شبكة ذي قار
عـاجـل










المتأمل لمسيرة الحياة يخرج بنتيجة واحدة أن هناك طريقان يكتبها الانسان على نفسه فأما أن يدخل التاريخ بصفحات من نور تبقى وضاءة لاجيال واجيال الى أن يرث الله تعالى الارض وما عليها  .. وهناك من يدخل مزبلة التاريخ لامأسوفا عليه تلحقه لعنات الارض والسماء تطويه صفحات وسجلات النسيان ولا يكاد يذكر الا حين تحل كارثة او مصيبة .


وحين نقلب صفحات التاريخ العربي نجد اسماء حاضرة تتصدر صفحاته بنور كتبت احرفه بمداد من ذهب خالص تستحضره الاجيال على مدار التاريخ للتقدم الى الامام وهؤلاء هم من صنعوا تاريخهم بنفسهم من خلال تطابق سلوكهم اليومي مع اقوالهم اي الافعال تسبق الاقوال كما يقال  .. فأصبحوا قدوة حسنة لمن يريد ان يسلك دروبهم وهكذا نجد أن سيدي عمر المختار  .. قائد الثورة الليبية ضد الفاشية الايطالية  .. هذا القائد العربي قارع الظلم والطغيان والاحتلال على مدى أكثر من قرنين  .. زهد الحياة الدنيا ووضع نصب عينيه خلاص امته وشعبه من نير الاحتلال ومآسيه  .. وكلنا يعلم كيف كانت نهايته أمام شعبه وهو يعتلي منصة الاعدام  .. فهل انتهت مسيرة نضاله بنهاية حياته الدنيوية وانتقاله الى عالم اخر ؟؟ لاتزال تتذكره الاجيال بكل فخر واعتزاز لتستمر الثورة فقد اعطاها زخما معنويا لمواصلة النضال وتحقيق النصر  .. وكلنا نتذكر مقولته الخالدة كخلوده الابدي حين خاطب القائد الايطالي (( ستكون حياتي اطول من جلادي وشانقي )) ..  كلمات تنبع من قلب مؤمن بالله تعالى ومن ثم بقدرات أمته على تحقيق النصر المبين بأذنه تعالى .


صفحة أخرى مضيئة من تاريخ أمتنا العربية  .. أنه القائد العربي الخالد الزعيم احمد عرابي قائد ثورة 1880 هذا الفارس العربي الذي وقف بوجه الظلم العثماني متمثلا بالخديو توفيق باشا حاكم مصر حين وقف وهو شاهرا سيفه بميدان عابدين واطلق مقولته الخالدة(( لقد خلقنا الله احرارا ولم يخلقنا تراثا أو عقارا والله لن نورث لأو نستبعد بعد اليوم )) لاتزال الاجيال بالرغم من مرور أكثر من 100 عام تتناقل مقولته وتضعها في صفحات النضال ضد الظلم والعدوان  .. وكان سعد زغلول قائد ثورة 1919 عنوانا للنضال وبعده الخالد الذكر الزعيم العربي جمال عبد الناصر مشعل الثورة العربية الوضاء الذي أنار الطريق لتسلكها الاجيال من بعده نحو الوحدة العربية الكبرى  ..  واخيرا  .. القائد العربي صدام حسين المجيد الذي تحدى وواجه اعتى قوة صليبية صهيونية امبراطورية الشر والعدوان الولايات المتحدة الامريكية وحليفتها بريطانيا  .. هذا القائد العربي يمثل أمتدادا لثورة سيدي عمر المحتار وسعد زغلول وعبد الناصر الخالد  .. قائد جسد اقواله بأفعاله في مشروعه القومي الكبير وأتذكر هنا في أخر حديث تلفزيوني له قبل الاحتلال متوقعا مصيرا اسودا للحكام العرب الطغاة على ايدي شعوبهم طالما بقوا يدورون في الفلك الصهيوني الامريكي .. هذا القائد العربي ثبت في ارض المعركة ولم يستقل طائرة ليهرب كما يفعلها الاخرون بل انه فضل ان يرتقي منصة الاعدام بثبات وشجاعة نادرة افزعت اعدائه وارعبتهم بأيمان عميق بالله وبقدره ففزع منه الموت وأرتقى حبل المشنقة كأنها أرجوحة أطفال يبتهجون بها صباح يوم عيد شهده القاصي والداني  .. هؤلاء القادة اصبحوا مشاعل نور تضيء دروب الظلام لترشد المناضلين الى الاتجاه الصحيح في مسيرة مقارعة الظلم والاستبداد  .. هؤلاء القادة العرب دخلوا التاريخ من اوسع ابوابه لتصبح مراقدهم مزارا للاحرار والثوار والمتطلعين الى الحرية  .. لقد كتبوا بداية خلودهم  .. فأستحقوا ان الخلود في وجدان الامة والعالم الانساني .


وفي الجانب الاخر من هذا التاريخ والعياذ بالله منه  .. نجد اسماء لحكام عرب قادوا أنفسهم الى هذه الصفحات السوداء من تاريخ اسود ملطخ بدماء أبناء شعوبهم فكانوا عونا للظلم والجور وأصبحوا حكام أستبداد ووصلوا لدرجات رفيعة في الطغيان  ..  سراق ولصوص من الدرجة الاولى بنوعيها المدني والعسكري  .. افقروا شعوبهم  .. وأمتصوا دمائهم  .. تراهم وكأن الحياة مخلدة لهم  .. تناسوا أن الابتعاد عن الشعب هو بداية النهاية المذلة  .. تناسوا أن الشعب العربي ((أذا اراد الحياة فلا بد لليل أن ينجلي ولابد للقيد أن ينكسر )) ..  وهكذا تجدهم يطلقون سيقانهم للرياح في اول مواجهة حقيقية مع شعوبهم  .. كما فعلها المجرم الهارب زين العابدين بن علي الذي استقل طائرته وحاشيته بعد أن أيقن أن الشعب العربي التونسي قد كسر القيد ولم يجد ارض يهبط فيها وظل معلقا في السماء ساعات طويلة قبل أن تأويه ارض عربية  .. هرب بعد ان هرب اموال السحت الحرام من قوت شعب عربي ضاق على يده الهوان والذل  ..  وفي السودان نجد صورة متكررة لحكام الظلم  .. يحكمون بأسم الدين والدين منهم براء  .. افقروا شعبهم وقسموا وفتتوا أرضهم بأسم الدين  ..  وهربوا اموال مسروقة من افقر شعوب الارض في اغنى أرض  .. أنه البشير الحاكم بأسم الله على أرض السودان  .. هؤلاء الحكام العرب والسواد الاعظم على هذه الشاكلة رسموا نهايتهم بأيديهم لكن في مزبلة التاريخ تلاحقهم لعنات شعوبهم ولعنات الارض والسماء والذل والهوان  ..  وستطويهم صفحات النسيان من ذاكرة الامة  .. فمثل هذه النماذج من الحكام لاتستحق الذكر حتى في مجالس الاطفال  ..  فهل يتعظ الحكام العرب السائرون في نفس طريق مزبلة التأريخ  .. أم أننا سنجد أن قائمة مزبلة التأريخ قد أخذت بالاتساع وأرتفاع كبره .. هذا ما سيكشفه لنا القادم من الايام  .. والله ناصرنا .

 

 





السبت١١ صفر ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٥ / كانون الثاني / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب حازم العبيدي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة