شبكة ذي قار
عـاجـل










لايختلف عاقلان أن الوطن العربي والعالم الإسلامي صار منذ مايناهز الخمسين عاما مسرحا للعدالة الأمريكية على الطريقة الأمريكية ، وللديمقراطية الأمريكية على طريقة رعاة الجواميس وهواة الألعاب النارية، والطرق على باب الحرية في فضائنا القومي والإسلامي وفق قيم هؤلاء يسد آذانن .. فأمريكا المعلم والهادي والمرشد والعاطي والمنوّر والناصح والمنادي ، الأم الحنون والأخ العطوف والصديق النصوح .. هكذا شاءت أمريك .. وهكذا فرضت وتفرض ماشاءته ونحن بين مصدق مغدور ومشكك مرتاب ورافض مقاوم.


قالت لنا أن صدام مستبد .. لايصلح أن يكون قائدكم .. وان العالم في ظل وجوده حيا سيستمر في الاضطراب وعلى أبواب كارثة وجودية ماحقة .. قلنا لها : مالعمل ؟ .. قالت : أنا أخلصكم والعالم منه ، وأنا ادفع الثمن .. فحريتكم والعالم تحتاج إلى من يبذل لأجلهما الغالي والنفيس. وفعلا ، جيشت جيوشها ، ورسمت خط سيرها. أعدت أدواتها منا ومن أحلاف حريتها وديمقراطيتها وعدالتها ، وأعلنت حرب الانتقام من الاستبداد والكراهية والحقد والظلم(!!!). وقد خدمها إعلامها الحربي عندنا وعندها. إعلام الحرب على صدام .. كي يكون العالم آمنا!!!!!.


كلنا يعرف ماقدمته العوائل الحاكمة عندنا. مقدار البهجة بالحرب على صدام. ومن باب الإنصاف أن نشير إلى أن بهجتهم إنما كانت لأجل امن العالم ومن ثمة أمنهم وامن أمريكا وإسرائيل وكل الأخيار الطيبين في المعمورة كلها!!. الكويت فتحت روحها لجيوش أمريكا القادمة كالعاهر المخمورة التي يدوس عليها النمل وتدب على عرقها الطيني المقرف حشرات المراحيض. آل سعود يمسكون بسيوف بلاستيكية ويركبون مهر السباق ويهللون للملك والأمير والأميرة وحماة الحرمين الشريفين ، بينما يتصدى للملفات السياسية الدقيقة هيئة إفتاء تمرر العهر شرفا والخيانة بطولة والعمالة تسامحا وراية الله اكبر كفرا و"عفلقية " كافرة. أما بقية عوائل خليجنا الساقط فهي بقايا بعوض تبحث لنفسها عن موقع في الزحام على كومة أوساخ .


بعد جريمة 9 افريل 2003، وجرائم أخرى من توابعها لاتحصى ولا تعد ،حصلت جريمة الاضحى. أوتي بالرجل إلى المنصة . أهين على المنصة. زف شهيدا. بينما أهينت الأمة في كرامتها وترك المشهد جرحا غائرا في ضميرها وذاكرتها يتقاسم أوجاعه كل من اخلص في إيمانه بالله وفي ولائه لها. وأنا هنا لااتحدث عن حالة إيديولوجية بل عن حالة روحية وقومية يعيشها البسطاء من شعبنا العربي قبل أصحاب المراكز والعناوين ، يعيشها الرعاة والحرفيين والأميين والفقراء قبل غيرهم لان فطرة الرجولة عندهم نقيّة ولم تتداخل عليها رياح أخر .. تقدم أيها القارئ العربي من مواطن عربي بسيط كث واغبر وعلامات الاحتياج والبساطة مرسومة في ملامحه وقل له : صدام ! .. سيرد : الله يرحمه .. كان رجلا ! .. هذا دون حديث عن فقه إيديولوجي أو ماشابه .. فهو لايحتاجه. وأعجب من متعلم أو مثقف أو صاحب عنوان لايهتدي إلى هذا السبيل ولا يستحضر وقت السؤال هذه الفطرة .. ! .. بل يزداد العجب ويلتبس الأمر حين يشكك من يزعم انتماؤه إلى الحركة القومية في شهادة صدام وفي قيمته الرمزية ويردد دون أدنى وعي نقدي الدعاية الشربوشية والشراوباماوية بان صدام ديكتاتور! .. كيف يدافع البعثي عن عبد الناصر ولا يدافع الناصري عن صدام .. ؟؟! .. في حين أن عبد الناصر كان قد طالته حملة التشويه من الغرب ومن كتابه وإعلامه عندنا قبل أن تطول صدام ، وكان اتهامه بالديكتاتورية اسبق! .. كل التجارب الإنسانية نسبية في منجزاتها وفي مشاريعها البنائية والنهضوية ، وهذا يشمل تجارب الشيوعيين والقوميين بعثيين وناصريين والإسلاميين، والليبراليين، أحزابا أو أنظمة. لكن معايير الشهادة يحددها إسلامنا ، ومعايير الزعامة يحددها واقعنا وصدى الظاهرة في نفوسنا. وكلا المنظومتين يلتقيان في مستوى : مجابهة الغرب والتصدي لاستراتيجياته ، بقطع النظر عن النجاح أو الإخفاق في ذلك ، أو مقتضيات إدارة العلاقات الدولية.


أعود إلى جريمة الاضحى فأقول : أريد منها أن تكون لنا مبعثا على الخجل والإحباط ، وان تتحول إلى نقمة على الشهيد. لكن الشهيد حولها في ماتبقى له من ثوان في الدنيا إلى صفحة مجد مشرقة والى وسام على صدر كل عربي فيه إحساس بمفردات هويته . هكذا نحن العرب ، الموت عندنا شرف واحتفال ودرس في الشجاعة والإيمان سيظل الأعداء والحاقدون يتجرعون مرارته ، وستظل ذكرى جريمتهم مبعثا على الخزي. هذا الذي قدم رقبته فداءا للعراق والأمة .. وحده يستحق لقب رجل .. لأنه رفع سقف الرجولة إلى حدود اعجازية تفوق المستوى المعهود في القدرة الإنسانية .. وللإنصاف .. فقد مشى رفاقه في القيادة على نموذجه الاعجازي .. فكانوا معه رجالا استثنائيون .. والتاريخ سيكمل الحكاية لما نكون رفاتا ونسيا منسيا.


ماذا وجد الأعداء أمامهم من قول ؟ تتالت تصريحاتهم المتفائلة والمنافقة والكاذبة : لقد قتلنا صدام .. العالم صار أكثر أمنا!. صفق لهم أتباعهم. احتفلت العاهر المخمورة ، احتفل صراصير فارس في العراق ، احتفل الملك والأمير والأميرة وهيئة الإفتاء .. ومواخير السياسة الأمريكية في وطننا العربي وعالمنا الإسلامي .. لقد صار العالم آمن .. صار العيش فيه ممتع .. نبت الزرع ودرّ الضرع وعمّ الخير .. ياالله .. !! .. كم أنت فاضلة ياامريك .. كم أنت ديمقراطية .. وعادلة ، فبأي مكافأة سنكافؤك .. ؟؟


صدام في الحقيقة قتلناه نحن .. ونستمر في قتله بأشكال لاتحصى. حينما لانقدر شهادته ووقفته الاستثنائية في وجه الفولاذ ممزوجا بالحقد. ومن ينظر إلى صدام من زاوية حزبية فهو يقتله أيضا. صدام بعثي كأي مواطن عربي بعثي ، وهو رمز للأمة ولغيرها كغيره من الاستثنائيين في التاريخ الذين يصيرون بأفكارهم أو تجاربهم أو قيمهم ملكا للبشرية قاطبة. ليس بالضرورة أن تحفظ رمزيته في وجدانك أن تكون بعثيا أولا. فيمكن أن تقدرها وتقدر عظمته دون أن تكون بعثيا. لكن كما هو شرف للعربي أن ينتمي إلى امة صدام ، فهو شرف للبعثي أن يكون رفيقا للشهيد صدام وقد كان صدام يعترف بنسبة شرفه لأمة العرب وللبعث معا.


لكن من المستفيد من هذا الانجاز الصهيوامريكي فارسي بدعم الأنظمة العربية ؟ .. هي هذه الأطراف نفسها فقط: أمريكا ، إسرائيل ، بلاد فارس ، العوائل العربية الحاكمة. والخاسرون: العراق والأمة العربية والإسلامية وقضايا الشعوب العادلة في العالم. نحن عندنا عيون نرى بها: العراق في بحر الدم منذ 2003 ولا يزال، الأمة العربية لم يستقر حالها للمعتدين ، العالم الإسلامي طافح ببؤر مقاومة باسلة وثابتة .. والرسالة هي: مشروع الأعداء لن يمر. حساب الأعداء خاطئ. بهجتهم بنجاح الأسلوب العسكري والأمني في إستراتيجيتهم هي بهجة حمقاء وغبية ومضللة.إنهم ينزفون. إنهم غارقون. الوحش الفولاذي سيتفكك ويتشضى. سيبعث صدام ومن استشهدوا في صورة امة تقرر مصيرها واتجاهها في الحياة بنفسها. لايمكن للأعداء قتل امة وروح وذاكرة .. ولا إطفاء حريق أشعلته في صدرها أو تضميد جرح شق كيانها وأدماه.


لم يشفع للجنرال بن علي وحلاقته عمالتهما للموساد الإسرائيلي .. العمالة التي بيع بها أبو جهاد ، ونسجت الصفقات التجارية المتنوعة، وفسحت المجال لإطلاق أسراب أعضاء المخابرات الصهيونية في البلد .. وتحول قصر قرطاج إلى مخزن للمخدرات ولأموال الشعب المنهوبة .. حين بلغ السيل الزبى وجد نفسه هائما في الأجواء ولم يأويه إلا خسيسا مثله.وكذا حال مبارك ، فكم عانق وكم قبّل وكم رحّب وكم قبض وكم تآمر مع الصهاينة ضد أمته وأهله ، وضد المقاومين في كل الساحات. غير أن قرار ثوار مصر كان حاسما ونهائيا وقاطعا. رأينا شباب تونس يتظاهر في العاصمة ضد زيارة كلنتون ، وشباب مصر يتظاهر أمام سفارة العدو وينزل علمها. المرحلة انتقالية وتقودها مؤسسات قبل 14 جانفي و25 جانفي تقديرا لمطلب الأمن واستمرار دواليب الدولة. فيوم تتركز الدولة الوطنية المنتخبة - دولة الثورة -في البلدين سيكون ثمة حديث آخر.


لقد تفاجأت أمريكا بالزلزال. فقررت أن تتسلل إلى طبقات الأرض لتوجه ضرباته نحو مناطق معينة وبما يحقق لها موقعا في الواقع الجديد ويضمن بالتالي مصالحها. لذلك نراها تقود الأحداث في ليبيا. تقودها بغطاء عربي ودولي ، باسم البطة السوداء (حمد ) وزير النساء (ساركوزي). الأول طامع في أن يفوز بموقع مبارك في الاستراتيجيا الصهيوامريكية وان يكون تجنب ملكه الزلزال تحصيلا حاصلا ، والثاني طامع في الفوز بلقب نصير الثورة العربية وبضعة براميل من ثروة شعبنا في ليبيا. وأهداف أخرى تشترك فيها دول الأطلسي :1/حكومة عميلة في ليبيا 2/ موقع متقدم للتحكم في اتجاه الثورة في تونس ومصر 3/ اتخاذ ليبيا سوق واستثمار الثروة النفطية في تخطي الأزمة الاقتصادية وخصوصا أزمة الدولار 4/ الفوز بعقود إعادة الاعمار 5/ منفذ إلى وسط إفريقيا 6/ التحكم في اقتصاديات دول القرن الإفريقي وفي الاقتصاد المصري من خلال ملف مياه النيل وبالتنسيق مع دولة جنوب السودان (ثمة مؤشر على تفطن مصر إلى هذا الخطر مؤخرا) 6/ استقطاب الإسلام السياسي والمراهنة عليه في مايسمى الحرب على الإرهاب 7/ تحييد دول الخليج عن مسار الزلزال (بتنشيط دورها في هذا الحلف) 8/ إعادة الروح للأسلوب العسكري في إدارة ملفات السياسة الدولية (بعد الخيبة في العراق وأفغانستان) وتغطية الغرب على هزيمته في جبهات " شرق أوسطية " 9/ ضرب المشروع القومي العربي (بقطع النظر عما إذا كان نظام القذافي يمثله أم لا ) 10/ إحياء الصراع المصطنع بين القوميين والإسلاميين والعودة بالثقافة العربية إلى سؤال الهوية.


اذكر هنا بعض إبداعات الحركة الساركوزية المقاتلة في ليبيا ، إبداعات " ثورية " بالطبع : الصهيوني برنارد ليفي والصهيوني اليميني المتطرف بايدن يستقبلان في بن غازي استقبال الأبطال وبهتاف : الله اكبر .. لااله إلا الله. وكأنهما فاتحين !!!، طائرات قطر تحمل الدواء والغذاء عبر مطارات تونسية ، وبإشراف الأطلسي ، وفي الحاويات أشياء أخرى .. كي يخرب البلد بنسق أسرع .. ويبتعد أهله أكثر فأكثر عن أي حل توافقي يتفقون حوله .. !!! ، صلاة الجمعة في ساحة التحرير ببن غازي .. وإعلام أمريكا وفرنسا ترفرف .. مع أماني شيخ الفتنة القرداوي بالنصر " للثوار " .. !! .. امرأة تتقدم إلى وسائل الإعلام العالمي وتقول أنهم اغتصبوني .. !!! .. أين يحدث هذا في الدني .. ؟؟ .. ولكنها السياسة ومقتضيات العمل " الثوري "!!،كلما توقف أداء الحلف الأطلسي أو ضعف لدواع سياسية أو تكتيكية تخرج مسيرات في بن غازي تهتف وتطالبه بالمزيد .. وكأنه يقصف قمم الهيمالاي .. !! .. (ابتسم .. انك في حضرة الثورة في ليبي .. والله عشنا وشفنا شعب يحتج على تراجع نسق قتل أبنائه !!!!) ، ومازالت المهازل تتواتر ، نحن الآن ننتظر زيارة ساركوزي إلى بن غازي .. ولكن بعد أن تضع زوجته مولودها لتكون الفرحة فرحتين!! .. (بعضكم يذكر أغنية قديمة ساخرة للشيخ إمام تقول : فالبري جيسكار ديستان والست بتاعو كمان .. !!!!)


أقول: وارد أن الأطلسي ينجح في قتل القذافي ، بشكل مباشر أو غير مباشر. وفي كل الحالات ستسجل الجريمة باسمه. لكن لن تنعم ليبيا لابالحرية ولا بالأمان ولا بالديمقراطية ، ببساطة لأنه ليس هذا هو هدف الغزاة والمتآمرين. سيخرج علينا المعوج التافه ساركوزي أو الشربوشي اوباما بتصريح : لقد صارت ليبيا والعالم أكثر أمن .. !! .. وسيكون ذلك التصريح كلاما مكرر .. لأننا سمعناه قبل .. وتورمت بطوننا من أوهامه. انه تسويق غبي للجرائم ولإرهاب الدولة وأحلاف السوء موجه للأغبياء فقط ، وللإتباع فقط ، وللمخدوعين بالدعاية الغربية وبريق القيم الغربية فقط. أما أبناء هذه الأمة، فهم من قبل ومن بعد ، ماضون في جهادهم من اجل تحرير أمتهم ووحدتها وكرامتها. قد يقول قائل : كيف تدعم القذافي المجرم خصوصا أن الثوار وصلوا إلى طرابلس وهم على وشك القطاف !، لكني أقول: أنا أدافع من حيث المبدأ عن ليبيا حرة وعن حرية إرادة الأمة وخياراتها. هذا أولا ، ثانيا الغرب جعل القذافي عنوانا لمؤامرته ، ومن واجبنا أن نجعله عنوانا للمقاومة . ثالثا ، قد يقتل القذافي بين لحظة وأخرى وينهار نظامه ، لكن العداء للتدخل الغربي في شؤوننا يتجاوز في مداه جولات الصراع على ارض ليبيا ولا يتغير بتغيره وبحسب نسقه. اليوم نعادي الغزو .. وغدا نعادي نظام العمالة في ليبيا مابعد القذافي. ومن يقدر مخاطر الغزو على ليبيا والأمة عليه أن يقدر مكاسب إفشاله وان ينتبه إليها. وأنا مع أي نضال في أي قطر يجري بسواعد أبنائه وبعيدا عن المؤامرات وأشكال الاحتواء الأجنبية وهذا مابينته في أول مقالين لي حول الموضوع " الثورة على الأخ قائد الثورة " و " رسالة ود إلى القذافي معطرة بالدم " وقبل أن اكتشف خيوط المؤامرة بدءا بالقبض على قناة الجزيرة متلبسة بتزييف حقائق على الأرض اثر متابعة دقيقة وعفوية لمادتها الإخبارية ، مرورا بالنشاط الدبلوماسي القطري وبموقف الجامعة العبرية وانتهاءا بتنادي دول الأطلسي لقيادة " الثورة " . أقولها بصراحة : بن علي عميل للموساد وهذا بالأدلة وقد إذاعتها القناة التونسية الوطنية في برنامج سقوط دولة الفساد(شاهد هن .. ) لو أرادت أمريكا عزله عن الحكم واتت للغرض لن أعطيه لها وسأقاتل بقلمي وموقفي معه. يااخوان : أمريكا تكرهنا ، أمريكا لاتريد لنا خيرا ، أمريكا لايمكن أن تقدم لنا مايصلح بنا. ألا زلنا نحتاج إلى دروس أكثر قسوة منها مما رأيناه .. ؟؟ .. القذافي مجرم وجزار وأحمق ومخرب وفاسد وكافر ووووو .. لكن لانعطيه للغرب ولأمريكا. وان فعلنا نكون قد ارتكبنا فعلة مخجلة ومهينة لأنفسن .. مبادئ الوطنية دائما بسيطة ولكن بعضنا تهزهم الدعاية والحميّة وتختلط عليهم السبل فيستجيرون من الرمضاء بالنار، يخالفون الوطنية والأخلاق معا!.


انظروا ماذا فعلت أمريكا باليمن .. ؟؟ .. هذا كله تداعيات خدمة النظام اليمني في الحرب على الإرهاب وموافقته على قصف الشبح وبدون طيار لمن تختاره السي.أي.أي هدفا من أبناء البلد. تفاقمت المشاكل الأمنية والاختراقات للمجتمع وتعاظم الاحتقان. في باكستان أيضا صورة مشابهة : السي.أي.أي دولة داخل الدولة. تخوض حربا على جبهات ضد من تحددهم معاييرها بوجوب التصفية ، ولهذا قتلت بنازير بوتو وتوفرت الحالة الشعبية لصعود بعلها المتآمر والعميل إلى الحكم ، في إطار رسم دقيق لمسرح العمليات الواسع الذي يشمل أفغانستان أيضا بالطبع. ومن يؤمن بان باكستان يمكن أن تنعم بالأمن في ظل الهيمنة الأمريكية فهو واهم ، بل تحتاج إلى زمن طويل كي تطهر الساحة من تبعات العمالة فيما لو تم القضاء على العمالة أصلا. مامعنى أن يزعم زارداي عدم مساعدة بلاده لأمريكا في جريمة قتل ابن لادن .. ؟؟ .. تأتي طائرات وتقصف وتنشب معركة على الأرض بينما أجهزة الأمن الباكستانية تغط في النوم .. ؟؟ .. من يصدق هذ .. ؟؟ .. هذا تستّر على الخيانة والعمالة. لايمكن أن تنجز أمريكا انجازا امنيا في أية دولة دون أن تحصل على عون مخابراتي من أجهزتها.

 

رأينا اوباما ، بعد تنفيذ الجريمة يهرول نحو حاملة طائرات ، يشمّر عن ذراعية ، ينفخ صدره ومنخريه ، يحيط نفسه بالجنود الأمريكان ويقول أن أمريكا إذا هددت فهي تنفذ ، وأنها لاتنسى أعداؤها. والعالم كما صرح في الأول صار أكثر أمنا بقتل ابن لادن. هذه الصورة المسرحية وهذا الأسلوب في التعاطي مع جرائمهم ذكرني ببوش اللعين الذي ظهر في مظهر القائد العسكري المنتصر وصرح بان المهمة في العراق انتهت وان أمريكا انتصرت بفضل ذراعها الجوي الساحق وبسالة جنودها. فات هذا القرد النتن بان العراق قضي عليه في ظل الحصار وبفضله قبل 2003 ، وانه انتصر في الحقيقة على بدو وعلى شعب اعزل بالأسلحة المحرمة دوليا ، والخطير انه فاته بان الحرب لم تنته وبان العراق يستمد إمكانيات الصمود والمطاولة في المقاومة من انتمائه لامته وبوعد الاهي بان الحق سيدمغ الباطل مهما طال الزمن والثبات على الحق مبدأ عند شعب العراق خاصة وأمة العرب عامة تستحضره الأجيال وعلى نصرته تمضي قوافل الشهداء إلى جنات النعيم بإذن الله. لقد كذب اوباما حين ربط بين الجريمة والأمن العالمي . الأدق انه اخطأ .والخطأ نابع من الجهل وقصر النظر والغرور واستبلاه البشر.


أمريكا تنفذ عدالة خاصة بها. خارج كل المواثيق الدولية وكل مفهوم للعدالة يمكن توجس بعض الجدية فيه. تنفذ دون محاكمة عادلة. وان حاكمت فلايمكن أن يكون قضاؤها عادلا. ولانها تتبع عقيدة تتعارض مع مبدأ العدالة فهي تستمر في غيّها. والاستمرار في الغي يجعلها هدفا للمقاومة حيث يكون الغيّ. لاهي يمكن أن تنعم بالأمن ولا العالم أيضا باعتباره مسرحا لجرائمها.لذلك : ليس من سبيل لتطهير العالم منها إلا بتفكيكها عبر تفكيك نظامها الفيديرالي واستقلال شعوبها عن الإدارة المركزية. بحيث تختفي ذراع الشر إلى الأبد ويتنفس الضحايا/ كل البشر هواءا نقيّا فتسوس العالم إرادة الخير في ظل جدل بنّاء بين المكونات الحضارية للفضاء الكوني.


Whamed6@gmail.com

 

 





الخميس٠٩ جمادي الاخر ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٢ / أيـــار / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الهادي حامد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة