شبكة ذي قار
عـاجـل










الثورة هي تغيير جذري يلبي تطلعات الشعب ويؤمن إستقلال الوطن والحفاظ على وحدته السياسية والجغرافية والبشرية ويحقق كرامة الانسان (المواطن) وحقوقه بالعيش والتعليم والسكن والعلاج والعمل، هذا هو تعريف مبسط للتغير والثورة حسب وجهة نظري، وكل ذلك يفترض أن ينظمه ويحميه ويقيده قانون، تناط مسؤولية تطبيقه ومحاسبة من يتجاوزه لمؤسسات وطنية تسمى قوات الأمن وتعتبر هي سلطة القانون، لهذه المؤسسة علاقة بالسلطات الثلاث: القضائية والتشريعية والتنفيذية (الحكومة)، فهي المسؤولة عن تنفيذ القرارات التي تصدرها السلطة القضائية، وهي المسؤولة عن حماية تنفيذ القوانين التي تصدر عن السلطة التشريعية، وهي أداة الحكومة في تنفيذ خططها التي أقرت من السلطات جميعا، والتي تهدف لتقديم خدمات للشعب أفرادا وجماعات، وهناك مؤسسات ثابتة تحمى وتنبه وتؤشر أي إنحراف أو توظيف وتعريف خاطيء للقانون وتطبيقه هي المحكمة الدستورية أو مجلس القضاء الأعلى الذي يفسر ويحكم بشكل حاسم في أي تفسير للقانون، ومؤسسات الأمن والشرطة التي تمثل سلطة القانون ومن خلال عملها الدقيق لتطبيق القانون بإيجابية ولكون القانون وضع وصيغت مواده لخدمة الشعب وتنفيذ ارادته تكون تلك المؤسسات في خدمة الشعب حقا وليس قولا، كما أن الجيش الذي نعرفه ونعرفه أنه سور للوطن مسؤول عن حماية الوطن ترابا وشعبا وقانونا، ولا تعنيه تفاصيل الحياة السيتاسية بشيء أكثر من ذلك وبهذا يكون الجيش هو أبن الشعب وحارسه وليس طبقة فوقية بيروقراطية تتحكم به، وكي تكون الصحافة والأعلام بكل وسائله مقروءة أو مسموعة أو مرئية سلطة للشعب وكما يسميها الكتاب والصحفيون بأنها السلطة الرابعة يفترض أن تكون نقية مهنية نزيهة لا تتأثر بالسلطة التنفيذية ولا تشترى بمال ومغريات معينة ولا تساوم على مصلحة الشعب لابد أن يحكمها قانون ويحميها كذلك، وبهذا لا يمكن لأي جهة أو جماعة أو حزب أو فرد التلاعب بالقانون وتعديله وتأويله بحيث يكون ثوبا على قياسه وتكون كل تلك المؤسسات عبارة عن مصممين وخياطين لبدلة على قياسه، فتقوم بتأويل وتغيير (تعديل) القانون وفق رأيه، بل على القانون أن يتضمن مواد صارمة وملزمة بعدم جواز تغير القانون إلا بعد إعطاء الجهة التشريعية العليا رأيها بتفصيلات الاسباب والمبررات لذلك التغيير وضروراته، ومناقشته بشكل تفصيلي من قبل الجهة المحددة بموجب القانون للبت بذلك، ومن ثم عرضه إن كان يتعلق بتغييرات قانونية كبيرة أو مسائل وطنية سيادية أو اقتصادية خطيرة ليس فقط للبرلمان، بل للإستفتاء الشعبي العام والمباشر بعد اتاحة المجال لوسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني كالأحزاب والمنظمات الشعبية والمهنية ومراكز الدراسات والنخب الفكرية والثقافية وكل أصحاب الرأي بمناقشة تفاصيله، في حوارات وندوات ومؤتمرات شعبية بين أعضائها الذين يمثلوا نخب الشعب، وإتاحة المجال لعقد الندوات والحوارات في وسائل الإعلام كافة (السلطة الرابعة) لتغطية تلك المناقشات والحوارات والندوات بحيث يطلع عليها أبناء الشعب كافة، ويستطيعوا من خلالها تفهم التغيير واسبابه، والحرص على تنظيم أوقات نشر وأذاعة تلك الحوارات بحيث لا تتعارض في توقيتاتها ولا تكون في أوقات يكون المواطن مشغولا بعمله أودراسته، بحيث يكون رأي المواطن العادي ناضجا عندما يعطي رأيه في الاستفتاء العام.


الإعلام ممكن أن يكون مدرسة لتكوين إيجابي في المجتمع، عند توظيفه توظيفا وطنيا سليما، وتوفير الكادر المتخصص والمؤهل علميا وفكريا لإداء تلك مهمة، وبالعكس ممكن أن يكون مصدر فتنة وتخريب إجتماعي ووطني عندما يكون مجرد إعلام ناقل دون تدقيق وتمحيص للمواد والبرامج التي يبثها. وهذه حقائق أثبتها علم الإجتماع، وخبراء الإعلام وفقهائه.


ونتيجة لذلك فقد أستخدم الإعلام كأحد أسلحة التخريب والعدوان ضد الشعوب من قبل قوى الإستعمار قديماَ وحديثاَ، حتى أعتبر الأعلام الحربي والحرب النفسية علما خاصاَ، له مختصيه ومفكريه وطلابه، وبات تنوع أساليبه وتطويرها واحدة من العلوم المهمة في الشأن العسكري والحربي في جانبيه رفع معنويات الجيوش الحليفة، وتضليل و العمل على كسر معنويات الجيوش المناوئة، وبحكم خبرة الغرب الإمبريالي في هذا المجال، وإمتلاكه قدرات تقنية متطورة، وإنتباه مفكريه لدور الإعلام وقدراته في توجيه وعي الناس والتأثير بشكل كبير بمستوى تفكير الأفراد والجماعات والمجتمعات، فقد رُصدت له ميزانيات ضخمة بلغت موازنات دول كبرى لجيوشها في ظروف خوض حروب، وبحكم القدرات التقنية لدول الغرب الامبريالي وإمكاناتها الإقتصادية وأهدافها الإستعمارية وخبراتها الإعلامية وكفاءة وذكاء مراكزها البحثية وباحثيها فقد توجهت لإنشاء إذاعات موجهة بلغات الأمم والشعوب الأخرى خصوصا تلك التي تعتبرها مهمة وإستراتيجية على مخططاتها ومصالحها، ولا أستطيع أن أحدد متى وجهت أذاعة لندن العربية برامجها للوطن والشعب العربي، حيث أن ذلك سبق معرفة سكان وطننا بالراديو أصلاَ، وأنا منذ ستون عاما وقبلي أهلى كنا نستمع لصوت لندن باللغة العربية في محطة الإذاعة البريطانية، والكل يُدرك تأثير الكلمة وأبعادها في الإصلاح والتخريب وفق أغراضها وإسلوب طرحها وبثها.


وزيادة في التضليل وإمعاناَ بالبغي فقد صار البحث في أفضل وأكثر وسائل إستخدام الإعلام في الصراع بين طرفي التناقض الكوني، وهو الصراع بين الحق والباطل أو بين الخير والشر، فقد توصل مفكرو الغرب الإستعماري الى فكرة شيطانية ذكية وخبيثة وفاعلة وهي: إنشاء فضائيات ذات توجه وبرامج معينة تبدو أنها أكثر تطورا وإنفتاحا وتعبيرا عن الرأي العام، وإظهارها أنها فضائيات وطنية وإقليمية، وهو أحد أذكى وسائل الخرق للأمن الوطني، حيث تشكل تلك الفضائيات بؤر فكرية وإعلامية تخدم المخطط العام لتلك القوى، فكانت فضائيات الجزيرة (جزيرة الدجال) والعربية وفي حقيقتها (عبرية) وأخريات كل منهن أتخذت طريقا وإسلوبا قد يكون مختلفا عن الآخرى ولكن في الحقيقة كلهن يخدمن مخطط واحد، ويصدر توجيههن من جهة واحدة، وقد يكون تمويلهن من جهة واحدة أو جهات ملزمة بتمويلهن وملزمة أيضا بعد التدخل بتوجيههن.


بدأ هذا التوجه بشكل جدي بعد انهيار الإتحاد السوفيتي وبداية التوجه الغربي لكشف عدائه السافر للعرب والإسلام وتجسد ذلك بالتوجه الأمريكي الصهيوني ضد العراق والتهيؤ للعدوان عليه بغية تدمير أمكاناته العلمية والعسكرية والتنموية التي تجاوزت الخطوط المسموح بها للعرب، وبدأت تقلق الكيان الصهيوني وحلفائه، وبدأ التفكير الجدي بإمكانية استخدام الصحافة كوسيلة تخريب مؤثرة على روحية شعوب العالم النامي قائلاً: (إن قوة الصحافة تكمن في مقدرتها على التجاهل والتجهيل).


فقد بدأت تلك الفضائيات بطرح برامج تلفزيونية لم يألفها ويعتادها المواطن العربي، والناس في المنطقة خصوصا الناطقين بالعربية من مواطني دول أسيا وأفريقيا، وهم ليسوا قليل، كون جميع المسلمين يفهموا العربية بدرجات متفاوتة، وكثير من مؤمنيهم وعلمائهم ومتعلميهم ومثقفيهم يجيدوها قراءة وكتابة، من تلك البرامج:


1. الرأي والرأي الآخر.
2. الحوارات الفكرية حول المسائل السياسية والإقتصادية العالمية.
3. تقارير إخبارية وتحليلات حوارية لما وراء الخبر.
4. المراسلين والنقل المباشر وإستخدام وسائل الإتصال الحديثة.
5. معرفة الأسلوب الفكري للمدارس الأيديولوجية المختلفة.
6. معرفة أسلوب صناعة القرار السياسي والقوى الفاعلة في إتخاذه في الدول الكبرى.
7. طرح برامج عن إجراء إستطلاع الرأي والاستفتاء السياسي والانتخابات.
8. تقديم برامج عن قوانين حقوق وحقوق المرأة والطفل 00 إلخ.


من خلال هذا استطاعت تلك الفضائيات تغطية حقيقة وضعها وأهداف إنشائها وتكوينها،حيث أن أخطر المخاطر هو الكلمة وإستمرت تعتبر كوجه جديد مشرق للإعلام العربي الجديد، الذي يعمل على إيصال رسالة إعلامية مهنية ومحايدة ونبيلة للشعوب وخاصة الشعب العربي، وبهذا يعتبر العاملين في تلك المحطات أو على الأقل ما يعلنوه هم والذين ورائهم أنهم قدموا خدمة للقضية الوطنية والقومية، وفي الحقيقة هم جنود ضدها، بل هم جيش لتدميرها، وهنا على العرب والمسلمين أن يعوا قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عندما قال: (الكلمة الطيبة صدقة) والمعنى بالكلمة الطيبة القول النافع والداعي للفضيلة.


وقد إستطاع المؤسسين لتلك الفضائيات من تضليل الرأي العام العربي والإسلامي فترة ليست قصيرة في حقيقة منهجها ودورها، خصوصا وإنها تبنت الإعلام كحالة شمولية أي عالمية وركزت على المسائل العامة في الأمة العربية والإسلامية، ولم تتكشف حقيقتها إلا مع العدوان الإمبريالي الفاشي الإرهابي على العراق، ومن ثم العدوان الأمريكي الصهيوني على اللإسلام والمسلمين عموما بعد الحادث المفتعل في نيويورك بضرب برجي التجارة العالمية، فقد إنطلقت قناة الجزيرة كمحطة عربية أكثر مما هي محطة فضائية معنية بقطر البلد العربي الأصغر مساحة والأقل سكانا.


لكن من يتابع برامجها ويراجعها مراجعة إستقرائية سياسية ذكية، يجدها إعتمدت إسلوبا خفيا وخبيثا في محاولات تجهيل الرأي العام وتضليله وخداعه وتوجيهه توجيها سلبيا عبر فبركة الأخبار وعدم توضيح حقيقة الأحداث، وتضليل المشاهد المتلقي، عدم تقويض الفكر الإعلامي الغربي الذي يركز على إضهار الإنسان الغربي بأنه متفوق بل ومختلف في كل تكوينه الفكري والنفسي والجسمي عن الأنسان في البلدان النامية، وهذا تفكير عنصري نازي يميز بين البشر على أسس اللون والعرق والمذهب، كما إنها لم تتجاوز التفكير الغربي الشوفيني بالتركيز على الجانب السلبي في إنسان العالم النامي وعدم إضهار الجانب الإيجابي. التثقيف الخاطيء والمضلل المقصود فيالدمج بين معنى الرأي العام الإيجابي ورأي الغوغاء أو رأي الجماعات المخربة والمتلقية لآراء غريبة عن مجتمعاتنا وقيمنا بل مناقضة لها، وهذا هو الهدف الذي أنشأت تلك الفضائيات لأجله.


أما إن وددت الآن أن أحصي مثل هذه الفضائيات فقد أعجز، لأنهن صارن بلا عدد، ولكن تظل الجزيرة (جزيرة الدجال) وأسميتها بهذا الإسم لأنها تسعى للفتنة وقد وردنا أن لا فتنة أشد على الناس من فتنة الدجال فهي تستحق الإسم بامتياز، والعبرية وهو معروفة وقد كشفت أوراقها منذ زمن بعيد، أضف لهن المستقلة وشعبتها الديمقراطية، والأعمال، وسهيل، وأبو ضبي، والشرقية، والبغدادية، و40 فضائية مولتها أمريكا في العراق بعد الإحتلال، وصارت تتحدث بمناهج مختلفة منها الطائفي والعرقي والمذهبي وعشرات في لبنان وغيرها من الفضائيات المحسوبة عربية، وما هي بعربية لا دينا ولا منهجا ولا توجيها ولا أهدافا، أضيفوا لكل هذه الفضائيات عشرات آخرى موجهة منهم كبي بي سي، والحرة عراق، والحرة، سي أن أن وغيرهن من الفضائيات الآمريكية والغربية الموجهة لتخريب شبابنا، والعمل على تدمير قيم وأخلاق وأفكار مجتمعاتنا وبالاخص شبابنا دينيا بكل دياناتهم، وإجتماعيا بكل فئاتهم، ووطنيا بكل أقطارهم. لهذه الغايات الشريرة أنشأت هذه القنوات ووفر لها كادر متمرس وكفوء ومنهج ذكي وموجه بشكل تام من دوائر الغرب لكي تكون أدواتهم وسلاحهم ضد الأمة العربية وعموم المؤمنين.

 

لعن الله كل ساع للفتنة ومغذ لها وممول لها.

 

 





الاثنين١٦ ربيع الثاني ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢١ / أذار / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب عبد الله سعد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة