شبكة ذي قار
عـاجـل










نحن حين نستذكر ملحمة يوم استشهاد الإمام المجاهد المظلوم أبوعدي، فإننا نستذكرها بعقل لا بعواطف، وإن كان الشهيد صدام رحمة الله عليه له محبة وعواطف جياشة في قلب كل عربي مخلص ناهيك عن كل عراقي ...  يعني لسنا نحن من يلطم ويشق الجيوب وينوح ويبكي على مثل هذا اليوم وعلى مثل هذا الشهيد ...  وإن كان مثله ومثل العراق يستحق البكاء بدموع من دماء، وبلد مثل العراق يستحق نياحا أشد من نياح الحمام على غصون البان ...  فيكفيه نظرة واحدة على كيف كان وكيف صار ... 

 

أما المقصود بالعقل، فهو أن نحكم عقولنا وننظر في وضع العراق اليوم ووضع العراق حين كان يقوده الشهيد رحمة الله عليه ...  فنقارن بين الأمس واليوم بعقل ونضع جدولا نتبين فيه كيف كان وضع العراقيون بالأمس وكيف هو و ضعهم اليوم ...  مثلا.. كيف كان العراقي يتجول بحرية في كل أرجاء العراق، وكيف هو اليوم مفروض عليه أن لايتحرك إلى حيث يقع وكر الأفعى السامة في الشمال (حيث وكر عصابة المسعور البرزاني ...  مثلا) ففي الماضي كان ابن شمالنا الحبيب، ابن شعبنا الكردي الطيب المسالم يرحب بإبن الجنوب أيما ترحيب لأنه يشاطره الوطن، واليوم فرض أهل وكر الأفعى السامة قيودا وشروطا على أبناء باقي المحافظات ...  بحيث بات من الصعب الذهاب إلى هناك ...  إل ...

 

المهم ...  سقت ذلك كمثال ... ولا داعي لتكرار الحديث عن الأمن والأمان المفقودين وكثرة الباحثين عن العمل والأرامل واليتامى والبنية التحتية المدمرة ...  وسرقات النفط ...  ناهيك عن السرقات المنظمة والنهب واللصوصية التي تقوم بها هذه الشرذمة الحقيرة التي جاءت تحت بسطار المحتل الأمريكي، وما تقوم به دولة السموم الفارسية الكسروية الخمينية النجسة من اعتداءات على العراق والعراقيين من حيث دعم الميليشيات والاحزاب الطائفية التابعة لها كتبعية الكلب لصاحبه ...

 

في أواخر عام 2006، وفي فجر عيد الحج الأكبر، واحد من أقدس ايام المسلمين، غاب القائد الذي صارع الأعاصير الهوجاء، غاب القائد الذي كان ولازال إسمه على كل لسان، غاب القائد الذي كان يهز الصهاينة والصفويين بنظراته البطولية الأبية الشامخة ...  القائد الذي ما لانت قناعته ولا ضعفت شجاعته في أحلك المواقف وأصعبها، ولا ضاقت بصيرته على مر الأيام التي قاد فيها العراق، ولا اهتزت قناعاته حتى في عز أيام الحصار الجائر الظالم الذي فرض على العراق، فكان الأشجع باتخاذ القرار، والأقوى في مواجهة أعداء الأمة وخصومها، والأعطف في حب العراق والعراقيين ...

 

في مثل هذا الأيام هوى الكوكب الذي أنار سماء العروبة بأكملها والعرب لأكثر من ثلاثة عقود، فأعطى من عقله وجسده وقلبه، وكابد وكافح وجاهد لترتفع راية الأمة العربية إلى العلالي، وجاهد وصبر وتحمل من أجل عزة بلد (ماكو بالدنيا بلد مثله) آمن ...  مزدهر ...  عزيز ...  قوي ...  شامخ ...  عظيم.. ذو تاريخ عظيم ...

 

كان الشهيد رحمة الله عليه وعلى باقي اخوانه وفيا للعهد، عاهد الله ثم العراقيين على حب الوطن والقتال بشراسة من أجل استرداد حقوق الأمة العربية ورفع شأنها بين الأمم ...  وكان أسداً هصورا في مواجهة الملمات والصعاب والعواصف ...  كان الشهيد رحمة الله عليه جندياً مقاتلاً مؤمناً بأن لا قيمة للحياة دون وطن عزيز حر موحد كريم ...  وكان قائدا مدركاً لمسؤولياته في بناء الوطن ...  وتوفير متطلبات أبناءه ...  والوقوف بحزم وقوة ضد الطامعين به، وخاصة من ناحية الشرق ...  حيث الرياح المجوسية السامة الصفراء ...  هذا ناهيك عن الإيمان المطلق بتحرير أرض فلسطين المحتلة من النهر إلى البحر ...  كان الشهيد أباً حنونا للعراقيين في حبه لهم يحزن لحزنهم ويفرح لفرحهم ...  ويشاطرهم أعمالهم، وخاصة كما كنا نرى في الحقول والمزارع ...

 

يا أيها العراقيون الأشراف النشامى ...

 

في مثل هذا الأيام فقدنا الأخ وابن الأخ وابن العم وابن الوطن والرفيق والصديق والأب والعم والخال والقائد والموجه ...  والسيف القاطع ...  الذي قطع رقبة المجوس أعداء العراق ...  يوم استشهاد صدام رضوان الله وسلامه ورحمته وبركاته عليه وعلى باقي اخوانه الشهداء كان يوما حزينا في كل بيت عراقي وكل بيت عربي من المحيط إلى الخليج ...  ليس لأنه ارتقى شهيدا سعيدا إن شاء الله، ولكن للطريقة التي تم اغتياله بها، والتي تدل على طريقة مجوسية حاقدة كسروية ...  نفس الطريقة التي اغتيل بها جده الامام الحسين رضي الله عنه وأرضاه وسلام الله عليه وعلى باقي آل بيت النبوة والصحابة الكرام ... 

 

أما لماذا قلت عن الشهيد إنه مظلوم ...  فلأنه مثل جده الحسين رضوان الله وسلامه ورحمته وبركاته الذي اغتيل مظلوما أيض ...  وما أشبه اليوم بالأمس ...  فالحسين أتهمه الفرس والصفويين بأنه يريد الخروج على طاعة الخليفة في ذلك الوقت، بينما الحسين لم يخرج عن طاعة الخليفة، وإنما أوهموه بأنهم يريدونه خليفة عليهم بكثرة الرسائل الكاذبة التي ارسلوها لهم، فصدقهم وجاء إليهم ولكنهم غدروا به ...  فقتل مظلوما شهيد ...  أما حفيده صدام، فقد اتهمه أعداء الأمة العربية من الصفويين والصهاينة بأنه يمتلك أسلحة دمار شامل يريد بها تدمير جيرانه، وظهر فيما بعد أنها كذبة ...  واتهموه بأنه حاكم ظالم يظلم شعبه ويحكمهم بطريقة دكتاتورية، وإذ بها كذبة ...  واتهموه بأنه يخزن المليارات في البنوك هنا وهناك وإذ بها كذبة ...  واتهموه بأنه يريد أن يجعل من نفسه حاكما على الوطن العربي بأكمله، وإذ بها كذبة ...

 

ثم توالت التهمات بعد الاحتلال ...  فاتهموه بأنه سلم العراق ولم يقاوم ...  وتبين أنها كذبة ...  واتهموه بأنه هرب من أرض المعركة ...  وكانت كذبة ما بعدها كذبة ...  واتهموه بأنه كان خائفا حين تم توقيفه ...  وكانت من أسخف الكذبات ...  ولم تتوقف التهم بحق هذا الرجل حتى حين صعد سلم الشهادة ...  ثم تبين للعالم أجمع مدى شجاعة وكبرياء هذا الرجل ومدى جبن وخوف جلاديه الذين كانوا يغطون وجوههم مثل الافاعي السوداء خوفا منه ...  بينما كان وجهه مشرقا مثل البدر في ليلة تمامه ...

 

بعد هذا كله ...  ألا يحق أن نقول عن الشهيد إنه مظلوم؟ وأنه اغتيل مظلوما مثل جده الحسين رضوان الله وسلامه ورحمته وبركاته عليه وعلى باقي آل بيت النبوة والصحابة الكرام ؟

 

يا أيها القراء ...  وأخص أخواننا في النجف وكربلاء الصابرتين المجاهدتين ...

 

المعممون الخبثاء يخدعونكم حين يقولون لكم بأنه من المستحب أو لامانع من أن تطلب من اقربائك وأحبابك وجيرانك وأصدقائك أن يقولوا عنك بـ فلان المظلوم حين موتك أو يضيفوا هذه الصفة إلى إسمك لأنك بهذه الحالة ستكون مظثل الحسين، وسيغفر لك الله ذلك لأنك تشبهت بالحسين!!! أو تقول يا رب أنا مظلوم مثل الحسين اغفر لي ذنوبي ...  والله سيغفرها لك لو كانت مثل زبد البحر فقط لأنك قلت عن نفسك أو قال الناس عنك حين رحيلك إنك مظلوم!!!!

 

بالله عليكم ...  أليس هذا استهزاءا بالذات الالهية يا من عندكم عقل؟ هل الله عز وجل – وحاشا لله وتعالى الله عما يقولون – ساذج إلى هذه الدرجة كي نقول يا رب أنا مظلوم مثل الحسين اغفر لي فيغفر لي هكذا بكل بساطة ولوكنت آكل الخمس الحرام ومتمتع بالحرام وناطق بالحرام ومشرك بالله عز وجل حين أدعو غيره معه؟؟

 

ثم يخدعون نسائكم حين يطلبون منهن أن يضعن الربطة السوداء حول الذراع اليمين عند الموت، لأنها وحسب زعمهم ستقابل الله عز وجل وهي مكسورة الضلع مثل الزهراء !!؟؟؟ فهي أيضا انكسر ضلعها وهي تقابل الله عز وجل بضلع مكسور!! فهي مظلومة وسيغفر لها الله ذنوبها ولو كانت مثل زبد البحر لأنه ضلعها انكسر مثلما انكسر ضلع فاطمة!!؟؟؟

 

قل لي ايها الاخ في النجف وكربلاء ...  ماذا تسمي هذا؟ هل سيأتي عليك يوم تستخدم فيه عقلك وتضع هذه الترهات والخزعبلات التي يرويها لك المعممون الخبثاء بميزان العقل وترميها وراء ظهرك وتنتفض مثل الليث الهصور مثلما انتفض الشهيد صدام حسين للعراق والعراقيين وقدم روحه فداءا لله الدين ثم للوطن  وأهل الوطن؟

 

فهذا الرجل الذي غاب في مثل هذا اليوم، كان قطعة من الفؤاد، وسيبقى في تراثه وإنجازاته وفكره وسلوكه كوكباً يضيء، ليس لهذا الجيل فحسب، وإنما للأجيال القادمة ...  سيبقى صدام في خاطرنا وبالنا أبدا ما بقي فينا عرق ينبض، وسيظل صدام بشموخه ونظراتة الأبية حاضرا في ضمير وقلب كل عراقي وعربي من المحيط إلى الخليج ... 

 

ستبقى يا صدام في خاطر كل عراقي ...  قائدا وفيا عمل لأجل العراق والعراقيين ... 

ستبقى ايها الشهم مع كل فلاح عراقي شاركته موسم الحصاد..

مع كل عامل عراقي في مصنعه ...

مع كل موظف عراقي في مكتبه ...

مع كل أم عراقية قبلت طفلها وحملته بين يديك ...

مع كل مواطن عراقي وقفت تسأله حاجته ...

مع كل جندي عراقي كنت معه على جبهات البطولة والعز والفخر والجهاد ...

مع كل مريض عراقي زرته في المشفى ...  يتحسر الان على تلك الايام التي مضت ...  حين يرى أبناء الزنا تسلطوا على العراق لينهبوه ويزيدوا من ارصدتهم في بنوك الخارج ...  بينما هو يبقى وحيدا في المشفى لا مسؤول يزوره ولا من يطمئن عنه..

ستبقى يا صدام في بيت كل عراقي من الشمال الى الجنوب ...  ينظر اليك ويبكي الدماء بدل الدموع على يوم كان فيه صدام يقود العراق والعراقيين ويعيش فيه الوطن والموطن بأمن وأمان.. وخاصة بعد أن فقدهما في هذه الأيام ...

 

فسلام الله عليك أيها المثل في الصدق والوفاء والعمل والجهاد ... 

سلام الله عليك أيها الشهيد الكبير ...

سلام الله عليك أيها الشهيد المظلوم المفترى عليه ...

 

اللهم بحق نبيك محمد صلى الله عليه وسلم وبحق جميع أنبيائك وأوليائك وعبادك الصالحين اجعل عبدك صدام واخوانه شهداء العراق وفلسطين ورجالات العراق الذين ارتحلوا عن ...  اجعلهم جميعا في أعلى عليين ...  في مقعد صدق عند مليك مقتدر ...  مع النبين والصديقين والشهداء والصالحين..

 

اللهم اجمع عبدك صدام بالحسين بسيد شباب اهل الجنة الامام الحسين رضي الله عنه ليكونا سوية تحت لواء سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم..

 

"يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي".

 

 





السبت٢٦ محرم ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٠١ / كانون الثاني / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. صباح محمد سعيد الراوي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة