شبكة ذي قار
عـاجـل










منذ الخامس والعشرين من شباط الماضي ومحمود حاج بصرة لا يفارق ساحة التحرير، يشارك في غضبة العراقيين ويهتف مع الشباب ، يطالب بإطلاق سراح المعتقلين ، ويتساءل عن مصير ولده كرم الذي خطفته قوة بلباس الحرس الوطني في السادس والعشرين من تشرين الأول عام 2004عند مفرق إعدادية الاعظمية للبنات وعلى مقربة بضعة أمتار من مبنى مركز شرطة الاعظمية ومنذ ذلك الوقت ، ضاع اثر كرم وانقطعت أخباره عن والديه ، واختفت السيارة التي كان يقودها !


عجز محمود والد كرم وهو المحامي الضليع الذي يتبنى قضايا الناس ويترافع عنها في المحاكم ، عن الوصول إلى ولده العزيز أو معرفة خبر عنه ، وبات طيلة السنوات السبع الماضية يسأل المعتقلين المطلقين السراح ، عن كرم ويلجئ إلى الأجهزة الأمنية من غير إن تقدم له معلومة تشفي غليله وتعين والدة كرم المكلومة من فقده ، على صبرها وآهاتها وونينها فربما يأتي الفرج !..ولكن من أين يأتي ، فالأجهزة الحكومية تتكتم على مصير كرم وعشرات الآلاف من المعتقلين (المفقودين) فربما هو وغيره نزلاء السجون والمعتقلات السرية التي أشرفت عليها حكومات الاحتلال السابقة أو حكومة نوري المالكي الحالية بنسختيها القديمة والجديدة الناقصة !


لقد راجع محمود حاج بصرة الطب العدلي الآلاف المرات ولم يكل أو يمل وقرأ قوائم وقوائم في المطر والبرد وفي أجواء الصيف ولهيب الحر ، وطيلة السنوات السبع لم ير اسم ولده في القوائم التي ينشرها تباعا الطب العدلي عن الجثث المجهولة التي أودعت مقبرة وادي السلام في النجف !


وهاهو اليوم ، بهمة شباب ، يخترق الحواجز الأسمنتية ويتحدى حظر التجوال ونقاط التفتيش ويسد إذنيه عن سماع دعوات المراجع في عدم التظاهر ،لان فجيعته بفقد كرم لايمكن إن تتسلل إلى قلوب ربما كانت من الصخر والجلمود أو ما عادت تتحسس مصائب الناس ..يمضي متحديا كل المعوقات مع زوجته المكلومة بفقد الابن إلى ساحة التحرير ويدوي صوته في أرجائها ، أين ولدي ، بل أين فلذات أكبادنا الذين غيبوا في غياهب سجون سرية تشرف عليها شرذمة من المجرمين يخضعون لأشراف نوري المالكي رئيس الحكومة والقائد العام للقوات المسلحة والوزير لثلاث وزارات أمنية إضافة إلى قيادته لقوات عمليات بغداد !


قلب محمود حاج بصرة مطمئن بان كرم على قيد الحياة وتصر والدة كرم على القول إن إحساسها لا يخطيىء فكرم على قيد الحياة ..ولكن أين هو ؟ وكيف يحيا؟ وكلما تم الكشف عن معتقل سري ، يتعلق والدا كرم بالأمل ، فعسى إن يكون من نزلائه !


إلى يوم قريب ، كان أملهما إن يكون كرم نزيل المعتقل المسمى معتقل الشرف في المنطقة الخضراء على بعد عدة أمتار من مكتب رئيس الحكومة نوري المالكي ، حيث كشفت منظمة الصليب الأحمر الدولي عن ظروف نزلائه الذين يعود زمن اعتقال بعضهم إلى سبع سنوات مضت من غير محاكمة مع هوان وذل وتعذيب وبطش واجهوه ويواجهوه و تفشي أمراض وأوبئة معدية بسبب الإهمال المتعمد من قبل القائمين على المعتقل السري .


وقد اعترفت وزارة العدل الحالية إن لجنة منها زارت المعتقل السري بعد غلقه واكتشفت إن القائمين عليه اجروا عملية تعفير (تعقيم) عاجلة ووزعوا معتقليه على سجون أخرى وأكدت اللجنة إن مشرفي المعتقل منعوهم من زيارة مرافق أخرى في المعتقل !


قصة كرم حفيد حاج بصرة هي قصة عشرات الآلاف من العراقيين الذين ضاع أثرهم أو ضيعوا في المعتقلات السرية الأميركية والعراقية .


ومحمود حاج بصرة يشارك بهمة الشباب في تظاهرات الغضب ويتذكر بلا شك مشاركاته السابقة عندما كان في ريعان الشباب في التظاهرات التي كانت تجتاح بغداد أواخر حكم نوري سعيد رافضا لمعاهدات الإذلال التي كان نوري سعيد يزمع من خلالها وبها رهن مستقبل العراق لصالح الانكليز ،أو في تحديه للمد الشعوبي الذي طغى على المشهد العراقي بعد اشهر قليلة من ثورة 14 تموز 1958 واستباح دماء العراقيين وعلق جثث العذراوات على أعمدة الكهرباء ، وقامت عناصره المجرمة بسحل الاكارم من العراقيين في شوارع الموصل وبغداد والبصرة !


كان يحمل صورة الراحل عبد الناصر في وقت كان شذاذ الآفاق يلوحون بالحبال في محكمة المهداوي وينتهكون كرامات الناس بقوانينهم الجائرة وينهون حياة الأفذاذ بأحكام الإعدام وينفذونها في أم الطبول والدملماجة ويخرقون حقوق الإنسان !


هوذا محمود حاج بصرة يعود شابا رغم كهولته إلى ساحات الشرف ، يدين الاحتلال ويطالب برحيله ورحيل من جاء معه ويرفض حال العراق وما آل إليه اليوم ويرفع صوته عاليا يطالب بمعرفة مصير ولده كرم وعشرات الآلاف من الفتية والشباب الذين اختفوا بعد الاحتلال من غير إن يعرف لهم خبر

 

 





الثلاثاء١٧ ربيع الثاني ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٢ / أذار / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب مازن عبد العزيز نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة