أقول لشمس الله بغداد منبعي
حنانيكِ هل يُرضيك ِ حزني وأدمعي
حنانيك هل يُرضيك شكوايَ ناحبا ً
وفي الباب أغرابٌ يسمعونَ تلوُّعي
فما كان هذا البعدُ عندي سجية ً
ولكنني هُجِّرتْ واحتلَّ مرتعي
وأقصيت ُ عن بغداد ظلما ً وعُنوة ً
وأهلي بجنح الليل قد غادوا معي
أما والذي سوّاك ِ شمسا ً بهية ً
لكي تشرقي في الأرض نورا ً وتطلعي
إذا قيلَ لي خُنـْها ومزِّقْ ثيابـَـــــها
لقـطـَّعتُ أشلائي ومزقتُ أضلعي
فإن خـُنتُ ماءً قد سقاني فراتـُُنا
عذوبـَتـَهُ يعني بأنْ خنتُ مَرضعي
أبغداد يابغداد ياحلوة الـلــّما
وترتيلة ً غرّاء في كلِّ مسمـــــع ِ
ويا وجهَ عشتار ٍ تناثرَ شعرُها
على دجلة الغنـّاء من غير بُرقـُع ِ
أما لاحَ في كفيك ِ شكوى قصائدي
أما دق َّ نبضَ القلب مسرى توجُّعي ؟
ألم تسمعي نجواي أبكي كأنني
ذبيح ٌ وسهمُ البعد قد قظ ََّ مضجعي
فكيف وإني لو يمسـُّك ِطائرٌ
ليؤذيك ِ لم أهجعْ ولم أتورَّع ِ
بأن أعتلي قلبي لعينيك ِ صهوة ً
ليحملني نبضي إليك وأدمعي
عبرتُ بحارا ً واعتليت كواكبا ً
وسافرتُ ما بين النجوم كمبدع ِ
فلم أرَ وجها ً مثل بغداد مشرقا ً
ولاقامة ً ترضي اشتياقي ومطمعي
فبغداد روحُ العصر إن دقَّ نبضُها
يدق ُّ ويمضي بالمسار المنـــــوَّع ِ
وبغداد ميزانٌ لكلِّ قصيدة ٍ
يُضيءُ اسمَها لو حلَّ في كلَّ مطلع ِ
فلا صورة ٌ ترقى للألاءِ حسنـِها
فبغداد تزهو بالجمـــان ِ المرصّع ِ
وقد ألبستـْها الأرضُ أحلى ثيابـِــها
وقد صُـوِّرتْ للخلق ِ في كفِّ مبدع ِ
ودارتْ بها الأفلاكُ من كلِّ جانب ٍ
وقد رافقتها رفقة َالمتـــــــــــطوِّع ِ
وفاضتْ بها الأحلامُ حـدا ًّبه غدتْ
فضاءً من الأحلام ِ في كل مرتـع ِ
أغارُ عليها ، نهرُ دجلة َ لو غـــدا
يغازلـُــــــــها شعرا ً بكلِّ تولـُّـــع ِ
فأحسده إذ أنني فرط حسرتي
عصيٌّ بهذا الأمر لست بطيـِّع ِ
وأعرف يابغداد كم ضامك العدا
وكم أوغل الأغراب ظلما لتفجعي
فحمّالـــــة ُ الآلام عهدي بقلبــِها
صبورٌ فلا يُدمى الفؤادُ فتجزعي
وردِّي سهام َ الغدر لو جاءَ سيلـُها
وثوري على الظلا ّم في كل مهيع ِ
فلم تدخل ِ الأغرابُ حبـّا ً بشعبنا
ولكنهم يبغونَ قتلي ومصرعي
فإن ودَّعتْ ليلى جهارا ً حبيبــَها
سأبقى برغم البعد غيــرَ مُــودِّع ِ