيلها وتحويلها الى أدوات قتالية فكرية أو تجاربي تُستَخدم في المواجهات المستقبلية , إنها معارك لا تستخدم فيها المدافع و الطائرات بل تستخدم فيها العقول  , والشخص أو الحزب الثوري الذي لا يقدر على ذلك فالضمور وبتعبير اقوي الزوال يكون من حقه  ( تطبيقاً لمقولة مالتوس للسكان-التنازع على البقاء والبقاء للأقوى ) لآني أحسب قوة السلاح محصورة بيد الأقلية في عصرنا هذا و الأكثرية ترتاح لسلاح الحوار والمنطق والذي هو باقٍ في خلود دائم ومنذ فجر التاريخ , أما السلاح فهو عنصر مؤذي للآخرين ولكنه هادم لحامله وللمؤمن بأنه كوسيلة للتعامل مع الآخرين ,  فكل الإمبراطوريات التي استخدمت السلاح كانت نهايتها على يد السلاح , ولكن كل الإمبراطوريات الفكرية سواء اليونانية أو الرومانية أو العربيةأوالصينية لم ينتهي قادتها بسبب أفكارهم أو بسبب نظرياتهم , بل حُفِظت منتجاتهم الفكرية والفلسفية وإنجازاتهم الحضارية في بطون الكتب التي تدرس في كل المحافل العلمية العظيمة المعاصرة ولغاية اليوم وسوف لن ينساها التأريخ ولا المستقبل الإنساني , فقد يُذكر ألاسكندر الأكبر ونابليون وهتلروموشي ديان وموسوليني وأيضا قادة الفتوحات العسكرية في العالم والكثير من رموز القوة العسكرية في المحافل التي تُذكر بها الصفحات الغير مشرقة والغير محببة للنفس البشرية  , وما نتج عنهم من نشاطات عسكرية كلفت الكثير من المجتمعات من الخسارات البشرية والمادية ,  ولكن عندما يُذكر سقراط وأرسطو وأفلاطون وابن خلدون وكونفوشيوس وبيكاسو وسلفادور دالي ورامبرانت وسليم جواد وباخ وبيتهوفن وابن سينا والبحتري وامرؤ ألقيس ومعروف الصافي وهيكل وسارتر وزكي الارسوزي وساطع ألحصري وميشيل عفلق واليأس فرح و ماركس وأنجلز ولينين و ماونسي تونغ وأينشتاين وأديسون ولومومبا ومانديلا والكثير من الذين خَلَفوا إنجازات عظيمة فكرية أو علمية أوكل ما يخص النشاط الاجتماعي الإنساني مثل هولاء العظماء , الأمر يختلف ويكون غير عندما يذكر من تسبب في أذية الجنس البشري وتحت اية لافطة أو شعارات.

إذن الاحزاب الثورية ولكي تحافظ على ديمومة الحركة الفكرية والتنظيمية فيها لابد لها من القبول بمبدأ النقد وبكل شموليته ,  و إلا سوف تتحول الى تجمعات تتعامل مع كيانها بنرجسية وتعكسها للآخرين بالاستعلاء وخاصة عندما تكون في السلطة ,  ولكي يكون النقد مشروع يتم التعامل معه في داخل البنية التنظيمية أو ما يردها من وسطها التي تتواجد فيها أو ما حولها لضمان القبول الشعبي وعدم الانعزال عن الجماهير , والإيمان بأن المجاميع الثورية سواء حركات أو أحزابا لها نشاطات لأيمكن أن تكون متشابهة نظراً لاختلاف الحالة الواقعية و المهام الثورية لكل حزب وفي كل بلد , إن الخط الموحد للثورية لا يستبعد بأي شكل من الإشكال أن يكون هنالك تنوعاً في سياسات الاحزاب وتميزها بالخصوصية في المعالجات الواحدة  , أي التنوع في الأساليب المبنية على خططها التكتيكية أو الإستراتيجية  , وهذا التنوع ليس بالضرورة أن يشكل عقبة للتنسيق في البيئة الواحدة أو في المنطقة الواحدة وحتى في العالم وقد يتسبب هذا التنوع الى وجود ظواهر نقدية فيما بينها  , بهذه الروحية والمنطلقات لابد أن تكون أعادة البناء الفكري والعمل الجماهيري للحزب الثوري المناضل ويتجاوز كل العوامل التي قد تؤدي بنظريته الفكرية للتخلف عن الواقع فيفقد الحزب الثوري أولاً ثوريته وثانياً يخسر جماهيره الحقيقية وبتقادم الزمن يتحول الى تجمع أو نادي إجتماعي وسياسي ويتحول أخيراً الى مصدر إحتياطي أو خزين بعناصره يمد بها ألأحزاب الاخرى.

 

 





الثلاثاء٠٣ ذي الحجة ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠٩ / تشرين الثاني / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب سمير الجزراوي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة